«بيكاس».. أخوّة أقــوى من «سوبر مان»
فيلم «بيكاس» الذي افتتح البرنامج العربي للدورة التاسعة من مهرجان دبي السينمائي، أول من أمس، في أرينا، ليس فيلماً مصنوعاً بشكل جيد فقط، خصوصاً أنه الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج العراقي كرزان قادر، بل يتجاوز ذلك بانتقاء المخرج الكردي لبطلين طفلين هما زمند طه، وسروار فاضل أديا دوريهما ببراعة.
كلمة «بيكاس» باللغة الكردية تعني «مَن لا أهل له»، ويتناول الفيلم قصة من أوائل التسعينات، حول طفلين قررا المضي إلى أميركا لمقابلة الشخصية الشهيرة «سوبر مان». هذه الفكرة بني عليها الكثير من التفاصيل التي تأخذ المشاهد إلى عبارات ولقطات مؤثرة.
ومن الواضح أن السينمائيين العراقيين الجدد قرروا أن ينبشوا قصصاً ليبتعدوا عن مواضيع الحرب والسلم والحصار، يحذون بذلك حذو السينما الفلسطينية التي تجاوزت هي الأخرى هذا التفصيل، بعد أن أصبحت تروي حكايات بعيدة عن الأحزاب والصراع بشكل مباشر، اذ تتناول قصصاً ذات بُعد إنساني مؤثر بعيداً عن الشعاراتية الصارخة.
هناك تفصيلان تلازما في معظم مساحة الفيلم الذي تبلغ مدته (92 دقيقة)، الأول حالة الأخوين اليتيمين اللذين ينبذهما المجتمع أو يستضعفهما، بداية من أقرانهما مروراً بمن يستغل حاجتهما ولا يعطيهما حقهما في المهنة التي يعملان فيها وهي تلميع الأحذية، وليس انتهاءً بمحاولة من العديدين السخرية من حلمهما.
ويأتي الحلم التفصيل الثاني الذي يكبر لديهما، وأن شخصية «سوبر مان» الأميركية هي الحل في ظل إحساسهما الدائم بالعجز. تفصيل قد يثير حفيظة البعض إذا لم يصبر على نهاية الفيلم، خصوصاً أن لفظ «كاكا» يعني باللغة الكردية «الأخ» أو «أي شخص مقرب»، تكررت في الفيلم كثيراً، كما تكرر لفظ «أميركا»، وقد يظن البعض أن ثمة رابطاً بينهما. الطفلان يفكران ببساطة الأشياء ولديهما الخيال الخاص، حتى ان الطفل الأصغر يسأل شقيقه عن رسوم استخراج جواز سفر، ليرد عليه الأكبر «17 ألف دينار» فيشهق ويبدأ بالحسبة، ويتساءل «كم حذاء يجب علينا أن نلمع كي نصل إلى هذا المبلغ؟»، فيجيب شقيقه «نحو 30 ألف حذاء».
يمرّ الشقيقان في لحظات صفاء وشجار، وضرب وحضن، وصراخ وتربيت على كتفي بعضهما، إذ إن الطفل الأصغر متحمس أكثر من الأكبر الذي أصبح لديه حبيبة قريبة من عمره تعيش في منطقته، هذه الحالة جعلته يفكر أكثر في المستقبل، لكن بتأن. أما الأصغر فهو لا يريد سوى مقابلة «سوبر مان». الطفلان يحبان بعضهما كثيراً، لكنهما في مرحلتين عمريتين مختلفتين، حتى ان الأصغر يقرر العمل لوحده كي يجني مالاً لاستخراج جواز سفر، ويذهب إلى رجل أعمى حكيم عرف بخلافهما، لتعود قصة العصي الكثيرة وقدرة الشخص على كسرها. ومن هذا المشهد تحديداً تتغير المسألة تماماً، فالقوة تكمن في الوحدة وتكمن في الوقوف إلى جانب بعض من دون الحاجة إلى حلم قد يفكك هذه العصي.
يقتنع الطفل ويتصالح مع أخيه مفاجئاً إياه بحمار جاء به كي يسافرا على ظهره إلى أميركا، وتبدأ مواقف طريفة كثيرة تحدث في مشهد الحمار. وتمر الأحداث، ويصبح لدى كل منهما جواز سفر ويركبان في شاحنات النقل بسرية، ويتعرضان لشتى أنواع المضايقات، لكنهما يصران على إكمال مشوارهما، الى أن يصلا إلى نقطة لا ملامح لها، عبارة عن صحراء مقفرة. يتشاجران كالعادة ليشعر الأخ الأكبر أنه فوق لغم، وكل شجاره كي يبعد شقيقه الصغير عنه. يرحل شقيقه ويصل إلى المدينة ويتعرض لركلة تشعره بوحدته أكثر، وفي الجانب الآخر هناك الشقيق الأكبر، يناجي الصغير بأن يسامحه، وهو يستعد للموت، لكن اللغم لا ينفجر. يركض بسرعة كبيرة يلتقي مع شقيقه في المدينة، ليدركا من لقائهما أن وحدتهما مع الجميع هي بداية تحقيق الحلم من دون الحاجة إلى «سوبر مان».
بطاقة العمل
فيلم «بيكاس» من إنتاج السويدية ساندرا هارمز، وسيناريو كرزان قادرن، وتصوير جوهان هولوكويست، وموسيقى جوهان ليهتماني.
جولة
|
المهر الآسيوي الإفريقي للأفلام الوثائقية:
-- «ثلاث شقيقات» فيلم صيني عن أصغر جيل نسائي من سلالة مزارعين، يتناول الحرف وتوريثها، للمخرج وانغ بينغ.
-- «كهريزاك» فيلم برؤية أربعة مخرجين من إيران يقدمون نظرتهم لمركز «كهريزاك» الخيري عن أوضاع المسنين هناك وحكاياتهم.
المهر الآسيوي الإفريقي للأفلام الروائية الطويلة:
-- «تلفزيون» فيلم من بنغلاديش للمخرج مصطفى فاروقي، يحكي قصة رئيس بلدية في قرية في الريف البنغالي، يتذرع بالدين، فيحظر مشاهدة التلفاز والهواتف المحمولة، ما يشكل تحدياً كبيراً لمجتمع القرية الذي يصير جزءاً منه على أن يتواكب مع العصر وسرعته.
-- «زيبا» فيلم إيراني لمخرجته باني خوشنودي، حول ربة منزل منحدرة من طبقة غنية لا تستطيع التكيف مع شكل الحياة في إيران، في ظل عدم قدرتها على إبداء رأيها.
المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة:
-- «محاولة فاشلة لتعريف الحب» فيلم مغربي للمخرج حكيم بلعباس، تجسيداً لأسطورة «إيسلي» و«تيسليت»، وقد تحولت الدموع التي ذرفاها إلى بحيرة تحمل اسميهما. تعيش زينب هجران حبها الأول والأخير، كما كانت تعتقد، بينما يكون حمزة قد انتهى للتو من زواج فاشل، وهناك في تلك الجبال يتعرفان على محمد، الراعي الحالم والعاشق المتيم.
المهر العربي للأفلام الوثائقية:
-- «سقسي خيالك» فيلم جزائري للمخرج لمين عمار خوجة، بدأ من تاريخ 6 يناير 2011، حيث الجزائر تشهد اضطرابات شعبية. بعد تسع سنوات من الغياب، يعود المخرج والسؤال الذي يفرض نفسه عليه: كيف لي أن أجد مكاناً هنا؟ لكن القطار انطلق والأسئلة الوجودية تمتزج والأحداث السياسية التي تعصف بالمنطقة.
-- «الصرخة» فيلم يمني للمخرجة خديجة السلامي، عن نساء خرجن من بيوتهن صارخات بمعاناتهن. إنهن النساء اليمنيات متخطيات للتوقعات، مشاركات بدور كبير في الثورة اليمينة على الديكتاتورية والطغيان، وكلهن أمل بتحقيق التغيير الحقيقي والديمقراطية التي تضمن المساواة للجميع.
ليال عربية:
-- «قصة ثواني» فيلم لبناني للمخرجة لارا سابا، يتناول قضية اجتماعية، في إطار قصة ثلاث شخصيات في بيروت، تتقاطع مصائرها من دون أن تعرف أي منها الأخرى، وتؤثر قرارات كل منها من حيث لا تدري في حياة الشخصيات الأخرى.
سينما العالم:
-- «بودي كومبليت» فيلم نمساوي من إخراج لوكاس سترك، يحكي قصة «ادينا فيينا» التي انتقلت إلى سيراييفو واختفت، وتسعى صحافية إلى حل لغز اختفائها.