«يا طير الطاير».. غزة هي الحكـــاية

تعتقد لوهلة أنك ستذهب لمشاهدة فيلم يتحدث عن حياة الفنان الفلسطيني، محمد عساف، صاحب لقب «محبوب العرب»، الذي حصل عليه عام 2012، في الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية « يا طير الطاير»، المبنية أحداثه على جزء من قصة حياة عساف، أنت ستدرك كمشاهد أنك أمام حكاية جديدة عن مدينة غزة الفلسطينية، حكاية أراد منها مخرج الفيلم، هاني أبوأسعد، صاحب فيلمي «الجنة الآن» و«عمر»، أن يحكيها بطريقة مغايرة، لها علاقة بارتباط هذه المدينة الواقعة على البحر مع الحياة، التي حرمت منها منذ سنين إلى اللحظة، بسبب الحصار.

 

الفيلم الذي صورت أحداثه في مدن عربية عدة، منها غزة وعمان والقاهرة، استطاع أن يوصل رسالته المرجوة بسلاسة إلى الجمهور، الذي منحه سابقاً أثناء عرضه في الدورة الـ12 من مهرجان دبي السينمائي، جائزة الجمهور، واستطاعت مشاهده أن تضع يدها على الجرح، بطريقة تشبه صوت عساف القوي، الذي وصل إلى العالمية بعد رحلة عناء جسدها الفيلم بتفاصيلها، وبناء على ذلك منحه الجمهور العلامة التامة، وهو من بطولة الأطفال، قيس عطا الله، الذي جسد طفولة عساف، وهبة عطا الله التي أدت دور شقيقته، وتوفيق برهوم الذي قام بشخصية عساف عندما كبر، بالإضافة إلى نادين لبكي وعلي سليمان والإعلامي علي جابر بحضورهم الشرفي.

 

الشقيقة الإلهام

 

تبدأ أحداث الفيلم مع مجموعة من الأطفال الذكور بينهم طفلة صغيرة، ومنذ البداية ستشعر أنها المسيطرة على هذه المجموعة، يركضون في أزقة شوارع قطاع غزة، ويهربون من مشاجرات طفولية، وفي الوقت نفسه وعلى أدوات موسيقية مصنوعة يدوياً، يغنون ويعزفون، مقابل بضع عملات صغيرة، الهدف من تجميعها شراء آلات موسيقية حقيقية، من ضمن هذه المجموعة محمد عساف وشقيقته نور، التي تحمل لقب «حسن صبي»، لتصرفاتها الصبيانية البعيدة عن تصرفات الإناث بعمرها، تردد دائماً عبارة على مسمع شقيقها محمد عندما يقعان في مأزق «بدنا نكبر وبدنا نغير العالم».

 

تقول سلوى محمد (37 عاماً) «تأثرت كثيراً بالفتاة نور، شعرت بأن قصتها هي قصة فلسطين، الصامدة والقوية، التي إذا مرضت يتخلى عنها الجميع»، مؤكدة «الفيلم جميل جداً، وموجع، والذكاء فيه أنه اتخذ من قصة محمد عساف ركيزة ليبني عليها قصة غزة».

في المقابل، قالت مريم العموري (40 عاماً) «وراء كل رجل ناجح امرأة، قد تكون زوجته، أمه، وفي الفيلم شقيقته»، وأضافت «الفيلم وضع يده على الجرح النازف إلى اللحظة في غزة الفلسطينية».

 

وجع غزة

 

الفيلم الذي تولّى كتابته المخرج، هاني أبوأسعد، بمشاركة سامح الزعبي، فيما لحن الأغاني الخاصة به الكاتب والمنتج والموزّع الموسيقي، حبيب شحادة حنا، ينقل معاناة غزة من خلال هؤلاء الأطفال، من الحرمان الذي يعيشونه، من أحلامهم البسيطة التي تعتبر صعبة المنال في ظل الحصار وإقفال الحدود، من شقيقته التي حققت مبتغاها بشراء آلات موسيقية والتجول مع فرقتها في أحياء الأعراس، وقد أصيبت بفشل كلوي يستدعي غسيلاً أسبوعياً أو إيجاد كلية بديلة قيمتها 15 ألف دولار، بعد الفشل في تطابق أنسجتها مع عائلتها، خصوصاً مع محمد أول المتبرعين، وتظهر أيضاً شخصية طفلة أخرى سيكون لها الدور الكبير في حياة عساف عندما يصبح شاباً، هنا يختلف سياق حكاية يا طير الطاير، وتبدأ معها مواجهة من نوع مختلف، خصوصاً بعد أن تموت نور، ويبتعد عساف عن الغناء، وقد أصبح شاباً في الجامعة يعمل على سيارة أجرة لدفع أقساط الجامعة.

 

أهمية الفيلم بالنسبة لخالد الدوهلي (30 عاماً) تكمن «في قدرة القصة على الدخول إلى قلب كل متفرج، وإعطائه الفرصة ليعرف أكثر عن معاناة الشعب الفلسطيني، خصوصاً في غزة، فالحصار الذين يعيشون تحت سيطرته منذ سنوات جعلهم يفتقرون إلى أهم مقومات الحياة، فنور لم تستطع النجاة ببساطة لقلة حيلة اليد».

 

المقاومة

 

تدور أحداث الفيلم في الكثير من المحطات والأحداث، التي تطرأ على حياة محمد عساف، خصوصاً بعد أن يقرر العودة للغناء، والمشاركة في برنامج «نجم فلسطين»، لكن بسبب عدم قدرته على الذهاب إلى رام الله، يقرر بث صوته عبر الـ«سكايب»، لكن انقطاع الكهرباء الدائم عن القطاع يجعله يستعين بموتور، ويتم بث أغنيته «يا طير الطاير»، وقبل الانتهاء ينحرق الموتور، ويتحول عساف ورفاقه إلى أضحوكة، في الوقت الذي يتم الإعلان فيه عن استقبال الأصوات في برنامج «عرب أيدول»، ليعيش عساف وجمهوره الرحلة التي بات يعرفها كثيرون، من محاولة تزوير فيزا إلى القاهرة، وتخطي عدم رغبة عناصر من «حماس»، من بينهم صديق طفولته عمر الذي كان يحب شقيقته نور، وليس انتهاء بلقائه مصادفة بأحد المشاركين، الذي يمنحه بطاقته بعد سماع قصته للوصول إلى القاهرة.

 

قالت هالة السعيد (25 عاماً) «جئت للفيلم متوقعة أن أرى حياة كاملة أشبه بالتوثيق للفنان الذي أحب، محمد عساف، وخرجت من الفيلم وأنا أبكي لأنني شاهدت حكاية أخرى من حكايات غزة، وهذا ما جعلني أحب الفيلم، حيث عشت لحظات الصمود والمقاومة عندما يكون الفن لغتها».

في المقابل أكد محمد الرميثي (39 عاماً) «المقاومة في فلسطين ليست محصورة في من يحمل السلاح فقط، لأن كل من يعيش في فلسطين هو مقاوم، يتحدى صعوبات الحياة كي يعيش، وأكبر مثال تلك الأحداث التي تناولها الفيلم، الذي أوصل رسالة إلى العالم عن غزة، التي تقاوم كل يوم كي تعيش حتى لو بأبسط الأدوات».

 

الفرح

 

النهاية المتوقعة للفيلم كانت حاضرة لأن الأغلبية تعرفها، وهي وصول عساف إلى لقب محبوب العرب، حتى اللقطات التوثيقية الحقيقية التي استعان بها أبوأسعد في الفيلم، كانت حديث الناس لفترة طويلة، حيث عساف الذي استطاع أن يوحد الشارع الفلسطيني ولو لليلة، وفي لقطة ذكية من قبل أبوأسعد، ينقل للمشاهد ردة فعل صديق طفولته الذي اصبح عنصراً في «حماس»، وفرحته بعد إعلان نتيجة فوز عساف باللقب، وكيف أن العديد من العائلات تجمهرت حول شاشات العرض الكبيرة في شوارع القطاع، واتحدت في شكل ردة الفعل على هذا الفوز، لقطات كثيرة في الفيلم تحمل من العاطفة الكثير، لم توثق فعلياً حياة محمد عساف بل نقلت معاناته التي تشبه معاناة كثيرين مازالوا يعيشون تحت الحصار.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة