«ولد وبنت» فيلم يكشف تناقضات الرجل الشرقي في تعامله مع المرأة. تصوير: دينيس مالاري

«ولد وبنت».. جرأة في النص والتــــمثيل

كل شيء في فيلم «ولد وبنت»، الذي يُعرض حالياً في دور السينما المحلية، يظهر لأول مرة، بداية من النص ومروراً بأبطال الفيلم وانتهاء بمخرجه، ليؤكد ان اعطاء الفرصة للجيل الجديد في الأعمال السينمائية يؤتي ثماره.

وعلى الرغم من جرأة مشاهد الفيلم، حسب مشاهدين. إلا أن الفيلم مصنوع بتقنيات عالية وبرؤية اخراجية قريبة الى حداثة العصر الذي نعيشه.

«ولد وبنت» هو الفيلم الأول لمخرجه كريم العدل الذي يلعب بطولته نجمان شابان يتحملان مسؤولية البطولة لأول مرة، هما أحمد داود ومريم ياسين، إلى جانب وجوه شابة أخرى، منهم آية حميدة وهاني عادل، تقف الى جانبهم لتدعمهم الفنانة سوسن بدر.

يدور الفيلم حول قصة حب جريئة وغريبة على المجتمع العربي من خلال نص مكتوب بدقة، كتبته علا عزالدين.

الفيلم يحكي عن علاقة حب منذ الطفولة تمر وتنضج حسب المرحلة العمرية وتتصدى لكثير من التابوهات الاجتماعية وتنتهي بالرضوخ مرة اخرى لتقاليد المجتمع، انه فيلم يكشف عن الزيف الذي يتغلف به مثقفون، ويكشف عن «سي السيد» المخبأ في عقول كثيرين ممن يدعون التحرر.

حصل الفيلم، حسب مشاهدين، على علامة راوحت بين سبع و10 درجات.

بداية متمردة

تبدأ أحداث الفيلم مع طفولة (سامح) وعلاقته بمربيته التي يلمس من خلالها المشاهد الكثير من التفاصيل بناء على عبارات وبعض المشاهد الخجولة، الطفل يظهر كم هو متمرد وكثير الأسئلة ورافض أي قرار يتخالف مع طبيعته. اما (شهد) الطفلة التي هي جارة سامح، فيظهرها المخرج على انها ابنه كاتب كبير ليبرالي الفكر ويؤمن بأن الجسد يجب ان يأخذ حقه من الحياة، وفي الوقت نفسه هو شديد مع زوجته ويعاملها معاملة «سي السيد» كناية عن ان مثقفين كثيرين يقولون عكس ما يكتبون. واثارت العلاقة بين المثقف وابنته حفيظة مشاهدين، حيث اعتبروها «علاقة مرضية» بسبب ما يدور بينهما من احاديث شديدة الخصوصية.

قال فراس محمد (33 عاماً) ان «الفيلم خطير ومهم، ويعكس الواقع الذي نعيشه بتناقضاته»، واضاف «لكني لم احب علاقة الأب مع ابنته، التي اظهرته مريضا نفسيا يفكر بها تفكيراً غير سوي»، مؤكداً أن «علاقة الأب مع زوجته هي التي كشفت عن زيفه وزيف ما يكتب»، مانحاً الفيلم 10 درجات.

في المقابل، أقرت نهى طه (39 عاماً) بأنها اشمأزت من الفيلم ومن علاقة الأب مع ابنته، وكادت تغادر القاعة «الا انني تمالكت نفسي وقررت ان اشاهده الى الآخر. وبصراحة ذهلت لجرأته وعباراته التي استخدمت فيه، وهو فيلم جيد لكنه خادش للحياء»، رافضة اعطاءه اي درجة.

لم تحب سارة عباس (30 عاماً) مشهد الرقصة بين الأب و ابنته «شعرت بالقرف من طريقة الرقصة التي تلغي معنى الأبوة»، مانحة الفيلم سبع درجات.

وأثنى صابر العرابي (40 عاماً) على دور أم شهد التي أدت شخصيتها سوسن بدر «هذه الفنانة التي تفاجئنا دوماً بما تقدمه من ادوار مميزة، ودورها بالنسبة لي هو الأهم، حيث الأم المحرومة من اي نوع من الاهتمام من زوجها الذي يدعي انه نصير المرأة وتحررها»، مانحاً الفيلم 10 درجات.

الرجل الشرقي

أثناء المشاهد يظهر تعاطي الأب مع ابنته (شهد) التي يريد لها ان تكون أنموذجاً لما يكتب، فهو لا يمانع اختلاطها بزملائها وعلاقة حبها مع (سامح)، بل يتغنى بتلك العلاقة امام معجبيه كي يثبت لهم انه متحضر، ويتعامل مع الطبيعة بشكل فطري، لكنه في الوقت نفسه يعامل زوجته بشكل عنيف ويقصيها من اجتماعاته مع النساء اللاتي يستخدمهن مادة لإلهامه الشخصي في الكتابة، حسب ما يدعي.

هذا المشهد اخذ حيزاً من رد فعل معظم المشاهدين، واثر فيهم اكثر من علاقة (سامح) بـ(شهد). وتساءلت سجى حسن (20 عاماً) «أريد أن أفهم قصة ملهمات الكتّاب، حيث سمعت هذه الجملة كثيراً في حياتي، وعندما انظر الى نساء هؤلاء الكتاب اراهن خانعات وضعيفات ومحرومات». وقالت «الفيلم رائع، يناقش مسائل حساسة في مجتمعنا الذي بدأ ينطلق الى الحرية الحقيقية»، مانحة الفيلم 10 درجات.

الفيلم برأي عفاف محمد (30 عاماً) يحكي التناقض الذي يعيشه الرجل الشرقي، الذي يظهر في شخصية الأب وشخصية (سامح)، حيث كلاهما يعيش في داخلهما «سي السيد» عندما يقترب الأمر مما تريده المرأة، وقالت ان «الفيلم جميل، لكنه جريء اكثر مما يجب، وبصراحة يستحق المشاهدة على الرغم من ذلك»، مانحة إياه ثماني درجات.

حرية وتناقض

تقرر (شهد) أن تعمل «موديلاً»، ما يسبب خلافاً بينها وبين (سامح) الذي يظهر تحرره مزيفاً بالنسبة لها، وما هو الا رجل شرقي متزمت في داخله، فتظهر صفة الكبر فيهما ولا يرضخ احدهما للآخر، ويتوصلان الى ان استمرار علاقتهما ليس امرا ممكنا، فينفصلان، وتتزوج بآخر في مشاهد متسارعة، كي ينتقل الفيلم الى النهاية.

عاب مؤيد خالد (22 عاماً) على الفيلم جرأته في المشاهد والعبارات المستخدمة فيه «انا شاب وقد شعرت بالخجل فكيف النساء؟». واضاف «شعرت ان الفيلم يدعو الى الرذيلة والتحرر الذي يتنافى مع قيم مجتمعنا العربي والإسلامي»، مضيفاً «لم استطع اكمال الفيلم، ولا انصح بمشاهدته».

في المقابل، اعتبر كمال الزين (44 عاماً) الفيلم «مادة حية ومباشرة للتناقضات الاجتماعية». واضاف ا«انا استاذ بالجامعة وسأنصح طلابي بمشاهدته، كي يعوا ان الحرية ليست مفردة بل فعل وسلوك»، مانحاً إياه 10 درجات.

وافقته الرأي زينب الرميثي (38 عاماً)، وقالت «شعرت ببعض الحياء من مشاهد معينة في الفيلم الا ان قيمته تكمن في القصة والحوار الذي يصل الى نتيجة احترام الرأي الآخر وعدم التخلي عن المبادئ»، مانحة اياه تسع درجات.

ملخص الفيلم

بعد ان يصبح (سامح) في عمر الأربعين من دون زواج، يلتقي الفتاة التي احبها منذ الصغر وهي أم لطفلة ومطلقة. يعودان الى ذكريات الماضي والأسباب التي آلت الى فراقهما بسبب عدم تصالحهما مع ذاتيهما، وكيف ان خيار زواجها بآخر كان غلطة ارتكبتها بحق نفسها التي كانت نتيجتها الاستغناء عن الرجل الذي تحبه. وهذا الذي تحبه كان يدعي التحرر، لكنه رفض دعم محبوبته نحو ما تحب ورغبتها في ان تكون عارضة ازياء.

يظهر فيلم «ولد وبنت» التناقضات في نفسية الرجل الذي يدعي الحرية وفي كيفية تعاطيه مع زوجته، وينتهي الفيلم بأن التناغم هو الذي يقرب البشر وليس الحب وحده.

 حول الفيلم

قام ما يقرب من 33 عضواً على الـ«فيس بوك» بإنشاء صفحة بعنوان «ضد أفيش فيلم ولد وبنت.. لا للإباحية» يعترضون فيها على «اعلان» الفيلم، واصفين إياه بـ«الإباحي».

التجربة الإخراجية الأولى للمخرج كريم العدل، ابن المنتج محمد العدل. وقدم عرضه الأول في «سينما نايل سيتي»ش، وحضره جميع أبطال الفيلم، وعدد كبير من الفنانين، منهم الفنان محمود حميدة الذي حضر برفقة زوجته لمساندة ابنتهما آية في أول اعمالها، بالإضافة إلى جمال سليمان وماجد المصري والمخرج خالد يوسف وعمرو سعد وداليا البحيري. وكان في استقبالهم محمد وجمال ومدحت وسامي العدل.

مريم حسن قالت إن أصعب مشهد بالنسبة لها كان عندما صفعها أحمد داود (كريم) بقوة، وكان عليها أن تتحمله وتكمل المشهد للنهاية.

أحمد داود أشار الى أن أصعب موقف في الفيلم بالنسبة له هو تصويره في المطر الشديد، خصوصاً أنه كان يرتدي قميصاً خفيفاً فقط وأصيب بعد هذا المشهد بنوبة برد حادة.

أعلن المنتج محمد العدل أنه اكتشف ابنه من جديد مخرجاً، فقد عرفه منتجاً، لكن وجوده اليوم جعله يكتشف المخرج الحقيقي داخله، الذي سيسانده طوال مشواره.

استغرق تصوير الفيلم ستة أسابيع ما بين مدينة الإنتاج الإعلامي وشوارع وسط البلد والكوربة في مصر الجديدة.

اتهام

دافعت مريم حسن عن فيلم «ولد وبنت» الذي يُعتبر أولى بطولاتها السينمائية المطلقة، بعد الهجوم الذي تعرض له على الـ«فيس بوك»، واتهامه بأنه يدعو إلى الإباحية. وقالت «أندهش من الهجوم على الفيلم على الرغم من عدم وجود أي مشاهد إباحية، مقارنة بالأفلام التي عرضت خلال موسم إجازة نصف العام الدراسي»، وأضافت «لم أقدم مشاهد ساخنة في العمل، بل يتضمن الفيلم عدداً من المشاهد الرومانسية، لا الإباحية، إذ أقدم دور (شهد) التي تصدم بعد وفاة والدها، وتمر بمشكلات كثيرة تؤثر في علاقة الحبّ التي تجمعها ببطل الفيلم (سامح).

الكاتبة

علا عزالدين، بدأت الدخول إلى عالم الفن من خلال كتابتها السيناريو والحوار، وكان أول الأفلام الذي قامت بكتابته فيلم «تلك الأيام» بطولةمحمود حميدة، وأحمد الفيشاوي، واخراج أحمد غانم. ولكن رغم هذا لم تكن علا بعيدة كلياً عن هذا المجال، حيث تعمل استاذة لمادة الكتابة الدرامية والسينمائية بأكاديمية الفنون المصرية منذ عام .2003 كما انها كانت مسؤولة الملابس وتنسيق الألوان في عدد من الأفلام مثل «علشان ربنا يحبك»، و«شرم برم».

مخرج العمل

كريم العدل هو نجل المنتج محمد العدل، بدأ عمله صغيراً قبل التحاقه بالمعهد العالي للسينما، حيث عمل مساعد مخرج لعدد من كبار المخرجين، إلى جانب إخراجه أربعة أفلام قصيرة، أهمها فيلم «الحرب العالمية الرابعة». ويعتبر «ولد وبنت» اول افلامه الطويلة.

أبطال العمل

احمد داود

حاصل على بكالوريوس هندسة، قدم عروضاً مع مسرح الجامعة، وكذلك المركز الثقافي الفرنسي، حيث قدم مسرحية «موت بلا قبور» لسارتر، وشارك في مشروع تخرج للمخرج عمر رشدي.

مريم حسن

ولدت فى بيروت، وبدأت التمثيل من خلال الفنانة والمنتجة إسعاد يونس عندما عرضت موهبتها عليها، واقتنعت بها وقدمتها في فيلم «45 يوم» امام احمد الفيشاوي وغادة عبدالرازق وعزت ابوعوف، حيث قامت بدور شقيقته، عام .2007 وبعد ثلاث سنوات كان المخرج كريم العدل يبحث عنها لتقوم بدور البطولة في فيلم «ولد وبنت»، و هو العام نفسه الذي ظهرت فيه خريجة معهد الفنون المسرحية في فيلم «عصافير النيل».

آية حميدة

هي كريمة الفنان محمود حميدة، بدأت مشوارها الفني بشكل اكاديمي، فاشتركت في العديد من الورش السينمائية، لصقل موهبتها، قبل أن تنال أول أدوارها السينمائية في فيلم «علاقات خاصة».

هاني عادل

بدأ مشواره الفني بالغناء، وفكرة تكوين فرقة جاءته منذ 1999 حيث كان يغني باللغتين الإنجليزية والفرنسية في فنادق وحفلات، ويعزف ويلحن ايضا، فوجد أن الأفضل أن تكون الأغاني والألحان في فرقة وتم تكوين فريق «وسط البلد» من سبعة أعضاء، الا انه احب ان يدخل السينما لما يمتلكه من موهبة تمثيلية، حسب نقاد.

الأكثر مشاركة