«دبي السينمائي».. «عمر» ينجح في رهــان الافتتاح

لم يكن أكثر المتفائلين بافتتاح مهرجان دبي السينمائي الدولي بفيلم فلسطيني، يأمل في نتيجة، مثل تلك التي انتهى إليها عرض فيلم «عمر»، مساء أول من أمس، في مدينة جميرا بدبي، التي تحولت إلى بقعة اهتمام كبرى لوسائل إعلام عربية ومحلية، سعت لرصد تفاصيل الحدث الذي شهد مرور العشرات من مشاهير الفن السابع على سجادة المهرجان الحمراء.

مرحباً بكم

تكررت عبارة الترحيب بضيوف المهرجان في دبي على شاشة المهرجان، قبيل عرض فيلم الافتتاح، من قبل ثلاث شخصيات يمثلون جهات رسمية راعية للحدث، هم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة سعيد النابودة، والأمين العام لجائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي علي بن ثالث، ومدير مدينة دبي للاستوديوهات جمال الشريف.

تعدد الرسائل من مؤسسات رسمية مختلفة، جاء بمثابة مؤشر أن «دبي السينمائي» أضحى شراكة ورهاناً للعديد من القطاعات، وليس فقط لقطاع السينما، بل إن مؤسسات إعلامية أخرى غير إماراتية، شاركت في دعم الحدث الذي تدعمه أيضاً مؤسسة دبي للإعلام.

أجمل لقطة

رشح رئيس المهرجان عبدالحميد جمعة، لقطات التكريم لمن هم خلف الكاميرا، لتكون اللقطة الأجمل، في ليلة المهرجان الأولى، وقال لـ«الإمارات اليوم»: «أحدهم يواصل العطاء عمراً بكامل عقوده، دون أن ينتظر التكريم، فما أجمل أن نفاجئ هؤلاء بكلمة شكراً».

ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» قال جمعة إن كثيراً من الغائبين عن منصة تكريم المهرجان هذا العام، يستحقون التكريم، لكننا التزمنا في هذه الدورة تحديداً بتكريم من تكرر حضوره في قائمة الأفلام الأكثر اهمية في تاريخ السينما العربية، وفق نتائج الاستفتاء.

وتابع «أتمنى من الفنانة سميرة احمد أن تتفهم هذا المقياس، الذي لا دخل للمهرجان في سياقه، لاسيما أنها بإسهاماتها وإبداعها الذي يفرض نفسه، تستحق التكريم في سياق منفرد، اسوة باختيار كل من فاتن حمامة وعمر الشريف، لجائزة انجازات العمر، في دورتين سابقتين للمهرجان، وهو امر ينطبق ايضاً على الفنان القدير حسن يوسف».

«دبي السينمائي 2020»

ربط الفنان أحمد الجسمي بين فوز الإمارات بتنظيم «إكسبو 2020»، ومهرجان دبي السينمائي، مضيفاً: «أتوقع أن يكون دبي السينمائي، في 2020، مفتتحاً بفيلم، إماراتي، وربما قبل ذلك بكثير».

وأضاف «أحيي اختيار المهرجان لفيلم (عمر) ليكون باكورة عروض أفلامه، ونأمل في وجود الفيلم الخليجي في هذا الموقع، قريباً».

وأعرب الجسمي عن تفهمه للاخيارات الفنية للمهرجان، مضيفاً: «في سياق المهرجانات الدولية لا سبيل لمجاملة عمل لاعتبارات بعيدة عن السياق الفني»، مضيفاً «قد تطغى قضية ما على الجانب الفني، ولكن سيكون هذا في إطار إيجابي إيضاً، كما هي الحال في (دبي السينمائي) المعروف عنه التزامه ووعيه وارتباطه بالقضايا الحقيقية والعادلة»

وأعرب سينمائيون وممثلون عرب وخليجيون لـ«الإمارات اليوم» عن تقديرهم للفتة التي يرسلها المهرجان باختياره فيلم «عمر» مفتتحاً لقائمة عروضه، رغم بعض الاستدراكات الفنية على الفيلم، مشيرين إلى نجاح مخرجه في نقل «الحالة الفلسطينية» إلى شاشة العرض، ورمزية الاختيار في التأكيد على دوام صدارة «القضية» في قائمة أولويات الاهتمام العربي.

في المقابل، فوجئ ممثلون ومصورون ومخرجون بورود أسمائهم ضمن قائمة الـ10 المكرمين، من قبل إدارة المهرجان، بسبب انجازاتهم في أفلام، كشف استفتاء موسع، انها أهم 100 فيلم عربي، على الإطلاق، ليتم استدعاؤهم إلى منصة التكريم لتسلّم الدروع التكريمية، من سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، يرافقه، كل من رئيس المهرجان عبدالحميد جمعة، والمدير الفني للمهرجان مسعود أمرالله.

ومع حضور اسماء وغياب أخرى عن المنصة، رصدت «الإمارات اليوم» شعوراً سلبياً لبعض الغائبين، عنها، مثل الفنانين المصريين القديرين حسن يوسف، وسميرة أحمد التي لم تستطع إخفاء تلك المشاعر، رغم حضور الابتسامة التي يعرفها عنها الجمهور، أو المحيطون بها عن قرب.

ووسط تصفيق متواصل صعدت 10 شخصيات سينمائية لتسلّم دروع التكريم، وهي المفاجأة التي طالما ألمح لها عبدالحميد جمعة، دون ان يصرح بها في مقابلاته مع «الإمارات اليوم»، حيث ضمت قائمة المكرمين كلاً من الممثل المصري عزت العلايلي والمصرية مفيدة التلاتلي التي تعمل في مونتاج الأفلام، والممثلة اللبنانية كارمن لبس، والمخرج السوري محمد ملص، والمخرج المصري محمد خان، والممثل المصري أحمد بدير، ومدير التصوير المصري د. رمسيس مرزوق، ومدير التصوير طارق التلمساني، والممثلة يسرا، والمخرج الكويتي خالد الصديق.

وجاء الاستحواذ المصري على قائمة المكرمين، منسجماً مع عراقة تلك السينما وريادتها عربياً، بعد ان احتفلت منذ سنوات، بمرور قرن كامل على بداياتها، قبل أن يأتي دور الفائزين بجائزة انجازات العمر، التي ذهبت أيضاً للناقد المصري سمير فريد، والممثل الأميريكي مارتن شين.

وتابع جمهور غفير اكتظت به شاشة عرض مسرح مدينة جميرا، فيلم الافتتاح، بعد كلمات لمخرجه اشار فيها إلى اعتزازه الشديد باختيار الفيلم لهذه المناسبة المهمة، منوهاً بتقديره لصناعة السينما المصرية العريقة، بعد ان استدعى اسماء بعض أفلامها الخالدة، ليطلب من الممثلين الذين كانوا ضمن الحضور، الوقوف، للتعريف بهم.

وتطرق الفيلم الذي قام ببطولته كل من آدم بكري، وإياد حوراني، ووليد زعيتر، إلى معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي، والقيود التي تفرض على ابسط الحريات الإنسانية في الأرض المحتلة، سواء بسبب جدار الفصل العنصري الذي اقامه مغتصبو الأرض، أو غير ذلك من الأساليب التي تجرم فعل المقاومة، وتسعى إلى اغتيال القائمين بها وتصفيتهم.

ومن خلال تتبع خيوط العلاقة بين أصدقاء ثلاثة، يربطهم رباط مقاومة العدو الإسرائيلي، تنسج خيوط «عمر»، الذي يجسد دوره الممثل آدم بكري، فيما يتوازى مع ذلك قصة حب طرفها شقيقة زميله، لا تسلم هي الأخرى من مؤامرات المحتل، ليتحول الحب إلى شك وتصورات بخيانة، لا وجود لها إلا في رأس مدبريها، وما بين مقاومة وحب واعتقال، وافتقاد، يرصد هاني أبوأسعد، معاناة «عمر»، التي هي في الأساس معاناة شعب يرزح تحت نير احتلال، لا يعترف بأبسط مقومات حقوق الإنسان.

وبغض النظر عن الرصاصة التي أطلقها عمر لتسكن في قلب سجانه، في نهاية العمل، وما يصاحبها من دغدغة مشاعر جمهور يبحث عن الانتصار لبطله، فإن تصفيقاً دوى من مختلف أنحاء صالة العرض، كان بمثابة تصويت تلقائي، على أن دهشة المفاجأة بافتتاح السنة العاشرة لدبي السينمائي، بفيلم «عمر» الفلسطيني، كانت إيجابية، ولفتة ذات مغزى تنتصر للفيلم العربي، تماماً كما انتصر «عمر» لنفسه، ولقضية وطنه، في أحداث الفيلم، وهو انتصار يأتي بالنسبة لدبي السينمائي في توقيت شديد الأهمية، سواء في عمر المهرجان، أو مسيرة السينما العربية عموماً.

محمد سعد: «عمر» تحدث بلساني المصري

وصف الفنان المصري محمد سعد فيلم الافتتاح الفلسطيني «عمر» بأنه مصري، مضيفاً: «رغم اختلاف اللهجة إلا أنني شعرت بأن (عمر) يتحدث بلساني المصري، وأعتقد ان كل عربي رآه كذلك، لأننا لا نختلف على (القضية الفلسطينية)، حتى إن اختلفنا في سياقات اخرى». سعد كان بمثابة حالة خاصة في المهرجان خصوصاً على السجادة الحمراء، التي لم يتخل فيها عن خفة ظله المعروف بها في أفلامه.

جاسم: المصريون لا يعرفوننا

عبدالعزيز جاسم.أرشيفية

قال الفنان القطري عبدالعزيز جاسم إنه يعتبر «دبي السينمائي» ليس جسراً للثقافات المختلفة فقط، بل جسراً للقاء الفنانين العرب أنفسهم، وإن أخذ على الفنانين المصريين تقوقعهم، مضيفاً: «نحن نعرف معظم الفنانين المصريين بحكم نجوميتهم الواسعة، والعكس غير صحيح لأن أعمالنا لا تعرض على الشاشات المصرية».

جاسم قال إن الوحيد الذي صافحه في ليلة الافتتاح من الفنانين المصريين، هو محمد سعد، مضيفاً: «بعد أن تحادثت معه، تغيرت وجهة نظري فيه تماماً، وكنت صراحة أتجاهل أفلامه، لكنني من الآن فصاعداً، سأقبل على مشاهدتها، فهو فنان خلوق ومتواضع، ولديه وجهة نظر في ما يقدمه».

أحمد بدير.. رسالة شكر

لفت الفنان المصري أحمد بدير الأنظار بحضوره في الاحتفال الذي تلا عرض فيلم «عمر» بصحبة الدرع التكريمية التي حصل عليها من قبل المهرجان، وكان يشترط التقاط الصور له، بصحبتها.

بدير الذي أكد أنه فوجئ تماماً باستدعائه لمنصة التكريم، وجه رسالة شكر لمهرجان دبي السينمائي، مضيفاً: «في الليلة الظلماء يفتقد البدر، وفي ظل غياب مهرجان القاهرة السينمائي، يجيء ألق نظيره دبي السينمائي، ليعوض هذا الغياب المؤقت».

الأكثر مشاركة