نور الشريف.. «سواق أتوبيس» السينما المصرية في آخر محطة
بعد مسيرة حافلة بالروائع والمواقف والوهج الفني، وصل «سوّاق أتوبيس» السينما المصرية إلى المحطة الأخيرة.. غاب الفنان المصري نور الشريف، أمس، عن 69 عاماً، بعد صراع مع المرض.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عن وكيل نقابة المهن التمثيلية، سامح الصريطي، قوله إن جثمان الشريف سيشيع اليوم.
بينما صرح حسن غانم، أحد أصدقاء الشريف المقربين الموجودين مع أسرته أنه توفي في مستشفى الصفا في حي المهندسين (غرب القاهرة)، بعد أن تدهورت حالته الصحية في الأيام الأخيرة. وكان نور الشريف يعاني متاعب صحية منذ فترة، استدعت سفره للعلاج خارج البلاد أخيراً.
170 فيلماً وعشرات الأعمال الفنية الأخرى، منذ أن احترف التمثيل عام 1966. والشريف متزوج من الفنانة بوسي منذ أكثر من 30 عاماً. ورغم إعلانهما طلاقهما في عام 2006، إلا أنهما تزوجا مجدداً مطلع العام الجاري. وللشريف ابنتان هما مي التي تعمل ممثلة، وسارة التي تعمل مخرجة سينمائية. ومن أبرز أفلامه «حبيبي دائما»، الذي شاركته البطولة فيه زوجته الفنانة بوسي، والذي يعد أحد أبرز الأفلام الرومانسية في تاريخ السينما المصرية. وخاض نور الشريف تجربة الإنتاج السينمائي أكثر من مرة، كان أبرزها فيلم «آخر الرجال المحترمين»، من تأليف وحيد حامد، وإخراج سمير سيف، وفيلم «ناجي العلي»، من تأليف بشير الديك، وإخراج عاطف الطيب. دراما كما نجح الفنان المصري الراحل نور الشريف في السينما، نجح كذلك في التلفزيون والمسرح، ومن أعماله الدرامية على شاشة التلفزيون: (مارد الجبل، ثمن الخوف، القاهرة والناس، الحرافيش، هارون الرشيد، عمر بن عبدالعزيز، حضرة المتهم أبي، الرجل الآخر، لن أعيش في جلباب أبي، عائلة الحاج متولي، الثعلب والرجل الآخر، العطار والسبع بنات، الدالي، متخافوش، الرحايا، عرفة البحر، وخلف الله). وأبدع أيضاً الفنان الراحل نور الشريف على خشبة المسرح، ولم يكتفِ بالتمثيل، إذ كانت له تجربة إخراجية مسرحية، ومن أعماله المسرحية: «القدس في يوم آخر»، و«ياغولة عينك حمرا»، و«الأميرة والصعلوك»، و«يا مسافر وحدك»، و«كنت فين يا علي». «بتوقيت القاهرة».. إطلالة ما قبل الغياب آخر أعمال نور الشريف فيلم «بتوقيت القاهرة»، للمخرج أمير رمسيس، وعرض الفيلم في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، بحضور بطليه نور الشريف وميرفت أمين. ونال الراحل عن «بتوقيت القاهرة» جائزة أفضل ممثل من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في يونيو الماضي. |
اسم بارز
الشريف.. «نور» الدراما العربية وأحد مثقفيها النوعيين، زين الشاشة الكبيرة، وكذلك التلفزيون، و«أبوالفنون»، وحفر اسمه بارزاً منذ الإطلالة الأولى في فيلم «قصر الشوق» عام 1966، وكما صدق جمهوره الشاب كمال، اقتنعوا بكثير من الأدوار التي أداها الشريف، وكأنها كتبت له، أو أن الفنان الراحل قد كتب لها كيما يخلدها، لا تختلف في ذلك أدوراه الاجتماعية عن التاريخية؛ إذ أبدع الشريف حينما أطل في «سواق الأتوبيس» (الأسطى حسن)، و«ناجي العلي»، والمصاب بالزهايمر في «بتوقيت القاهرة» آخر إشاراته السينمائية.
وحينما ذهب الشريف إلى التاريخ، ارتبطت صورته بشخصيات جسّدها على الشاشة، فمن ابن رشد في «المصير» إلى «عمر بن عبدالعزيز» و«هارون الرشيد»، وغيرهما.
كل الأدوار تقريباً أداها الراحل نور الشريف، وترك بصمته عليها، فالفنان «الوسيم» صاحب «حبيبي دائماً»، والرومانسيات، تخلى عن إطلالة فتى الأحلام، ونجم السبعينات والثمانينات، ليقدم المغاير، وأثار جدلاً حينما ظهر على شاكلة من تعذبوا في سجن أبوغريب في فيلم «ليلة البيبي دول».
كما تألق الراحل في كثير من المسلسلات الدرامية، التي تعد من علامات التلفزيون، ويعود الفضل في ذلك لنور الشريف، الذي أدى دور العصامي في «لن أعيش في جلباب أبي» (عبدالغفور البرعي)، والإعلامي الملتزم صاحب الموقف في «ما تخافوش»، وغيرهما كثير.
من «الزمالك» للتمثيل
ولد نور الشريف في أبريل عام 1946، بدأ شغفه بالتمثيل في المدرسة، وفي الآن ذاته كان عاشقاً لكرة القدم، وكان من أشبال نادي الزمالك، إلا أن الكفة رجحت لموهبة التمثيل، فبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة، غير أنه تركها واتجه إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج فيه بتقدير امتياز، وكان ترتيبه الأول على دفعته عام 1967.
بعد أدوار صغيرة أولى، رشحه عادل إمام للمخرج حسن الإمام الذي منحه دوراً في فيلم «قصر الشوق»، وحصل عن هذا الدور على شهادة تقدير، وكانت أول جائزة يحصل عليها. ومن أفلامه «يا رب توبة»، و«وضاع العمر يا ولدي»، و«حبيبي دائماً»، و«الكرنك»، و«حدوتة مصرية» و«الطاووس»، و«العار»، و«أهل القمة». وحصل على جائزة مهرجان نيودلهي عن فيلم «سواق الأتوبيس»، الذي يعد من أبرز أفلام الراحل، إضافة إلى فيلم «ناجي العلي» الذي قدمه عام 1992، وأثار ضجة حينها، إلا أن الفنان صاحب المواقف لم يأبه حينها، حتى بعد أن طالب البعض بوقف عرض الفيلم. وكان آخر ظهر سينمائي لنور الشريف بدور في فيلم «بتوقيت القاهرة» العام الماضي، الذي عرض بحضور نور الشريف في مهرجان دبي السينمائي في دورته الماضية. ونال الشريف عن ذلك الفيلم جائزة أفضل ممثل من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في يونيو الماضي، ومنعه المرض حينها من تسلّم الجائزة.
في حي السيدة
ولد الشريف في حي السيدة زينب بالقاهرة عام 1946، باسم محمد جابر محمد عبدالله، ورحل والده وهو في السنة الأولى من المعهد العالي للفنون المسرحية. واختار الراحل لنفسه اسماً فنياً هو نور الشريف، وكان يهوى كرة القدم لكن ميله إلى الفن كان أقوى فاختار طريق التمثيل، حتى صار إحدى علاماته العربية.
وبعيداً عن التمثيل، برز الفنان الراحل نور الشريف في العديد من الإطلالات، فقدم بعض البرامج على بعض شاشات الفضائيات، كما سجل بعض الحلقات على قناة دريم الفضائية، أثرى فيها المشاهدين بتحليلاته السينمائية، وبتاريخ الفن السابع، ليبرز وجه الناقد الذي يُبرز مواطن الجمال، وليس مجرد الفنان أو «المشخصاتي».
وقال رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط، الأمير أباظة، إن «مسابقة الفيلم العربي»، وهي مسابقة ينظمها للمرة الأولى بداية من دورته الجديدة الشهر المقبل ستحمل اسم نور الشريف. والمهرجان الذي سيفتتح في الثالث من سبتمبر المقبل ينظم ست مسابقات للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية الطويلة والقصيرة ومسابقة لشباب الإسكندرية، إضافة إلى مسابقة للأفلام العربية تنظم للمرة الأولى.
وأضاف أباظة أن اسم الشريف سيطلق على مسابقة الفيلم العربي، التي يترأس لجنة تحكيمها المخرج عمر عبدالعزيز، رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية بمصر. وأضاف أن المهرجان سيقدم آخر أفلام الشريف «بتوقيت القاهرة» في عرض خاص، تعقبه ندوة عن مسيرة الشريف بمشاركة عدد كبير من السينمائيين.