التغيير.. عنوان أول لعروض «الإسماعـيلية للأفلام»
تعددت عناوين الأفلام المشاركة في الدورة الـ16 لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة التي تختتم اليوم، لكنها تناولت بأشكال متعددة الهموم الحياتية والسياسية والتوتر الذي يتنامى في المجتمع، في ظل توتر سياسي يخيم بشكل يومي على أجواء المهرجان وأجواء مدينة الإسماعيلية، التي خرج سكانها، أول من أمس، يطالبون وزير الثقافة المصري بالاستقالة.
هذا التوتر كان العنوان العام للأفلام المصرية المشاركة، التي ركزت موضوعاتها على ثورة الـ23 من يناير، وظاهرة الفرق الموسيقية الجديدة في مصر، المرتبطة أيضاً بشعار التغيير، بدءاً من فيلم «18 يوم» الذي شارك فيه 10 مخرجين مصريين لـ10 أفلام متتالية، مروراً بفيلم «الكترو شعبي» الذي عرض في الهواء الطلق، وهو للمخرجة هند مضب، و«اسكندريلا»، و«غني حرية»، و«25/25» لأحمد مدحت، وليس انتهاء بفيلم «فردي» لكريم الشناوي، وهو من بطولة خالد نبوي، و«الفيلم الكرتوني «سكيتشاتي بتاكلني» للمخرجة نور أبيض.
ألم وأمل
4 أفلام موسيقية يُخصص مهرجان الإسماعيلية للافلام التسجيلية والقصيرة، في دورته الـ61 قسماً، خاصاً للأفلام الوثائقية التي تتناول الموسيقى والموسيقيين، وتشارك في هذا القسم أربعة أفلام من مصر والجزائر والسويد وبريطانيا. وكان فريق «مسار إجباري» أطلق أخيراً ألبومه الأول بعنوان «إقرأ الخبر»، وهو من إنتاج شركة فيلم كلينك، بالتعاون مع الفريق، ومن توزيع شركة بيراميديا للإنتاج والتوزيع، واحتل الألبوم قائمة الألبومات الأعلى مبيعاً في فيرجن ميغا ستور بمصر. ويضم الألبوم 10 أغنيات للفريق، هي: ماتخفش، الليل، المرور، حاوي، أدف، شتا، إجباري المسار، أنا موجود، إقرأ الخبر، وأدف ريميكس. وشارك الفريق الغنائي في العديد من المهرجانات الدولية، منها مهرجانات في مالطا، وإيطاليا، وتركيا، ومقدونيا، واسكتلندا، وألمانيا، وهولندا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وتنزانيا، كما شارك في مهرجانات عربية في الإمارات والكويت. وفي أبريل 2011 تم تكريم الفريق بمقر مؤسسة اليونيسكو بباريس، وحصل الفريق على لقب «فنان الحوار العابر للثقافات بين العالمين العربي والغربي». والفريق الغنائي تأسس عام 2005، واختار أعضاؤه هذا الاسم الساخر تعبيراً عن اعتراضهم على القيود التي يفرضها المجتمع لمحاولة تنميط أسلوب الحياة، وهم يقدمون الكلمات التي تعبر عن المجتمع والتراث الغنائي المصري عبر موسيقى الروك. ومن أهم أغنياتهم «سلام عليكم» التي يبدأ بها الفريق حفلاته عادة، وأغنية «الشهيد»، وأغنية «طعم البيوت». ويتكون فريق «مسار إجباري» من هاني الدقاق مغنياً رئيساً للفريق وعازف غيتار، وأيمن مسعود عازف كيبورد وبيانو، ومحمود صيام عازف غيتار، وأحمد حافظ عازف بيز، وتامر عطا الله (الشهير بتوسي) عازف درامز.
|
الأفلام السورية المشاركة في المهرجان تدور حول القهر والظلم والموت الذي حدث ولايزال يحدث في سورية، التي هب شعبها ثائراً ضد الاستبداد، مثل الفيلم الكرتوني القصير «راندا»، للمخرج السوري المقيم في فرنسا داني أبو لوح، الذي تحدث فيه عن فتاة اسمها «راندا»، تحكي قصتها عبر تشكيلات من صلصال. هي ابنه الجولان المحتل، التي درست الجامعة في دمشق، وعادت لتعمل، رافضة الجواز الإسرائيلي، لتنتقل إلى رام الله للعمل هناك.
تعيد «راندا» اكتشاف ذاتها خلال الثورة التي انطلقت في سورية منذ عامين، معززة انتماءها بشكل أعمق، ويكبر الأمل رغم الألم، وهي تحلم بالعودة إلى وطنها سورية بعد زوال حكم الطاغية.
أما الفيلم التسجيلي الطويل الذي عرض في دبي في الدورة الماضية «حكايات حقيقية عن الحب والحياة وأحيانا الثورة»، للمخرج نضال حسن، فلم يبتعد هو الآخر عن الحدث السوري من خلال محاولة جمع قصص لامرأة كانت غائبة، عادت إلى دمشق في 16 من مارس 2011، أي وقت اندلاع الثورة السورية، لتروي حكاياتها المتسلسلة لعنوان الفيلم.
وتتواصل الحكاية في تونس من خلال فيلم وليد الطايع «وقائع مواطن عادي»، وهو فيلم تسجيلي قصير، عبارة عن أسئلة يوجهها المخرج إلى نفسه، تتضمن الحديث عن حياته ودولته والثورة والاحباط وأحياناً الفرح.
قصص وطن
الموضوع الفلسطيني كان حاضراً بقوة في أفلام مشاركة عدة في مهرجان الإسماعيلية للأفلام، لكن المأساة تجلت فيه في فيلم اليان راهب «ليال بلا نوم»، الذي كان اعترافاً للرجل الثاني في جهاز الاستخبارات اللبنانية في ميليشيا القوات اللبنانية (أسعد شفتري)، الذي يحاول أن يتطهر من ماضيه من خلال الاعتراف بالجرائم التي ارتكبها بحق الفلسطينيين والمسلمين في لبنان، إضافة إلى وجود شخصية الفيلم الرئيسة المجابهة لشخصية الشفتري (مريم سعيدي)، التي فقد ابنها في الحرب الاهلية، وتحديداً في مجزرة كلية الزراعة، التي تحاول معرفة قبر ابنها من خلال اعترافات الشفتري.
أما المخرج الفلسطيني المقيم في الإمارات مهدي فليفل ينقل صورة المأساة في فيلم «عالم ليس لنا» من خلال فيلم وثائقي مبني على الكوميديا الموجعة لثلاثة أجيال من اللاجئين في مخيم عين الحلوة في لبنان، ليأتي فيلم «غزة 36 ملم»، إخراج خليل المزين، وهو فيلم تسجيلي قصير، يلغي فيه فكرة الحياة مقابل تفوق الموت بكل أشكاله.
كما يتناول فيلم «بناية الأمة» للمخرجة الفلسطينية المقيمة في نيويورك لاريسا سانسور جوانب من حياة الشعب الفلسطيني، وهو فيلم يعتمد على الغرافيك، وممثلين حقيقيين، وموسيقى من التراث الشعبي الفلسطيني، من دون حوار وسيناريو، فكل مدينة فلسطينية لها طابق في بناية، من القدس إلى بيت لحم ورام الله و غيرها.
الفكرة مبنية على الوطن في الذاكرة، وكيف يبنيه شعبه ويروي شجره. الفيلم يصور بناية جميلة ونظيفة، لكنها في الحقيقة، ومن خلال النوافذ يدرك المشاهد انه ذهب بعيداً، فالوطن موجود دون طوابق وعلى مد البصر.
فيلم «فردي»
تدور أحداث فيلم «فردي»، للمخرج كريم الشناوي، حول موضوع الأقباط المتمثل بشخصية رجل في منتصف العمر، يشعر بالوحدة والعزلة، ويقرر الصمت لمجرد أنه قبطي. ورأى نقاد سينمائيون أن الفيلم أقحم شخصية القبطي، لأن القصة من الممكن أن تحدث مع أي إنسان، فالاضطهاد لا هوية له ولا دين.
الفيلم مأخوذ عن المجموعة القصصية «ضهر الفرس»، للكاتب هيثم دبور، الذي كتب السيناريو مع المخرج، وهو التجربة الأولى للمخرج في أول تجاربه الروائية القصيرة، بعد سلسلة من الأفلام التسجيلية، حصد عنها عدداً كبيراً من الجوائز.
الفيلم بطولة خالد النبوي، ويعد ثاني فيلم روائي قصير يشارك في بطولته، بعد تجربة مع يوسف شاهين، كما يشارك في الفيلم سيد رجب وخالد بهجت.
الفيلم الذي بدأ تصويره في 2012 واستغرق أكثر من أربعة أشهر تحضيراً، هو إنتاج بريطانى مصري، وسبق عرضه في «بافتا/ الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون». ويقول «الشناوى»: «سعيد بعرض الفيلم في مصر في هذا التوقيت، لأنه يناقش قضية قلما اهتمت بها السينما، وسعيد أكثر بمشاركة الفنان خالد النبوي في الفيلم، حيث أضفى أداؤه تميزاً ملحوظاً، وأتوقع أن تشهد ندوة الفيلم بالمهرجان حالة واسعة من النقاش».
حفل
حضرت فرقة «مسار اجباري» المصرية إلى فندق «ميركور» الذي ينزل فيه ضيوف المهرجان، لاحياء حفلة خاصة حضرها النزلاء وعدد من سكان الإسماعيلية، ما أضفى جواً من الفرح والمرح على أجواء المهرجان التي كان يخيم عليها التوتر، مع أغان زادت من حماس الحضور الذين رددوا شعارات الثورة، مثل «ارحل» و«الشعب يريد».
وتأتي هذه الحفلة، حسب رئيس المهرجان كمال عبدالعزيز «انعكاساً لإسهامات الفريق في السينما المستقلة والأفلام الوثائقية»، حيث شارك فريق «مسار إجباري» في أفلام عدة، منها فيلم «حاوي» للمخرج إبراهيم البطوط، وهو الفيلم الذي يحتوي على أشهر أغنيات الفريق «حاوي»، إضافة إلى فيلم «ميكروفون»، الذي أخرجه أحمد عبدالله، وبعض الأفلام الوثائقية.