دراما السيرة الذاتية.. جدل يدخـل المحاكم
بين الشخصيات التاريخية والمعاصرة، انشغل صناع الدراما العربية بتقديم أعمال درامية تلفزيونية وسينمائية نالت نصيبها المتفاوت من النجاح لدى المتخصصين والمشاهدين، إلى جانب تعرضها إلى النقد وإثارتها الجدل والخلافات بين الورثة وجهات الإنتاج التي دافعت عن حقها في تسليط الضوء على جوانب متعددة من حياة هذه الشخصيات التي عاصرت جملة من الأحداث الاجتماعية والتاريخية والثقافية.
«حضرة الغياب»
أثار مسلسل «في حضرة الغياب» في عام 2011 الذي يصور سيرة الشاعر الفلسطيني محمود درويش موجة انتقادات، وطالبت «مؤسسة محمود درويش» في رام الله بوقف عرضه على الشاشات العربية، معتبرة العمل «إساءة للشاعر وصورته وحضوره في الوعي الثقافي العربي والإنساني». ظروف إنتاجية قدّم المخرج حاتم علي سيرة الملك فاروق، حاصداً بذلك ست جوائز ذهبية في مهرجان القاهرة للإعلام العربي في دورته الـ13، وأعلى نسب متابعة خلال عرضه في عام 2007. والمسلسل من بطولة تيم حسن ووفاء عامر وعزت أبوعوف، وكتابة لميس جابر التي سعت مع زوجها الفنان يحيى الفخراني إلى تقديم سيرة محمد علي باشا الذي حكم مصر (1805- 1840)، وما أعقب فترة حكمه من ازدهار ورخاء لمصر، وذلك بعد أن كان الفخراني متحمساً لتقديم هذا العمل كما صوّر قبل أعوام لقطات تحضيرية لشخصية محمد علي، إلا أن الظروف الإنتاجية حالت دون تقديمه. تعدٍ واضح رغم رفض الفنانة شادية فكرة مسلسل «قمر لا يغيب» الذي يتناول سيرتها، إلا أن الخلافات سرعان ما نشبت بين بشرى ودنيا سمير غانم حول بطولة المسلسل. وكذا وردة الجزائرية التي رفضت تقديم سيرتها الذاتية، إلا أن شهية كتاب الدراما لم تفوت هذه الفرصة إذ أعلن بعد وفاتها بأسابيع عن بدء كتابة مسلسل عن حياتها.الفنان إيمان البحر درويش أكد استعداده لتقديم عمل عن سيرة جده الموسيقار سيد درويش، وأعلن فاروق الفيشاوي عن تقديم شخصية الشاعر بيرم التونسي في مسلسل «أهل الهوى»، فيما قررت ناهد فريد شوقي كشف قصة حياة والدها الفنان فريد شوقي وزوجته هدى سلطان. «الضاحك الباكي» بعد تأخير استمر خمسة أعوام أعلن أخيراً عن بدء التحضير لمسلسل «الضاحك الباكي.. نجيب الريحاني» الذي سيؤدي دور البطولة فيه الفنان هشام إسماعيل، بعد أن رفض المنتج عادل حسني ترشيح الفنانين أشرف عبدالباقي وصلاح عبدالله وعابد فهد، فيما يستعد قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري لإنتاج مسلسل «طلعت حرب» بعد توقف المشروع سنوات عدة. كما يستعد قطاع الإنتاج لتقديم قصة حياة الخنساء، فيما سيتم الإعلان عن نية مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر إنتاج مسلسل يتناول قصة حياة المفكر المصري جمال حمدان. |
في مسلسل «الأيام» للمخرج يحيى العلمي، قدم الفنان أحمد زكي شخصية عميد الأدب العربي طه حسين عن قصة وسيناريو وحوار لأمينة الصاوي وأنور محمد، محققاً النجاح في عام 1979، قبل أن يقدم في عام 1996 فيلم «ناصر 56»، و«أيام السادات» في عام 2000، وينهي مشوراه الفني بفيلم «حليم» في عام 2006 الذي يروي حياة الفنان عبدالحليم حافظ، والذي تم تقديمه في مسلسل تلفزيوني حمل عنوان «العندليب حكاية شعب» من إخراج جمال عبدالحميد وبطولة شادي شامل وعبلة كامل وكمال أبورية ولقاء الخميسي.
بدورها نالت «كوكب الشرق» أم كلثوم نصيبها من الاهتمام سواء من خلال المسلسل الدرامي الذي قدمه الكاتب محفوظ عبدالرحمن وأخرجته المصرية أنعام محمد علي في عام 1999، فأسندت بطولته إلى الفنانة صابرين، أو من خلال الفيلم السينمائي الذي أخرجه محمد فاضل في العام نفسه، وتولت بطولته الفنانة فردوس عبدالحميد حيث تناول الفيلم فترة زمنية محددة من حياة أم كلثوم.
خلافات وقضاء
ليس بعيداً عن حياة نجوم الفن، تابع الجمهور في عام 2008 مسلسل «أسمهان» الذي تألقت في بطولته الفنانة سلاف فواخرجي مع نخبة من نجوم الدراما السورية والمصرية واللبنانية، حيث حقق المسلسل النجاح الجماهيري المنتظر الذي توقعته رؤية التونسي شوقي الماجري، رغم كل المشكلات التي أثارها العمل والدعاوى القضائية التي وصلت إلى أكثر من 25 دعوى قضائية بعد الخلافات التي نشبت بين الجهة المنتجة وآل الأطرش الذين أعلنوا عدم رضاهم عن الطريقة الفنية التي ظهر بها الفنان فريد الأطرش وعدد من الشخصيات الأساسية في المسلسل.
الشاعر نزار قباني لم يسلم بدوره من جدل أعمال السير الذاتية، بعدما حمل العمل توقيع المخرج باسل الخطيب والكاتب قمر الزمان علوش، وبطولة تيم حسن وسلوم حداد. كما دخل مسلسل «الشحرورة» مجرى الدعاوى القضائية التي رفعها ورثة شخصيات ظهرت في المسلسل، رغم تزامن تقديمه قبل وفاة الفنانة صباح، حيث يتذكر الجمهور ما صرحت به اللبنانية كارول سماحة حينها وقرارها اعتزال تقديم مسلسلات السير الذاتية، بعد تقديمها هذا العمل في عام 2011 احتراماً للجمهور الذي تابع تفاصيل حياة صباح.
وفي عام 2011 أثار مسلسل «في حضرة الغياب» عن سيرة الشاعر محمود درويش موجة انتقادات، وطالبت «مؤسسة محمود درويش» في رام الله بوقف عرضه على الشاشات العربية، معتبرة العمل «إساءةَ للشاعر وصورتَه وحضوره في الوعي الثقافي العربي والإنساني».
حكايات تاريخية
لم تقف شهية صناع الدراما عند الشخصيات الفنية، بل وصلت إلى الشخصيات التاريخية، حيث تطول قائمة عناوين هذه الأعمال سواء في السينما أو التلفزيون. ففي عام 1963 قدم المخرج يوسف شاهين فيلم «الناصر صلاح الدين» لكل من الكتاب يوسف السباعي ونجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوي، حيث أدى دور صلاح الدين الأيوبي الفنان أحمد مظهر إلى جانب صلاح ذو الفقار وحمدي غيث وعمر الحريري ومحمود المليجي وليلى فوزي، وذلك قبل أن يتم تقديمه تلفزيونياً في عام 2001 في عملين منفصلين، الأول للمخرج حاتم علي والكاتب وليد سيف وبطولة جمال سليمان، والثاني من إخراج نجدت أنزور بعنوان «البحث عن صلاح الدين». ولم يحقق المخرج مصطفى العقاد حلمه السينمائي بتكريس سيرة القائد التاريخي رغم الأعمال السينمائية الخالدة التي شكلت محطات مهمة في تاريخ الدراما التاريخية، في الوقت الذي استطاع فيه الممثل السوري غسان مسعود في عام 2005 تقديم شخصية صلاح الدين الأيوبي في الفيلم الأميركي «مملكة السماء» للمخرج ريدلي سكوت.
أعمال مؤجلة
بقي مسلسل «مداح القمر» للمؤلف محمد الرفاعي الذي يتناول حياة الموسيقار بليغ حمدي حبيس الأدراج، كما هي حال مسلسل «عوام في بحر الهوى» الذي يروي قصة الفنان محمد فوزي، ومسلسل سيدة الصحافة والمسرح «روز اليوسف»، علماً بأن الفنانة ليلى علوي مرشحة لأداء شخصيتها في المسلسل.