«فيغاس».. كل هؤلاء النجوم أمام الكاميرا
«نحن لا نتوقف عن اللعب لأننا نكبر، بل نكبر لأننا توقفنا عن اللعب».. هذا ما قاله يوماً الكاتب الأيرلندي الراحل برنارد شو، وهو ينطبق بشكل ما على أحداث فيلم «لاست فيغاس» للمخرج جون تيرتلتوب، والذي انتهى عرضه أخيراً في دور السينما المحلية.
هناك كثير يطغى على طريقة الاخراج، فوجود مايكل دوغلاس وروبرت دي نيرو ومورغان فريمان وكيفن كلاين وماري ستينبورجين، يجعل من مشاهدة الفيلم توقاً لمعرفة كيف لكل هؤلاء أن يجتمعوا أمام كاميرا واحدة، لأن المشاهد يشعر في وجود سيناريو خيالي بأن هؤلاء النجوم كانوا يجلسون يوماً في مقهى، وقرروا معاً أن يشاركوا في الفيلم كنوع من التسلية، وهذا ما يلمس فعلاً من أحداث الفيلم.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط, |
خطأ تاريخي
فبين بيلي الثري المعتز بعزوبيته، وبادي المخلص لوفاة زوجته، وسام الذي يبحث عن جديد ليعود قادراً على الضحك، وأركي الذي يتحدى المرض، ثمة ماضٍ يجمع بينهم، إذ يبدأ المشهد الأول بالتعرف إلى تلك الشخصيات من خلال لقطات لمجموعة من الصبية كان لهم صيتهم في مرحلة الخمسينات، وبقيت صداقتهم مستمرة حتى عندما اقتربوا من السبعين من العمر، في أحداث أقرب إلى المثالية في نقل صورة مجتمع أميركي معروف تاريخه، خصوصاً تجاه أصحاب البشرة السوداء، فلا يمكن تصديق أن شخصاً ببشرة مختلفة كان صديقاً لثلاثة من البيض في مرحلة الخمسينات، فوقتها كانت أميركا تعقّم المسابح اذا ما وقع طفل أسود فيها. وبعيداً عن التدقيق في صلاحية اللقطات تاريخياً، فأنت أمام فيلم خفيف الظل يحاول أن ينقل صورة مشرقة لشكل العلاقات الاجتماعية في المجتمع الأميركي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يريد تأكيد أن الفرح واللعب لا يقترنان بصغار السن، لأن العمر الفتي يكون مقيداً عادة بالعمل والتزامات الحياة والانتظار على الرغم من جماليته، بمعنى أننا قد لا نكون أحراراً إلا عندما نتقاعد.
مواجهة العمر
بعد الانتقال بالمشاهد من فترة الصبا والمراهقة، يجد نفسه أمام أربعة رجال في أواخر الستينات، تعرفه الكاميرا إليهم من خلال لقطات بسيطة، إلى أن يتصل بيلي (العازب الثري بينهم)، لينقل لهم خبر زواجه من فتاة في الثلاثين من عمرها، وهذا القرار جاء عندما كان يقوم بتأبين صديق، وقرر ألا يموت وحده؛ فطلب الزواج من عشيقته وقت الجنازة، في هذا الوقت يصل للمشاهد أن علاقة بيلي مع بادي ليست على ما يرام، لتظهر أسبابها خلال الأحداث، لكن قبل ذلك يقرر الأصدقاء الاجتماع في «لاس فيغاس» لإقامة حفل عزوبية لصديقهم بيلي، ومن هنا جاء عنوان الفيلم من هذه المدينة الصاخبة المملوءة بالمرح والضحك، مع تعنت بادي في البداية ورضوخه أخيراً.
شقاوة
في شقاوة صبيانية يكذب آركي على ابنه كي يهرب من اهتمامه به، وكمية الأدوية التي يتعاطاها، لأنه تعرض سابقاً لسكتة قلبية، ويترك له رسالة بأنه ذاهب إلى معبد، في حين تترك زوجة سام رسالة بين يديه يقرأها أمامها بأن «ما يحدث في لاس فيغاس يبقى في لاس فيغاس»، وكأنها تدفعه لخيانتها كي يعود فقط إليها محملاً بالجديد، وقادراً على الضحك مثل السابق. أما بادي، فيودع صور زوجته المتوفاة، ويخضع لرغبة الأصدقاء، على الرغم من خلافه مع بيلي، فقصة الخلاف أنهما أحبا الفتاة نفسها يوماً والتي أصبحت زوجة بادي، وعند وفاتها لم يأتِ بيلي لتأبينها كما وعد.
لقاء الأصدقاء
يلتقي الأصدقاء، أخيراً، في «لاس فيغاس» مع وجود التوتر الذي يلازم بادي، إلا أن سام وآركي يحتويان كل الخلافات، وتبدأ رحلتهم التي يريدون منها معرفة مدى قدرتهم على المرح واللعب مرة أخرى، يبدأونها بالتعليق على شعر بيلي وتصابيه وما إلى هناك، الضحكات لا تفارقهم رغم غضب بادي، إلى أن يجمعهم وبدفة واحدة صوت آتٍ من مكان ما في الفندق الذي من المفترض أن يقيموا فيه، يتوافدون إلى الصوت العذب من حنجرة «ديانا» التي تقاعدت من مهنة المحاماة، وقررت الغناء، شرارة إعجاب واضحة تظهر على وجه كل من العريس المفترض بيلي وغريمه بادي، وكأن ذوقهما واحد في الحب، هذا الصوت يغير الكثير من المجريات، ويضع بيلي في موقف المواجهة مع حقيقة ما يجري من حوله، فهو وبعد أن انتقل الأصدقاء للإقامة في فندق آخر، وربحوا أفخم جناح فيه، نتيجة فوز آركي في لعبة القمار، يقف أمامها ليعلن أنه محتار في قرار زواجه، في الوقت الذي ينتزع بادي خاتم زواج لأنه قرر إبداء إعجابه بديانا هو الآخر، وهذا المشهد هو الذي سيكشف لاحقاً حقيقة الرابط بين بادي وبيلي، خصوصاً أن ديانا معجبة ببيلي وليس بادي، وكل هذا يتزامن مع تحضير كامل وشامل لحفل وداع العزوبية التي دُعي لها كل من يعيش في لاس فيغاس تقريباً من كل الفئات والأجناس.
حفل الحقيقة
يبدأ الحفل ويحقق كل منهم غايته تقريباً، فآركي رقص رقصته التي كان يشتهر بها بنجاح دون أذى، وسام استطاع أن يغوي فتاة صغيرة لتكون السبب في تغيير مجرى حياته، أما بادي وبيلي فيتواجهان مرة أخرى بعد ان استرق بادي السمع إلى بيلي وهو يقنع ديانا بأن تذهب مع بادي وتتركه، فتقول له إنها لن تسمح بتكرار التجربة، فهو تخلى عن حبيبته صوفيا، وجعلها تتزوج بادي انتقاماً من رفضه، هنا يسمع بادي كل شيء، فيذهب إلى بيلي ويقرر إنقاذه من زواج فاشل بفتاة صغيرة وتشجيعه على اختيار ديانا، لأنه سبب حياته السعيدة مع صوفيا التي تخلى عنها، ويفي بادي بوعده، ويقنع العروس الشابة بأن تتحمل فكرة إلغاء الزواج، وتمضي في حياتها.
الأمل
الفيلم مملوء بالمشاهد المضحكة، خصوصاً شخصية آركي، وبعد إلغاء الزفاف يعود كل واحد من الأربعة إلى دياره، لكنهم يقررون فتح زجاجة المشروب التي سرقوها يوماً وهم صغار، وبعد 58 يوماً على مضي كل هذه الأحداث يتلقى الأربعة مرة أخرى مكالمة من بيلي يخبرهم بأنه سيتزوج ديانا، مع مشهد نهائي يصف حالهم، فبادي فتح قلبه مرة أخرى للحب، وسام استطاع أن يجدد حبه لزوجته، وآركي أقنع ابنه بأنه لا يريد وصاية على أدويته، ويريد أن يعتني بحفيدته، وبيلي يتزوج ديانا المماثلة له بالعمر.