أول عروض الأفلام المشاركة في «مهر» للأفلام الطويلة

«زنزانة».. قصة عربية برؤية إماراتية

نقلة نوعية في طريقة التعاطي مع صناعة الفيلم الإماراتي فقد استطاع المخرج في تجربته الأولى أن يثير إعجاب كثيرين للتقنية التي استخدمها المتعلقة بلقطات «الأكشن» وطريقة إدارته للفنانين. د.ب.أ

عرض الفيلم الروائي الأول للمخرج الإماراتي ماجد الأنصاري «زنزانة»، أمس، ضمن العروض الخاصة التي اعتمدتها إدارة مهرجان «دبي السينمائي» للصحافيين والنقاد في «مول الإمارات»، وهو من بطولة الفنانين الفلسطينيين علي سليمان وصالح بكري، مع مشاركة الفنان الإماراتي، ومدير «سند»، علي الجابري، والسعودية عهد كامل، وآخرين.

الفيلم الذي يبدأ بجملة «حدث في سجن عربي» تنتقل بعده اللقطة إلى «الروزنامة» التي تشير إلى عام 1987، يدخلك كمشاهد إلى عالم المجابهة بين الجلاد والضحية، في أقسى صورها، خصوصاً إذا كان الجلاد يحمل رتبة عسكرية، ويستغل هذه الرتبة للتنفيس عن عقده النفسية تجاه البشر.

ماجد الأنصاري

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/12/8ae6c6c5502ee51c0151878221e1482c.jpg

انضم إلى «إيمج نيشن»، وعمل في عدد من الإنتاجات السينمائية لها. تدرّب في «بارتيسيبنت ميديا» في لوس أنجلوس، حيث تعلم أسس صناعة الأفلام. في عام 2012، أخرج أول فيلم قصير له «الدخيل»، وعُرض لأول مرة في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، وحصل على جوائز عدة، في المكسيك وبوسطن وبورتوريكو، وعُرض في 34 مهرجاناً. «زنزانة» هو فيلمه الروائي الطويل الأول.

هي نقلة نوعية في طريقة التعاطي مع صناعة الفيلم الإماراتي، فقد استطاع الأنصاري في تجربته الأولى أن يثير إعجاب كثيرين، للتقنية التي استخدمها المتعلقة بلقطات «الأكشن»، وطريقة إدارته لفنانين استطاعوا أن يتجانسوا ضمن رؤيته الإخراجية، فأبدعوا بالتمثيل لدرجة تشعر أنك تريد أن تصفق لهم طوال الوقت.

هو الذكاء أيضاً المرتبط باختيار الأنصاري للممثلين البطلين، علي سليمان وصالح بكري، اللذين حصلا على جوائز عالمية لها علاقة بأدائهما في أفلام عربية وأجنبية عدة.

تفاصيل الفيلم التي لا تخرج من غرفة التحقيق تدخلك في تفاصيل نفسية، بين ضابط اسمه «دبان»، يتفنن في الإجرام، ويحقق مصالحه حتى لو بقتل زميل له في العمل، واستغلال زميلته التي تفتقر للجمال، ويكسبها من خلال كلماته المنمقة البعيدة عن الواقع، فتصبح تحت امرته ورهن إشارته، فشخصية دبان هي شخصية الديكتاتور الذي نسمع عنه، والذي من الممكن أن يسمع الموسيقى العالمية ويرقص عليها، وفي اللحظة نفسها يطلق من مسدسه الطلقات على الضحايا، لا يمكن أن يقف أمام الديكتاتور أمر لا يريد تنفيذه، حتى لو كان هذا الأمر على شكل طفل.

في المقابل، نرى شخصية طلال السجين، الذي نعرف أنه ناضل كي يتخلص من إدمانه الكحول الذي بسببه خسر زوجته وابنه، هنا الإسقاط ليس على شاربي الكحول، بقدر ما هو على حالة السكر نفسها التي تفقد الإنسان تركيزه ويكون على عكس ما هو، لكن عندما يقرر أن يستيقظ من حالة توهانه يكون أقوى بكثير، وهذا الذي حاول الضابط دبان أن يلعب عليه، أن يعيد طلال إلى حالة سكره، هو يريد أن يؤكد أن حياة طلال بين يديه، خصوصاً بعد مشاهد عدة من الأفضل ألا ندخل في تفاصيلها، لأن الفيلم سيتم عرضه رسمياً في دور السينما المحلية قريباً.

الفيلم يحكي ببساطة العلاقة بين الديكتاتور والضحية، علاقة من يحمل السلاح ومن لا يحمله، ومن الممكن أن نذهب إلى أبعد من هذا، ونقول هي علاقة من يطلب الحرية والحق مقابل من يريد أن يخرسها.

الفيلم يبشر بدخول صناعة السينما الإماراتية إلى منحى مختلف عن ما قدمته سابقاً، من كليشهات ثابتة، استطاع الأنصاري بالفعل أن يقدم عملاً من المتوقع أن يحصل من خلاله على جوائز مختلفة.

عهد كامل، وعلي الجابري، وإياد الحوراني، وعبدالله بوعابد، استطاعوا أن يكون لهم حضور مميز في الفيلم، مع قلة المشاهد، وهذا يتعلق أيضاً بالدور الذي أدته ياسة جمعة، التي استطاعت بخفة ظلها أن تخفف من وطأة القتل والدم والتعذيب في الفيلم.

فبين الأحلام التي تأتي على شكل خيالات يعيشها طلال في الزنزانة، وبين الواقع الذي يستيقظ عليه في مجابهة جلاده، ثمة نافذة على طرف الزنزانة تبشر بولادة حرية قادمة لا محالة، تستطيع من خلالها أن تعيش الأمل، هذا ما قدمه الفيلم، الذي وضع يده على جرح لايزال ينزف في أقطار عربية عدة.

تويتر