احتفاء جماهيري كبير وترحيب بالسينما الأردنية
«ذيب».. وحَّد صـالات العرض العـربـيــة
في ظاهرة فريدة من نوعها وحَّد الفيلم الأردني الروائي الطويل «ذيب» للمخرج ناجي أبونوار الصالات السينمائية العربية في 19 من هذا الشهر، حين عرض في كل صالات السينما في العديد من العواصم العربية في توقيت واحد، لذلك كان من المتوقع رصد العدد الكبير من المشاهدين وهو مصطف أمام شباك التذاكر في دور السينما هنا في الإمارات، لشراء تذكرة مشاهدة «ذيب»، الذي حصل على جوائز عالمية من مهرجانات دولية عدة، بسبب الحملة الإعلانية الضخمة التي رافقت الفيلم، والتي دغدغت شعور المشاهد العربي بعرض وحّد دور العرض والمشاهدين في لحظة فارقة، وتسبَّب بهذا الذهول الذي صاحب غالبية مشاهدي الفيلم الذين منحوه العلامة التامة، مقترناً بضرورة عودة الثقة تجاه بقية شاشات السينما العربية، التي انحصرت لعقود طويلة فقط بالسينما المصرية، مؤكدين أن الفيلم عبارة عن تحفة فنية، تتخللها الكثير من المشاهد التي تصلح لأن تكون لوحات فنية تعلّق في المنازل، مشيرين إلى أن أداء الممثلين الذين يواجهون الكاميرا أول مرة أعطاهم شعوراً بأنهم أقرباء لهم، من شدة البساطة والصدق في الأداء.
فالفيلم الذي احتاج إلى عامين ليخرج إلى النور، يدور في مرحلة ما قبل الثورة العربية الكبرى بقيادة الراحل الشريف حسين، ويحاول أن يأخذ المشاهد إلى مشاعر سكان البادية المعروفين بترحابهم وإكرامهم الضيف، لكنهم لا يحتملون الغدر والخيانة، فقد يضحون بحياتهم من أجل كرامتهم وكرامة وطنهم.
عنود محمد طالبة في جامعة زايد قالت: «الفيلم قادر على أن يدخل مشاعر عديدة إلى القلب والروح»، موضحة «هناك المشاهد الخلابة مع موسيقى رائعة وأداء ممثلين لا يمكن وصفه، اضافة إلى لهجة البادية التي لم تنصفها الكثير من الأعمال الدرامية»، مؤكدة «أعتقد أن الأردن لديه فرصة كبيرة بأن يثبت نفسه سينمائياً».
في المقابل، قالت زميلتها شيماء العلي: «الفيلم أعطاني بشكل شخصي تأكيداً على أن البادية هي أساس كل الحكايات»، وقالت: «شعرت أن الممثلين اقرباء لي، نظراتهم الحادة، وحنية قلبهم، خصوصاً العلاقة التي تجمع بين الأخوين ذيب وحسين، خلقت في قلبي حالة من الصعب وصفها».
العلاقة بين الأخوين ذيب وحسين كانت حديث غالبية المشاهدين، فذيب الذي فقد والده، يعتبر حسين شقيقه الأكبر محور حياته، يلحقه أينما ذهب، يقلده، ويريد تعلم إطلاق الرصاص أيضاً على يديه، فالصورة النمطية عن البدوي المعروف بقسوته، ذهبت مع الريح مقابل مشهد حماية حسين لأخيه في أكثر من حالة في الفيلم.
يؤكد علي المنهالي «أنا شخصياً معجب كثيراً بالثقافة الأردنية، ولكني لم أتوقع مشاهدة فيلم أردني بمقاييس عالمية، خصوصاً أنني سمعت أن الممثلين جدد»، وأضاف «الفيلم تحفة فنية، تستحق المشاهدة والتمتع بكل تفصيل فيها».
تستمر أحداث الفيلم في قلب الصحراء الشاسعة الذهبية، ضمن لقطات تصويرية غاية في الدقة، تحاول معها الدخول شيئاً فشيئاً في علاقة الطفل ذيب مع كل شخصية تظهر في الفيلم، بداية من شقيقه حسين، مروراً بالضابط البريطاني وليس انتهاء بتاجر كان يأخذ قوت يومه من قوافل الحج قبل بناء سكة الحديد.
أكد حمد الملا أن «صفات البدوي جميعها تجتمع في هذا الفيلم، بداية من حسن الضيافة، أياً كان الضيف، مروراً بالمساعدة دون سؤال، اضافة إلى النخوة والشهامة التي تظهر، خصوصاً بعد محاولة غدر الضابط البريطاني ومرافقه لذيب وشقيقه، وتركهما في الصحراء المليئة بقاطعي الطرق، ومع ذلك أصر حسين على أن يحميهما خوفاً على حياتهما لأنهما لا يعرفان الطريق»، وقال: «الأجمل في الفيلم، هو تجسيد الكرامة بأعلى مستوياتها من خلال طفل صغير، اختصرها عدوه الذي قتل شقيقه حين قال: الذيب لا ينجب إلا ذيباً».
اللعبة السياسية في الفيلم، غير مهمة في حضرة الطفل «ذيب» الذي لا يفقه كل هذه التوازنات التي كانت تحاول أن تجد لها مكاناً بين العرب، هو لا يريد أن يفهمها، لكنه وعى أن الغدر لا دين لهن والخيانة هي سبب كل الانكسارات، هو أدرك بفطرته البدوية، فيما تساؤلاته الطفولية كانت بسبب الفضول وليس لبناء موقف تجاه البريطانيين أو العثمانيين، وهما قطبا حكاية «ذيب».
عمر العمري عبر عن اعجابه بالفيلم قائلاً: «الفيلم ذكي جداً، وفيه الكثير من العبر، أما المشاهد التصويرية فهي مذهلة»، وأكد «علاقتي بالسينما العربية سيئة جداً، لكني ومن شدة ما سمعت عن صيت هذا الفيلم قررت مشاهدته واعجبت بما رأيت»، موضحاً «شاهدت فيلماً بمقاييس عالمية، انصف البادية وسكانها، وأبرز صفات العربي الأصيلة، ناهيك عن تمثيل من الصعب أن ينسى لكل شخص في الفيلم دون استثناء».
تفاصيل كثيرة شكلت أحداث الفيلم، الصندوق الذي يحمله الضابط البريطاني، والذي يشغل بال «ذيب» فضولاً بمعرفة ما في داخله، طريقة موت حسين ووصيته لشقيقه، وسم القبيلة الذي يوضع على قبر حسين، علاقة «ذيب» مع قاتل شقيقه، عندما تجمعهما الصحراء، ولا خيار أمامهما إلا قبول كل واحد الآخر إلى حين، محاور كثيرة جعلت من المشاهد متيقظاً لكل حل مع كل معضلة، سيعيش تفاصيلها المشاهد العربي الذي جلس أمام شاشة السينما في غالبية الأقطار العربية في التوقيت نفسه لموعد انطلاقه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news