«بـابـا».. عمق العنوان و«عقم» المضـمون
يطلّ الفنان أحمد السقا في فيلم «بابا» بدور يختلف كلياً عن سابق أدواره التي اتسمت بـ«الأكشن»، فهو هذه المرة «كوميدياني» رومانسي ضعيف أحياناً، ما شكل مفاجأة لجمهور الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية.
فيلم «بابا» بعنوانه الحميمي، الذي يعبر للوهلة الأولى عن الحديث عن قصة أب، قد تحتمل وجود أطفال لمتابعتها، تنافى مع عنوانه، إذ احتوى الفيلم على ألفاظ ومشاهد مثيرة مبالغ فيها، لا تتناسب مع الصغار، حسب مشاهدين وصفوا الفيلم بـ«المسف»، إذ إن مضمونه لا يتناسب مع قيمة وعمق العنوان.
وتدور أحداث الفيلم حول طبيب متخصص بأمراض النساء ومشكلات الإنجاب والعقم، يجد نفسه محروماً من أن يكون له طفل، وبعد زواجه تبدأ المغامرات.
ويشارك السقا بطولة الفيلم الذي منحه مشاهدون التقتهم «الإمارات اليوم»، علامة تراوحت بين صفر وست درجات، الفنانون درة وادوارد ونيكول سابا.
تذكير
التذكير يقصد فيه هنا أن السقا الذي اختار شخصية مختلفة تماماً عن ما قدمه سابقاً لم يشأ تمرير المشهد الأول من فيلم «بابا» من دون (أكشن)، فالفيلم يبدأ من التعارف بين حازم (احمد السقا ــ طبيب النساء)، مع فريدة ( درة ــ مهندسة الديكور) في زفاف صديقهما امجد (ادوارد) ويعجبان ببعضهما، وفي يوم زفاف أمجد يتوقف الفيلم عند حالة ولادة لإحدى حاضرات الحفل فيأتي السقا، ويقفز فوق الطاولات وينقل المرأة ليقوم بتوليدها في العرس.
يرى فادي غازي (32 عاماً) أن بداية «بابا» حملت دلالة على فيلم ضعيف، إذ لا تقدم شيئاً، مضيفاً أن «الفضول دفعني لمشاهدة الفيلم، خصوصاً ان السقا لم يعودنا على تقديم مثل هذه الأدوار، وأقول له إنه «لم يفلح» ومنح الفيلم ست درجات.
من جانبها، تصف رؤى إسماعيل(40 عاماً) الفيلم بـ«السيّئ إلى حد بعيد، فأنا لم اشاهد فيلماً في حياتي، من بدايته وحتى نهايته، مملوءاً بإيحاءات جنسية بهذا الشكل»، معتبرة أن الفيلم لا يستحق أي درجة، ولذا منحته «صفراً».
أما إلهام محمد (38 عاماً) فتقول «على الرغم من أن المشاهد الفاضحة لم تكن واضحة المعالم، الا أن الايحاءات الفجة أفقدت الفيلم معنى الكوميديا، ولذا لم احب الفيلم، ولا اشعر بأنه أضاف شيئاً للممثلين فيه»، مانحة اياه اربع درجات.
كوميديا فجة
يتزوج حازم وفريدة، وتصر فريدة على الإنجاب فوراً، خصوصاً أن زوجها مشغول دائماً عنها، وتبدأ مشاهد تندرج تحت صفة (الكوميديا) في الظهور، وذلك في محاولة الزوجة التأثير في زوجها من خلال الإثارة، والكثير من الإيحاءات والمشاهد التي اعتبرها مشاهدون مسيئة، وبعد كل محاولاتها التي فشلت تصر على زوجها بعملية للحقن المجهري (وهذه العملية هي حبكة الفيلم)، لكن (حازم) يرفض هذا الطلب، على الرغم من أنه طبيب مختص بهذه النوعية من العمليات ويشعر بالإهانة، فيظهر التناقض بين ما يروجه لزبائنه، وما يرفضه لنفسه، لاسيما أن سبب الرفض من المفروض في الفيلم أن يكون مضحكاً، وهو ما تتكشف عنه أحداث الفيلم.
من جهته، يشير غسان غازي (28 عاماً) إلى أن «الفيلم مملوء بالمشاهد المصطنعة والمفتعلة التي لا تمت للكوميديا بصلة، إذ مازال هناك فنانون يعتقدون أن الإثارة والمشاهد الحميمية مادة للكوميديا، وهي كذلك في الأفلام الغربية، لكن العربية مازالت غير متصالحة مع هذا النوع من الكوميديا»، مانحاً الفيلم ثلاث درجات.
ويعترف أبوطارق (49 عاماً) بأنه شعر بالإحراج خلال مشاهدة الفيلم، خصوصاً انه اصطحب ابنتيه معه. وأعطى الفيلم علامة الصفر.
استهلاك
تستهلك زينب عزيز (كاتبة العمل) حسب الناقد السينمائي المصري محمود عبدالشكور في مشاهد هذا الجزء الذي يحاول فيه (حازم) تقديم عينة منه للمركز، «كل ما يمكن رؤيته في أي كوميديا جنسية: من إغراء الزوجات لأزواجهن، الى محاولة إحدى الممرضات (إيمان السيد) مساعدة حازم للحصول على العينة، ومن رقصة فريدة لزوجها على أنغام أغنية (أنا إيرما لادوس)، وغيرها، ومع كل هذا ورغم رضوخ فريدة للحقن المجهري، فلن يحدث الحمل، لتصرخ وتلطم في مشهد مبالغ فيه، ثم تقرر الذهاب الى الساحل الشمالي، ويقرر حازم الذهاب الى بيروت لحضور مؤتمر طبي، وهناك يبدأ فيلم آخر جديد».
يقصد الناقد هنا بالفيلم الجديد ظهور عشيقة قديمة لحازم الذي لا يتردد في خيانة زوجته معها، وفي الصباح يستيقظ على صوت طفل يقول له يا (بابا)، ورسالة من العشيقة تؤكد أن هذا الطفل ابنه.
وعن هذا المشهد تحديداً تقول منار علي (28 عاماً) «هذا المشهد لا يمت لواقع طبيعة عمل حازم وهو طبيب النساء الفهلوي، وكل ما يؤكد قصة الابن هي علامة موجودة تحت حاجبه تشبه علامته أيضاً، فلا يسعى لتحليل طبي، ويبدأ في التعامل مع الطفل بشكل أبوي بحت، وكأن الأبوة تظهر في لحظة.. الفيلم سخيف ولا يستحق المشاهدة»، مانحة اياه علامة الصفر.
للكبار فقط
تقرر فريدة استعادة زوجها، وتسافر الى لبنان لتجده مع الطفل، وفجأة تظهر نيكول سابا لتكشف أنها اضطرت إلى كتابة هذه الرسالة لأنها تريد السفر سريعاً، ولم تستطع أن تؤمن من يجلس مع طفلها سوى هذه الحيلة، فتصدقها فريدة.
وفي نهاية الفيلم، بعد عودة فريدة وحازم الى القاهرة، ينجبان توأما من دون حقن مجهري، بينما ينجب كل اصدقائهما في الفيلم عن طريق الحقن.
وتقول صباح عيسى (50 عاماً) إن «الفيلم يجب أن يصنف أنه للكبار فقط، فأنا كيف سأشرح لابنتي التي لم تتجاوز الـ15 من عمرها عن الحقن المجهري، وكمية المشاهد المثيرة التي كانت موجودة في الفيلم، وأرى أن الفيلم مسيء، ولا يجب ان يصنف على انه فيلم عائلي»، مانحة اياه ثلاث درجات.
بدوره، يلفت وهاب علي (30 عاماً) إلى أن «كمية الأطفال في الفيلم تجاوزت الكبار، وأنا شعرت بالضيق، خصوصاً ان الفيلم يقيّم نفسه على أنه عائلي، وهذا غير صحيح، فالمشاهد المثيرة والإيحاءات والألفاظ كانت فجة وكثيرة، ولذا ينبغي منع الأطفال من مشاهدته» مانحا اياه خمس درجات.
وأعربت أم فراس(49 عاماً) عن استيائها من عدم تنبيه المشاهدين إلى احتواء الفيلم على مشاهد مثيرة حسب تعبيرها، مؤكدة أن «منظر الأطفال وهم يشاهدون الفيلم استفزها وقررت ألا تتابع الفيلم للنهاية».
حول الفيلم
- فيلم بابا أول عمل يجمع بين الفنانة درة، والنجم أحمد السقا.
- صورت بعض مشاهد الفيلم بمحافظة أسوان في جنوب مصر.
- تأجل تصوير الفيلم أكثر من مرة نظراً لارتباط أبطاله بأعمال أخرى.
- كان من المفترض أن يتم تصوير المشاهد الخارجية في لبنان، لكن المشكلات التي حصلت بين فريق الإنتاج والمخرج علي إدريس هناك، جعلته يقلص مدة التصوير من خمسة ايام الى يومين، ونقل كل المشاهد الداخلية وبقية المشاهد الخارجية إلى القاهرة.
أبطــال الفيلم
أحمد السقا
ولد أحمد محمد صلاح الدين السقا عام 1973 وتخرج في معهد الفنون المسرحية عام ،1993 نشأ في أسرة فنية، فأبوه صلاح السقا مخرج ومؤسس مسرح العرائس، وجده المطرب عبده السروجي. بعد تخرجه من قسم التمثيل والإخراج، بتقدير امتياز، بدأت انطلاقته الفنية في الدراما التلفزيونية، بترشيح من الراحل أسامة أنور عكاشة، للقيام بدور رئيس في مسلسل «النوة» للمخرج محمد فاضل. وأكد الانطلاقة بدوره في سهرة «زواج على ورق سليفان» التلفزيونية التي حققت نجاحاً كبيراً.
وشارك السقا في بداياته بأدوار صغيرة في مسرحيات عدة قبل أن ينطلق بأدوار رئيسة في مسرحيات «عفروتو» و«كدة أوكيه». في عام 1995 بدأ السقا مشواره السينمائي، بأدوار صغيرة في أفلام عدة قبل أن يظهر بشكل رئيس في أفلام «صعيدي رايح جاي» و«همام في أمستردام» لينال أول بطولة في حياته في فيلم «شورت وفانلة وكاب»، وتوالت بطولاته وأفلامه بعد ذلك، واشتهر بأدوار الحركة.
درة
ممثلة تونسية، ولدت عام ،1980 وحصلت على شهادة الدراسات العليا في العلوم السياسية من جامعة تونس. دخلت ميدان الفن إثر انضمامها لفرقة التياترو، حيث شاركت لأول مرة في مسرحية مجنون للمخرج توفيق الجبالي. وبعدها مثّلت أدوارا عدة في السينما التونسية، كما شاركت في أفلام عالمية منها «كولوسيوم» للمخرج الإنجليزي تيلمان ريم عام ،2003 وجسدت دور سيدة الإمبراطورية، وبرزت في عدد من الأفلام والمسلسلات المصرية، خصوصاً خلال الفترة الماضية.
إدوارد
ولد ادوارد عام ،1972 وبدأ حياته الفنية مطرباً، وعازف جيتار في فرقة غناء «جيبسي» وأنتج لنفسه عدداً من الأغاني المصورة، قبل أن يلتقطه المخرج اسامة فوزي، ويشركه في دور صغير بفيلم «بحب السيما»، الذي حصد جوائز عدة. وبعدها انطلق ادوارد في عالم السينما ليشارك في العديد من الأفلام، ومنها «حريم كريم» و«بحبك وبموت فيك» و«كلام في الحب» و«شيكامار» و«في محطة مصر» و«بوشكاش» و«رمضان مبروك أبوالعلمين» و«كبارية» و«حسن ومرقص» و«الديكتاتور» و«عسل اسود». كما شارك ادوارد في مسرحية «سكر هانم»، وفي عدد من المسلسلات.
المخرج
بدأ علي ادريس مشواره مع السينما عقب تخرجه من المعهد العالي للسينما عام 1988 بالعمل مساعد مخرج في العديد من الافلام بداية من «شباب على كف عفريت» عام 1990 إلى «العقرب»، و«صعيدي في الجامعة الأميركية» و«سوق المتعة» ووصل عدد الافلام التي عمل بها كمساعد مخرج 23 فيلماً، بخلاف عدد كبير من المسلسلات بدأها بمسلسل «البخيل وأنا» بطولة النجم الراحل فريد شوقي، ما مكنه من العمل مع كبار المخرجين مثل شريف عرفة، وعلي عبدالخالق، ورأفت الميهي، وسعيد حامد. أول الافلام التي قام بإخراجها ادريس فيلم «أصحاب ولا بيزنس»، ثم «رشة جريئة»، و«عريس من جهة امنية» الذي حاز جائزة الإخراج عنه. وتوالت افلام علي إدريس بعد ذلك. وهو متزوج من المؤلفة والسيناريست زينب عزيز، وقام بالتعاون معها في اكثر من فيلم مثل «كلام في الحب»، و«عصابة الدكتور عمر».
كليك
قال الفنان أحمد السقا إن فيلم «بابا» «يمثل لوناً جديداً بعيداً عن ألوان العنف والدم التي قام بها طوال الفترات الماضية، لما يتضمنه من مشاهد رومانسية تختلط مع القليل من العنف في سبيل الدفاع عن الحبيبة، مثلما حدث في أفلام تيمور وشفيقة مع مني زكي، وفي فيلم الجزيرة مع التونسية هند صبري»، مضيفاً في تصريح لـ«العربية.نت» أنه كان متخوفاً من ذلك اللون الجديد، خصوصاً في جانبه الكوميدي، لأنه لم يسبق له الخوض في التجارب الرومانسية الكوميدية. لكنه أكد أن وجود المخرج علي إدريس، جعله يشعر بالاطمئنان.
وتابع السقا أن «السينما المصرية تعيش في هذه المرحلة حالة من السعي الجاد لأفلام تجاري المناسبات. فالتركيز على ذكر الفساد الذي انتشر خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك، عبر بعض الأفلام التي بالغت في سرد الفساد، ظنا من منتجيها أن السوق السينمائية المصرية تجردت من المشاعر الإنسانية، وأصبحت منصبة على الفساد والمفسدين، جعلني أتوقف أمام أهمية الرسالة الفنية، وأن أقوم بتغيير الكبت والضمور العاطفي من خلال فيلم رومانسي هادف».