استقبال «جماهيري - درامي» لأول فيلم روائي عن الثورة السورية
«باب شرقي» يُفتح في القاهرة
وسط حضور لافت من الجالية السورية في القاهرة، تم عرض أول فيلم روائي عن الثورة السورية، أمس، «باب شرقي»، في نقابة الصحافيين المصريين، للمخرج المصري أحمد عاطف، وبطولة الممثلة لويزا عبدالكريم، والاخوين أحمد ملص ومحمد ملص، ومجموعة من الممثلين غير المحترفين، أدهشوا الجمهور باعترافاتهم بعد نهاية العرض بعدم امتهانهم السينما رغم ابهار معظمهم في تأدية دوره، وتعهدوا (في عبارات كوميدية) بالانصراف عن التمثيل مع انتصار الثورة الثورية.
يدور الفيلم حول رحلة آلاف السوريين واللجوء الى مصر بعد اندلاع الثورة، وتفاصيل وقسوة يوميات الخروج، ثم معاناتهم كلاجئين خارج الوطن، ويركز على الصراع بين الأخوين هلال وبلال. حيث يمثل الأول شخصية الشرير الذي ملأ والده «المسؤول السوري» قلبه بالحقد على العالم، واعتبار الولاء للحاكم هو الهدف الأسمى للحياة، ثم دخول هلال في احتراب سياسي مع بلال، بعد ان تحول الأخير إلى ناشط ثوري وانحاز للشعب، بينما سار الأول على نهج والده، وأصبح من شبيحة النظام. ويتطور الصراع بين الشقيقين من التجاذب الكلامي الى المستوى الحركي حيث يقرر هلال ملاحقة بلال من مكان الى آخر، واستهدافه لقتله تلبية لرغبات النظام.
يعرض الفيلم عبر تطور احداثه شخصيات وحكايات سورية مختلفة بلورتها الثورة سلباً وايجاباً، يقع في اقصى طرفيها شخصية الدبلوماسي السوري المناصر للنظام البعثي (والد هلال وبلال - فرحات مطر)، الذي ينام ويستيقظ في حالة هيام بشخصية الرئيس، حيث يضع صورة «القائد الملهم» أمام عينيه طوال الوقت ليبثه مناجاته بأن أقصى أمانيه أن يقبل يوماً يديه، بينما تجسد في الطرف المقابل الطفلة ناتاليا (تجسد دورها ناتاليا فرحات)، نموذج الصبية اللاجئة التي تجد نفسها فجأة في أرض غريبة، والمفتقدة لأسرتها ورفيقاتها، والتي تمثل بعذوبتها وبراءتها حلم الثورة الآتي، وتصل ذروة تجسيد ناتاليا للحلم في علاقتها بشجرة وجدتها بحديقة مصرية شبيهة بشجرة تركتها في سورية.
يركز المخرج علي التشابه المذهل في الملامح بين التوأمين هلال وبلال، الذي يربك الثوار والجمهور والسلطات الأمنية على حد سواء، ويختلط الأمر على الجميع فلا يستبين أحدهما من الآخر، وينتج عن هذا التشابه اتهامات من الثوار لزميلهم المناضل بلال بالعمالة، ويخفف هذا التشابه في الوقت ذاته أجواء الدم والرعب في الفيلم، عبر مفارقات لطيفة أبرزها سخرية سيدة قاهرية من التوأمين، حيث ذكراها بفيلم «مين فينا الحرامي». ينتهي الفيلم باشتباك بدني دموي بين الشقيقين داخل شقة مغلقة لا يتبين من متابعته المنتصر من المهزوم، وبانتحار الأب المنافق، فيما تبث في الأثناء محطة تلفزيونية في عاجل لها نبأ سقوط دمشق في يد الجيش الحر، وانتصار الثورة السورية.
اتسم عرض الفيلم بتسيد حالة من الحماسية من قبل الجمهور، ومقاطعة العرض مرات عدة بالهتافات والتصفيق، واعتبر نقاد حضروا الفيلم منطقية ذلك درامياً، كون الفيلم يعبر عن حياة المتفرجين من اللاجئين والنشطاء ذاتها، ولتداخل الخيال السينمائي بواقعهم المعاش، واعتبار المتلقي نفسه جزءاً من الحدث، وتوقه إلى نهاية مفرحة لمسيرة الثورة.
وأشارت بطلة الفيلم لويزا عبدالكريم لـ«الإمارات اليوم»، إلى انها لا تعتبر «باب شرقي» فيلماً سياسياً، إنما هو فيلم إنساني يكشف ما فعله الاستبداد سلبا، ثم ما صنعته الثورة ايجاباً بالإنسان السوري، وبنسيج العلاقات الاجتماعية السورية.. وقالت عبدالكريم إن «حياة خمسة ملايين لاجىء سوري بتفاصيلها، وأمانيها حتى إحباطاتها، تمثل ملحمة تحد حقيقية تحتاج إلى إبراز موازٍ لنجاحات الثورة الإنسانية والميدانية».
وقال المخرج أحمد عاطف لـ«الإمارات اليوم»: «إنني أصنع فيلماً عن سورية رغم انني لم ازرها من قبل، لكني زرتها عبر التاريخ، وعبر انبهاري بثورتها وتضحيات شعبها، وهي كما قدمت للعالم دروساً سابقة في الحضارة، تعطيه اليوم مثالاً حياً في قدرتها على البسالة والصمود وبذل الدم ضد الدكتاتورية والطغيان».
وأضاف عاطف أنه «اعتمد على ثيمة تشابه الشقيقين هلال بلال، لأنه يؤمن أن الحرب تصبح حربا حين يقتل الأخ أخاه، وهي ثيمة تكشف ايضاً بشاعة نظام بشار الأسد لتسلله وتخريبه أمتن الوشائج الانسانية مثل رابطة الأخوة، واخيرا لأن الثيمة ابرزت تجاوز الخير والشر في عالمنا بشكل مزرٍ».
وتطرق عاطف إلى انه تعمد اللجوء إلى تكنيك (تداخل الأزمنة)، نظراً لأنه بصدد حدث مفتوح، وهو الانسب من وجهة نظره لاشتباكات الثورة السورية.
وختم المخرج «انه قصد صياغة الحدث بطريقة قابلة لتعدد القرارات بدلاً من حصرها في رؤية بعينها، كما ترك النهاية مفتوحة في صراع الشقيقين، لأن الخاسر الانسان، رغم حتمية انتصار الثورة، وعلاقة الاخوة من زاوية درامية».
وقال الممثل والكاتب والناشط فرحات مطر، انه «اختار دور المسؤول السياسي الانتهازي، لانه عمل سنوات في التلفزيون السوري، ويعرف عن قرب هذه التكوينات البغيضة وتفاصيل تصرفاتها»، وتابع مطر «اليوم عبر(باب شرقي) اطلقنا اول صاروخ فني من السوريين بالخارج على قصر بشار الأسد، وابلغناه اننا نحيا رغم ما أرادوه لنا من موت، واننا لعائدون». وقالت الطفلة ناتاليا فرحات بعفوية صبيانية وهي تضحك «اشكر الثورة السورية، لأنها صنعت مني ممثلة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news