ضجة في الفضاء الإلكتروني سبقت عرضه
«مطارِدات الأشباح».. نموذج للإساءة لكلاسيكية سينمائية
لم يعكس فيلم حجم الإفلاس الفكري الذي أصيبت به هوليوود في هذا العقد كما يفعل Ghostbusters، أو «مطارِدات الأشباح»، وهو إعادة إطلاق للفيلم الكلاسيكي بالاسم نفسه الصادر عام 1984. القرارات الحمقاء كثيرة سواء تلك المتعلقة بالنص التافه أو تلك المتعلقة بالجانب الإنتاجي، فكما هو معروف كان لقرار تأنيث أدوار البطولة بالكامل في الفيلم الجديد صدى غاضب من أولئك الذين يشككون في قدرات النساء، ما أشعل حرباً في الفضاء الإلكتروني بين فريق الإنتاج وتلك الشريحة.
تثاؤب المخرج بول فيغ أعطى نصيب الأسد من الفيلم للمعارك بين المطارِدات والأشباح والمؤثرات الخاصة بين الطرفين، إلى درجة أنه لم تعد هناك أي إثارة أو شيء مميز لتلك اللقطات المملة التي قد يقابلها المشاهد بالتثاؤب. لا نقول إن كلاسيكيات السينما أعمال مقدسة ولا تنبغي إعادتها، بل ذلك ممكن لكن من الأفضل تركها وحدها لو لم يتمكن صانع أفلام ما أو مؤلف من معالجة العمل الجديد بطريقة تليق بالنسخة الكلاسيكية. أشقر غبي ما المقصود بدور الممثل كريس هيمسوورث في دور سكرتير أشقر غبي يعمل لدى مطارِدات الأشباح لا يستطيع حتى الإجابة على هاتف مكتبه؟! ربما المقصود فكرة الفتاة الشقراء الغبية التي روجتها هوليوود في الماضي قبل أن تنقلب عليها هنا، وهي عادتها في قلب وخلط الأوراق، وهذه الفكرة بالإضافة إلى تمكين المرأة من جميع أدوار البطولة قد تكون متطابقة مع تبني هوليوود موجة المواقف السياسية الصحيحة المتماشية مع وجود امرأة كمرشحة رئاسية وذلك اتساقاً مع الرؤية العامة التي أرساها الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ بداية عهده. |
فريق الإنتاج لم يحسن التصرف وتخلى عن الدبلوماسية بإطلاق ألفاظ وأسماء غير لائقة بحق المعارضين، وكانت النتيجة أن فيديو الفيلم الترويجي كاد يدخل التاريخ كأكثر فيديو مكروه. هذه الأخبار هي ما دعتنا لمشاهدة الفيلم لنرى أي الفريقين على حق، والنتيجة كانت لا أحد.
لو تخيلنا أن البطولة أعطيت للرجال فستكون لدينا النتيجة نفسها: فيلم تافه في كل الجوانب، وحدثت في أفلام كثيرة كل بطولاتها موزعة على رجال. المتضرر الوحيد من هذا الفيلم هو فن السينما. دعونا نسرد بعضاً من أحداث الفيلم قبل تقييمه.
د.إيرين غيلبرت (كريستين ويغ) ود.آبي ييتس (ميليسا مكارثي) شاركتا في تأليف كتاب تناقشان فيه احتمال وجود الكيانات فوق الطبيعية كالأشباح. عندما يفشل الكتاب تخجل الأولى من نفسها وتنصرف للتدريس في جامعة كولومبيا، أما الثانية فتصمم على دراسة تلك الظواهر في مختبر مع مهندسة تدعى د.جيليان هولتزمان (كيت مكينون). بعد سنوات عدة تكتشف غيلبرت أن الكتاب أعيد نشره، ما يهدد سمعتها الأكاديمية، فتتفق مع ييتس على المشاركة في تحقيق عن وجود الأشباح التي تغزو مدينة نيويورك مقابل موافقة ييتس على سحب الكتاب من النشر.
بداية، طريقة بدء السيناريو لا تخلو من الحماقة، وذلك باستبعاد الأبطال الأصليين من نسخة 1984 وإعطائهم أدوار Cameo (الظهور في لقطة أو اثنتين فقط)، وهم بيل موراي ودان أيكرويد وسيجورني ويفر وهارولد راميس، وتلك الأدوار ليست أدوارهم السابقة بل هم غير معنيين بما يحدث، وبهذا فإن المخرج بول فيغ صاحب أفلام «سباي 2015، وذا هييت 2013 وبرايدزميدز 2011» يهمشهم ويهمش معهم شريحة ضخمة من عشاق السلسلة الأصلية، وهذا ما يسمى «غلطة الشاطر بألف».
ولو أردنا مثالاً جيداً على كيفية إعادة إطلاق سلسلة أفلام بعد توقفها فترة علينا النظر إلى فيلم «حرب النجوم الأخير.. القوة تستيقظ»، جي جي أبرامز لم يهمش أحداً، بل أحضر ممثلين جدداً ووضعهم مع قدامى السلسلة الكلاسيكية في قصة جديدة تكمل الماضية، وهذه خطوة حكيمة تحسب لصالحه.
هناك أيضاً طريقة أخرى، هي إعطاء الممثلين القدامى أدوار مرشدين لبطلات الفيلم بدل الأسلوب الكسول جداً في خلق سياق قصة الفيلم «الكتاب كما أشرنا آنفاً».
الفيلم لا يوضح من هم هؤلاء الأشباح الذين ظهروا فجأة، ولماذا هم بلا هوية، لو كان الفيلم امتداداً لفيلم 1984 لاعتمدنا سياق ذلك الفيلم، لكن هذا الفيلم يشير بوضوح إلى أنه مستلهم من ذلك، ما يعني أن كل شيء جديد فيه.
المؤثرات الخاصة ظهرت غاية في الرداءة وهناك أسباب لذلك، قد يكون السبب متعلقاً بإفلاس رؤية فيغ لهذه النسخة من الفيلم، فقرر الاعتماد على مؤثرات رديئة مستلهمة من تلك التي شاهدناها في النسخة الكلاسيكية. أو قد يكون السبب رغبة شركة الإنتاج في إبقاء المؤثرات قريبة من تلك التي ظهرت في الثمانينات لاستحضار عامل النوستالجيا، وكلا الاحتمالين يشير إلى أن هوليوود تفتقد الجرأة لابتكار فكرة جديدة، ما ينعكس على جهودها المكثفة لتعزيز أفكار الماضي بدل ابتكار شيء للحاضر.
التمثيل معتمد على التهريج ولم نتوقع شيئاً جديداً في هذا الخصوص، لكن فيغ لم يحسن التعامل مع هذا الجانب كذلك، والنتيجة أن مكارثي تكرر نفسها بينما الأخريات يجربن حظهن في منافستها في التهريج! والأسوأ أنهن تفوقن عليها! فيلم من هذا النوع يتطلب وجود شخصية شريرة أيقونية وليست شخصية نيل كيسي المنسية بمجرد انتهاء الفيلم.
آندي غارسيا حاول إعطاء أفضل ما عنده في دور حاكم نيويورك، لكن ذلك لا يضاهي قط دور نظيره ويليام آثيرتون في الفيلم السابق.
الفيلم فاقد هويته ويحاول بيأس شديد استدعاء مشاهد من أفلام أخرى سابقة لتعزيز مضمونه دون فائدة، فقد حاول تذكيرنا بنسخته الماضية ثم شاهدنا لقطة لفيلم The Exorcist أو طارد الأرواح الشريرة عام 1973 (لقطة التفاف رقبة مكارثي على نفسها)، ثم في مشهد قرب النهاية ذهب الفيلم ليحاكي يوم الاستقلال في تدمير المدينة (وكأننا لم نشاهد لقطات مماثلة من قبل)، ثم فجأة تحول إلى غودزيلا أو كينغ كونغ!
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news