الفيلم يتناول التحدي الدائم بين سلطة المال والحب ومن ينتصر في النهاية. من المصدر

«حب ملكي» يرفعه الأداء وتخـــذله التقنية

من جديد تعود السينما الإماراتية إلى الشاشة الكبيرة، عبر فيلم «حب ملكي»، معلنة عن نفسها بعمل كتبه وأخرجه جمال سالم، مستلهماً واحدة من كلاسيكيات الأعمال العالمية، وهي «أحدب نوتردام»، مضفياً عليها نكهة عصرية، يتصارع فيها الحب المجرد من أي سلطة، أمام سلطة المال.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجي الضغط علي هذا الرابط.

ورغم أن الفيلم يحفل بالكثير من المناطق المضيئة، إلا أن زمن التغاضي عن الأخطاء المبني على حجة الدعم المعنوي، قد ولى، وهنا الحديث عن صناعة الفيلم الإماراتي، فبعد 10 سنوات على مهرجان دبي السينمائي، وسبع سنوات على مهرجان أبوظبي السينمائي، وأكثر من ذلك في ما يتعلق بالحراك السينمائي والشغف الموجود منذ انطلاق مسابقة أفلام الإمارات مع رواد السينما المحلية، لا مجال للتغاضي عن الخطأ؛ خصوصاً إذا كان تقنياً، وحجج غياب الدعم لم تعد مقبولة أيضاً، فقد أصبحت مثل الشماعة التي يعلق عليها أي نوع من الخطأ أو الفشل.

ففيلم جمال سالم «حب ملكي»، لا يعيبه قصته ولا أداء الممثلين فيه، لاسيما الفنان عبدالله زيد، لكن ما يضعه تحت ضوء التتبع هو ابتعاده تقنياً على أن يكون فيلماً سينمائياً، فهو أقرب إلى تمثيلية تلفزيونية منه إلى فيلم سينمائي، وهذا طبيعي للخبرة الطويلة في مجال الدراما التلفزيونية التي أتحف فيها جمال سالم الشاشة الصغيرة بمؤلفاته وإخراجه، مثل «حاير طاير»، و«حبة رمل».

الإضاءة لم تتناسب مع كثير من المشاهد، اهتزاز الكاميرا كان ملحوظاً في المشهد الثالث تقريباً، الحوارات والمشاهد المقحمة كانت حاضرة لهدف الإطالة ربما، كل هذا من الممكن ألا يلاحظه المشاهد العادي، وهذا ما قد ينجح العمل جماهيرياً.

قصة الفيلم الذي لعب دور البطولة فيه حبيب غلوم وعبدالله زيد وهدى صلاح وغيرهم من الفنانين، مستوحاة - حسب جمال سالم - من قصة «أحدب نوتردام»، إذ تدور الأحداث حول طالب جامعي (زعل) يحب بصمت زميلته (جوري) والشاهد على هذا الحب صديقه (راشد) الذي كان دوره الكوميدي «مِلح العمل».

مشكلة زعل ليست في اسمه فقط بل في شكله القبيح على حد تعبير صديقه راشد، فعندما يغرم بأجمل فتاة في الجامعة، أيضاً حسب وصف راشد، فهذا يندرج تحت بند الحب المستحيل، ومع ذلك يظل زعل محكوماً بالأمل.

تبدأ أحداث الفيلم بحادث سيارة تهوى من على جسر وتقع في البحر، ويكتب على الشاشة جملة «قبل ست أشهر»، لتعود أحداث «حب ملكي» إلى الوراء، وإلى الجامعة تحديداً، حيث زعل يراقب جوري، ويحاول لفت نظرها بشتى الطرق، حتى ولو كانت طرقاً بدائية كرمي كتابه على الأرض.

تمر الأحداث باستعراض الحب الصامت، وفي الجانب الآخر تظهر المعضلة التي يبنى عليها الفيلم، والتي تخلق التحدي، سواء من قبل الممثلين في الفيلم أو من قبل مشاهديه، فهناك شخصية (المعزب) تاجر كبير ذو نفوذ كبيرة، وصاحب نظرة تدل على أنه إذا وقعت عينه على شيء وأراده فلا يتردد في امتلاكه. يعمل لدى المعزب والد جوري، وبالمصادفة وقع نظر الأول على ألبوم صور خاص بعائلة والد جوري، فأعجبته فتاة فيه، وظل يسأل عنها، ويتهرب الأب من الإجابة، إلى أن يأمر المعزب موظفاً آخر لديه للبحث عن هوية الفتاة، ويتم إرسال امرأة إلى بيتها، لتكتشف في مشهد مبالغ فيه وغير منطقي أن الفتاة ابنة العامل لديه.

الأداء في هذا المشهد وضع صورة المرأة والأم تحديداً في زاوية لا تتلاءم مع حلم الأم بمشاهدة ابنتها تزف إلى عريسها بالرداء الأبيض، بل ظهرت حصة والدة جوري مستعدة لكل التضحيات لتكون ابنتها مع (المعزب) حتى ولو كان الزواج في السر، وهذا ما يحدث فعلاً.

في هذه الأثناء لاتزال محاولات زعل تبوء بالفشل، وهو الذي يشبه حبه لها كحب عنتر وعبلة، وروميو وجولييت، ليرد عليه صديقه بخفة ظل وبـ«الرمسة» الإماراتية: «لو عبلة كان عندها في زمنها (فيس بوك) كان تفلت على عنتر»، لكن زعل أصر على حبه، حتى إنه زين جدران منزله بكل الورود التي تتعلق بالجوري، كي يشعر بوجود الحبيبة، وآمن بنصيحة زميله من جنوب إفريقيا الذي أقنعه بضرورة عمل سحر لها.

وفي اللحظة التي قرر فيها زعل أن يواجه جوري بحبه لها، يظهر المعزب بسيارته الفاخرة أمام الجامعة، ويأمر الموظف بأن يأتي بها إليه، وتلبي الدعوة، وتقبل على مكالمته، ويتفقان على كل شيء، حتى زواجها السري به، ويصل الأمر إلى زعل الذي يعتكف في غرفته، وهو يعد الأيام الباقية لزواج حبيبته بآخر. اللافت أن صفة الزواج السري لم تكن هكذا؛ فكل الجامعة كانت تعلم بموضوع زواج جوري برجل مهم.

في يوم الزفاف، تقترح جوري على زوجها أن تقود السيارة، قبل ذهابهما إلى الفندق، فيقبل، ويأتي المشهد الذي بدأ سالم به الفيلم، فتدخل جوري المستشفى في قسم الشخصيات المهمة وتذهب في غيبوبة، وينجو زوجها الذي لم يأبه لها، بل وطلقها. هنا يدخل خبر غيبوبة جوري إلى حياة زعل كخبر مفرح، فهذه فرصته الوحيدة كي يعبر لها عن حبه الذي حمله سنين، يذهب إليها خفية، ومع منتصف الليل بعد انتهاء الزيارات، ويبدأ في البوح بكل مشاعره، كل ليلة يذهب إليها، وهذه الليالي تمتد ثلاث سنوات؛ يزور فيها الحبيب المتيم جوري في غيبوبتها بالمستشفى، لم يتأخر ليلة، يسرد لها القصص ويقرأ لها الأخبار ويلقي الشعر أيضاً، ثلاث سنوات، وجد زعل نفسه للمرة الأولى منذ لحظة ولادة حبه في مواجهة بينه وبين من يحب، حتى ولو كانت على سرير الموت، إلى أن يكشف أمره من قبل عائلتها التي تطرده، وتشاء المصادفة أن تستيقظ جوري من غيبوبتها، وتسأل عن صاحب الصوت الذي رافقها كل هذه السنوات، ولا أحد يخبرها.

يصل الخبر إلى زعل، الذي تخرج في الجامعة، من قبل الممرضة التي كانت شاهدة على هذا الحب، ويحاول قدر استطاعته الوصول إلى الحبيبة دون فائدة، ليظهر مرة ثانية المعزب في حياة عائلة جوري، ووالدتها التي لم تتعلم من تخلي هذا الزوج عن ابنتها في وقت ضيقها وتصر على تزويجها مرة أخرى له. في هذه الأثناء، ومن خلال زيارة صديقة لجوري تقول لها إن شخصاً يصر على مكالمتها، ترفض جوري، ويتصل زعل بالصديقة فتفتح خاصية الحديث المشترك، فتسمع جوري الصوت وتعرفه، وتصر على مشاهدته، وتلتقيه أخيراً، وتشكره على كل هذا الحب، وتعاتبه على عدم بوحه، ويعيش زعل الأمل، ويقرر خطبتها، فيعلم المعزب بالأمر، ويأمر والد جوري بإرسال أشخاص يضربون زعل ويمنعونه من التقدم، وينجح في الأمر. تتزوج جوري من المعزب، وتختفي المشاهد الخاصة بزعل، إلى أن تظهر جوري ويكتب على الشاشة (بعد تسعة أشهر) وهي تقف أمام صديق زعل، راشد، تسأله عن الأول، وتؤكد له أنها حرة الآن، وكل لحظة مرت بها وهي مع المعزب كانت تفكر في زعل، وترجوه أن يأخذها إليه، فيوافق راشد، ويكون المكان الموجود فيه زعل هو المقبرة.

الفيلم يتناول التحدي الدائم بين سلطة المال والحب، ومن ينتصر في النهاية، ومن المنصف ذكر بعض الأمور التي تمت ملاحظتها قبل عرض الفيلم، وأهمها النسبة الكبيرة للمشاهد الإماراتي في الصالة، إذ وصلت إلى أكثر من 90% مقارنة بجنسيات أخرى، ما يدل على تصالح الشارع الإماراتي مع فنانه المحلي، ودعمه ومنحه الثقة، فالمنافسة كبيرة في سوق السينما بالإمارات، وأن تشاهد هذا العدد الكبير من المشاهدين يدل على أن ما أراده كل مؤسس للسينما في الدولة قد تحقق.

الأكثر مشاركة