فيلم الافتتاح قوبل باستحسان الجمهور.. ومخرجه: الخير سينتصر
بحرينيون يُفضّلون «الصمت» الدرامي في «الخليج السينمائي»
آراء مختلفة رصدتها «الإمارات اليوم» حول فيلم «تورا بورا»، الذي تم اختياره ليكون فيلم افتتاح الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي.
جاء الانبهار من قدرة مخرج العمل وليد العوضي على نقل الحضور إلى مواقع تصوير افتراضية للفيلم، تقدم المناطق الشهيرة في جبال أفغانستان التي ارتبطت بـ«القاعدة»، و«طالبان».
وعلى الرغم من أن دعوة حضور حفل الافتتاح تتضمن، بالضرورة، مشاهدة الفيلم الذي اختير ليكون أول الأفلام المعروضة، فإن العادة المهرجانية لا تضمن دائماً أن يحضر بالفعل المدعوون هذا الفيلم، إلا وفق استثناءات انطبقت على الفيلم الكويتي، كما انطبقت على الفيلم الأميركي، الذي افتتح دبي السينمائي في دورته الأخيرة الجزء الرابع من سلسلة أفلام «المهمة المستحيلة.. بروتوكول الشبح» لتوم كروز.
هذا الإقبال فرض على الجهة المنظمة الدفع بشاشة عرض احتياطية، بعد أن امتلأت القاعة الرئيسة، ليتابع مئات الحضور الفيلم، بعيداً عن مسرح الحدث الافتتاحي، الذي قدمه باقتدار مدير البرامج بشبكة إذاعة العربية، المذيع محمد سالم.
«المهرجان» سفينتنا أصر عدد من المخرجين البحرينيين على توجيه رسالة شكر إلى مهرجان الخليج السينمائي، مؤكدين أنهم أضحوا يصنعون افلاماً من أجل المشاركة في هذا المهرجان، واصفينه بـ«شاغل السينمائيين البحرينيين الشباب». وقال المخرج البحريني الشاب عمار الكهوجي إن كثيراً من قناعاته الإخراجية والسينمائية عموما، قد تغيرت بعد مشاركته في الورش التدريبية التي يقيمها المهرجان، مضيفاً «تعرفت إلى مزيد من المدارس، وأصبحت أمتلك حلولاً أكبر، يتضح تأثيرها عند المقارنة بين أعمال أنجزتها قبل وبعد تلك الورش». المخرجة البحرينية الشابة عائشة المقلة، حضرت الدورة قبل الماضية للمهرجان، وغابت العام الماضي، لكنها حضرت هذا العام، مؤكدة أنها كادت أن تتوقف لولا تلك المظلة الخليجية السينمائية الشابة، مضيفة: «أنجزت مع صديقتي نورة كمال الفيلم، من أجل رسالة بعينها، أظن ان الخليج السينمائي الأقدر على إرسالها». نورة كمال اختزلت الأمر، بعد أن أقنعتها المقلة بالقدوم إلى فعالياته لأول مرة، مضيفة «أظن أن المهرجان قادر على هذا النحو، على أن يكون سفينة الشباب الخليجي في مجال الإبداع السينمائي |
حضور كبير
الانبهار بالمستوى الجيد للفيلم كانت دلائله سيطرة حال من الصمت على مقاعد الحضور، الذين تعاطفوا مع المحتوى الدرامي لقصة الفيلم التي تعقبت رحلة والدين قام بدورهما الفنانان سعد الفرج وأسمهان توفيق، من اجل استعادة ابنهما الذي غادر الكويت من أجل ما اعتبره جهاداً إسلامياً في «تورا بورا»، قبل أن يكتشف الحقيقة، لكنه سبب الكثير من المتاعب لوالديه، وأيضاً لأخيه الكبير، الذي سلك الرحلة نفسها للبحث عن الوالدين.
كاتب ومخرج العمل وليد العوضي وجه رسالة شكر للمهرجان والجمهور، مؤكداً أن الفيلم يأتي في سياق محاولة التأكيد على أن الإسلام دين محبة، وأن الخير والمحبة سينتصران في الحقيقة، رغم وجود الشر والكره، فيما أكد مدير المهرجان مسعود أمر الله، أن العوضي يستحق التحية، والفيلم بُذل فيه مجهود كبير، ويشكل إضافة حقيقية للحراك السينمائي الخليجي.
الليلة الافتتاحية، التي شهدت أيضاً تقديراً من إدارة المهرجان لضيوفه على مدار دوراته المختلفة، امتدت إلى ما بعد منتصف الليل في حفل استقبال للضيوف أقيم في فندق كراون بلازا، مستعيدين خلاله ذكريات المناسبة نفسها في الدورات الأربع الماضية التي أقيمت ايضاً في المكان ذاته. وشهدت بعض فعاليات اليومين اللاحقين للافتتاح تأخراً مبرراً في اللقاءات التي أُبلغ بها الإعلاميون، بسبب انشغال الضيوف بكواليس اليوم الافتتاحي وتحضيراته، وحاجتهم لبعض الراحة، فيما كان المخرجون البحرينيون هم الأكثر حضوراً في مقر المهرجان بفندق «انتركونتننتال»، وبدا بشكل ملحوظ أن المهرجان يكرس حضور شباب لم يكونوا بعيدين عن بعض دوراته السابقة.
رمزية بحرينية
وعلى خلاف ما يمكن أن يتبادر سريعاً إلى التوقع، لم يكن تطور المشهد السياسي في البحرين هو الأكثر جاذبية للمخرجين وكتاب السيناريو البحرينيين، بل كانوا معنيين بشكل ما بتوظيف الرمز، والاتجاه إلى معالجة قضايا تتجاوز إطاري الزمان والمكان، باستـثناء ما يـأتي عـرضاً ويؤكد أن الرمـز المقصود هنا يتعلق بالزمن الحاضر، والمكان المسكوت عنه هو أيضاً هنا بالنسبة للمخرجين، إذ يؤشر إلى وطنهم البحرين.
المخرج البحريني الشاب أسامة آل سيف جاء مشاركاً للمرة الثانية بفيلم يحمل عنوان «كن رجلا»، اختاره من بين عشرات السيناريوهات التي بحث عنها خارج حدود البحرين، قبل أن يدله أصدقاؤه المقيمون في بريطانيا على نصوص لكاتب روماني، لفت نظره من بينها للوهلة الأولى عنوان «كن رجلا»، من دون أن يمتلك مبدئياً إجابة مباشرة، سوى أن العنوان استفزه ، وقاده إلى الإعجاب بالنص.
وأوضح آل سيف لـ«الإمارات اليوم»، «كنت أبحث عن فكرة غير تقليدية، لكني لم أجد نصاً مناسباً في بلدي، بل إن معظم النصوص التي صادفتها لن يكون هناك فارق جوهري يدل على أنها حاضرة، أو كانت تنتمي إلى الثمانينات، فقررت تجاوز الزمان والمكان، والانفتاح على رحابة الفضاء الكوني، والتركيز على معاناة الإنسان.. أي إنسان».
الرمز كامن في كل تفصيل من تفاصيل الفيلم، والمشاهد عليه أن يقرر، ماذا يريد المخرج، بدءاً من العنوان الذي قد يحيل إلى سلوك أخلاقي مشين، أو تفاصيل العمل الذي تنفصم فيه الصورة عن الصوت، وتربطهما علاقة رمزية، لنجد رجلاً يجلس فوق تل على سبيل المثال، في حين أن الصوت يقول «إني أغرق.. أنقذوني».. والفيصل هنا تأويل المشاهد.
حضور الصمت البحريني كان واضحاً من عنوان فيلم «سكون» للمخرج الشاب عمار الكوهجي، الذي يشارك به ضمن مسابقة الأفلام الخليجية القصيرة، رغم أنه رفض تماماً الربط بين أي من مدلولات فيلمه، وخصوصية الأوضاع السياسية الراهنة في بلاده، لكنه أكد أن «الفيلم يعد بمثابة رفض أو صرخة في اتجاه وضع الرجل السلطوي، وإقرار اغتصاب حقوق المرأة خصوصاً، ما جعله لا يستعين بصمت الرجل، الذي عاقبه بتغييبه تماماً عن مشاهد فيلمه»، مؤكداً أن «مشاركته في ورشة صناعة الأفلام لـ(كيروستومي)، التي يحافظ على حضورها في دورات المهرجان المختلفة، قد فتحت له آفاقاً جديدة للرمز والتأمل في العمل الإخراجي».
المخرجة البحرينية الشابة عائشة المقلة تشارك زميلتها نورة كمال في إخراج فيلم رسوم متحركة، بعنوان «تحريك» مدته 120 ثانية فقط، مؤكدين أن قرارهما اختيار المشاركة بفيلم رسوم متحركة في الفيلم لا يبتعد كثيراً عن فلسفة الصمت، لكنهما وصفتاه بالصمت الرافض، مؤكدتين أن «الرسالة الأشمل للعمل تتعلق بحالة القهر العائلي لاختيارات ورغبات المرأة على اختلاف توصيفها الأسري، وهي رسالة تتلاقى إلى حد مع فيلم (سكون) لمواطنها عمار الكهوجي».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news