عادل إمام تحت رحمة اللحية والجلباب
الخوف السينمائي من صعود الإسلام السياسي وتوليه المجالس النيابية والبرلمانية، أمر مررنا عليه في هذه الصفحة مع ذكرى سنة على انطلاقة الثورة المصرية في 25 يناير، مع الإضاءة على تصريحات قادمة من قياديين في حزب النور السلفي، وحزب الحرية والعدالة، يراد لها أن تكون مطمئنة للسينمائيين المصريين، فإذا بها ـ كما أسلفت في مقال سابق ـ مؤرقة أكثر ومدعاة للتخوف على مستقبل السينما المصرية، وليأتي الحكم الصادر في حق عادل إمام تأكيداً على تلك المخاوف، لا بل تجاوزاً للتوقعات في هذا السياق.
يمتلك السلفيون إن تعلق الأمر بالفن قدرة خارقة على تحقيق المفاجأة تلو الأخرى وما خفي أعظم! مثلما هي الحال مع تصريحات لأحد النواب السلفيين بضرورة تغطية التماثيل في مصر لأنها «تسيء للأخلاق العامة»، وآخر يدعو لمنع مؤلفات نجيب محفوظ لأنها «تدفع للرذيلة»، وصولاً إلى الحكم الصادر في حق إمام الذي يشكل ظاهرة خطيرة جداً تفتح الباب أمام المحامين الساعين للشهرة لرفع القضية تلو الأخرى بحجة «الإساءة للإسلام»، لا بل وكما هو معروف فإن القضاء المصري لديه عشرات القضايا من هذا النوع التي لم يبت فيها.
خطورة الظاهرة تتمثل في أن «الإساءة للإسلام» متعلقة بتهكم إمام على اللحى والجلابيب، وتحديداً أن المحامي يعود إلى عام 1993 ويحاكم مسرحية «الزعيم» التي استمر عرضها أكثر من ست سنوات، وجالت معظم أرجاء العالم العربي، والتي تحكي عن زينهم (عادل إمام) الشبيه بحاكم دولة عربية لا يجري تحديدها، الذي ما أن يموت ذلك الحاكم حتى تقوم حاشيته بوضعه مكانه أملاً منها بالحفاظ على مصالحها ومقدرتها.
تشمل الدعوة أيضاً فيلم «الإرهابي» ،1994 الذي لا يرصد إلا واقعاً نعرفه جميعاً يتمثل بقيام الجماعات السياسية باستهداف السياح وما إلى هنالك من أعمال تخريبية وصولاً إلى قتل المفكر المصري فرج فودة، ولعل استعادة ذلك يستدعي محاكمات لمن قاموا بتلك الأعمال وليس محاكمة الفيلم، وصولاً إلى فيلمي «حسن ومرقص» و «مرجان أحمد مرجان» اللذين يجدهما المحامي مسيئين أيضاً للدين الإسلامي، أي أن المحامي الصنديد يعود إلى أكثر من 20 سنة ليحاكم ما انتج في تلك الفترة بأثر رجعي، في استفادة واستثمار لنجاح السلفيين والإخوانيين في البرلمان، وليس الأمر إلا تصفية حسابات سياسية وعبوراً سهلاً إلى الشهرة الزائفة.
إن ذلك وإن تحقق، أي الحكم على عادل إمام بالسجن ثلاثة اشهر، ودفع غرامة مالية قدرها 166 دولاراً، سيفتح الباب على مصراعيه لتصفية حسابات لا حصر لها، ونقول إن تحقق لأن عادل إمام استأنف الحكم. لا بل إن صدور حكم بحق إمام سيُخضع كل ما حملته الشاشة الكبيرة من أفلام مصرية لبند «الإساءة للإسلام»، طالما أن الجلباب واللحية هما المعياران لتبني هكذا توصيف، وأمام هزالة الدعوى واقترابها من التفاهة فإنها تفتح الباب أمام شتى أنواع الاحتمالات على اعتبار أنه من الصعب حصر التفاهة، كأن تجري محاكمة رشدي أباظة على قبلة تبادلها مع نجلاء فتحي تحت بند «الإساءة للأخلاق العامة» أو قد نجد أن الغناء الحرام فيتم اتلاف أرشيف السينما المصرية من الأفلام التي حملت أغاني عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وآخرين.. ربما! فنحن في زمن المفاجآت غير السعيدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news