«النسر».. يحلق علـى وقع الخيل

صورة

مازال لوقع الخيل ما يفعله على الأرض السينمائية، ولعل البحث عما يؤكد ذلك سيضعنا مباشرة أمام فيلم The Eagle «النسر» 2011 . مازال بمقدور هكذا فيلم أن يكون رهان المغامرات لديه بعيدا عن الاستعانة بثلاثية الأبعاد، أو جعل الكلمة الفصل للغرافيك، في مسعى لأن نكون أمام معارك مصورة في مواقع حقيقية، والتنقلات التي تحدث في الفيلم مستعينة بإملاءات البيئات والمناخات التي تتنوع بتنوع المغامرات التي يخوضها ماركوس.

وضع هذا الفيلم الذي أخرجه كيفين ماكدونالد (صاحب «آخر ملوك اسكتلندا») إلى جانب فيلم «300» على سبيل المثال، لن يجعلني إلا منحازاً إلى «النسر» ومحلقاً مع الدراما والمغامرات التي يصوغها ماكدونالد بجماليات بصرية وسردية مميزة، حيث يمكن من خلاله تلمس ملامح من «مصارع» ريدلي سكوت و«القلب الشجاع» لميل غيبسون، ولعل ماركوس (تشانيك تاتوم) الذي يتولى قيادة ذلك الحصن والشجاعة التي يتحلى بها ستضعنا مباشرة أمام أسطورة جميلة، وفية للزمن الذي تأتي منه، هذه الأسطورة المتأتية من حس عسكري وقيادي عالٍ، بما يجعل ماركوس حاضراً بكل حواسه في مواجهة الأعداء، ونحن نراه ومن الجزء الأول من الفيلم يستيقظ من نومه الخفيف ويوقظ كل من في الحصن من جنود وقادة في تتبع لشعوره بأن هناك من يتقدم نحو الحصن، ومن ثم تبدأ معركة تقول لنا إننا بصدد فيلم له أن يأسرنا في هذا الخصوص، وصولاً إلى إفراط ماركوس في الشجاعة التي يدفع ثمنها غالياً حين لا يتوانى عن مهاجمة «البرابرة» وهو يراهم كيف يقومون بقطع رؤوس جنوده الأسرى.

الثمن الذي يدفعه ماركوس سيكون اصابته اصابة بالغة في رجله، وبالتالي تسريحه من جيش الامبراطورية الرومانية، وهنا يدخل الفيلم في مرحلة هدوء نسبي، تتيح لنا التعرف إلى والد ماركوس المتوفى، الذي قتل وهو يقود الفيلق التاسع الذي ما عاد له من وجود وقد أُفني، وفقد معه النسر الذهبي شعار ذلك الفيلق.

هنا ودرامياً ستدخل شخصية اسكا (جيمي بيل) العبد الذي ينقذه ماركوس من الموت في نزال مخصص للعبيد، إذ إن اسكا لا يدافع عن نفسه في تلك المنازلة غير المتكافئة، وحين يهم خصمه بقتله يصرخ ماركوس بألا يقتله، بحيث يصبح اسكا عبده وشريكه في رحلته إلى المناطق التي لم يعد منها أحد سالماً، أي اسكتلندا وايرلندا، فنحن في بريطانيا الرومانية، بينما تلك المناطق ما زالت بدائية وهمجية ومجهولة تماماً، وهناك أيضاً أفني فيلق والده وضاع النسر الذهبي.

يحتوي فيلم «النسر» على كل مستلزمات هكذا نمط من الأفلام، علاقة السيد بالعبد، التي ستحمل الكثير من الالتباسات والمفاجآت، الرومان واعتبار كل من هو غير روماني بربرياً، وبالتالي وضعنا كمشاهدين أمام نزال الفارس مع الهمج على المبدأ الذي ما زال سائداً، بحيث يكون الاكتشاف مضاعفاً، والمخاطر أيضاً، ومفتوحة على مصراعيها أمام أعداء لا يعرفون إلا القتل وبأشد الأشكال وحشية.

النهاية تعدنا بما لعنوان الفيلم أن يكون مندرجاً تحته، ويكون تحقيق المهمة منجزاً كبيراً بما لا مجال لمقارنته بشيء آخر، كون ما يتعرض إليه ماركوس سيكون مزيجاً من اكتشاف المجهول أولاً ومن ثم محاربة عدو اختبر لمرة واحدة وانتصر فيها ذلك العدو، إضافة إلى العوالم التي لم يلامسها أي ملمح حضاري وبالتالي بقيت على عذريتها وجمالها ووحشيتها أيضاً.

تويتر