يخاطب المجتمع الأميركي.. ويركّز على الأسرة
«مزيج».. لا جديد على أداء أبطـــاله
لوهلة قد تعتقد أنك تتابع سلسلة لفيلم واحد، وليس فيلماً جديداً اسمه مزيج (blended)، الذي يعرض في دور السينما المحلية، فأداء الأبطال لم يتطور، والحركات الكوميدية أيضاً كانت ملازمة لتاريخ عمل بطليه آدم ساندلر ودرو باريمور، والقصة قد تشبه أي قصة تريد إيصال فكرة عن العائلة وتماسكها، خصوصاً أن أميركا بكل ولاياتها باتت تشجع صنّاع السينما على طرح أفلام تزيد من الروابط العائلية في مجتمعها، الفيلم وهو من إخراج فرانك كوراسي، سلط الضوء على العائلات التي تعاني طلاقاً أو موت أحد أفرادها، والرهان على إمكانية نجاح مثل هذه العائلات إذا ما اجتمعت.
فنحن أمام جيم الذي فقد زوجته بسبب مرض السرطان، وتركته مع ثلاث بنات، ويعمل في محال لبيع اللوازم الرياضية، وترى بناته ملامحهن أقرب إلى الأولاد، نتيجة ذوق الأب الذي اختفت معه لمسات زوجته الراحلة، في المقابل توجد لورين المطلقة التي تعتني بابنين، لهما حاجتهما ومتطلباتهما التي قد لا تفهمها في أحيان كثيرة، خصوصاً مع عدم مبالاة طليقها المتهرب دوماً من مسؤولياته، حتى في عدم حضوره مباراة لابنه الذي يتلفت يميناً وشمالاً على أمل مشاهدته بين الجمهور، لكن دون جدوى.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجي الضغط على هذا الرابط. |
هذه التفاصيل الداخلة في عمق منزل البطلين، تظهر رويداً رويداً، كأن اللقاء الأول المرتب بين جيم ولورين، لم يكن كافياً لمزج أفراد العائلتين، فقد يهرب كل واحد من الآخر لسبب في نفسه، فجيم لم يستطع أن يحب بعد زوجته، ويعتقد أن بناته أولى بماله من امرأة غريبة لا يعرف عنها شيئاً، أما لورين فتبحث عن رجل لديه حسّ المسؤولية ولم تشعر بذلك في لقائهما الأول، فيفترقان.
صديقة لورين المقربة التي تعمل معها في شركة ترتيب ملابس يقصدها الأغنياء، شخصية جريئة، مشكلتها أنها لا تحب الأطفال، ووجودها هو السبب الرئيس في تغيير حياة لورين المقبلة، فهي مرتبطة برجل أعمال غني، هو مدير جيم، الذي كان يريد مفاجأتها بطلب الزواج منها في رحلة إلى إفريقيا، لكن الرحلة لم تتم، لأنها علمت أن حبيبها لديه خمسة أطفال، في هذه الحالة نقود الرحلة غير مسترجعة، وفي الوقت نفسه يستغل جيم الذي يريد أن يقدم المرح لبناته، ويطلب من مديره إعطاءه التذكرة، في المقابل تطلب لورين من صديقتها الطلب نفسه، خصوصاً بعد أن أخلف طليقها وعده في اصطحاب ابنيه إلى رحلة بحرية، فكانت الحال تشبه المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد» فالمصادفة التي ترتبت على خلل العلاقة بين صديقة لورين ومدير جيم، كانت كفيلة باجتماع العائلتين مع بعضهما في جنوب إفريقيا بين الغابات والحيوانات والأغاني والرقصات.
قبل رحلة إفريقيا، من الجيد المرور على بعض التفاصيل التي قد يعانيها الأزواج العزباء، ففي مشهد جمع بين جيم وابنته الكبرى (15 عاماً)، لم يفهم مزاجها السيئ في ذلك اليوم، حاول جاهداً ولم يستطع، حتى عندما طلبت منه السيارة لشراء حاجة تخص النساء لم يفهم، حتى نطقت ابنته الصغرى بالمعلومة التي وضعته أمام تجربة لم تكن في حسبانه، فابنته التي مازال يناديها بصغيرتي كبرت، فاضطر هو للذهاب إلى السوبر ماركت لشراء ما طلبته، وقتها التقى مصادفة مع لورين التي كانت تقف أمام مجلات يقصدها عادة الأولاد في مرحلة بلوغهم، فاعترفت لجيم بأنها شاهدت صورة تحت سرير ابنها وقامت بتمزيقها، فقررت شراء المجلة مرة ثانية ووضع الصورة تحت سريره، وأمام صندوق الحسابات بدل جيم ولورين مشترياتهما كيلا يقعان في حرج.
من الممكن أن يكون المشهد مبالغاً فيه، خصوصاً في مجتمع أميركي معروف عنه الانفتاح، لكن المرور عليه كان لازماً لما سيحدث بعد ذلك.
وكما سبق الذكر، فأداء بطلي العمل لم يختلف كثيراً عن تجاربهما السينمائية السابقة، فهذا العمل هو الثالث الذي يجمع بينهما بعد فيلمي «أول 50 موعداً غرامياً»، و«مطرب حفل الزفاف»، إضافة إلى أن بطل الفيلم آدم ساندلر ليس محبوباً كثيراً في مجتمعات عربية، بسبب تصاريحه الداعمة دائماً لجيش الاحتلال الصهيوني، واعتبار أن كل ما يفعله هذا الجيش من تنكيل هو حق لبقائه. وعودة إلى أحداث الفيلم التي تبدأ حبكته مع رحلة إفريقيا، حيث تفاجأ العائلتان بوجودهما في المكان ذاته، والغرف نفسها، وتحاول لورين إقناع ابنها الكبير، الذي يصر على عودة والدته إلى والده، أنها لا تعلم صدقاً بوجود جيم وعائلته في المكان، خصوصاً أن الاحتفالية كانت تحمل عنوان «مزيج العائلات» المختلفة عرقياً وثقافياً وحتى عمرياً، فتجد خليطاً من البشر مع أبنائهم وشركاء حياتهم الجدد.
وهنا يجب التركيز قليلاً على أطفال العائلتين الذين قدموا أدوارهم بفطرة تمثيلية تبشّر بولادة جيل قادم من الممثلين البارعين، إذا ما لم تسيطر عليهم ضريبة الشهرة والمخدرات والشراب، كما حصل تماماً مع بطلة الفيلم درو باريمور التي ظهرت طفلة في فيلم سبيلبيرغ «أي تي آر»، وتهاوت صحتها بعد ذلك مع الفضائح اليومية التي كانت ترتكبها، لكن لا شك أنه وعلى الرغم من أدائها المتكرر، إلا أنها قدمت نموذجاً للأم الحنون، ليس فقط على أبنائها بل على بنات جيم أيضاً، إذ استوعبت أن ابنة جيم الوسطى تتحدث إلى شبح أمها، بل تخصص مقعداً لها على الطاولة، فكانت لورين عندما تجلب الطعام إلى الفتاة تجلب إلى المقعد الخالي أيضاً، وفي مشهد آخر جمع لورين مع الابنة الكبرى التي لا تهتم بشكلها، وتقص شعرها مثل الأولاد لأن والدها يصطحبها إلى حلاقه، قررت لورين التي انتبهت إلى أن الفتاة معجبة بشاب يجلس معهم في طاولة الطعام أن تصطحبها إلى صالون نسائي، ونجحت في أن تخرج الأنثى من داخلها، حتى عندما امتعض الأب جيم، وقال لها: «لم أعد أعرف ابنتي» لترد عليه: «لأن ابنتك لم تعد الصغيرة التي تعرف».
في المقابل، تجد جيم يقترب من أبناء لورين في همومهم، وطموحهم، وقرر أن يعلم ابن لورين الصغير كيف يضرب الكرة التي يفشل فيها بكل مرة، والخلاصة أن الأطفال يحتاجون إلى تعزيز ثقتهم بأب، أو صورة لأب مفترض.
تفاصيل كثيرة في الفيلم تصبّ بظلالها على عائلات ثانية موجودة في هذا الاحتفال، الذي يعتمد على جوقة غنائية خفيفة الظل أكسبت الفيلم مرحاً يضاف إلى النكات الكثيرة فيه، يتصيّدون أي جملة تنذر بانفصال ما ويغنون عكسها للمّ الأطراف المتخاصمة.
الليلة الأخيرة في الفيلم، متوقعة مسبقاً، فقد قرر جيم أن ينجح علاقته مع لورين التي تعرف عليها عن قرب من خلال تعاملها مع عائلتها وعائلته، فاتفق مع مسؤول في الفندق أن يوفر لهما طقساً رومانسياً، يعوض عليهم خيبة اللقاء الأول، وعندما قرر جيم الاعتراف بإعجابه للورين ينسحب، فذكرى زوجته مازالت حاضرة أمامه، وتتبدد هذه الذكرى، عندما يعود إلى منزله ويدرك مدى حبه للورين، ويقف أمام ابنته التي تتخيل أمها موجودة أمامها لتعترف له: «قررت أن أترك المجال لأمي أن تعيش كما يجب، ولا ألزمها بمرافقتي التي أتعبت روحها»، وتنهي جملتها: «اشتقت للورين»، فهي وجدت الحضن الدافئ عند امرأة أخرى، هذه المشاعر كلها موجودة في قلوب بناته تجاه لورين جعلته يعترف أمامهم بأنه يحبها، فيقرر المضي نحو منزلها، لتوضع عثرة أخرى أمامه تتمثل بطليقها الذي يوهمه بأنه يحاول ولورين العودة إلى بعضهما بعضا.
هنا دخل الفيلم في نطاق الحشو الزائد الذي لم يعطه قيمة، سوى زيادة مدته، أو كي يتلاءم مع مدة فيلم طويل سينمائي، وتأتي النهاية مع مباراة لابن لورين، الذي يعود ويتلفت حوله على أمل رؤية والده، فيفشل في رميته الأولى، ويسمع صوت جيم من بعيد، فيشعر بالثقة لكنه يفشل مرة أخرى، وفي ضربته الأخيرة يقترب جيم منه ويعطيه نصائحه، فينجح أخيراً، وفي غمرة هذا الفرح تلتقي العائلتان مرة أخرى، في حضرة صديقة لورين ومدير جيم وأطفاله، إذ قررت هي الأخرى منح علاقتهما فرصة، وينتهي الفيلم بمشهد يضم جيم ولورين وقد أعلنا حبهما على الملأ.
هذا النوع من الأفلام يدخل في تصنيف أفلام العائلة، التي قد ترضي الجمهور المتعطش لقصص خفيفة ومضحكة، لكنها لن ترضي معايير النقد السينمائي لدى المتخصصين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news