«أسطورة الحراس: بــومات الغاهوول».. الطيران فــوق عش «الأنيماشن»
«تقول الأسطورة إن هناك مقاتلين نبلاء عرفوا بحراس الغاهوول، عندما يحل مصاب ما فالجأ إليهم، لأنهم أقسموا أن يذودوا عن الأبرياء ويصارعوا الأشرار»، هذا ما يخبرنا إياه فيلم The Legend of the Guardians: The Owls of Ga Hoole «أسطورة الحراس: بومات الغاهوول»، المعروض حالياً في دور العرض المحلية وهو يقدم لنا مغامرة أسطورية ثلاثية الأبعاد لن تجد إلا في «الانيماشن» المحكم أداة متناغمة تماماً مع سلسلة الكتب التي ألفتها كاثرين لاسكين، المأخوذ عنها الفيلم، وها هي الآن تطفو على الشاشة على يد المخرج زاك شنايدر صاحب «300» ،2006 و«وتش من» ،2009 وغيرها من أفلام لنا أن نشاهدها قريباً له، بما يجعله ابناً مدللاً لشركة مثل «ورنر برذر»، وقد جاء اختياره منذ أيام لإعادة الحياة لـ«سوبر مان» وغيره من مشروعات مدرجة على قائمة هذا المخرج.
يأتي فيلم «أسطورة الحراس.. » ليقدم مقترحاً بصرياً جمالياً يأخذ بأقصوصة لها أن تجد مجالها الحيوي بالكيفية التي رسمت فيها الشخصيات والعوالم التي تتحرك فيها، وبالتالي تأتي طيور البوم بأشكالها وأنواعها المختلفة حاملاً رئيساً لها، ودعوة الى المضي في عوالمها، التي كما كل حكاية تبنى على طيور أو حيوانات لن تكون إلا إسقاطاً بشرياً بحيث تصبح هذه الطيور-البوم في فيلمنا-معادلاً أسطورياً أو قصصياً للبشر، مع تقديم كل شيء في إطار خيالي هو في النهاية خيالات بشرية وجدت في البوم حاملاً لها.
|
فيلم شنايدر يتحرك تماماً في هذا الإطار، فالصراع هو صراع الخير مع الشر، لا بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى مفهوم التفوق العرقي، ونحن نتحدث هنا عن «الأنقياء»، كما سنقع على من يسمون أنفسهم كذلك ،بينما يخطفون الأعراق الأخرى من البوم لاستعبادهم بعد تحويلهم إلى «عميان» لا يفعلون شيئاً إلا إطاعة الأوامر والامتثال لما يمثله كبير الأنقياء، وعلى شيء له أن يكون حاضراً في النازية أو الصهيونية، العرق المتفوق بالأولى وشعب الله المختار في الثانية، بحيث تمسي كل شعوب الأرض في درجة أدنى، وأمر استعبادها أو تشريدها أو قتلها شيء مصادق عليه، إما بصفاء العرق وأحقيته أو عبر المرجعية الدينية التي لن تتورع عن دمغ افعال كالاستعباد والقتل بختم المباركة.
الطريقة التي رسمت فيها طيور البوم مدهشة حقيقة، لا بل إن إيقاع الفيلم سيكون محلقاً، بمعنى أننا في معظم الوقت سنكون محلقين مع البومات بأنواعها المختلفة، سنقع على (سورين) وهو في صدد تعلم الطيران، سنرى قطرات المطر كيف تهطل عليه، ودائما تلك الآفاق التي يمضي بها (سورين) ورفاقه في رحلتهم إلى شجرة «الغاهوول»، وفي جانب آخر هناك المعارك، والكيفية التي تكون السيوف ملتصقة بالمخالب ومعها الخوذات التي يرتديها الحراس أو الأنقياء، وكل ما يجعلها على شيء من «الإلياذة البومية»، فالعوالم التي يقدمها الفيلم ستكون أولاً وأخيراً مستخلصة من القصص الخيالية والتي حين نسمعها فإنها تجسد كصور في أذهاننا أو أذهان الأطفال، وعليه فإن المقاربة الأولى لفيلم «أسطورة الحراس: بومات الغاهوول» ستكون في هذا السياق، بمعنى أن الفيلم في النهاية يأتي على مبدأ العوالم السحرية التي تفتحها القصص في أذهان الأطفال، ولعل «الأنيماشن» والتطورات التقنية الهائلة التي يشهدها هذا المجال سيجعله قادراً على أن يأخذ بهذه المخيلة إلى أقصى ما يمكنها الوصول إليه، كما هو حال البوم (سورين) الذي سيلتقي في الفيلم بكل الأبطال الذين كان يحكي له والده عنهم، وسيكون هذا سحرياً وخارقاً بالنسبة إليه، فالحراس أنفسهم الذين انتفضوا ضد الظلم سيتعرف اليهم وسيمضي معهم أيضاً ضد من يطلقون على أنفسهم «الأنقياء»، وعليه سيكتشف أن من احتلوا مخيلته بوصفهم كائنات خرافية هم شخصيات حقيقية.
تنقسم البومات في فيلم شنايدر إلى أنواع، فـ(سورين) وأخيه كلود من «البارن»، بينما غيفي فمن نوع «ايلف» وغيرها من أنواع سيأتي نوع واحد يعتبر نفسه نقياً ويعطي لنفسه السلطة لاستعباد كل الأنواع الأخرى، فـ(سورين) و(كلون) سرعان ما يتم خطفهما على يد جنود «الأنقياء»، وتتم قيادتهم إلى ما له أن يكون معسكر اعتقال يتم فيه مسح أدمغتهم وتحويلهم إلى جنود لا يعرفون إلا إطاعة الأوامر، لكن (سورين) سرعان ما ينجو من النوم في ضوء القمر الذي له أن يتسبب له بذلك، ومعه (غيفي)، بينما نقع على أخيه وقد تحول إلى حليف وتابع للأنقياء بملء إرادته.
نقع على (سورين) ولم يتعلم الطيران بعد، لكن أحد جنود «الأنقياء» يعلمه ذلك هو و(غيفي)، ويساعدهم على الهرب سائلاً (سورين) أن يمضي إلى «حراس الغاهوول» ويخبرهم بما يفعله الأنقياء، لأن الحراس هم آخر أمل في الخلاص من هذا الشر إنهم «عيون الليل وصمت الريح». وعليه فإن (سورين) سيقوم برحلته إلى حيث يسكن الحراس عند شجرة «الغاهوول» برفقة أصدقاء يتعرف اليهم في طريقه، وتبدو المسافة طويلة وعليه أن يقطع البحر حتى يصل، وحيث يبدأ الانهاك يظهر على رفاقه يظهر الحراس، ونحن نشاهد بومة من أصدقاء (سورين)، وقد استسلمت للسقوط فإذا بأحد الحراس يلتقطها ويمضي بها. ما تبقى للفيلم متروك لكم، لكن في ما تقدم ما يشكل القصة الاساس في ما ستشاهدونه، الأمر الذي لن يكون مدهشاً بالقدر الذي جاء عليه «الأنيماشن» بما يدفع للقول لا جديد في السينما لتجارية إلا ما يقدمه هذا النمط السينمائي، إنها الرسوم المتحركة ما يتحرك صعوداً وتطوراً في صالات العرض التجارية، وبما يشكل أيضاً سمة لما نشهده على صعيد التطورات التقنية التي تمضي قدماً في سياقات متمركزة حول آليات العرض وأبعاد الصورة، والتي لن تجد مختبراً أهم من «الانيماشن» لتبيان ما تحققه في هذا السياق، واتاحته المجال لاستثمارها بما يجعل من البومات محاكاة مفرطة الدقة والتفصيل، إن كان فيلم شنايدر مثالنا، وليكون الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام المزيد لما يمضي تصاعدياً في هذا المجال، حيث التجريب يداً بيد مع التقنية، والشركات المنتجة لهذا النوع من الأفلام وعلى رأسها «ورنر برذر» في بحث دائم عن جديد، مضافاً إلى ذلك أنها أفلام لجميع أفراد العائلة بما يضمن شباك التذاكر أيضاً.