مشاهدون منحوا الفيلم علامة الصفر

«ركـلام».. مشاهـد جريئـة وقصص غير منطقية

غادة عبدالرازق قدمت شخصية شادية في الفيلم. أرشيفية

تلاقت آراء معظم مشاهدي فيلم «ركلام» الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، على أن الفيلم تعمد المبالغة في المشاهد الجريئة، إلى درجة الإسفاف، مشيرين إلى أن قصة «ركلام» بنيت على حبكة مستهلكة، لم تعد مقنعة للكثيرين، وهي فكرة أن الفقر وعوز المرأة للمال قد يحولها إلى عاهرة، ورأى مشاهدون التقتهم «الإمارات اليوم» أن الفيلم لا يستحق أي علامة، ومنحوه «صفراً».

«ركلام»، الذي أخرجه علي رجب، وقامت ببطولته غادة عبدالرازق، ورانيا يوسف، وانجي خطاب، ودعاء يوسف، يحكي قصة حقيقية تم نبشها من ملفات النيابة العامة في مصر، حسب صناع الفيلم، وتدور حول اربع فتيات لا يجدن عملاً الا في ملهى ليلي، ويمتهنّ الدعارة. ويركز الفيلم ايضا على فساد السلطة، وتدخل اصحاب رؤوس الأموال من خلال محاميهم لإنقاذ الفتيات في كل مرة يدخلن فيها السجن.

قالوا عن الفيلم

الناقد السينمائي طارق الشناوي: «إننا بصدد عمل فني، المفروض أنه كذلك، اعتقد صُنّاعه أنهم من الممكن أن يخدعوا الجمهور الساذج، هكذا تصوروه، الذي سيكفيه تلك الجرعة المكثفة من مشاهد الاغتصاب وأخرى من القوادة وثالثة من التعاطي، من الممكن أن تعيد المشهد الواحد أربع مرات لأن عندك أربع منحرفات، وكل منحرفة من حقها أن تَغتصب وتُغتصب مثنى وثلاث ورباع طبقاً للشريعة السينمائية، وجاءت النتيجة تشهد لمصلحة الجمهور، حيث احتل الفيلم ذيل القائمة في الإيرادات».

الناقد محمود عبدالشكور: «هناك عناصر جيدة في الفيلم، وهناك طموح في تجاوز موضوع يتحدث عن فتيات الكباريهات اللاتي ينحرفن إلى الدعارة (بكل ما قد يوحي به من استغلال تجاري)، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى الاصطدام بمشكلات في السيناريو، وبهذا الإطار (الميلودرامي) الذي يعتمد على المصادفات والإسراف العاطفي مع تحويل الشخصيات إلى ضحايا لظروف عاتية.

أسامة الشاذلي من «موقع سينما»: «السيناريست مصطفى السبكي كاتب الفيلم قدم لنا الفكرة بسطحية مفرطة، بل مستفزة في بعض الأحيان، لأنه لم يقدم مبرراً درامياً واحداً لسقوط واحدة من بطلاته».

أين الرقابة

تصور بداية الفيلم نساء يعشن في ظروف صعبة وقاسية، فهن منتهكات من قبل جيرانهن والباعة، وكل من يقع ناظره عليهن، هن جميلات ولديهن كل المواصفات التي تجعل الرجال أسرى لهن، لكنهن يطمحن في العيش الرغيد، ولا يبحثن عن زوج يزيد من فقرهن، تظهر المشاهد الأولى وهن مدافعات شرسات عن شرفهن، ومحاربات لكل عين تريد النيل منهن.

حسب الناقد السينمائي المصري طارق الشناوي «في قانون الدراما ينبغي مراعاة الجرعة، وفي الفيلم التجاري إذا لم تستطع أن تضبط مقادير المشاهد الجنسية فسيشيح الجمهور بوجهه عن الفيلم».

وقال محمد بشير (18 عاماً): «بصراحة شعرت بالخجل من كمية المشاهد غير اللائقة، والتي توجد فيها مبالغة في الإيحاءات، حتى إنني لم استطع اكمال الفيلم، وشعرت بالخجل أكثر لأنني اشاهده مع عائلتي».

فيما أضاف عدوان المنهالي (29 عاماً) «هناك اسراف في الجرعة الحسية في الانتقال من مشهد الى آخر، حتى إنني شعرت بالابتذال في المشاهد»، مشيراً الى انه شعر بالخجل «لأن هناك العديد من المراهقين كانوا يشاهدون الفيلم».

بدورها، قالت لميس ساتون (46 عاماً): «المشاهد الجريئة في الافلام العربية مبتذلة، وليست كالأفلام الأجنبية»، موضحة «ففي الأولى الكثير من انتهاك الجسد والمرأة فيها سلعة لا أكثر، وصراحة شعرت بالضيق أكثر من العبارات الايحائية التي كانت تخدش الحياء».

أما عوشة المزروعي (33 عاماً) فتساءلت عن الرقابة وغيابها «الفيلم فاضح وخادش للحياء، وانا شخصياً جئت لمشاهدته لأن انتاجه حدث بعد ثورة 25 يناير، وقلت ان فيه وجهة نظر، لكنه استهان كثيرا بعقل المشاهد، فغادة عبدالرازق تريد ان تثبت جدارتها بالإغراء، لكنها لم تنجح ولن تنجح لأنها فنانة مبتذلة»، على حد تعبيرها.

من جهته، قال محمد الايوبي (40 عاماً): «كنت اتوقع ان اشاهد فيلما متكاملا، من قصة وسيناريو واخراج وتمثيل، لكني دفعت ثمن تذكرة لمشاهدة فيلم اقرب الى افلام التسويق للجنس».

أسباب غير منطقية

تبدأ كل واحدة من بطلات «ركلام» مع بداية أول مشهد بالفيلم في تذكر الأسباب والظروف الصعبة التي دفعت بها إلى ذلك الطريق، فالشخصية الأولى التي قدمتها الفنانة غادة عبدالرازق كانت الفتاة شادية التي تعاني قسوة زوج أمها، ما اضطرها إلى الخروج والعمل للحصول على المال اللازم لتتقي شره، وهنا تتعرض إلى كثير من المضايقات والنظرات التي تنهش لحمها، وتظل مستاءة ورافضة العمل كخادمة بالمنازل خشية أن تقع فريسة سهلة لأي طامع.

الشخصية الثانية دولت (رانيا يوسف) فتاة بسيطة من عائلة متوسطة الدخل تعمل مندوبة مبيعات، تتطلع في شوق إلى استكمال رحلتها مع خطيبها لتكلله بالزواج والذي ترفض أن يمسك يدها محاولاً تقبيلها. الشخصية الثالثة (سوزان) فتاة من عائلة ارستقراطية ثرية، تؤدي انهيار البورصة وضياع أموال والدها إلى عملها برفقة والدتها (مادلين طبر) عند خالتها بالنادي الصحي الذي تمتلكه، والزواج عرفياً من أحد الأثرياء. الشخصية الرابعة تمثلت في (شكرية)، الفتاة الفقيرة التي تعاني قسوة وجهل وتحكم شقيقها العاطل، فتوافق على الزواج من محامٍ صديق لشقيقها، وتكتشف عجزه الجنسي مع أول يوم زواج.

هذه قصص الفتيات، والسؤال الذي خطر في بال المشاهد هل هي اسباب كافية للانحراف؟ مثل تساؤلات تالة سلام (16 عاماً) التي دخلت الفيلم برفقة والدتها «كيف لفتاة مثل دولت ان تعمل في ملهى ليلي، مع انها من عائلة ميسورة وتربت تربية صارمة؟ وهي الملتزمة مع خطيبها وتمنعه حتى من لمس يدها، ووقعت بعد ذلك فريسة لوسوسة صديقتها، وشخصية شادية التي تعاني تحرشات زوج خالتها بها ومن نظرات البواب، وتظل تحكي طوال الفيلم عن الشرف، ليس منطقياً ان تقع فريسة، وبقية القصص ايضاً ليست منطقية». وأضافت تالة «كنت سأشجع الفتيات من سنّي على مشاهدة الفيلم اذا كان التسلسل منطقيا، لكنه مؤذٍ، حتى ان والدتي اصرت على عدم اكمال الفيلم».

وكانت والدة تالة (48 عاما) فخورة بالاستنتاجات والتساؤلات التي خرجت بها ابنتها من الفيلم، وقالت: «الفيلم فج لأن قصص الفتيات عادية جدا، ولا يوجد مبرر ابداً لمثلهن ان ينحرفن».

في المقابل، قال عدنان خيري (39 عاماً): «الفيلم يحكي فساد السلطة وتحكم رؤوس الاموال حتى في البشر، وقدرتهم على بيع وشراء كل شيء يتحرك على الارض، لكن المخرج حوّل هذه الجزئية الى مشاهد ساخنة اضاعت الفكرة من الأساس، في قصص غير منطقية ليست جيدة بحق نساء كرامتهن غالية عليهن على الرغم من فقرهن».

نهاية متوقعة

على الرغم من وصول الفتيات الى اعلى مراتب العلاقات الساخنة مع مسؤولين كبار في مصر، الا ان القانون كان لهن بالمرصاد في النهاية، خصوصا ان المسؤولين أنفسهم هم من تخلى عنهن، فلم يعد لديهن خط دفاع يحميهن، والغريب ان التعاطف معهن لم يكن موجوداً لغياب الحجة، والحجة بطبيعة الحال تغيب لأن الحرة ترفض أي اشكال المساومة على كرامتها.

وهذا ما أكده طارق علي (37 عاماً) «الفيلم مهين للمرأة، ومهين لكرامتها ولقدرتها على التحمّل، فالمرأة الحرة لا يمكن أن تنجرّ لمثل هذه الاوكار ابداً».

 

حول الفيلم

قصة الفيلم مستوحاة من قصص حقيقية، حسب ما أكد صناع الفيلم.

قامت هيئة الرقابة المصرية بحذف مشهدين من مشاهد الفيلم، وذلك لأنهما خارج السياق العام للفيلم، كان من ضمنهما المشهد الذي يحتوي على إيحاءات جنسية، وإثارة تظهر على تعبيرات وجه غادة عبدالرازق.

أوضح المخرج أن غادة عبدالرازق كانت سببا رئيسا في خروج الفيلم إلى النور، إذ إنها رفضت الحصول على أجرها في ظل الضائقة المادية التي تعرض لها الفيلم، لافتا إلى أنها قامت بخفض أجرها، كما أنها لم تحصل عليه إلا بعد طرح الفيلم ونجاحه.

بعد حذف 30 مشهداً من دور الفنانة رانيا يوسف في الفيلم عبرت عن غضبها من تصرف المخرج الذي لم يتصل بها، ويبرر لها سبب الحذف، وكردة فعل على هذا التصرف قامت رانيا بمقاطعة الأعمال التسويقية للفيلم، وتبرأت منه.

«ركلام» هو تعبير شائع في أوساط عالم «الكباريهات»، والمقصود به فتيات الملهى الليلي اللائي عليهن مجاراة الزبائن، ودفعهم لشراء زجاجات الخمر، وينتقلن بعد تلك المداعبات مباشرة إلى عالم آخر فيمنحن أجسادهن لمن يدفع.

زوم

نفت الممثلة غادة عبدالرازق ما تناقلته وسائل الإعلام حول تدخل مقص الرقابة في حذف أي مشهد من فيلمها الجديد «ركلام»، مؤكدة أن الفيلم يحمل مواعظ للفتيات. وقالت: «الرقيب سيد خطاب أثنى على أدائي في الفيلم، ولن يتم تصنيف الفيلم لفئة عمرية، فعلى الفتيات البالغات 15 عاما مشاهدته للاتعاظ منه ومن صديقات السوء، فـ(ركلام) في ميزان حسناتي أنا وفريق العمل»، حسب صحيفة «وشوشة».

المخرج

ولد علي رجب عام 1964 في مدينة الإسكندرية. ودرس الهندسة بجامعة الإسكندرية، لكنه كان يهوى الفن فقرر التحول الى الإخراج، فعمل في بدايته مساعد مخرج في العديد من الأفلام مع عدد من المخرجين، منها فيلم «مجانينو» للمخرج عصام الشماع عام ،1993 وفيلم «دانتيلا» للمخرجة إيناس الدغيدي، و«حسن وعزيزة قضية أمن دولة» للمخرج أسامة فريد عام .1999 وفي عام 2000 قام بإخراج أول أفلامه «شجيع السيما» الذي قام ببطولته أحمد آدم، تلاها بأفلام عدة، منها «صايع بحر»، «خالتي فرنسا» و«بلطية العايمة» عام ،2008 كما أن له مسلسلاً وحيداً هو «الوديعة والذئاب».

أصوات الشخصيات

غادة عبدالرازق

ولدت غادة عبدالرازق عام ،1965 بدأت فتاة اعلانات، درست علوم الكمبيوتر، قدمها المخرج محمد عبدالعزيز في فيلم «لماضة».

ومن المسلسلات التي عملت بها «ياسر على الأرض»، «أمانة ياليل»، «عائلة الحاج متولي» الذي كان السبب الرئيس وراء شهرتها وانهيال العروض والسيناريوهات عليها. وفي المسرح قدمت «الاخوان الأندال»، «حودة كرامة»، وفي عام 2003 عملت في فوازير رمضان «فرح فرح». ومن أعمالها التلفزيونية أيضا مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة».

رانيا يوسف

ولدت رانيا يوسف عام 1973 لأب ضابط وأم مضيفة جوية، عملت عارضة أزياء، وفتاة إعلانات. شاركت في بطولة الفيلم الياباني «الذيل». لمعت في مسلسلات «رياح المدينة»، «عائلة الحاج متولي»، و«النساء قادمات». وقدمت الكثير من الادوار في العديد من الافلام.

مادلين طبر

ولدت مادلين طبر عام ،1960 وهي ممثلة لبنانية تخرجت في كلية الاعلام عام ،1982 وعملت صحافية ومذيعة بالإذاعة والتلفزيون في لبنان وفي مجلة الشبكة. بدأت التمثيل فى لبنان وسورية، حيث قدمت العديد من الافلام، منها «كفرون» امام الفنان السوري دريد لحام، وفي عام 1992 سافرت الى القاهرة واثبتت نجوميتها في التلفزيون المصري، وانتقلت الى الدراما واشتهرت في مسلسلات عدة، منها «وداعا قرطبة»، «نفوس من ذهب ونحاس»، «قلوب حائرة»، «ايام المنيرة»، «الفرسان»، و«زمن عماد الدين». كما شاركت في بطولة فيلم «الطريق الى ايلات» الذي منحها فرصة جماهيرية.

صبري فواز

ممثل ومؤلف ومخرج مسرحي، قام بدور بليغ حمدي في مسلسل أم كلثوم وفيلم «حليم»، وشارك في العديد من الأدوار في المسلسلات المصرية، من أهمها «الوصية»، «العائلة»، «امرأة من زمن الحب»، «الأصدقاء»، «لحظات حرجة»، «حدائق الشيطان»، و«ليالي الحلمية»، وأفلام «مبروك وبلبل»، «أيام السادات»، «دم الغزال». أخرج العديد من المسرحيات، أهمها «حنقول كمان»، «ايزيس»، و«صدى الأصداء». وألّف وأخرج مسرحية ميسدكول من هولاكو، وكتب السيناريو والحوار لمسلسل حكايات بهية، وله مقالات عدة ببعض الصحف والدوريات التي تصدر في القاهرة.

تويتر