«وول ستريت 2».. الفسـاد لا يــنام أبداً
وصف مشاهدون فيلم «وول ستريت» في جزئه الثاني الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية تحت عنوان «المال لا ينام أبداً»، بأنه «عبقري، لكنه حالم وغير واقعي»، وآخرون ذهبوا الى ان أداء الممثلين في الفيلم يعكس ردود فعل الناس جميعاً، خصوصاً الذين خسروا اموالهم في ظل الازمة المالية التي عانى منها قطاع الاقتصاد والعقارات والمبيعات في جميع انحاء العالم، مشيدين بشكل خاص بتميز مخرج الفيلم اوليفر ستون في قدرته الدائمة على تقديم افلام تحكي الأزمات التي تمس الناس.
«وول ستريت 2» (المال لا ينام أبداً) هي قصة الحصول على المال مهما كان الثمن، والأشخاص الذين على استعداد لفعل أي شيء للوصول إلى الثروة الكبيرة والسلطة، في الوقت نفسه. ويحكي الفيلم وهو من بطولة مايكل دوغلاس وشيا لابوف وفرانك لانجيلا قصة محاولات رجل يائسة لإعادة الارتباط والصلة بابنته، وهو الارتباط الذي تهدده جهود معادلة للدخول مرة أخرى في العالم الذي تجاهله وتركه بعد أن كان في الجزء الاول من الفيلم لا يفكر إلا في المال.
ومنح مشاهدون التقتهم «الإمارات اليوم» الفيلم علامة راوحت بين ست وتسع درجات.
عودة
بعد أن أمضى غوردون جيكو (مايكل دوغلاس)، وقته في عمليات احتيال متعلقة بالأوراق المالية، وغسيل الأموال والكسب غير المشروع، وكان هذا في عام 2001 زج به الى السجن لمدة تسع سنوات، وعلى بعد خطوات خارج بوابات منشأة الإصلاحية الفيدرالية أصبح رجلاً آخر، فلم يعد ملك وول ستريت، فقد أصبح جيكو طويل اللحية، أشعث الشعر. ولا يوجد أحد هناك لمقابلته، ولا حتى ابنته ويني، التي ابتعد عنها لفترة طويلة، ولم يكن بانتظاره أي من زملائه في وول ستريت، الذين كانوا مشغولين طوال فترات غيابه بتكديس ثروات أكبر من أي وقت مضى. وبعد مضي ثماني سنوات في الإصلاحية، صار جيكو وحيدًا وغريبًا ، هذه بداية الفيلم التي وضعت مشاهدين في محاولة مقارنة واقعهم بالذي حدث مع جيكو.
أبطال العمل مايكل دوغلاس ولد عام ،1944 وحصل على جائزة الأوسكار عام 1987 أفضل ممثل عن دوره في الجزء الاول من «وول ستريت». وهو ابن الممثل كيرك دوغلاس، وزوج الممثلة كاثرين زيتا جونز التي يكبرها بـ25 عاماً.
عاد دوغلاس بعد انقطاع دام 12 عاماً عن السينما ليمثل في الجزء الثاني من «وول ستريت»، وحالياً يتلقى علاجاً كيماوياً لإصابته بسرطان الحنجرة. شيا سيد لابوف: بدأ حياته المهنية كوميدياً عندما كان عمره 10 أعوام، ثم بدأ مشواره التمثيلى عام 1998 في سن الـ.21 وأصبح معروفاً بين الجمهور الأصغر سناً لدوره في سلسلة ستينفنز المعتدل، من إنتاج ديزني والد لابوف جيفري كريغ لابوف، وهو من قدامى المحاربين في فيتنام ، وكان يعمل في السيرك مهرجاً وملقي نكات. شارع
يعد «وول ستريت» من أهم الشوارع التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، ففيه أكبر المؤسسات المصرفية في نيويورك والعالم، وكان هذا الشارع في يوم من الايام مقراً للحكومة الاميركية والكونغرس ورئيس الجمهورية، وفيه انتخب جورج واشنطن أول رئيس، أما عن السبب وراء تسميته «وول ستريت» وتعني بالعربية الحائط أو السور، فيعود الى النزاع بين الهولنديين والانجليز على السلطة على نيويورك، وكان هذا الشارع في القسم الهولندي من المدينة، وحتى يتجنبوا غزوات الإنجليز بنوا سوراً ليحميهم. مخرج أوليفر ستون
لقبه أكثر المخرجين إثارة للجدل، إذ عرف عن ستون الذي ولد عام 1946 وهو مخرج وسيناريست أميركي انتقاده للسياسة والمجتمع الاميركيين، فقد وصف المجتمع في مقابلات عدة بأنه تابع لسياسة غبية. حائز على جائزة الأوسكار ثلاث مرات، اثنتان منها للإخراج والاخيرة للسيناريو، ومن أهم أفلامه «قتلة بالفطرة»، و«أحداث 11 سبتمبر» الذي قام ببطولته نيكولاس كيج. حول الفيلم
وصلت كلفة «وول ستريت 2» إلى أكثر من 70 مليون دولار، وتم تصويره في جزيرة منهاتن، وتحديدًا في شارع رقم 61 الغربي في البناية ،161 وهو موقع وول ستريت الحقيقي، وحظي الفيلم بعرضه الأول في مهرجان «كان» السينمائي الدولي، وكان من أكثر الأفلام المرتقبة في المهرجان، أولاً لأنه يركز على الفساد والجشع في البنوك الكبرى بالعالم، وهو ما أصبح مستشريًا الآن، وثانيًا لأنه يمثل عودة قوية إلى الساحة السينمائية العالمية لكلٍ من النجم المخضرم مايكل دوغلاس والمخرج الكبير أوليفر ستون. حرص بطل الفيلم دوغلاس الذي اكتشف إصابته بورم سرطاني في الحنجرة قبل أشهر قليلة على حضور العرض الأول للفيلم الأسبوع الماضي، إلى جانب أبطاله ومخرجه، رغم حالته الصحية المتدهورة، فقد خضع للعلاج الكيميائي والإشعاعي على مدى أسابيع حتى الآن. وقال دوغلاس خلال العرض الخاص الذي أقيم للنقاد، إن إصابته بالسرطان ربما ترجع إلى الإجهاد والضغط العصبي الذي تعرض له طوال العام الماضي، وداعب الصحافيين «ربما من الأفضل تقديم أدوار نظيفة في المستقبل»، في إشارة إلى دور الشرير الذي يقدمه في الفيلم. |
قال أحمد إسماعيل (36 عاماً)، ويعمل في قطاع البنوك، «هذه حقيقة مرة وضعتني في حالة ذهول بين الواقع الذي بتنا نعيشه، فنحن في حالة انكار، والفيلم رصد هذه الحالة تماما، وأنا شخصيا بت متشائماً»، مانحاً الفيلم تسع درجات.
في المقابل، قالت ســيرينا طوال (38 عاما)، وتعمل في مجال إدارة الاعمال «منذ بداية الفيلم لم أتوقع خيرا، وقلت في قرارة نفسي ما الذي أتى بي هنا، لكني تمالكت احساسي وأقنعت نفسي بأنه في النهاية فيلم، (وول ستريت 2) استطاع ان يحكي ما جرى للعالم بعد الازمة المالية بطريقة بسيطة لكنها عميقة ومخيفة»، مانحة الفيلم سبع درجات.
بدورها، قالت منال عيسى (27 عاماً)، وتعمل في شركة عقارية: «الفيلم بدأ بداية محبطة وغير مشجعة وتنافي كل الاحلام في مستقبل مالي جيد، أنا اعمل في قطاع تأثر كثيراً بالازمة المالية العالمية، الا انه عاد منذ أكثر من عام الى الانتعاش مرة أخرى، لكن الفيلم يلغي أي فرصة للانتعاش وهو مؤذ ومخيف»، مانحة الفيلم ست درجات.
أما بالنسبة لنادر محمد (23 عاماً) الذي تخرج أخيراً في الجامعة في تخصص الاقتصاد) فقال: «الفيلم أحبطني جدا كقصة، أما بالنسبة للاداء التمثيلي فهو فوق الرائع، ودوغلاس مازال نجما مميزا، والفيلم تناول أمورا وتحليلات وحلولا بعيدة كل البعد عن الواقع، إضافة إلى انه اظهر الجانب السيئ فقط للازمة المالية ولم يأت بنماذج لبلدان تخطت هذه الازمة»، مانحاً الفيلم ثماني درجات.
فقاعة
يعود الفيلم في أحداثه الى تسليط الضوء على جاك مور الذي أدى دوره شيا لابوف، وهو تاجر شاب ذكي، جنى الملايين من خلال مؤسسة كيلر تسابل للاستثمارات، التي يديرها لويس تسابل الذي ادى دوره فرانك لانجيلا، المستشار الخاص بجاك، وبعد الازمة انتشرت موجة من الشائعات بأن كيلر تسابل غارقة في ديون بالمليارات ما تسبب في خفض سعر أسهم الشركة فجأة، واضطر لويس تسابل لأن يكافح من أجل استمرار شركته في اجتماع للمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وعندما رفضت الحكومة عملية إنقاذ الشركة، قام بريتون جيمس (جوش برولين)، وهو شريك في بنك استثماري قوي، تشرشل شوارتز، بترتيبات للاستحواذ على تسابل كيلر مقابل جزء من المستحقات.
وعن شخصية جاك مور الذي أثار ردود فعل مشاهدي الفيلم قال مهدي اسماعيل (30 عاما)، ويعمل في قطاع البنوك، إنها «الشخصية الاكثر قرباً من الواقع، فقد اختصر المخرج حكايات وقصص اصحاب رؤوس الاموال الذين كان لهم الدور الاكبر في الازمة التي نعيشها بشخص جاك مور، موضحاً «دور البنوك خصوصاً في تعاملاتها السرية مع أصحاب المال وكيف اثرت هي الاخرى في المال نفسه حتى وصل الى الازمة، موضوع خطير تناوله الفيلم وموضوعات أخرى الى جانبه تضعنا أمام أنفسنا لنبحث عن اجابات مازالت عالقة»، مانحاً الفيلم تسع درجات.
يارا خوري (28 عاماً)، وتعمل في قطاع البنوك) أثارها مصطلح الفقاعة الذي كثر استخدامه في الفيلم لوصف أي شيء حتى الانسان نفسه في نهاية الامر وبنظر المخرج ما هو الا فقاعة «خصوصاً في ما جرى لجاك مور وهي أكبر فقاعة أدت الى فقاعات كثيرة كعدوى انتقلت الى جميع من على الارض من بشر وحيوانات وحتى الجمادات. الفيلم خطير بكل معنى الكلمة»، مانحة إياه تسع درجات.
ووجد محمد المنصوري (42 عاماً) نفسه بشخصية جاك مور، موضحاً إنني «خسرت وبلمح البصر كل ما أملك، والبنوك تلاحقني وبناء على نصيحة صديق أميركي اتصل بي هاتفياً ليشجعني على مشاهدة الفيلم خرجت من قوقعتي ولم اندم، فالفيلم يضعنا أمام الحقيقة وامام كل من ساهم في وصولنا الى هذه المرحلة، لكن المستقبل بالنسبة لي سيكون مشرقاً اكثر»، مانحاً الفيلم تسع درجات.
كتاب جيكو
لكونه غارقًا في الديون بشدة، وتعرض عمله للخطر، ومعاناته جراء فقدان كل من حوله، يحضر جاك محاضرة في جامعة فوردهام يقدمها جوردون جيكو، الذي يروج لكتابه الجديد الذي يحمل عنوان «هل الجشع جيد؟» يبين جيكو في محاضرته كيف أن الطمع لم يعد أمراً جيدًا فقط، إنه قانوني، كما يبين الكيفية التي من خلالها يمكن لسوء النية في النظام المالي، والمضاربات والديون أن تقضي على الاقتصاد الأميركي، معلناً ضرورة البحث عن طاقة بديلة. ورأى رأفت الحسيني (40 عاما)، ويعمل محامياً، ان الفيلم اظهر تمامًا الفساد المالي في عهد بوش الابن الذي ادى الى كارثة طالت كل العالم، والجشع صفة موجودة لدى الانسان حسب الحسيني «وعندما يكون رئيس دولة مثل بوش الابن من المؤكد ان العالم سيكون في كارثة»، مشيرًا الى ان محاضرة جيكو هي أهم مشهد في الفيلم، مانحا اياه تسع درجات.
ووافقه الرأي اياد عبدالله (طالب في الجامعة)، وقال: «تحت شعار الحلم الأميركى استطاعت أميركا أن تجتذب عشرات الآلاف من خيرة شباب العالم المتقدم والنامي، واستفادت من سواعدهم وعقولهم ثم باعت لهم الوهم، الحلم الحقيقى للشرفاء هو الحلم الوطنى، أن تبقي ساعدك وعقلك فى وطنك ولوطنك، ربما يكون الوطن هو الحلم ولكن لا ندرى»، مشيراً الى ان موضوع الطاقة البديلة وظروف طرحه ما هو الا صفعة على وجه الوطن العربي الذي تتمتع أقطار منه بطاقة النفط، مانحاً الفيلم ست درجات.
الأسرة
يسعى جاك في الفيلم إلى التقرب من جيكو من خلال مساعدته على التقارب مع ابنته في حين يقدم جيكو له المعلومات حول سبب الخيانة التي تعرض لها لويس تسابل من قبل المصرفيين زملائه، وهنا شعر طارق المحمودي (39 عاماً) بأن اساس المشكلة في المجتمع الاميركي عدم ترابط أفراد اسرته، وكأن المخرج يريد أن يوصل رسالة لهم ان الكنز الحقيقي هو العائلة الذي لا يعوض بثمن»، مانحا الفيلم سبع درجات.
ووافقته الرأي رقية امين (35 عاماً)، وتعمل في المحاسبة المالية «الكنز الحقيقي هو العائلة، وهو موجود في مجتمعنا العربي لكنه غير موجود في اميركا تحديدا، والتكاتف بين أفراد الاسرة يواجه اي أزمة مهما كانت قوتها»، مانحة الفيلم تسع درجات. وحاول المخرج، حسب نهاد قواسمي (28 عاماً)، مدرسة، أن يعطي حلولاً لتجاوز الازمات المالية والنفسية، وركز على شخصية جيكو الذي خسر ماله لكنه يسعى لاستعادة ابنته كي يشعر بالسعادة، على اساس أن العائلة أهم استثمار، ومضمونة النتائج إذا ما ربيت على أسس صحيحة، مانحة الفيلم العلامة التامة.
قالو عن الفيلم
«يوجد ثنائي ضخم في الفيلم دوغلاس وستون، وهذا يكفي لنجاحه». ديفيد ايدليستين من «نيويورك ماجازين» «يستحق دوغلاس (أوسكار) ثانية عن الفيلم نفسه». ماري بولس من «سان فرانسيسكو فيلم» «بعد 23 عامًا مازال أوليفر ستون قادرًا على الإبداع مثل ما كان، إن لم يكن أفضل. هذا أحد أقوى الأفلام لهذا العام». جيم لاين من مهرجان الأفلام السينمائية الأميركية الطويلة «أوليفر ستون يستطيع التعامل مع عالم المال جيدًا، لابد أنه كان خبيرًا فى البورصة». توم لونغ من صحيفة «نيويورك تايمز» «من الجميل مشاهدة عودة مايكل دوغلاس إلى الدور الذى منحه الأوسكار. وعلى الرغم من سنه الكبيرة وابتعاده عن الكاميرا لفترة طويلة، فإن حضوره فاق الجميع». يتشارد ريبور من «ديلي ديلغراف» «السيطرة على الممثلين، وإدارة الفيلم بحرفية، وخلق الأجواء وتعزيزها.. كلها مواهب فريدة لأوليفر ستون اجتمعت كلها هنا». آن هورنادي من نادي عشاق السينما «مسل للغاية، هذا فيلم يجب أن يشاهده أي عاشق لأوليفر ستون والسينما عموماً». مات زوللر من «واشنطن بوست» |