فيلم يجمع للمرة الثالثة الثنائي جينيفر لورانس وبرادلي كوبر.. ويُعرض في الإمارات

«سيرينا».. الأشجار لا تنقذ ســــوزان بيير

أدت جينيفر لورانس دور (سيرينا) وقدمته بشكل محترف، وهذا ليس صعباً على الحائزة عام 2013 جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن فيلم (Silver Linings Playbook).

من له القدرة على قطع الشجر ليس صعباً عليه قتل البشر، هذا هو مغزى فيلم «سيرينا» للمخرجة الدنماركية سوزان بيير، الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، وهو من بطولة الثنائي جينيفر لورانس، وبرادلي كوبر. يدور الفيلم في عام 1929، وقت الكساد الاقتصادي في أميركا، وهو حول جورج تاجر الحطب، الذي يقوم بتدمير حقول كاملة في شمال كارولاينا، يحاول شريف الولاية بكل جهده تحويلها إلى متنزه، لكن التاجر يستخدم كل أساليب خرق القوانين من رشاوى وقتل، كي يحتفظ بهذا العمل، الذي يعرض العمال دوماً للموت الذي وصفه شريف الولاية بأنه أكثرعدداً من الذين قتلوا في الحرب الأهلية.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الحكاية تبدأ من هنا، بعد تعريف بسيط بعمل جورج والغريب أنه طيب القلب، يقوم دائماً بإسعاف العمال الذين يتعرضون للخطر، إضافة إلى هوسه وحلمه بقتل نمر في الغابة، ويسعى دائماً وراء شخصية في الفيلم يدعي أنه يعلم الغيب.

بعد ذلك، تظهر سيرينا التي تعيش حياة مدنية في ولاية أخرى، تمتطي الجواد، ترتدي أغلى الثياب، يقع في حبها جورج منذ النظرة الأولى، ويقرر الزواج بها فوراً، خصوصاً بعد معرفته أنها كانت ابنة أكبر تاجر خشب، الذي ذهب وعائلته ضحية حريق لمنزله، والناجية الوحيدة هي سيرينا، التي تظهر كنموذج للمرأة في ذلك الوقت من الصعب على الرجل تقبله، فهي قوية، معتزة بنفسها، تفهم في الاقتصاد وتجارة الأخشاب، وتؤكد لصديق عمر زوجها بوشان وشريكه في العمل «لم آتِ إلى هنا للتطريز».

علاقة جورج وسيرينا، التي تبدأ منذ دخولها الغابة ومشاهدتها امرأة حاملاً تدرك فوراً أن هذا الحمل بسبب زوجها ولا تعيره أهمية، وهنا تبدأ بذور القوة لديها، وتعلق زوجها بها أكثر وأكثر، بل والمشي وراء مشورتها دوماً، وهذا الموضوع يقلق شريكه الذي يحاول التملص من هذه الشراكة بالاتفاق مع شريف الولاية، وتكون النتيجة تحريضاً واضحاً من سيرينا لزوجها بضرورة قتله لأجل جملة تتكرر في أكثر من مشهد «هذا من أجل مستقبلنا»، ويطيعها جورج ويقتل صديقه وشريكه، فالقادرعلى قطع الشجر قادرعلى قتل البشر بسهولة، وهذا القتل يتكرر.

الفيلم لا تستطيع أن تقول عنه أنه مصنوع بحرفية مثل أعمال المخرجة السابقة مثل فيلم «عالم أفضل»، الذي نال «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي عام 2011، يوجد فيه ضياع واضح أنقذته المشاهد الخلابة التي صورت في جمهورية التشيك، بين الأشجار التي تمتد على مد البصر، والطقس المتقلب، ولقطات مأخوذة بحرفية لم تنصفها حبكة مدروسة، وسيناريو من السهل وصفه بالضعيف.

وإذا ما أخذنا الفيلم ككل، فهو ينتقل بنا من حكاية إلى حكاية، ليست ثابتة ومتسلسلة، بل فيها الكثير من الانتقالات، حتى تحتار ما هي القصة الرئيسة في الفيلم؟ هل هي قضية قطع الأشجار وجشع التجار؟ أم قضية سيرينا التي تخسر جنينها وبناء عليه تصبح عاقراً؟ أم قضية ابن جورج من الفتاة العاملة التي ستغير مجرى الفيلم كلياً؟

لكل جريمة شاهد، والمجرم يبدأ باكتشافهم للتخلص منهم واحداً تلو الآخر، مثلما حدث مع مشاهد جريمة قتل جور لصديقه، إضافة إلى حصوله على ملفات تؤكد قيمة الرشاوى التي كان يمنحها جورج للقضاة الذين ينصفونه دائماً ضد قضية شريف الولاية في الحفاظ على الأشجار، وتحويل الغابة إلى متنزه للناس، فتقوم الشخصية التي تدعي علمها الغيب بالتخلص منه، وإعادة الملفات إلى جورج، فيتحول جورج إلى رجل تحكمه زوجته، التي تعاني ويلات ذكرياتها من موت عائلتها بالحريق، وهذه العقدة تجعلها تخاف من خسارة أي شخص تحبه.

تستمر الأحداث بالفيلم تائهة، بين شغف جورج بملاحقة نمر الغابة، وبين عقم زوجته التي باتت تفكر فقط في كيفية التخلص من ابن جورج، بعد أن اكتشفت أنه يحتفظ بصورته ويرسل إليه النقود، وبين قضية الشريف الذي يحاول جمع الأدلة لإدانة جورج.

في المشهد الذي تفقد سيرينا فيه جنينها، يبدأ قناع الرقة بالاختفاء، وتتحول بشكل ظاهر للعيان إلى امرأة متسلطة وشريرة، تراقب زوجها أكثر، تحاول إجباره على التعبير عن مشاعره بشكل أكبر، حتى تكتشف أنه يرسل نقوداً إلى ابنه غير الشرعي، هنا تقرر وبناء على جملة «من أجل مستقبلنا»، أن تتخلص من الطفل، خصوصاً بعد أن أصبح المتنبئ بالغيب كالخاتم في إصبعها فهي أنقذته من الموت، وأصبح همه تنفيذ كل رغباتها، يتفقان معاً على ضرورة قتل الطفل، وتؤكد لزوجها غير المدرك لهذه الخطة أنها تفعل كل شيء من أجلهما، ولتتأكد من كلامه أنها أهم شيء في حياته، لكنهما يفشلان في نيتهما وتستطيع الأم والطفل الهرب بمساعدة الشريف، لكن مربية الطفل تذهب ضحية.

يقصد الشريف منزل جورج ويخبره الحكاية، فتتحول مشاعر الحب تجاه سيرينا إلى كره، ويقرر جورج إنقاذ طفله من حقد سيرينا، وينجح في ذلك مقابل تسليم نفسه للشرطة، حسب اتفاق بينه وبين الشريف.

الفيلم يدور في فترة ما سمي «الكساد الكبير»، التي تعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن الـ20، ويضرب بها المثل لما قد يحدث في القرن الـ21، وما مدى سوء الأزمة التي قد تحدث، وقد بدأت الأزمة في أميركا، ويقول المؤرخون إنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأميركية في 29 أكتوبر 1929، والمسمى «الثلاثاء الأسود». وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول تقريباً، الفقيرة منها والغنية، وانخفضت التجارة العالمية بين النصف والثلثين، كما انخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح. أكثر المتأثرين بالأزمة هي المدن خصوصاً المعتمدة على الصناعات الثقيلة كما توقفت أعمال البناء تقريباً في معظم الدول، وتأثر المزارعون بهبوط أسعار المحاصيل بنحو 60% من قيمتها. وكانت المناطق المعتمدة على قطاع الصناعات الأساسية كالزراعة والتعدين وقطع الأشجار هي الأكثر تضرراً، وذلك لنقص الطلب على المواد الأساسية بالإضافة إلى عدم وجود فرص عمل بديلة. كما أدت إلى توقف المصانع عن الإنتاج، ونتج عنها أن أصبحت عائلات بكاملها تنام في أكواخ من الكرتون، وتبحث عن قوتها في مخازن الأوساخ والقمامة. وقد سجلت دائرة الصحة في نيويورك أن أكثر من خُمس عدد الأطفال يعاني سوء التغذية. وكانت أميركا قد بدأت بازدهار اقتصادي في العشرينات، ثم ركود، ثم الانهيار الكبير عام 1929م، ومن ثم عودة عام 1932.

وعودة إلى الخطوط النهائية من الفيلم، يوفي جورج بوعده للشريف لكن على طريقته، فهو أنقذ طفله من الموت من يد المتنبئ بالغيب وأرداه قتيلاً، وأوصل الأم والطفل إلى منطقة آمنة، بعدها قصد الغابة، ليرضي شغفه بالقضاء على النمر، وينجح في قتله لكنه يرمي نفسه بأحضانه فتظهر كأنها معركة بين الاثنين قتل كل واحد منهما الآخر، يصل في سيارة كجثة، يحاول الشريف استدعاء سيرينا للتعرف إليه، إلا أنها ترتدي أجمل ملابسها، وتقرر الانتحار حرقاً، بإشعال منزلها.

تنتهي الحكاية هنا، بكثير من اللغط، لا يؤثر في أداء الثنائي الجميل جينيفر لورانس وبرادلي كوبر، لكن هذا لا يعني أن دوريهما يستحقان ترشيحهما للأوسكار المقبل.

تويتر