«‬42» فيلم المخرج برايان هيليغلاند يصور سيرتين غيرتا النظرة العنصرية تجاه الأميركيين الأفارقة. أرشيفية

«‬42».. لاعب «بــيسبول» يهـــزم العنصرية

يصنّف فيلم «‬42» للمخرج برايان هيليغلاند ضمن فئة أفلام السيرة الذاتية، وعملياً هو لا يتحدث عن سيرة واحدة بل سيرتين، الأولى للاعب «البيسبول» من أصول إفريقية جاكي روبنسون، الذي يؤدي دوره شادويك بوزيمان، والثانية للمدير العام لفريق «بروكلين دودجرز» برانش ريكي، الذي يؤدي دوره هاريسون فورد، ويعتبر صاحبا السيرتين رمزين في اميركا.

ووصف «أسود» للاعب روبنسون، ضرورة، في هذا السياق لأنها ضمن مرحلة أواخر الاربعينات، حيث لم تكن الولايات المتحدة متجاوزة العنصرية العرقية، معتبرة أي شخص أسود هو أدنى من الأبيض، لكن على ما يبدو أن من يمتلك المهارة هو القادر على تحدي وتجاوز معوقات اجتماعية كثيرة بل وكسرها، خصوصا اذا ما وجد يدا ترفعه وتدعمه في تحقيق حلمه.

التعاطف الكامل لدى مشاهدين للفيلم منحه العلامة التامة، مع قصة لاعب «بيسبول» استطاع تجاوز حاجز اللون والعنصرية التي يواجهها في مجتمعه، وسعى إلى تغيير الفكرة، فدخل التاريخ، بعدما هزم العنصرية، على الرغم من تحمله الكثير من الإهانات.

رقم القميص

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

عنوان الفيلم «‬42» مأخوذ من رقم القميص الذي كان يرتديه جاكي روبنسون كأول لاعب أميركي اسود البشرة يلعب في دوري ابطال كرة «البيسبول» ضمن فريق «بروكلين دودجرز» في فترة أواخر الأربعينات، وتحديدا في عام ‬1947، فوقع اسم روبنسون على الأميركيين من أصل افريقي لم يكن اقل شأناً من وقع اسم مارتن لوثر كينغ عند الحديث عن الحقوق المدنية.

ترى لينا ماهر (‬29 عاماً) أن الفيلم وضع يده على الجرح، موضحة «الوصول الى الحلم، والشعور بالحرية والكرامة والمساواة يتطلب هذا العناء واكثر، وروبنسون مثال لفترة كان العالم كله في خط النار، وهي مرحلة انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما جرّته على العالم من خيبات، لم تنتهِ بنكبة فلسطين».

وأضافت «الفيلم يخص كل شخص يشعر بالقهر والتمييز، لكن الأمل موجود دائما في غد للجميع».

في المقابل، وبتأثر واضح، يقول عبدالله الخييلي (‬33 عاماً): «انا من عشاق لعبة البيسبول الأميركية على وجه الخصوص، وقد سمعت عن روبنسون كثيراً، لكني لم اكن اتخيل أن أميركا صاحبة شعار الديمقراطية كانت بكل هذه القسوة والعنصرية ضد السود».

ويعبر عن تأثره بقصة الفيلم وأداء الممثلين، «حزنت كثيرا على القصة، فالأداء كان قريباً من القلب».

جميل أن يحمل الفيلم، حسب رشا محمد (‬27 عاماً) رقم قميص روبنسون، «فهذا اقل تقدير لشخص غير مجرى التاريخ في معاملة السود»، مضيفة ان «لمدير النادي الذي آمن في قدراته، دورا كبيرا في نجاح اللاعب، ولو كان الايمان من البداية من أجل تحقيق مصالحه الشخصية المتمثلة بفوز فريقه».

التحدي الثنائي

الفيلم يتناول بشكل خاص العلاقة بين صاحب فكرة وبين نموذج يطبقها، فالمدير العام لفريق «بروكلين دودجرز» يريد أن يصل فريقه للفوز الساحق كحلم أي مدير، نراه يتابع روبنسون الذي كان عضواً في فريق «ملوك كانساس سيتي»، أحد اقوى الفرق لاتحاد الزنوج، يعرف مدى براعته، ويدرك تماما ان النجاح سيكون عنوان استقطاب اللاعب روبنسون الى فريقه.

أكثر شيء اثر في ميثاء عبدالله (‬29 عاماً) «العقد بين الطرفين، الذي بموجبه يحتم على روبنسون تحمل كل الألفاظ العنصرية تجاهه والضرب لمدة ثلاث سنوات على شرط عدم الرد، والتي تعرض لها كثيراً، وموافقته على ذلك هو ليس انتقاصاً من كرامته، بل تحدٍ أوصل الأميركيين الى وضعهم الحالي بوصول رئيس أميركي من أصول إفريقية الى الرئاسة».

في المقابل، يجد أمير البغدادي (‬30 عاما) ان الفيلم «جميل جدا ومؤثر، ويدور حول التحدي الذي ينجح بالضرورة اذا ما توافرت الظروف».

ويقول عصام الباشا (‬40 عاماً) إن «روبنسون لم يكن يرد سوى أن يلعب بيسبول بفريق محترف، واستطاع على مدى الثلاث سنوات الأولى من حياته، الفوز والحفاظ على رباطة جأشه أمام كل الاساءات العنصرية، لكن هذا ادى باقتناع الفرق الأخرى بالإيمان به، بل والبحث عن لاعبين سود للانضمام الى فرقهم».

ويضيف «هدوء الأعصاب مطلب اساسي لتحقيق حلم صاحب الحق».

مشيراً الى أن «تحمل كل هذه الاهانات وعدم الرد عليها كان للوصول الى المبتغى، وقد وصل اللاعب الشهير إلى تحقيق حلمه، وغير نظرة الأميركيين البيض إلى الاميركيين من جذور إفريقية».

دور مؤثر

فورد هارسون الذي كبر في السن، استطاع أن يجسد دور «ريكي» مدير الفريق الذي اكتشف «روبنسون» ظهر بشكل محترف، مؤدياً دوره بشكل مبني على تاريخ هذه الشخصية المعروفة بنرجسيتها وعدم ظهور الابتسامة على وجهه، اضافة الى طريقة مضغه السجائر وقصده الكنيسة بانتظام، حتى انه لا يدرب فريقه يوم الأحد، ومع ذلك فقد كان لهذه الشخصية الدور الكبير في ضرورة اندماج الأعراق المختلفة تحت مسمى المواطن الأميركي.

تعبر سجى حسن (‬21 عاماً) عن إعجابها بدور هاريسون «كان مقنعاً، يمزج بين صاحب المصلحة الذي يفكر بنجاح فريقه بالوقت نفسه هو مؤمن ولديه حس انساني تجاه مجتمعه، حتى في قسوته على روبنسون حين أجبره على توقيع عقد في بند عدم الرد على أي اساءة، كان مدروساً، فقد اسس لشكل جديد في الحياة الاجتماعية في أميركا».

وبدوره، يقول بيرق اسماعيل (‬33 عاما) إن «الفيلم رائع ويلمس القلب ويمنح الأمل، في تاريخ رجلين اتحدا مصادفة لمحاربة التمييز بين البشر، هؤلاء وبالرغم من أنهما رياضيان، الا أنهما خلقا ثقافة يعيشها الفرد الأميركي الى اللحظة».

دور هاريسون، حسب مؤيد السهيل (‬38 عاماً) كان الأدق في توصيل الحالة وتوصيفها، موضحاً «كان ملتزما بالشكل والتاريخ السردي لشخصية مدير الفريق، ولم يخطئ، فقد اقنعني كمشاهد بدوره الفعال في تغيير الصورة النمطية، بالرغم من ابتسامته الماكرة وعنفوانه».

مشاهد متعبة

تألم مشاهدون من لقطات تظهر تعرض اللاعب روبنسون الى الاهانات المتتالية من الفريق الذي يلعب معه وفرق منافسة. ويسلط الفيلم الضوء على هذا اللاعب الذي تحمل الكثير من الاهانات العنصرية، من أجل تحقيق هدف لم يكن يحلم في تحقيقه، هدف ليس له علاقة بالأهداف التي تخطت الرقم القياسي في لعبة «البيسبول»، بل في هدف يؤمن له ولحبيبته التي اصبحت زوجته، وكذلك تغيير مستقبل الاميركيين من أصول إفريقية، نحو حياة افضل وأكثر انسانية وعدالة. لم تنكر سارة العتيبي (‬22 عاما) أنها بكت من مشاهد في الفيلم «نعم بكيت، فلم أتخيل القسوة التي يتعرض لها انسان بسبب لونه، لكنني فخورة بكون اللاعب روبنسون الذي تحمل الاهانات، استطاع ان يحقق جميع أهدافه الرياضية والانسانية».

في المقابل، يقول أبومحمد الهاملي (‬44 عاماً) إن «الفيلم يستحق المشاهدة، واصطحاب الأبناء اليه ايضاً، كي يعوا أن التحدي هو من أسس النجاح».

حقيقة

جاء روبنسون، مندفعاً ليتجاوز حاجز اللون، في ‬15 أبريل ‬1947، لاعباً هجومياً لفريق ضاحية بروكلين المتنوعة عرقياً لمدينة نيويورك، فأصبح رمزاً رائداً تجاوز عالم الرياضة، وخطا أول خطوة كبيرة عبر مسار طويل تجاه تحقيق مفهوم المساواة. شرح زميله في الفريق برانكا كيف جاء ليتفوق على مثلث ملعب البيسبول، وقال: «لقد قلت في أحيان كثيرة ان إنجازه غيّر لعبة البيسبول، لكنه غيّر أيضاً البلاد، وفي نهاية المطاف غيّر العالم، سهّل جاكي الأمر لروزا باركس، سهّل الأمر لمارتن لوثر كنغ، وسهل الأمر لأي زعيم أسود كان سيسعى لتحقيق المساواة العرقية. فقد غيّر إنجازه بالأساس موقف البلاد بكاملها من حيث النظرة إلى السود».

الأكثر مشاركة