«عمر».. من المهرجانات إلى دور العرض
وصف مشاهدون الفيلم الفلسطيني «عمر» بالمفاجأة التي لم يكونوا يتوقعونها، معتبرين أن الفيلم يعد نموذجاً جريئاً. بينما أشار آخرون إلى أن الفضول دفعهم إلى مشاهدة الفيلم الذي طرح، أخيراً، في العديد من دور السينما في الإمارات والأردن ومصر، وغيرها من الدول العربية، بعد جولة طويلة في مهرجانات حاز خلالها العديد من الجوائز والتكريمات.
واعتبر البعض طرح الفيلم في دور العرض فرصة لمشاهدة فيلم ترشح لجوائز عدة، من أهمها الأوسكار، بعيداً عن الأفلام التجارية التي تتنافس على شباك التذاكر، ولا تتنافس على لقب أفضل فيلم أو أفضل مخرج، لافتين إلى أن العرف جرى على أن الفيلم العربي مقترن بإنتاجات مصرية، وظاهرة لافتة أن يشاهد جمهور دور العرض فيلماً فلسطينياً خالصاً، من ناحية الإنتاج والإخراج والتمثيل، ينافس على شباك التذاكر. ومنح مشاهدون استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم الفيلم علامة راوحت بين سبع و10 درجات.
مشاهد الفيلم، الذي يقوم ببطولته آدم بكري وإياد حوراني وليم لوباني، أمام قصة (عمر) الشاب الفلسطيني الذي يعمل خبازاً، ويحب (نادية) شقيقة قائد الكتائب (طارق)، ويريد الزواج منها، يتسلق الجدار العازل تارة ليتدرب على قنص العدو، ويتسلقه تارات أكثر ليلمح حبيبته من خلف سور مدرستها. تستمر الأحداث وهي تترصد خطوات (عمر) وحياته العاطفية التي يفصله عنها جدار، ليسلط الضوء على المعاناة اليومية التي تجمع بين عدو وصاحب حق، خصوصاً في المشهد الذي استطاع (عمر) فيه أن يفلت من إنذار سيارة شرطة وهو عائد إلى منزله عبر الجدار، توقفه الدورية من الجانب الآخر، تطلب هويته بعد أن يخلع قميصه، يطلب منه الشرطي الوقوف على صخرة تترنح، فيترنح معها، يفقد الصبر ويصرخ «لو كنتو زلام شيلوا سلاحكم وواجهوني»، ويُضرب ويُهان، ويقرر في اليوم التالي التعجيل بعملية ربما للانتقام من كرامته التي أهدرت على أرضه.
الفيلم بالنسبة إلى عادل مطر كان مفاجأة، موضحاً «لم أتخيل أنني سأشاهد فيلماً فلسطينياً بهذه التقنية العالية، والأداء التمثيلي المحترف، وإدارة مخرج عالمي؛ فالفيلم لمسني عاطفياً من جهة، وجعلني فخوراً، من جهة أخرى، بأنه رغم كل الأوضاع المأساوية التي يعانيها الفرد الفلسطيني إلا أنه يصر على أن الفن نوع من أنواع المقاومة»، مانحاً الفيلم العلامة الكاملة.
بينما قالت عنود محمد إنها أحبت القصة كثيراً وطريقة الإخراج، وأضافت «نعم، يستحق الفيلم الترشح للأوسكار، ففيه من العناصر الفنية الكثير، وطريقة تناول القضية الفلسطينية بهذا الشكل في حد ذاته سلاح؛ فالعمالة والخيانة سببهما الاحتلال»، مانحة الفيلم ثماني درجات.
في المقابل، قال جلال محمد «لم أفهم الفيلم كثيراً، لكنني وجدت أن المخرج ركّز على العمالة أكثر من تركيزه على جرائم الاحتلال، ولا أعلم لماذا، لكنني متأكد أن الفيلم بقصته هذه قد أساء للفلسطيني أكثر»، رافضاً إعطاء أي درجة.
حكاية أخرى
بالعودة إلى قصة الفيلم، تنجح العملية التي يشارك فيها أصدقاء الطفولة (عمر وطارق وأمجد)، ولكل واحد منهم مهمة، فعلى عمر أن يسرق سيارة، وعلى طارق تحديد الهدف، وعلى أمجد قنص هذا الهدف. حالة توتر عامة تصيب الجانب «الإسرائيلي» بضرورة القبض على من قتل جندياً منهم، وتتم ملاحقة الأصدقاء، ويلقى القبض على عمر.
في المعتقل حكاية أخرى، ففي البداية تعذيب جسدي، مروراً بإرسال ما يسمى بـ«العصفور» الذي يدخل في علاقة مع السجين ويسلب منه معلومات لم تستطع الأجهزة أن تأخذها منها، وليس نهاية بمحاولة تجنيد (الأسير) ليخدم العدو، وهذا ما حدث فعلاً مع عمر الذي يتعرض لشتى أنواع الابتزاز، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحبيبته، إذ يقرر الاتفاق مع المحقق «الإسرائيلي» على حريته مقابل تسليم صديق طفولته طارق، لكن ومن أول لحظة لخروجه من الأسر، يعي المشاهد أن عمر يريد الحقيقة، وكشف الخائن بينهم.
الفيلم بالنسبة إلى حلا نائل يحتمل جوانب كثيرة «فهو من الناحية الفنية مصنوع بشكل عالمي، لكن من ناحية عاطفية فقد أوجعني كثيراً؛ فجرأة المخرج أنه وضع القصة الرئيسة حول العمالة وخيانة الوطن وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، وأعتقد أنه أيضاً أظهر الجانب الإجرامي للمحتل، لكنه بجرأة أراد أن يوصل أن العدو حاضر بأكثر من شكل، وليس بالضرورة أن يحمل السلاح، كشخصية أمجد في الفيلم»، مانحة الفيلم تسع درجات.
نبذ اجتماعي
من شبه المتعارف عليه في الحالة الفلسطينية؛ أنه إذا ما خرج أسير ما من المعتقل بشكل سريع، فهو على الأرجح قد أصبح عميلاً، وفي الفيلم يتعرض (عمر) لنبذ اجتماعي بعد مغادرته السريعة للمعتقل، لكنه يتحدى كل هذا ويعلن لطارق أن خائناً بينهم، فيقرر الأخير عمل كمين آخر لكشف الخائن، فيوافق عمر، ويتصل بالمحقق «الإسرائيلي» ليخبره بالمكان والزمان، لكن العملية لا تتحقق وتنقلب ويستشهد أربعة أشخاص من الكتائب، ويلقى القبض على (عمر) مرة أخرى، فتثبت تهمة العمالة عليه، ويبقى عليه إثبات براءته من جهة، وكشف الخائن بينهم من جهة أخرى.
مشهد انتقام (عمر) من المحتل ومن كان يعتقد أنه صديق طفولته، وانتقامه لحبيبته أيضاً، من أكثر المشاهد التي أثرت في يزن الملا الذي قال «تأثرت كثيراً بالفيلم، وأعتبر مشاهدتي له بحد ذاتها فرصة لكي اقترب أكثر من القضية الفلسطينية، وأرى أموراً قد لا تسعفني مشاهدتها عبر الأخبار، وأصل إلى نتيجة خالصة ورثتها منذ الصغر أن ثمة شعباً بالفعل يستحق الحياة بعد الظلم الذي تعرض له، وهو الشعب الفلسطيني» كثيرة هي الأحداث بعد الخروج الثاني لـ(عمر) من المعتقل، ومن الجميل أن يشاهد الفيلم عبر شاشات السينما المحلية، وهي بالفعل فرصة ليقترب المشاهد أكثر من نوعية الأفلام التي تعرض في المهرجانات السينمائية العالمية ليستشعر الفارق بين السينما التجارية والهادفة. يشار إلى أن نهاية الفيلم حظيت بإشادات مشاهدين وأعادت اليهم ثقتهم، ففلسطين قبل الجدار مختلفة عن فلسطين بعد الجدار، الجدار الذي عزل الناس عن بعضهم بعضاً، وكل ذلك يرويه أبوأسعد بحكاية لها علاقة بالحب والمقاومة.
للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.