13 مخرجاً محلياً بعضهم يــــــــــشارك في المهرجان للمرة الأولى

المحـاذيـر والتمويل والنصوص تعرقل الســـينما الإماراتية

لقطة جماعية للمخرجين المشاركين بمسابقة «المهر الإماراتي» فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي «دبي السينمائي». تصوير : باتريك كاستيلو

بخلاف ليلتي المهرجان الأولى والثانية، اللتين انصب فيهما الاهتمام على صناعة الأفلام العالمية، وامتدت ظلالهما لليلة ثالثة لم تحظ بزخم الفعاليات نفسه، جاءت ليلة المهرجان الرابعة بملامح إماراتية واضحة، عبر انشغال سجادة المهرجان الحمراء بـ13 مخرجة ومخرجاً إمارتيين، وتوفير طاولات مستديرة جاهزة للقاءات إعلامية شكلت بالنسبة لهم منصة ممتازة للوصول إلى المراسلين الصحافيين وكاميرات القنوات الفضائية المختلفة.

تساؤلان وإجابة

تساءل الإعلاميون والصحافيون المترددون على المركز الإعلامي للمهرجان، عن فائدة توفير نحو 30 كمبيوتراً محمولاً لخدمة المراسلين من اجل التواصل مع مؤسساتهم وكتابة التغطيات الصحافية، في حين أن تلك الأجهزة لا تحتوي بالأساس على البرنامج الخاص بـالكتابة المعروف بـ«وورد».

التساؤل الثاني وعدت بحله إدارة المهرجان بعدما نقلته إليهم «الإمارات اليوم» لكن لا أحد يلمس هذا الحل حتى الآن، وهو أن الجمهور والإعلاميين الذين يفدون إلى مقر المهرجان في مدينة جميرا، يضطرون إلى السير على أقدامهم

من ساحة المواقف إلى مقر المهرجان، قاطعين مسافة طويلة ومتعرضين لمخاطر عبور الإشارة الضوئية الرئيسة أمام المركز، في حين أن سيارات التوصيل لا

تعمل إلا بعد الخامسة عصراً، وتقتصر على نقل الجمهور بين الفنادق المختلفة من دون المرور بمقر المهرجان. الصحافيون الذين يغطون أحداثاً تستضيفها أماكن مختلفة، ويضطرون إلى الانتقال ما بين مدينة «أرينا» و«مول الإمارات» وفندق القصر ومينا السلام، طالبوا إدارة المهرجان بعدم اقتصار التصريح بدخول المواقف القريبة من الحدث على «كبار الزوار» الذين غالباً لا يفدون وتظل الساحات القريبة خالية من استغلالها، في مشهد يومي متكرر.

المراسلون الأجانب لم تكن لديهم بوصلة محددة للولوج إلى تفاصيل الأفلام الإماراتية، واحتاجوا اللجوء إلى الكتيب التعريفي للمهرجان، ومحاولة استشفاف أهمية بعض التجارب من خلال استطراد ممثلي الصحافة الإعلامية مع بعضها، ووجدت مخرجات ومخرجون شباب فجأة أنفسهم محور صناعة أحداث إعلامية، ما اقتضى تنسيقاً طويلاً لإجراء مقابلات مع بعضهن، مثل مريم السركال ونجوم الغانم وطلال محمود، لتضفي المقابلات التي امتدت لنحو ساعتين في منتصف نهار الليلة الرابعة بهارات الاهتمام الإعلامي الاستثنائي بالأفلام الإمارتية، وكانت لافتةً سن أحد المخرجين الشباب المتضحة على هيئته، وهو محمد سويدان الذي لم يتخط عقده الثاني، وجاء ليشارك بفيلم «رائحة الجنة»، مؤكداً أنه يمتلك في رصيده ثمانية أفلام قصيرة بدأ إخراجها منذ كان في الـ11 من عمره.

وعبر طاولات أدارت نقاشاتها «الإمارات اليوم» كان التساؤل الجوهري يتعلق بأبرز العقبات التي تواجه المخرج الإمارتي عموماً وجيل الشباب خصوصاً، وهو تساؤل على الرغم من أنه وجد تبايناً كبيراً بين المخرجين، إلا أن ثمة تأكيداً واضحاً حول أن ثالوث المحذورات التي لا يجوز التطرق إليها سينمائياً، والتمويل، ومستوى النصوص، هي معوقات رئيسة أمام السينما الإماراتية التي لاتزال تتلمس أولى خطواتها كي تصبح صناعة حقيقية بعد ثماني سنوات من انطلاق «دبي السينمائي»، وانضمام مهرجانين آخرين هما «أبوظبي» و«الخليج» السينمائيين إلى كوكبة مهرجانات السينما الإماراتية، فضلاً عن المظلة الأقدم: مسابقة أفلام من الإمارات. المخرجات بشكل خاص كان بوحهن الأول يتعلق بالمحاذير المجتمعية، وليست الرقابية، وهو ما عبرت عنه مريم السركال، التي رصدت الإمارات اليوم قبل أكثر من ست سنوات انطلاقتها الأولى في العمل الإخراجي بتلفزيون دبي، فور تخرجها حائزة مرتبة الشرف من كلية التقنية بدبي، مضيفة : «بعد عامين من العمل في الإخراج التلفزيوني، تطلعت إلى اكتساب خبرة مختلفة في الإخراج السينمائي، فقصدت العاصمة البريطانية لندن في دراسة تحتاج الى ثلاث سنوات لإنجازها، ومع المحاذير الاجتماعية المتعلقة بالمجتمع الإماراتي التي تنظر إلى العمل في مجال الإخراج عموماً على أنه لا يناسب الفتاة الإمارتية، وجدت أن هناك محاذير أخرى ترتبط بتطلع الفتاة إلى صقل مهاراتها من خلال الدراسة بالخارج، بل إن هذه الفزاعة التي تطارد فتيات جيلي وثّقها بحث نشرته إحدى الصحف اليومية الإماراتية تؤكد أن الرجل الإماراتي يمتلك تحفظات كثيرة حول مواطنته التي تقرر السفر لاستكمال دراستها في الخارج».

واضافت السركال: «تلك المحاذير ذاتها هي أهم معوق لصناعة الأفلام الإماراتية، وعلى الرغم من أنها ربما يكون الأمر هنا متعلقاً بالفتيات، إلا أننا في الوقت ذاته نشارك المخرجين الشباب في مشكلاتهم ذاتها المرتبطة بالتمويل وضعف النصوص وغياب الدعم المؤسسي الواضح».

الإماراتية المولودة في بلجيكا سارة العقروبي، التي تشارك بـ«الفاكهة المحرمة» أيضاً أكدت أن الهم الرئيس هنا في الإمارات يتعلق بمدى قبول المجتمع لطرح رؤى وافكار جديدة، فضلاً عن مناقشة المشكلات بشفافية في الأفلام، فيما رفضت الشاعرة والمخرجة نجوم الغانم الإقرار بأن ما يتشكل حالياً هو مقدمة لصناعة سينمائية إماراتية، مضيفة: «لا يمكن أن تقوم صناعة ما على خطوات مهزوزة وغياب الرغبات الحقيقية لوجودها في ظل غياب دعم التجارب الشابة، وهو الأمر الذي يكسوها ثوب العشوائية والارتجال»، وهي الآراء التي أيدها أيضاً المخرج الشاب محمد فكري.

المخرج الشاب إبراهيم المرزوقي المشارك بفيلم «آخر أمل» اعتبر المعوق الرئيس بالنسبة للمخرجين الشباب مرتبطاً بغياب التفرغ لمزاولة العمل الإخراجي، بالإضافة إلى ندرة النصوص الجيدة، معدداً أيضاً مشكلات ذاتية لا تشكل ظاهرة بقدر ما تعد مشكلات فردية خاصة بكل تجربة إخراجية على حدة، داعياً أقرانه إلى مزيد من التخصص في أحد الفنون السينمائية تجنباً لتشعب الجهود بين عدد كبير منها، ما يفرز وهم الفنان الشامل الذي يخرج ويكتب وربما يمثل ايضاً. المخرج الشاب ماجد الأنصاري خالف زملاءه تماماً ونفى وجود أي مشكلات تمثل حجر عثرة امام جيله، لكنه طالب بمزيد من الدعم الإعلامي، على الرغم من أنه لايزال في أول تجربة إخراجية له، هي تلك التي يشارك بها في المهرجان بعنوان «الدخيل»، لكن هذه الإشكالية وجدت إشارة قوية لها لدى المخرج طلال محمود الذي يشارك بفيلم «عبير» وناصر اليعقوبي الذي يشارك مع أحمد الزين بتأليف وإنتاج فيلم «بصيرة»، أما حمد الحمادي فأكد أن الإشكالية الحقيقية هي غياب ثقة المؤسسات في المخرج الإماراتي، بالإضافة إلى قلة كتاب السينما، على الأقل مقارنة بكتاب الدراما التلفزيونية.

تويتر