«أبوشنب».. عودة إلى قضايا المرأة بخفّة ظل
التمييز ضد النساء، التحرش، استغلال المرأة، الإرهاب، وخطف الأطفال، كل هذه الموضوعات الاجتماعية موجودة في الفيلم المصري الكوميدي «أبوشنب»، وهو من الأفلام التي تم عرضها في أيام العيد، بعدما عاش المشاهد العربي 30 يوماً مع الدراما الرمضانية العربية المتنوعة بحكاياتها.
ما يميز أفلام العيد أن غالبيتها كوميدية تريد أن تبث البهجة في قلوب المشاهدين، وكان من المتوقع طرح فيلم «جحيم في الهند» بطولة محمد إمام وإخراج معز التوني، والذي لاقى اقبالاً كبيراً في مصر، قبل أن يتم تأجيله الى الأسبوع المقبل، كي لا يتضارب مع الفيلم الكوميدي «أبوشنب» للمخرج سامي عبدالعزيز، الذي تؤدي بطولته ياسمين عبدالعزيز والتونسي ظافر العابدين، إضافة إلى ممثلين أصبح وجودهم في أي فيلم يشبه وجود الممثل حسن حسني، كعلامة دائمة، مثل لطفي لبيب وبيومي فؤاد ورجاء الجداوي وبدرية طلبة.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط. |
الفيلم بشكل عام مصنوع بشكل تقليدي، إي انه ومع المشهد الأول تتوقع ماذا سيحدث للشخصية الرئيسة فيه، لكن الخاصية التي تتمتع بها هذه النوعية من الأفلام لطفها وابتعادها عن التعقيد، ما يجعلها تندرج تحت فئة الأفلام العائلية التي لا حرج من مشاهدتها مع الأطفال، وهذا الذي حدث فعلاً مع نوعية الجمهور الذي جاء لمشاهدة الفيلم الذي بدأت أحداثه مع عصمت أبوشنب؛ وهو اسم البطلة في الدور الذي تؤديه ياسمين عبدالعزيز، وهي ترتدي بزة الشرطة الرسمية، كونها ضابطاً في ذلك السلك، ترى من وجهها جديتها، وهي التي تبث الخوف بين أفراد عائلتها وسكان المنطقة التي تسكن بها، الجميع يكن لها التقدير، إلى أن تبدأ مواجهة شخصيتها الحقيقية في العمل، حيث الإهمال ومعاملتها من قبل إدارتها من الضباط الرجال بعنصرية، كونها امرأة، فعملها في المديرية لا يتعدى جلبها للشاي ووجبة الإفطار لمديرها المباشر الذي لا يترك فرصة إلا ويذكّرها بأن مكانها في المنزل لأنها فاشلة.
الكوميديا حاضرة في الفيلم، بطريقة سلسة، تتناسب مع وقع أحداث الفيلم، التي ابتعدت عن الملل، على الرغم من أن الجزء الأول من الفيلم أراد توضيح التفرقة بين الشرطة النسائية والذكورية، من خلال تقسيم المهمات، واقتصار مهام الشرطة النسائية على أمور عادية كشرطة السير والأرشيف، وأكبرها في مهمة لمنع التحرش في أماكن التجمعات الكبيرة كدور السينما، لكن الضابط عصمت أبوشنب، لم ترضَ على نفسها هذا الشيء لأنها تشعر - كما تصرح دائماً - بأنها طاقة لم يتم استغلالها.
وبالفعل وبسبب امرأة تعمل في مؤسسة حقوق المرأة جاءت لزيارة المركز لكتابة تقرير عن تمكين الشرطة النسائية في مهمات تخدم الوطن، حصلت عصمت على فرصتها، لكن هذه الفرصة أيضاً تدخل ضمن النظرة الذكورية، ففي مهمة للقبض على خلية دعارة قرر الضباط الرجال جعل عصمت طعماً لتلك الخلية وإجبارها على تمثيل دور بائعة هوى، وعندما فشلت المهمة كلها تحملت عصمت هذا الفشل وحدها، ولأن الفيلم كوميدي بامتياز، من السهل توقع فرص أخرى لعصمت، خصوصاً في وجود تلك المرأة الحقوقية، لذلك فكر المسؤولون المباشرون عنها إرسالها إلى أصعب وحدة، والتي يقوم بإدارتها حسن أبودقن الذي يؤدي شخصيته الممثل التونسي ظافر العابدين، ومنذ دخول عصمت لمكتب حسن، تنتقل الأحداث بشكل سريع في الفيلم، وتبدأ معها التوقعات بعلاقة حب تجمع بينهما، لكن من الأخطاء التي أهانت المرأة حين قرر أبودقن أن يختبر قدرة المرأة على التحمل، عندما أخضعهن لتدريبات قوى، لكن الشرطة النسائية التي من المفترض أنها تدربت في الكلية على كل أنواع الدفاع عن النفس لم يستطعن تحمل التدريبات، باستثناء عصمت طبعاً، ومن ناحية أخرى تأثير جاذبية الممثل ظافر عابدين الذي بات منذ دوره تحديداً في مسلسل «تحت السيطرة» الذي عرض العام الفائت، حديث الجنس اللطيف، وأصبح نموذجاً ينتظرنه في كل عمل؛ سواء دراما أو سينما، ووسامة هذا الممثل لعبت دورها أيضاً في الفيلم، حيث وقعت عصمت في غرامه منذ مهمتها الأولى معه.
يقترب الفيلم مع نهايته وقد اكتملت خيوطه، فالمهمات التي بدأت توكل إلى الضابط عصمت آخذة بالازدياد، وكل محاولات الضباط الرجال إحباطها باءت بالفشل، واستطاعت عصمت أن تثبت لجنسها أنهن في المهمات الوطنية مثلهن مثل الرجال، بل وقدرة تحملهن أكبر، إلى أن جاءت مهمة القبض على عصابة خطف الأطفال، هنا استطاع المخرج بخفة وذكاء إظهار المرأة بكل ما تحمل من تخبطات وصفات متداخلة، استطاع أن يخرج مشاعر الأم والأخت والابنة في شخصية عصمت التي تدعي طوال الوقت أنها بصفات رجل، لكن أمام قضية أطفال لابد من انتصار المشاعر التي إذا ما اكتملت مع شخصية قوية تستطيع القضاء على كل من يريد أن يحرم عائلة من أطفالها، هذا المشهد الذي انتصرت عصمت فيه وحدها، كان كفيلاً بأن يعيد أحداث الفيلم إلى المربع الأول، فعلى الرغم من الترقية التي استحقتها، إلا أن مهمات الشرطة النسائية لم تصلح إلا بأمور لها علاقة بالمرأة نفسها كمحاربة التحرش ومجابهة خاطفي الأطفال، وبذكاء مخرج وصلت الرسالة، فالعنصرية تجاه المرأة في العمل مازالت موجودة.