شباب السينما الخليجيـة يحلمـون بخــروج أفلامهم إلى الشارع
الطموح جزء لا يتجزأ من النجاح، لكن هذا لا يعني ألا يدرك الفرد طاقته وقدرته وآلية التوظيف في المكان والزمان المناسبين، وكذلك إدراك أن صناعة السينما تتطلب المزيد من التواضع والحب، لا الغرور وادعاء الاكتمال.
وبعد مرور تسع سنوات على تأسيس مهرجان دبي السينمائي، وست سنوات على انطلاق مهرجان الخليج السينمائي، وست سنوات أيضاً من عمر مهرجان أبوظبي السينمائي، وقبل ذلك مسابقة أفلام من الإمارات، يقف المخرج الخليجي عموماً والإماراتي خصوصاً أمام تحد جديد له علاقة بعدم قبول وصفه سينمائياً مبتدئاً، فالإنتاج موجود والحاضن كالمهرجانات موجود، والتقنية العالية في التنفيذ موجودة، لكنه مازال خائفاً، حسب تعبير المخرج الإماراتي وليد الشحي، الذي يعتبر من النواة الاولى التي عملت على دفع عجلة صناعة السينما في الدولة، وشارك عضواً في لجنة التحكيم الدورة في مهرجان الخليج السينمائي في دورته السادسة لأفلام الطلبة الدولية والخليجية.
وحول سؤال وجهته «الإمارات اليوم» لمخرجين خليجيين، تباينت الآراء بين الجيل الجديد الذي مازال على مقاعد الدراسة، وجيل بدأ طريقه السينمائي منذ 10 سنوات تقريباً، فبعض الطلبة يقفون بثقة ويقولون إن «منافستهم هوليوود»، في حين التأني حاضر في اجابات الجيل السابق. ففي الوقت الذي يرى فيه مخرجون جدد أن الافلام العالمية هي منافستهم، وأنهم قادرون على هذه المنافسة، يرى آخرون أنهم لايزالون على عتبة صناعة الأفلام، وأن أمامهم مسيرة طويلة تتطلب الجهد والتواضع والإخلاص والتعلم الدائم. لكن مخرجين غيرهم رأوا أن همهم الأساسي هو خروج افلامهم من قاعة المهرجان إلى الشارع، مؤكدين أن «الغرور مقتل، ويعني نهاية مبكرة للمخرج الجديد».
ثقة
أحمد الحبسي، من الإمارات، مخرج فيلم «وادي»، المشارك ضمن مسابقة أفلام الطلبة، قال بثقة ومن دون تردد، ان «المنافس بالنسبة إلي شخصياً هو هوليوود»، مؤكدا «لا ينقصنا شيء، فالكل يدعمنا، وما علينا سوى أن نطور من أدواتنا ونزيد جهودنا ومعرفتنا كي نتلاءم والتقنيات المتوافرة».
ولم يبعد هذا التوجه في المنافسة العالمية عن بال الطالب سقراط بن بشر، من الإمارات، مخرج فيلم «السلاح الصامت»، المشارك ضمن مسابقة أفلام الطلبة، الذي قال «ليس بعيداً علينا أن ننافس أفلاماً عالمية، ما دمنا على ثقة بخطواتنا التي تلقى الدعم المعنوي والمادي من المعنيين في الدولة».
في المقابل، أكد المخرج وليد الشحي، الذي يعتبر من الرعيل السينمائي الاول، أن على الجيل الجديد الذي يبدو خائفاً ومرتبكاً من الدخول في ميدان صناعة الأفلام، أن يعي ويدرس خطواته جيداً، مضيفا ان «النضج هو المنافس لنا في الوقت الحالي، لكن الجيل الجديد عليه أن يتحلى بالشجاعة»، مشيراً الى أن تجربته وتجربة جيله كانت صعبة مقارنة بتجربة من اتوا بعدهم.
وقال الشحي عن بدايات الدخول في عالم الافلام، «لم يكن في جعبتنا سوى الفكرة والحلم في آلية تحقيق هذه الفكرة»، مؤكداً أن «المنافس هو قدرتنا على الانتقال من المحلية إلى العالمية، وعلى الصعيد الخليجي، حدث ذلك في الفيلم السعودي (وجدة) للمخرجة هيفاء المنصور، التي انجزته العام الماضي، ويعتبر أول فيلم روائي طويل يتم تصويره بالكامل في السعودية». وأضاف «على صعيد الإمارات، حقق فيلم (ظل البحر) للمخرج نواف الجناحي انتقالة من المحلية إلى العالمية، كما حققت ذلك أفلام أخرى في الإمارات وبقية دول الخليج».
تأسيس
جاسم النوفلي من سلطنة عمان المشارك في فيلم «الفراغ»، ضمن مسابقة الافلام القصيرة، قال ان «المنافسة بالنسبة إلي تتمثل في كيفية التعبير عن نفسي بشكل اوسع من خلال أعمال لا تشاهد فقط في مهرجانات، بل في دور سينما على الأقل محلية وخليجية وعربية»، مؤكدا «الفكرة ليس لها علاقة بعمر المهرجانات الخليجية خصوصاً الموجودة منذ سنوات في الإمارات، بل بدراسة خطواتنا جيداً كي نكون على قدر كل الدعم الذي تقدمه مثل هذه التظاهرات السينمائية». في المقابل قالت الطالبة السعودية هند الفهاد، التي يشارك فيلمها «مقعد خلفي» في المسابقة الرسمية لأفلام الطلبة القصيرة، وتتحدث فيه عن معاملة المرأة من مقعد خلفي اي من الصف الثاني، «ليس لدينا في السعودية دور عرض ولا صناعة سينما تذكر كي نستطيع ذكر المنافس»، مشيرة إلى أن صناعة الافلام لاتزال في خطواتها الأولى، مؤكدة «لولا فسحة الأمل التي نجدها في دعوات مهرجانات خليجية وعربية، لما سمع أحد عن أعمالنا». وهذا الحديث حسب تعبير الفهاد لا ينطبق على مخرجي ومخرجات الإمارات «الذين تدعمهم دولتهم وتوفر لهم جميع الظروف كي يبدعوا ويقدموا أحسن ما لديهم».
دور السينما
فيصل العتيبي، من السعودية، مخرج أفلام وثائقية، قال «نحن مازلنا في مرحلة التأسيس ، نتلمس خطواتنا. هذا هو الواقع، وأنا أتحدث هنا بشكل عام في ما يخص السينمائيين الخليجيين». أما عن صناعة الافلام في السعودية، فأشار الى أنها بدأت بشكل ملحوظ منذ عام 2005.
وحول أهمية عرض الافلام للجمهور، قال «مازلنا نتعرف إلى انفسنا بشكل جيد، والمنافسة يجب أن تنصب الى عرض أفلامنا في دور السينما التي يرتادها الجميع»، موضحاً أن أفلام الشباب التي تعرض في المهرجانات، فرصتها محدودة ليشاهدها الناس، اذ تقتصر المشاهدة والنقاشات حول الافلام على ايام المهرجان المحدودة، لكنه شدد على «أهمية التفكير في ما بعد المهرجان».
المخرج والمؤلف المسرحي الإماراتي طلال محمود، والمشارك بفيلم «أم خنور»، ضمن مسابقة الأفلام الخليجية القصيرة، قال «انا موجود في الساحة السينمائية في الدولة منذ عام 2003، ومنافستنا مع اخوتنا الخليجيين منافسة متناسقة لا يوجد فيها أحد افضل من أحد، فعناصر الفيلم من سيناريو وتصوير وتنفيذ واخراج تختلف من فيلم لآخر، فلا نستطيع التحديد بين فيلم افضل من الآخر».
وأضاف «نحاول الصعود الى مكانة تجعل من افلامنا تنتقل من المهرجانات الى الشارع، الى ثقافة الجمهور المحلي، فهذا هو التحدي الفعلي، لأننا أمام جمهور صعب لا يقبل بالقليل».
وأشار محمود الى أن «التقنيات موجودة، والطموح والأفكار كذلك، لكنها تحتاج الى تأن يتناسب مع المرحلة»، مؤكدا أن «الإمارات والكويت ومن بعدهما السعودية هي الدول الأكثر مواكبة للتقنيات الحديثة التي من شأنها محاكاة الجمهور المواكب هو الآخر لكل ما هو جديد».
وتوجه الى الشباب الجدد من المخرجين خصوصاً الطلبة منهم بـ«ألا يغتروا بنجاحهم من الفيلم الاول». وقال «أتوجه الى الطلبة الجدد في تجاربهم الأولى التي نسعد بها، فإذا مدحت ادارة مهرجان مخرجاً منهم وكافأته بجائزة، او تلقى استحساناً من ناقد سينمائي حول عمله ألا يصاب بالغرور، بل يبذل جهداً مضاعفاً للحفاظ على مستواه ويطوره». وأكد «للأسف، بيننا طلبة جدد في مجال الإخراج السينمائي، يغتر بنفسه ويتكلم بنفس كأنه صانع فيلم (أفاتار)، ولا يقدر الأكبر منه بالسن ولا التجربة، ومصير مثل هؤلاء الغياب، فالسينما تحتاج الى التواضع والحب والشعور دائماً بالرغبة بتعلم المزيد».