فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية ويعرض في الصالات المحلية
«عَدّاء».. عندما تصير الحياة يأسـاً ومقامرة
«كل من يخاطر بشيء في حياته هو مقامر».. جملة من بين الكثير من الجمل التي تبدأ بها أحداث الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية «عداء عداء» (رنر رنر)، وهو من اخراج براد فورمان وبطولة بن أفليك وجاستن تيمبرلك وجيما ارتيرتون.
مفهوم المقامرة الذي أخذ بعداً تجاوز طاولة «البوكر» ووصل الى أن يكون في مواقع الكترونية تعمل على إغراء الطلبة بشكل خاص لدخول هذا العالم، إضافة إلى مفهوم السرعة في كل شيء حتى في ما يتعلق بالحصول على الأموال من دون جهد، والتي تندرج جميعها تحت حالة اليأس التي عانى منها كثيرون بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط علي هذا الرابط. |
يتناولها الفيلم من خلال (ريتشي) وهو طالب جامعي مجتهد، يحضر رسالة الماجستير في التسويق في جامعة (وينستون)، لكن ظروفه المالية الصعب المرتبطة بفرصة العمل التي ذهبت منه بعد أن كاد يصبح موظفاً في «وول ستريت»، التي أقالت العديد من موظفيها بعد الأزمة المالية، جعلته يفكر في طريقة لكسب المال لدفع أقساط الجامعة، فيجد أن الطريقة الأسهل هي إدخال الطلاب الى عالم المقامرة عبر البوابات الإلكترونية وأخذ نسبة ربح منهم. هو في الأساس ضليع في هذا العالم، كونه ابن مقامر خسر كل ما يملك على طاولة البوكر.
الثلث الأول من الفيلم يدور حول تعريف المشاهد بشخصية (ريتشي) الذي يؤدي دوره الفنان جاستن تيمبرليك، فهو الذكي والمتذاكي حتى على استاذه الذي يلجأ إليه ليعيد له المال الذي صرفه على القمار، إلا أن (ريتشي) لا يعيره أي اهتمام ولا يشفق عليه، إلا أن عائلة الأستاذ تنتظر هذه النقود لقضاء رحلة.
لا يبتسم أبداً، ولا يساوم على حقه ولا يتنازل عنه، فهو يريد من كل هذا أن يكمل دراسته مهما كانت السبل، مقنعاً نفسه بأنه لا يحتال على زملائه، فهو يعرفهم على مواقع نزيهة للعب القمار ولا تسرق الأموال، وهنا تبدأ حبكة الفيلم في الظهور، فبعد شكوى رسمية من قبل والد لأحد الطلاب الذين وقعوا ضحية هذه المواقع، والذي كشف عن اسم (ريتشي) كمروج لهذه المقامرة، يستدعيه رئيس قسمه المباشر، ويواجهه ويهدده بفصله اذا ما استمر في عمله، وهذا من شأنه خلق الخوف، فهو لا يريد سوى إكمال دراسته، فيقرر ولأول مرة أن يجرب حظه في المقامرة الالكترونية، ويقول «اذا اردت المجـــازفة ادفــــع كل ما تملـك»، وحينهــا كــان في رصيــــده 17 ألف دولار، وقـــــــــرر المقامـــــــــرة بالمبــــلغ كـــلـــه.
تبدأ الحكاية الشخصية مع (ريتشي) و(إيفان بلوك) الذي يؤدي دوره بن أفليك، وهو العقل المدبر لتأسيس امبراطورية المقامرة عبر الإنترنت، والذي يعيش في كوستاريكا، لأنه - بعد مشاهد عدة - يتضح أنه لا يستطيع العودة لأميركا بسبب وجود لائحة اتهامات طويلة بانتظاره.
يكتشف (ريتشي) أثناء مقامرته الأولى مع أشهر المواقع في هذا المجال، أن خصمه سهل جداً، ويقوم بزيادة المبلغ ويكسب 50 ألف دولار، فيضاعف المبلغ، مع تأكيد منه أن خصمه حديث ولا يعي أصول اللعبة، وفجأة دون مقدمات يخسر (ريتشي) كل شيء وكل ما يملك من رصيد، فيصاب بالصدمة التي تجعله يبحث عن أساس هذا الموقع ومن خلفه، فيعلم أن صاحبه أميركي يعيش في كوستاريكا ويقرر الذهاب اليه. «الألم الأكبر ليس في الخسارة بل في الخداع»، هكذا يقول كراو للأحداث التي ستأتي لاحقاً.
في هذه الأثناء تنتقل الكاميرا الى كوستاريكا وتحديداً الى (ايفان بلوك)، وهو يستجم مع أصدقائه ويهذي بشوقه إلى وطنه، مع أن كل شيء متاح له، فيهزأ الأصدقاء به فيقول لهم «لا شيء يضاهي الحنين الذي اشعر به». وهنا ينتقل المتفرج إلى عالم (ايفان بلوك) المليء بالمقامرات والرشى، هو الأجنبي الذي يعيش ويعيث فساداً على أرض غيره، هكذا ينظر إليه الكوستاريكيون الشرفاء على الأقل، لكن بسلطة المال استطاع أن يشتري نواباً ووزراء ورجال أمن وحتى قضاة. لا تهمة تقف أمامه بسبب ماله وقدرته على تغيير النفس برزمة منه.
يصل (ريتشي) الى كوستاريكا في موعد المؤتمر العالمي للقمار، الذي يشارك فيه محترفو هذه اللعبة، ولأنه ذكي ولماح يستطيع من خلال مراقبته لحفل افتتاح المؤتمر أن يتقرب من فتاة اسمها (ريبيكا)، وتؤدي دورها جيما ارتيرتون، بعد ان يدرك أنها قريبة من عالم (ايفان بلوك)، فيقررالتقدم اليها وطلب مساعدة بعد محاولات استمالة عاطفية بأن توفر له تذكرة لدخول الحفلة الخاصة بالمقامرين، والتي سيكون على رأسها (ايفان بلوك)، فيحصل على التذكرة.
تبدأ المواجهة بين طرف يمثله (ريتشي) المؤمن ايماناً قطعياً بأن الخديعة التي تعرض لها ليس لها علاقة بعملية نصب واحتيال بل بخلل تقني، والطرف الثاني (ايفان بلوك) الذي يظهر كطيب ومتفاجئ بالمعلومات التي قدمها (ريتشي) ويعده بمتابعة الموضوع، لكن عملياً هو يريد الانتقام منه لإحراجه أمام كبار المقامرين وكشف هذه العملية أمامهم.
يستدعي (ايفان بلوك) (ريتشي) في اليوم التالي ويعرض عليه العمل، واعداً اياه بأرباح تصل الى مليون دولار في السنة الأولى، وله حرية التصرف وتوظيف من يشاء.
يقبل (ريتشي) العرض وتبدأ عملية المقامرة على الحياة بتخطيط مع سبـــق الإصرار والترصد من قبل (ايفان بلوك) وعدم إدراك ذلك من قبل (ريتشي) الواثق تماماً به، معتبراً اياها انموذجاً في عالم النجاح، وبين طلبات غير منطقية من قبل إمبراطور القمار، وحوارات مليئة بالوعظ، تنتاب الريبة والشك قلب (ريتشي)، خصوصاً بعد خطفه من قبل «إف بي آي» وطلب التعاون معهم لإسقاط (ايفان بلوك)، خصوصاً أنهم غير قادرين على فعل ذلك، لأن هذا خارج حدود وطنهم.
فيرتاب ويحكي كل ما جرى معه لايفان بلوك، الذي يهدئ من روعه عبر حكايات عن بطولاته وعن اقناعه بأن الشرطة الأميركة تغار منه، لأنه يحصل على مال لا يستطيعون الحصول عليه، ويصدقه (ريتشي).
ريبيكا يعود لها الدور الأكبر مرة أخرى بعد أن تتطور علاقتها مع (ريتشي)، فتقرر الوقوف الى جانبه، خصوصاً بعد أن تكشف الخيوط من قبله ومن قبل أصدقائه الذين وظفهم معه أن ثمة مقامرة إلكترونية تمارس على المراهقين اليائسين من الحياة ومن قلة النقود، يستثمرها (ايفان بلوك) ليزيد من مدخراته التي يتاجر بها في صفاقات عالمية لغسيل الأموال، فيقرر (ريتشي) أن يلعب اللعبة، حسب ما تعلمه منه، فيقوم بتقديم الرشوة الى كل عميل يكن العداء لـ(ايفان بلوك)، كي يضمن وقوفه الى جانبه وقت المواجهة، وينجح في ذلك مع معلومة تقدمها ريبيكا بأن (ايفان بلوك) قرر الهرب من كوستاريكا وتحميل كل المصائب والاختلاسات على كاهل (ريتشي). في هذه الأثناء يقوم (ايفان بلوك) باستقدام والد ريتشي وسداد ديونه كلها، مقابل استمرار (ريتشي) معه، لكن ريتشي فعلاً صار ينسق مع «إف بي آي» لعملية الايقاع التي وصفت بالكبيرة.
أحداث متسارعة تمر أمام المشاهد كسرعة لهيث (ريتشي) الذي يعمل وينسق مع جميع الأطراف في فترة وجيزة لا يجب أن تتجاوز الأسبوع، الى أن يصل الى قائد الطائرة الخاصة التي ستقل (ايفان بلوك) من كوستاريكا، ويقوم برشوته هو الآخر، فالفساد لا هوية له ولا انتماء، ما دامت لغته المال فقط، في هذا الوقت يطير (ايفان بلوك) ومعه (ريبيكا) خارج حدود كوستاريكا، مجرياً مكالمة مع (ريتشي)، مؤكداً له أنه معجب بذكائه لكنه لا يقبل أن يعرض لاتهام وقح، حسب تعبيره، أمام أقرانه من المقامرين، وأن أي شيء سيتعرض له (ريتشي) هو عقاب على محاولته اللعب مع الكبار.
«الكبار».. هذا الوصف أكثر من كلمة أرادت أحداث الفيلم أن تلفت نظر المشاهد إليها في أكثر من موقع حواري بين الطرفين.
تصل الطائرة ويترجل (ايفان بلوك) منها مستنشقاً هواء التغيير الذي يريد له أن يكون في مدينة تقع تحت يده مرة أخرى، ليجـــد أمـامه (ريتشـي) يقف، فيصاب بالصدمة، متفائلاً بتهديده مـــرة أخــــرى أنه لا يعي أن هذه المنطقة تقع تحت نفوذه ايضاً، ليطلب (ريتشي) منه التدقيق في المكان ليجد أمامه العلم الأميركي شــاخصاً أمامه، فيوقن أنه وقع في الفخ مع وصول عناصر من أجهــــزة «إف بي آي» واعتقاله، وقبل الاعتقال يقترب (ريتشي) منه ويقول «من الواضح أنك تتكلم كثيراً لكنك لا تسمع ما تقول، على عكسي فقد كنت مستمعاً جيداً حتى إنني طبقت كل نصائحك عليك».
وينتهي الفيلم بدخــــول (ريتشي) الطائرة الخاصـــة مــــع ريبيكا مستغلاً انشغال الشــــرطـــة بظـــروف الاعتقال، ويهـــرب، لتصـــل رســــالة إلى المشاهد «أن ريتـــشي هــو إمبراطور مواقع القمار الجديد».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news