الفيلم الذي روى قصة المخرج.. وأبكى روبرت دي نيرو
«المعالجة بالسعادة».. جرعة كوميديـــة بغلاف إنساني
مازالت الأفلام التي رُشحت للأوسكار، أخيراً، تعرض في دور السينما المحلية، واختلفت موضوعات تلك الأفلام بين قصص واقعية كفيلم «لينكولين»، وقصص تستند إلى روايات أدبية كفيلم «البؤساء»، وأخرى كوميدية كفيلم «المعالجة بالسعادة» الذي منحه جمهوره العلامة التامة، لما يحمله من قصة جميلة وإنسانية مغلفة بجرعة كوميدية، وهو من إخراج ديفيد اوراسيل وبطولة برادلي كوبر وروبرت دينيرو وجينفر لورنس.
وتدور أحداث الفيلم حول «بات» الذي خرج من مصحة عقلية بعد صدمته بخيانة الفتاة التي يعشقها، وآلية تعامل عائلته مع وضعه الجديد الذي يصادف ظهور فتاة أخرى في حياته مصابة هي الأخرى بصدمة عاطفية.
جنون الحب
كليك بكاء دي نيرو أكد دافيد أوراسيل مخرج الفيلم أن مأساته مع ابنه المريض بأحد الأمراض العقلية، وهو «الاضطراب ثنائي القطب»، هي التي ألهمته صناعة هذا الفيلم الذي يدور حول معاناة المرضى النفسيين وصعوبة تواصلهم مع أسرهم ومجتمعاتهم. ترقرت الدموع في عيني روبرت دي نيرو البالغ من العمر 69 عاماً، عندما تحدث عن دوره في الفيلم، وعن مشكلة المرضى العقليين الذين يتعذبون كثيراً وتتعذب معهم أسرهم، وقد بدا التأثر الشديد في نبرات صوته وهو يتحدث عن هذا الأمر، وظهرت الكلمات وكأنها تخرج من بين شفتيه بصعوبة وهو يقول «إنه لا يحب أبداً أن تؤثر العواطف والانفعالات فيه، لكنه في هذه المرة لم يستطع كبح جماح نفسه، لأنه شعر جيداً بما يريد المخرج أن يقوله». |
«بات» الذي قضى ثمانية أشهر في مصحة عقلية نتيجة نوبات العنف التي تنتابه يخرج ليقيم في منزل والديه، لكنه يخطط منذ لحظة خروجه لاستعادة زوجته التي بسببها وبسبب خيانتها له، مسه نوع من الجنون، متحدياً القرار القضائي الذي يمنعه الاقتراب منها. وترى فرح قاسم (16 عاماً) أن «الفيلم يحمل مشاعر انسانية غاية في الأهمية، لها علاقة بمنح الفرص دائماً لمن يستحقها».
في المقابل، أكد محمود العيباني (26 عاماً) أنه لم يشاهد فيلماً اثر فيه الى هذه الدرجة كهذا الفيلم «تعلقت به كثيراً وبقصته وبكوميديته الهادفة، المضحكة المبكية».
وبدوره أثنى طارق علي (40 عاماً) على فريق العمل «الذي استطاع أن يدخل البهجة الى قلوبنا، وترك فكرة مهمة في عقولنا تتمحور حول الإنسان مهما كان».
وأكدت ميسر عبدالله (32 عاماً) أن «بات» «مثله مثل كثيرين لديه حالة جنون وهمية بشخص لا يستحق، هو يدرك مدى الأذى الذي لحق به بسببه، لكنه ينكر طوال الوقت لشيء له علاقة بكرامة النفس البشرية التي ترفض تحمل الخيانة والرفض».
حقيقة مؤجلة
تمر الأحداث بطريقة متسارعة الى ان تظهر «تيفاني» التي تعاني أيضاً صدمة عاطفية بسبب فقدانها زوجها، وفي الوقت نفسه تحب الرقص، وتحضر نفسها لمسابقة تريد أن تُظهر فيها كل طاقتها وشغفها وحزنها ايضا، يلتقي بها «بات» ويحدث الانجذاب من طرفها، ويشعر بذلك لكنه ينكر، ويتفق معها على انه سيشاركها الرقصة في المسابقة مقابل ان تنقل لزوجته السابقة رسائله.
في الاتفاق بينهما ومع انجذاب «تيفاني» الى «بات» يعيش المشاهد هذا الألم المقرون بالحسرة والحلم لما يشعر به «بات» تجاهها، وفي الوقت نفسه، وبعيداً عن المتعارف عليه على الأقل اجتماعياً حول ترابط العائلات الأميركية، يظهر شكل العائلة من الأم والأب وحرصهما على أن يستعيد ولدهما حياته الطبيعية، في مشاهد لا يمكن ألا تترك أثراً في النفس، خصوصاً أن دور الأب يؤديه روبرت دي نيرو.
ويرى حسام حمزة (20 عاماً) أن الفيلم «أظهر أموراً كنت لا أدركها حول شكل العلاقات العائلية في المجتمع الأميركي التي كنت أعتقدها مفككة، لكن بوجود مثل هذين الأبوين غيرت رأيي»، مستدركاً «لكنني عدت الى الفكرة الرئيسة أن الفيلم موجه إلى الجمهور الأميركي بالدرجة الأولى وهو ينادي بالتمسك بالروابط العائلية».
في المقابل قالت زينب الزعابي (38 عاماً) إن «الفيلم اثر فيّ كثيراً، و(دي نيرو) كان بالفعل مثال الأب الرائع والمتفهم»، مؤكدة أن الفيلم «يناقش كيفية التعامل مع أي حالة انسانية حتى لو كانت تعاني خللاً نفسياً».
ومن وجهة نظر ابتهال عامر (33 عاماً) فإن دور روبرت دي نيرو «على الرغم من صغر حجمه إلا أن تأثيره كان كبيراً جداً، فقد أتقن دور الأب الودود المضحك المستعد لفعل أي شيء لسعادة ابنه». وحسب رؤى محمد (33 عاماً) فالفيلم «يستحق المشاهدة والتمعن به كثيراً».
والفيلم كما رأته سيرين داوود (42 عاماً) يتناول كيفية التعامل مع شريحة من البشر موجودة وتعيش بيننا، وهم من يعانون مرضاً نفسياً أو عقلياً و«كيفية إعطائهم دفعة للتأقلم والاندماج مع المجتمع»
وأشارت إلى أن قريباً لها «يعاني اكتئاباً مزمناً نتيجة صدمته في والدته التي تخلت عنه، وكمجتمع عربي ليس متصالحاً بعد مع فكرة المرض النفسي، حولوا هذا الشاب الى أضحوكة في سهراتهم وتسليتهم، ما فاقم المشكلة لديه وتحول الى مجنون رسمي في عرف الناس».
وقالت «هذا الفيلم هو نداء الى كل شخص يعتقد انه كامل، فلا يوجد شخص ليست لديه مشكلة نفسية ولو بسيطة، علينا أن نتعلم كي نحب، وكيف نحتضن ونستوعب المحتاج، خصوصاً إذا كان مريضاً».
حول الفيلم
حصل الفيلم على ترشيح لـ17 جائزة لتوزيع جوائز ستالايت، وحصل على خمس منها، وأفضل ممثلة نالتها بطلته جنيفر لورانس، وحصد بطل الفيلم جائزة أفضل ممثل، كما نال مخرجه ديفيد أوراسيل جائزة الإخراج، بالإضافة إلى جائزة أفضل مونتاج، التي حصل عليها جاي كاسيدي بمشاركة كريسبين ستريزرس. حصل على جائزتين من جوائز «غولدن غلوب»، مرشح لثماني جوائز أوسكار من ضمنها جائزة افضل ممثل وافضل ممثلة وافضل فيلم كوميدي. نال الفيلم استحسان النقاد بنسبة 92٪، بحسب موقع روتن توميتوز، من أصل 173 رؤية نقدية. بلغت ميزانيته 26 مليون دولار أميركي فيما بلغت عائداته 113 مليون دولار.
عن قرب
قالت بطلة الفيلم جوليا ستايلز، التي ولدت عام 1981، وهي من اصل ايرلندي: «إنني أجد نفسي أكثر وأنا على خشبة المسرح، خصوصاً في مسرحيات ويليام شكسبير»، مؤكدة أن المسرح علّمها أن تكون إنسانة قبل أي شيء «فقد كنت سعيدة في العمل في مجال الإنسانية وبناء المساكن بكوستاريكا، وعملت مع منظمة العفو الدولية لزيادة لتحسين الظروف القاسية للمهاجرين».
المخرج
ولد الكاتب والمخرج والمنتج ديفيد أو. أوراسيل في مدينة نيويورك عام 1958، وتخرج في كلية امهيرست عام 1981، تخصص في العلوم السياسية واللغة الإنجليزية. كان راسيل عضواً في لجنة التحكيم في مهرجان صندانس السينمائي في عام 2003، لديه شغف بمعالجة الموضوعات التي تحتاج الى تركيبات معقدة للوصول الى نهاية سلسة. لديه أنشطة في مراكز العناية بذوي الاحتياجات الخاصة بسبب إصابة ابنه بمرض عقلي.
فريق الفيلم
برادلي كوبر
ولد عام 1975، عاش ستة أشهر من مرحلة تعليمه الجامعية مع عائلة فرنسية ضمن برنامج تبادل الطلاب لمدة ستة اشهر لتعلم اللغة، الى ان تخرج في جامعة جورج تاون ثم انتقل الى لوس انجلوس ليبدأ طريقه في التمثيل مع مسلسل «الاسم المستعار»، وفي 2009 لعب دوراً في فيلم «رحلة مضحكة»، وهو الفيلم الذي حقق نجاحاً كبيراً، وأدى إلى منحه دور البطولة في فيلم آخر في 2010، ليتحول الى نجم شباك التذاكر في فترة وجيزة.
روبرت دي نيرو
ممثل ومخرج ومنتج أميركي من أصول إيطالية، يعد أحد أفضل الممثلين في تاريخ السينما الأميركية على مر العصور. وُلد دي نيرو في مدينة نيويورك، وهو ابن لرسام ونحات وشاعر من أصل إيطالي. والدته تدعى فرجينيا أدميرال، وقد كانت تعمل رسامة أيضاً. قَدِم ماريو دي نيرو وزوجته صوفيا من إيطاليا، وهما جدّا والد روبرت، في بداية القرن الـ20 إلى أميركا. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة ليتل ريد، أدخلته والدته مدرسة الموسيقى والفنون الثانوية بولاية نيويورك. حينما بلغ من العمر 18 سافر إلى باريس. وفي عام 1963، حينما كان يبلغ من العمر 20 سنة، قام دي نيرو بأول دور سينمائي له مع براين دي بالما في فيلم «عقد القران»، وحصل على دور ثانوي في فيلم فرنسي اسمه «ثلاث غرف في مانهاتن» عام 1965، بدأت شهرته الحقيقية عام 1972 حين بدأ شراكته الطويلة مع المخرج مارتن سكورسيزي في فيلم «رجل الشارع»، فاز دي نيرو بجائزة الأوسكار مرتين.
جينفر لورانس
وُلدت عام 1990وظهرت موهبتها منذ الصغر، حيث كانت تشارك في المسرحيات التي كانت تقيمها الكنيسة. وفى سن الـ14 قررت دخول عالم الفن والعمل به. بدأت «لورانس» التمثيل بأدوار صغيرة عدة في أكثر من عمل فني، لكن الدور الأبرز الذى نالت عنه المديح والثناء من النقاد هو دورها أمام الممثلة تشارليز ثيرون في فيلم «ذا بيرنينج بلان» عام 2008، الذي نالت عنه جائزة «مارسيلو ماستروياني» لأفضل ممثلة ناشئة من مهرجان البندقية السينمائي. توالت بعدها أعمال «لورانس»، وفي2010 كانت أول بطولة لها من خلال فيلم «عظام الشتاء».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news