ينتهي بصورة غير مقنعة وسهلة التخمين

«ووركرافت» يفشل في جسر الهوة بين السينما وألعاب الفيديو

صورة

تجربة مشاهدة فيلم «ووركرافت» شبيهة جداً بالاستيقاظ من النوم بعد كابوس مزعج، حيث كل ما تتمناه بعد أي كابوس هو أن تنساه وألا تفكر فيه مطلقاً.

يأتي فيلم «ووركرافت» في فترة تتسم بالإفلاس الفكري لاستوديوهات هوليوود، وهو وضع شبيه بما حدث في آخر الثمانينات، حينما احتارت الاستوديوهات فيما أراد الجمهور مشاهدته، وكانت أفلام من شاكلة «ووركرافت» تسقط في شباك التذاكر ولا تلاقي إقبالاً، ولم ينته التخبط إلا بالعثور على كوينتن تارانتينو في عقد التسعينات.

- المخلوقة الهجين (غارونا) خضراء اللون لا يمكن وصفها بسهولة، لكنها أقرب إلى (فيونا) صديقة «شريك».


لا حاجة إلى تعذيب عشاق الفن السابع

في الفيلم ترددت عبارة: «من الظلام يأتي النور ومن النور يأتي الظلام!».. وهي عبارة لم نجد لها معنى واضح، وقد يفهمها عشاق اللعبة، لكننا نقول نتمنى ألا يبصر الجزء الثاني لهذا الفيلم النور، فالسينما فن راق وجميل ليست بحاجة إلى تشويهها بمخلوقات خيالية قبيحة، أو قصص رديئة لا معنى لها. فلتبقى «ووركرافت» لعبة كمبيوتر معشوقة للاعبيها، ولا حاجة إلى اقتباسها لتعذيب عشاق الفن السابع.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/06/8ae6c6c554dc142601551ca213d40ce3.jpg

اليوم نحن نعيش امتداداً لعهد الإعادات، حيث إن معظم ما نشاهده عبارة عن أفلام معادة أو أجزاء تالية من أفلام نجحت، وتمخض عن هذا العهد ما أصبح يُعرف اليوم في السينما (والتلفزيون أيضاً) بالعهد الذهبي للقصة الخلفية، أي أن منتجي الأفلام أصبحوا مهتمين بصنع أفلام تتناول قصص ما قبل البداية لأفلام لاقت نجاحات كبيرة، مثل: «ملك الخواتم» و«حرب النجوم» و«إكس من».

الأفلام المقتبسة من ألعاب فيديو لم تكن دوماً مشروعات ناجحة، خصوصاً على صعيد عناصر النص، والمقصود هنا السيناريو والشخصيات، وليست المؤثرات الخاصة. و«ووركرافت» هو أحدث هذه المشروعات، ويبدو أن هذه الأفلام تنجح عند جمهور عشاق الألعاب، وهم بالملايين حول العالم، لكن الجمهور الآخر من غير العشاق هم أيضاً بالملايين.

«ووركرافت» يحكي قصة مخلوقات تُسمى (أورك)، تهجر عالمها المسمى (درينور) عبر بوابة إلى عالم مجاور يُسمى (أزيروث) يشبه أوروبا العصور الوسطى، ويسكنه البشر. الهجرة تحدث بسبب استيلاء وحش على حكم مملكتهم.

مخلوقات قبيحة

في أزيروث هناك القائد لوثار (ترافيس فيميل)، ملك ضعيف (دومينيك كوبر)، ساحر يُدعى ميدف (بين فوستر)، ومخلوقة هجين اسمها غارونا (بولا باتون). ولسنا بحاجة إلى سرد المزيد نظراً لرداءة القصة.

المخرج هو البريطاني دنكان جونز، الذي أثبت نفسه جيداً من خلال فيلمين: الأول «موون» (2009)، و«سورس كود» (2011)، وهذا يدل على قدرته على العمل في مشروعات متنوّعة، لكن ليست بالضرورة تتمتع بمستوى الجودة نفسه.

تلك (الأورك) مخلوقات قبيحة جداً أقرب إلى مسوخ، أيديها أكبر من رؤوسها، وأنيابها بشعة تكاد تعابير الوجه تغيب عنها. بمجرد ظهورها على الشاشة قد تنتاب المشاهد رغبة في مغادرة الصالة بسبب شعوره بالاشمئزاز.

المخلوقة الهجين (غارونا) خضراء اللون لا يمكن وصفها بسهولة، لكن لتقريب الصورة فلنقل إنها أقرب إلى (فيونا) صديقة المسخ شريك بطل فيلم «الأنميشن» الشهير، وهي المخلوق الوحيد الذي قد يرغب رجل مارفل الأخضر (ذا هلك) في مصاحبته لعلها تساعد في دفع الجانب التسويقي لأفلامه!

ملك أزيروث الضعيف لا يتمتع بالكاريزما المطلوبة، ولا يحمل صولجاناً ويضع على رأسه صحناً حديدياً يشبه التاج، وممثل الدور كوبر جامد، ولا توجد تعابير على وجهه، كأنه مستاء من رداءة القصة، ولا يمكن التصديق أن هذا ملك تتعرض أراضيه لغزو، فلا هو خائف ولا مقنع، ويمكن القول بسهولة إنه أضعف وأسوأ شخصية. والساحر (ميدف) بارع جداً حسب الفيلم، ولديه مشهد في نهاية الفيلم يستخدم فيه سحره بطريقة لا يتمكن المشاهد معها من تمييز ما يجري على الشاشة، حيث تسود الفوضى، وتختفي الشخصيات خلف أشعة زرقاء وخضراء في مشهد مزعج للعين.

عثرات القصص الجانبية

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الفيلم يستغرق وقتاً طويلاً ليصل إلى أي لحظة مهمة، وعندما يصل تكبحه عثرات متمثلة في قصص جانبية من الممكن استثمارها لصنع أجزاء تالية. العمود الفقري للفيلم هي مؤثراته الخاصة، التي يشرف بيل ويستنهوفر، الفائز بجائزة أوسكار على فيلم «لايف أوف باي» على تنفيذها، لكن المؤثرات أحياناً تبدو غير منسجمة مع إيقاع الفيلم.

الأحداث كثيرة ومتعمقة في التفاصيل، لكن لا تشد الانتباه ولا تستدعي الاهتمام، وقد يعود ذلك جزئياً إلى كون الفيلم يفتقد إلى وجود نجوم، ويوظّف مخلوقات قبيحة لدفع أحداثه. في «ملك الخواتم» مثلاً شاهدنا الأقزام ومملكتهم وأنشطتهم، وفهمنا دوافع صراع الشخصيات، من خلال تفاصيل الصورة نفسها، لكن الأمر ليس مشابهاً في «ووركرافت»، الذي يريدنا أن نهتم لصراع شخصياته على أزيروث، ونحن لا نرى منها سوى القلاع وساحات المعارك.

الاعتماد الشديد على المؤثرات الخاصة أسهم كثيراً في خلق عزلة بيننا والشخصيات، نتج عنه قلة اهتمامنا بمجمل عناصر الفيلم. فالتمثيل ضعيف، والشخصيات البشرية باردة ومضجرة، ونظيرتها المصنوعة بالكمبيوتر قبيحة، والمعارك تسبب صداعاً أكثر مما تمتع. الفيلم ينتهي بصورة غير مقنعة يسهل تخمينها، ولا يقترب من أجمل أعمال هذا الصنف، مثل: «ملك الخواتم» و«لعبة العروش». نتساءل: «ما الممتع في هذا الفيلم المشتت بين مخلوقات قبيحة وشخصيات بشرية مملة؟!».. لا نشكك في أن الفيلم سيحقق أرباحاً خيالية، خصوصاً في قارة آسيا، وتحديداً في الصين، حيث أوردت تقارير إخبارية أن الصين وحدها تحتضن الملايين من عشاق اللعبة. ومن المتوقع أن أداء الفيلم سيكون أفضل في الصين وروسيا وأوروبا، أكثر من قارة أميركا الشمالية.

تويتر