«الليالي العربية»..مآسٍ إنـسانية في ظلال «المشهد السيــاسي»
السينما العربية ممثلة في برنامج الليالي العربية كانت هي الصبغة العامة لبرنامج مهرجان دبي السينمائي الدولي في ليلته الثالثة، ليس لجهة العروض فقط، بل من حيث حضور أكثر ألقاً لمنمين لتلك الصناعة، في ظل مهرجان دولي يحتفي بكل ثقافات الفن السابع، في دورته الـ12، التي تمتد حتى الـ16 من الشهر الجاري.
وحظيت أسرة الفيلم المصري «قبل زحمة الصيف» باهتمام ملحوظ في أروقة المهرجان، حيث يمثل العمل استمراراً لوجود مستمر للمخرج القدير محمد خان، الذي اعتاد أن يقدم لرواد «دبي السينمائي» عملاً ينافس بقوة على جائزة المهر للأفلام العربية الروائية، التي تعد واحدة من أهم جوائز المهرجان، حيث يضم الفيلم في طاقمه التمثيلي كلاً من ماجد الكدواني وهنا شيحة ولانا مشتاق وأحمد داود وآخرين.
دعم المواهب
انعكاساً للحراك الإماراتي المحفز للمواهب الجديدة لدخول صناعة السينما، جاءت نتيجة جائزة «آي دبليو سي»، حيث فازت الإماراتية ليلى كيليف، وهي مخرجة إماراتية طموحة، ومؤسِّسة شركة إنتاج الأفلام «كانوبوس فيلمز»، ومقرّها دبي، بالجائزة الأولى عبر أحدث فيلم روائي لها بعنوان «كاتب الرسائل». ويدخل الفيلم أيضاً في إطار الدراما الرومانسية، ويحكي قصة الخداع والكذب فيما يستغلّ صبي صغير يدعى «خليفة»، مهاراته في كتابة الرسائل لتحقيق مكاسب شخصية على حساب زبائنه الواثقين به. أحد هؤلاء الزبائن يدعى السيد محمد، وهو يملك محلاً لبيع الأقمشة، يصادقه خليفة، ويساعده في مراسلة حبه السري، إيلي. إلا أنّه حين يلمح إيلي للمرة الأولى، يقع في غرامها على الفور، ويبدأ المحاولة للفوز بحبّها بطريقة غير مشروعة. |
«الحكاية الرومانسية وقصص الحب والعاطفة لا يغيبها المشهد السياسي المأزوم»، هذا ما يشير إليه نسبياً المحتوى الرومانسي الملحوظ لعدد من أبرز الأفلام العربية حضوراً في قائمة «الليالي العربية»، بما في ذلك أفلام صُنعت عملياً بعيداً عن المشهد الأمني المتوتر، مثل «قصة حب سورية» للمخرج جون ماكليستر، الذي يشارك «قبل زحمة الصيف» في المحتوى الرومانسي، في حين يغوص «فاطمة» في واحدة من المآسي الاجتماعية الناجمة عن المشهد السياسي المضطرب، لزوجة تحب زوجها وتقدر الحياة الزوجية، ذهبت لتلحق به في ملجأه الأوروبي، ولكن من منظور اجتماعي وعاطفي عبر مأساة قضايا اللاجئين إلى أوروبا.
المأساة الإنسانية عوضاً عن الغوص في تشابك المشهد السياسي والأمني المعقد، كان خيار المخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد، في معالجته الدرامية لفيلم حول الفنان الفلسطيني الذي فاز بالجائزة الأولى لبرنامج استكشاف مواهب غنائية شهير هو «محبوب العرب» محمد عساف، عبر فيلم «يا طير الطاير»، الذي تعمق فيه في طرح قصة كفاح صبي فلسطيني تحدى قيود الاحتلال من أجل أن يوصل فنه إلى خارج محيطه الجغرافي الضيق، لتظل ثيمة النزعة الإنسانية العاطفية هي الغالبة على الفيلم العربي القادم من مناطق التوتر الأمني والسياسي.
رغم ذلك لم تعدم أروقة مدينة جميرا التي تعد المقر الرئيس لفعاليات المهرجان، من بعض الهدوء، الذي اعتاده رواد «دبي السينمائي» في يومه الثالث دوماً، نظراً لأنه يصادف «الجمعة»، لكن هذا الهدوء عادة ما يتحول إلى نشاط مضاعف، بدءاً من المساء، سواء من أجل البحث عن أنسب العروض، في ظل قائمة أفلام تطول لتصل إلى 134 فيلماً، نحو نصفها تقريباً في عرضه العالمي الأول، أو من أجل استعداد للحفلة اليومية التي يقدمها أحد رعاة المهرجان، بالتعاون مع «دبي السينمائي».
واستثمرت اللجنة المنظمة للمهرجان هذا الهدوء النسبي المتوقع، في نهار المهرجان، للإعلان عن بعض المبادرات والمسابقات المهمة، عبر لقاءات إعلامية بعضها تم إعلانه في وقت متأخر لليلة الخميس أيضاً، حيث يواصل دبي السينمائي واحداً من أهم برامجه التي تصب في إطار دعم صناعة السينما الناشئة في المنطقة من خلال برنامج «إنجاز»، الذي كشف هذا العام عن دعمه لـ15 فيلماً مختلفاً، بدءاً من مرحلة السيناريو، وصولاً إلى استضافة عرضه.
«سينما توغراف»
جاء الكشف عن إطلاق مبادرة إعلامية جديدة من تحت مظلة «دبي السينمائي»، وهي مجلة «سينما توغراف»، التي أعلنت إطلاق موقعها الإلكتروني بالتزامن مع انطلاق الدورة الحالية لدبي السينمائي، بعد أن أصدرت عددها الورقي الأول بالتزامن أيضاً مع انطلاقة المهرجان.
أعلن ذلك خلال مؤتمر صحافي تحدث فيه بشكل رئيس كل من المدير العام لمدينة دبي للاستديوهات جمال الشريف، ورئيس لجنة السينما والتلفزيون بدبي، والناقد السينمائي اللبناني محمد رضا، إلى جانب رئيس تحرير «سينما توغراف» الصادرة عن مدينة دبي للإعلام الناقد أسامة عسل.