«قبل أن نمضي».. السينما تشــبه الحياة
كريس ايفانز الذي تعلق به جمهوره من خلال شخصية «كابتن أميركا»، يظهر هذه المرة بشكل مختلف تماماً، هو أمام الكاميرا وخلفها في تجربته الإخراجية الأولى للفيلم الرومانسي «قبل أن نمضي»، في هذا الفيلم الذي تدور أحداثه في ليلة واحدة، ليلة مظلمة، يحاول ايفانز بشخصية «فوغن» أن يكون رومانسياً إلى أبعد حد، وهو العازف على البوق، المجروح من علاقة عاطفية سابقة مضت عليها ست سنوات من القطيعة.
يظهر ايفانز بدور يلغي تماماً شكله السابق وهو يحمل الدرع ببدلته الحديدية وينقذ وطنه، في هذا الفيلم الجمهور يكاد لا يتعدى أصابع اليد، وهو من نوعية الأفلام التي تعرض في المهرجانات السينمائية لا التجارية.
اختار ايفانز أن تشاركه البطولة الفنانة البريطانية أليس ايف، ولعبت شخصية بروك، فالحكاية تدور حولهما، في محطة قطار في نيويورك، التي تحتمل الكثير من القصص واللقاءات بين الأغراب.
نظرة اللقاء
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط. |
تسمع ألحان البوق من بعيد، لترى شاباً يافعاً يعزف عليه في محطة قطار، واضح أنها على اقتراب مع إغلاقها، المكان في نيويورك، لقطات سريعة حول الاستقبال والوداع التي يتخللها الكثير من العاطفة، يكسر هذا الرتم الشاعري خبطات سريعة لفتاة تريد اللحاق برحلتها، لكنها تفشل، يتعين عليها الانتظار سبع ساعات، وهي لا تستطيع الانتظار، خصوصاً أنها فقدت حقيبتها ومالها، ولا تملك سوى هذه التذكرة التي ستنقذ زواجها من انهيار وشيك، بسبب رسالة وضعتها على السرير تريد أن تمزقها قبل وصول زوجها من رحلة أخرى، ينتبه لها فوغن، ويقترب منها لعرض خدماته، الريبة حاضرة من قبل بروك أمام هذا الغريب الوسيم، الذي يحاول من طرفه تقديم كل عوامل الثقة كي تطمئن إليه. سوسن همام (30 عاماً) أكدت أن الفيلم أخذها إلى عالم حقيقي وليس تمثيلاً «هذا الذي يحدث فعلاً في محطات القطار أو في أروقة المطارات، الناس تجتمع، لكن تنقصها الثقة كي يتبدد أي نوع من الحزن»، مانحة الفيلم ثماني درجات.
بدورها قالت عالياء المحمدي (28 عاماً) إن «الفيلم رائع، وشعرت بكل تفاصيله، حتى الحوار بين البطلين كان عميقاً جداً، وفيه الكثير من اللحظات التي تلمس وجدانك»، مؤكدة «منذ زمن لم أشاهد مثل هذا النوع من الأفلام، ولم أتوقع أن أشاهد بطل أميركا بهذا الشكل الرومانسي الفريد»، مانحة الفيلم تسع درجات.
الحاجة
بعد تبديد الثقة، تشعر بأن ما جمع بينهما هو الحاجة إلى بث ما في الصدر من هموم إلى مجهول، فحالة تصعيد البوح من حرجة إلى متوازنة إلى انفجار كانت تتلاءم مع طبيعة الفيلم برتمه المحاط بإضاءة ليلية، وعتمة طوال الوقت، وقليل من الصخب المرتبط أيضاً بمحاولة فوغن طوال الوقت لإنقاذ بروك وإيصالها إلى بيتها قبل وصول زوجها، مغامرات بسيطة فاشلة في معظمها، تؤكد طوال الوقت أن القدر يلعب لعبته، لكن هذا القدر لا تتوقع منه أن يجمع بينهما كنهاية لمعظم الأفلام من هذه النوعية، بل هو يضعك كمشاهد كحكم على قصة اثنين، كل مشكلتهما أنهما أحبا شركاءهما كثيراً، وجرحا منهما.
يقول أحمد عبدالله (36 عاماً) إن «هذا الفيلم ستعجب به النساء أكثر من الرجال، ومن الممكن بالفعل أن تحدث مثل هذه القصص، لكن الرجل لن يكون نبيلاً إلى درجة شخصية فوغن في الفيلم، خصوصاً إذا ما اجتمع مع امرأة حسناء»، مانحاً الفيلم ست درجات.
بدوره قال حسن مصطفى (29 عاماً) إن «هذا الفيلم خطر، لأنه يعطي مجالاً واسعاً للثقة بين الأغراب، وهذا ليس بشيء جيد، بل مخيف، ونحن نعلم أن الصورة تؤثر كثيراً في المتلقي، وهنا الصورة أعطت أملاً بالثقة بعابري الطريق، الذين من الممكن أن يكونوا مجرمين»، مانحاً الفيلم ست درجات.
بدورها، ورداً على موضوع الثقة، تؤكد ريم البغدادي (27 عاماً) أن «موضوع الثقة تطور مع تطور القصة وأحداثها، وهذا ذكاء في النص والإخراج، لأنها في البداية لم تعطه اسمها الحقيقي، ولا مكان سكنها الحقيقي، ووثقت به قرب نهاية الفيلم، وهذا الشيء الجميل في الفيلم»، مانحة إياه تسع درجات.
البوح
كل مشهد من الفيلم يقربك أكثر إلى معنى البوح، ويجعلك كمشاهد تستمع الى قصة قد تكون حاضراً ليا أو بطلاً فيها، الجرح هو الذي جمعهما، واستطاعا من خلاله أن يتخلصا منه، وفتح صفحة جديدة لحياة كل واحد منهما على حدة، تفاصيل جميلة في الفيلم الذي لايزال يعرض في دور سينما محلية، من الجميل أن تشاهدها وتكون شاهداً عليها، على أسلوب سينمائي قد لا يروق لكثيرين، لكنه يوصل حكاية ذات معنى قد تحدث معك بالفعل.
نهاية الفيلم كانت بالنسبة لكثيرين صادمة، حيث المتوقع أن يظلا مع بعضهما بعضاً، إلا أن لحظة الوداع في محطة القطار كانت الفاصلة، هي لن تلحق الرسالة وسيشاهدها زوجها، وبناءً عليه هي مستعدة لمواجهته، أما هو فسيذهب لتجربة الأداء، ويفتح قلبه مرة أخرى للحب.