القرن الـ 21 يكشف الظواهر الجديدة لأفول نجوم السينما

ارتبطت أسباب أفول نجوم السينما تاريخياً بسوء اختيارهم لنص فيلم ما، أو بسوء علاقتهم مع مديري استوديوهات الإنتاج، أو سوء علاقة النجم مع وسائل الإعلام. هناك أيضاً عامل تقدّم الممثل في السن، ومحدودية الأدوار المتاحة له، وعامل يتعلق بتطور صناعة الترفيه؛ فمثلاً دخول أصناف جديدة من الأفلام، مثل تلك التي تعتمد على الفنون القتالية البدنية، أبرزت ممثلين معينين (ستيفن سيغال - جان كلود فان دام - جيت لي - جاكي تشان)، وأصبحت أقرب إلى الموضة في التسعينات، وعندما انتهت أفل نجومها، ما أجبرهم على الانتقال إلى مواقع أخرى داخل صناعة السينما.

ولأن السينما صناعة سريعة التطور فقد رصدنا بعض العوامل الجديدة لأفول بعض النجوم أو قلة ظهورهم، وما يميز هذه العوامل هو بروزها في العقد الأول من القرن الـ21 (2001 - 2010)، واستمرارها إلى اليوم، ما يجعلها الأقرب إلى الظاهرة.

نجوم أفلوا

هاريسون فورد وآنثوني هوبكنز وآل باتشينو وروبرت دي نيرو (معظم إنتاجاتهم بعد 2003 كانت رديئة)، وكريستيان سليتر وكيانو ريفز (عاد الثاني جزئياً من خلال جون ويك)، وجون ترافولتا (الإمارات اليوم 28 أبريل)، وويزلي سنايبس وبروس ويليس وريتشارد غير ونيكولاس كيج (ويليس وغير وكيج تذبذبوا)، وميل غيبسون وكيفن سبيسي (اتجه بنجاح للتلفزيون)، ومارتن لورانس وفال كيلمر وكيوبا غودنغ جي آر وكريس أودونيل وآليك بولدوين (اتجه بولدوين للأدوار المساعدة)، وستيف مارتن وشون كونري (توقف كونري عن التمثيل بعد 2003 دون إعلان اعتزال)، وجاك نيكلسون (توقف منذ 2010 دون إعلان اعتزال)، ومورغان فريمان، وجين هاكمان (اعتزل).

نجمات أقلّ بريقاً

من الممثلات اللاتي أفلن، جودي فوستر (اتجهت للإخراج)، وأوما ثيرمان وسالي فيلد وميغ رايان وكيلي بريستون وآشلي جود وديمي مور وشارون ستون وجوليا أورموند وسيغورني ويفر وغلين كلوز وفرانسز مكدورماند وكيثي بيتس، ونيكول كيدمان (تذبذبت)، وكرستين سكوت توماس وهولي هنتر وجولييت بينوش وجيمي لي كيرتس ولورا ليني وجودي ديفس وريني زيلويغر وإليزابيث شو وبريجيت فوندا وميشيل فايفر وجولييت لويس ودايان لين وغولدي هون وبيتي ميدلر وآنيت بينينغ وووبي غولدبيرغ ودايان كيتن، وكلير دينس (اتجهت للتلفزيون)، وليندا هاميلتون.

أسباب

كان من أهم أسباب أفول بعض نجوم السينما في العقد الأول من هذا القرن قلة الأفلام المعتمدة على نجم أو نجمين في البطولة أو إخفاقها، وكذلك ارتباط هؤلاء النجوم بسلاسل أفلام أخرى أو ما يسمى Pre-established franchise، فمثلاً وجود جوني ديب وكريستيان بيل في فيلم Public Enemies عام 2009، للمخرج مايكل مان، لم يضمن نجاحه، والممثلان مرتبطان بسلسلة لكل واحد منهما، الأول بسلسلة «قراصنة الكاريبي»، والثاني بـ«باتمان». ولو عدنا لعام 1995 لوجدنا أن مان صنع فيلم «الملحمة» (Heat) اعتماداً على نجومية أسطورتَي السينما آنذاك

آل باتشينو وروبرت دي نيرو؛ إذ كان تشاطرهما الشاشة في مشهد واحد خبراً في حد ذاته. تكرار التجربة لم ينجح في القرن الـ21، وظهر الأسطورتان مجدداً في فيلم Righteous Kill عام 2008، لكنهما لم يشفعا له وأخفق الفيلم، ما يدل على زيادة وعي الجمهور، وتغير معايير الصناعة خلال عقد فقط.

وأصبح تكدّس نجوم الصف الأول من عقد التسعينات مع نجوم اليوم في فيلم واحد ظاهرة بدأت منذ العقد الماضي، واستمرت إلى اليوم، لكن الفرق أن المنتج غالباً ما يكون ضعيفاً مقارنة بأفلام العقد الماضي والذي قبله؛ والأمثلة كثيرة، فنجد فيلم Criminal (2016)، وMother’s Day ،(2016) الأول أكشن والثاني دراما عائلية، والاثنان فشلا لضعف قصتيهما وسوء المعالجة، رغم قوة الطاقم التمثيلي.

جيل جديد

شهد العقد الماضي ظهور أفلام ناجحة (غالباً كوميدية) من بطولة مجموعات ممثلين غير معروفين، كان أولها My Big Fat Greek Wedding عام 2002، كما شهد عودة الأفلام الكوميدية المصنفة للكبار فقط التي أطلقها جود أباتو في 2005، وتبعها بأفلام أخرى. تمكّن أباتو، باستخدام هذه الأفلام، من صناعة جيل جديد من الممثلين الكوميديين في النصف الثاني من العقد، أبرزهم ستيف كاريل وبول رود وسيث روغين، التحقوا بالمجموعة التي اشتهرت في النصف الأول من العقد، مثل جاك بلاك وويل فاريل وبين ستيلر وفينس فون والأخوين أوين ولوك ويلسون. ما فعله أباتو ربما عن غير قصد ألهم صناع أفلام آخرين في هوليوود بالسير في الاتجاه نفسه بتعمد البحث عن وجوه غير معروفة (لضمان إبقاء ميزانية العمل منخفضة)، وزجّها في أفلام كوميدية.

ونتيجة لذلك أسهمت تلك القرارات الجريئة لبعض استوديوهات هوليوود في ظهور أفلام مثل The Hangover عام 2009. الفيلم حقق نجاحاً كبيراً لم يكن متوقعاً (حصد 200 مليون دولار في شهره الأول، ودخل التاريخ كأسرع فيلم كوميدي حقق أرباحاً عالية)، ونتيجة لذلك أصبح ثلاثي الفيلم: زاك غاليفياناكيس وإد هيلمز وبرادلي كوبر من غير معروفين قبل 10 أعوام إلى نجوم الصف الأول اليوم، مزاحمين بعض كبار النجوم ومتسبّبين في أفولهم.

بالإضافة إلى هؤلاء؛ لدينا أسماء مهمة اليوم بزغت في الساحة آنذاك، مثل كريستيان بيل في «أميركان سايكو» (2000)، وجيك ييلنهيله في «دوني داركو» (2001)، ودانيال كريغ في أفلام «جيمس بوند»، وكريس إيفانز في «سيليولار» (2004)، وكريس باين في «ستار تريك» (2009)، وميغان فوكس في «المتحولون» Transformers (2007) ، ودانيال رادكليف وإيما واتسون في أفلام «هاري بوتر» (2001 - 2011)، وكريستين ستيوارت وروبرت باتنسون في أفلام «توايلايت» (2008 - 2012).

سينما مهاجرة

ومن سمات ذلك العقد بروز أفلام ناجحة جداً من سينما مهاجرة كالمكسيكية (في الولايات المتحدة) وجنوب إفريقية (مقيمة بين كندا وهوليوود)، وأبرز مثال لدينا المكسيكي إليخاندرو إيناريتو (ذا ريفينانت 2015 وبيردمان 2014 وبابل 2006 و21 غرامز 2003)، والجنوب إفريقي نيل بلومكامب صاحب فيلم الخيال العلمي District 9 ذي الإسقاطات السياسية على نظام الأبارتهايد العنصري الذي حكم جنوب إفريقيا (1948 - 1994)، وأيضاً من كندا دنيس فيلنوف صاحب الروائع Incendies (2010) وEnemy (2013) وSicario (2015).

ورغم أن فيلم إيرين بروكوفيتش عام 2000 جلب للنجمة جوليا روبرتس أول أوسكار لها، وأصبحت الممثلة الأعلى أجراً في هوليوود (أول ممثلة تجاوز أجرها 20 مليون دولار آنذاك بسبب نجاحات أفلامها في التسعينات، وقفز إلى 25 مليوناً عن فيلم موناليزا سمايل عام 2003)، إلا أن نجوميتها أفلت في العقد الماضي تحديداً لأسباب تعلقت غالباً بسوء اختيار أفلامها، وكان آخرها الرديء Mother’s Day والأردأ Secret in their Eyes الذي سقط العام الماضي، وأيضاً قلة الطلب عليها لظهور ممثلات جديدات على الساحة. روبرتس تنبهت لأفولها الجزئي فلجأت إلى استخدام وجهها في إعلانات مساحيق التجميل، ما درّ عليها ملايين الدولارات. يذكر أن أجر روبرتس تراجع إلى 10 ملايين دولار اليوم، وأنها قبضت ثلاثة ملايين دولار عن مشاهدها المعدودة في فيلم «يوم الأمهات» الذي مثلته في أربعة أيام فقط.

في المقابل؛ شهد العقد بروز نجمات، مثل ناومي واتس في فيلم (ملهولاند درايف)، وكيرا نايتلي (ثاني أعلى ممثلة دخلاً في السنة بعد كاميرون دياز) من خلال أفلام كان أشهرها «قراصنة الكاريبي». وفي عام 2006 اجتازت الممثلة ريز ويذرسبون سقف أجر جوليا روبرتس بأجر بلغ 29 مليون دولار للفيلم، ودخلت ويذرسبون تاريخ السينما كأغلى ممثلة.

سلوك سلبي

سوء إدارة العلاقات العامة فرض نفسه كعامل مؤثر في الإضرار بشعبية نجم ما، إذ كان لسلوك النجم توم كروز السلبي وتصريحاته غير المحسوبة أثر مدمر أسهم في إخفاق فيلم «مهمة مستحيلة 3» تجارياً عام 2006، فقد تخلى النجم عن اتزانه عندما قفز على أريكة على الهواء في برنامج أوبرا وينفري في مايو 2005، تعبيراً عن حبه لزوجته آنذاك كيتي هولمز، ما عرّضه لانتقادات حادة على ذلك السلوك الطفولي، ثم أتت الكارثة الثانية بارتكاب النجم خطأً فادحاً، وإطلاقه تصريحات أدانت تناول الممثلة بروك شيلدز عقاقير مضادة للاكتئاب، ما أشعل حرب تصريحات بين الطرفين امتدت إلى إصدار الجمعية الأميركية لطب النفس بيان إدانة ضد النجم أدت إلى عزلة كروز.

نضيف إلى ذلك المناخ السياسي الذي ساد الولايات المتحدة والعالم آنذاك (الحرب على الإرهاب والغزو الأميركي لأفغانستان والعراق) تسبّب في إخفاق «مهمة مستحيلة 3» بسبب وجود أعمال (أكشن) منافسة كان أبرزها المسلسل التلفزيوني الشهير 24، حيث كان هذا العمل في ذروته ذلك الوقت، وبالتالي ضاعت مهمة كروز المستحيلة في الزحام.

أسهم سلوك كروز السلبي في الإضرار بصورته أمام الرأي العام، حيث كان كروز الممثل الأنجح في صناعة السينما عالمياً، واتخذت شركة فياكوم المالكة لباراماونت قراراً بفك ارتباطها معه بعد أن دام 14 عاماً، عازية قرارها إلى تصرف النجم غير اللائق. رغم ذلك بقي توم كروز على القمة وأحد النجوم القليلين الذين لم يهبط مستواهم لثلاثة عقود متتالية.

ممثلون شباب

29

مليون دولار أجر الممثلة ريز ويذرسبون.

10

ملايين دولار أجر الممثلة جوليا روبرتس حالياً.

دخول ممثلين شباب جمعوا بين الموهبة واكتسبوا فنوناً قتالية بالتدريب إلى الساحة تسبب في إزاحة نجوم عرفوا بعضلاتهم فقط، ولم يحسنوا التمثيل. من أهم هؤلاء مات ديمون في سلسلة أفلام العميل جيسن بورن، التي ركزت على الشخصية والحبكة أكثر من مجرد استعراض لفنون القتال، وأعادت نوعاً من الواقعية لأفلام الحركة كان مفقوداً لصالح توظيف المؤثرات الخاصة.

انطلق النجم ويل سميث (الأعلى أجراً حتى 2008) بقوة في تسعينات القرن الماضي، لكنه عانى أفولاً في النصف الثاني من العقد الماضي بسبب سلسلة من الإخفاقات كان أبرزها فشل فيلم سفن باوندز (2008) و After Earth (2013) بسبب إصرار الممثل نفسه على شركة «سوني بيكتشرز» إسناد كتابة الفيلم وإخراجه إلى المخرج إم نايت شياملان الذي ابتعدت عنه الاستوديوهات بسبب مجموعة أفلام فاشلة. سميث عانى تذبذباً في السنوات الأخيرة، لكن مشروعاته المقبلة فيها احتمال عودة.

بعد ترشيح النجم روبرت داوني جي آر لأوسكار أفضل ممثل عام 1993 عن دوره في فيلم «شابلن»، سقط في براثن المخدرات في عقد التسعينات، إلا أنه أعاد الاعتبار لنفسه تدريجياً، وكان ظهوره في فيلم «آيرون مان» (2008) بمثابة العودة الصاروخية إلى الشهرة مجدداً، وتعتبر هذه أقوى عودة لممثل في تاريخ السينما. اختتم سلفستر ستالون عقد التسعينات بلقب أسوأ ممثل في القرن الـ20، وبحلول عام 2003 حقق رقماً قياسياً في عدد ترشيحاته كأسوأ ممثل (30 ترشيحاً). في 2004 حقق بين ستيلر رقماً قياسياً في عدد الترشيحات كأسوأ ممثل في عام واحد عن خمسة أفلام.

وفي 2007 حقق إيدي ميرفي رقماً قياسياً في عدد ترشيحاته كأسوأ ممثل عن خمسة أدوار في فيلم واحد أداها لوحده في نوربيت الذي كان من المفترض أن يكون فيلم عودته إلى الساحة، إلا أنه أخفق تماماً.

ساندرا بولوك نجمة عقد التسعينات استمرت كذلك في العقد التالي، إلا أن المفارقة الطريفة أنها في عام 2009 حازت أوسكار تراكمياً كأفضل ممثلة في فيلم The Blind Side ، وحازت كذلك جائزة أسوأ ممثلة في العام نفسه عن فيلم «أوول أباوت ستيف»، ودخلت التاريخ كأول شخص يفوز بجائزة أفضل وأسوأ ممثلة في العام نفسه.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة