عقب غياب 6 أعوام عن السينما
زيلويغر تعود في «بريجيت جونز بيبي» بعد مخاض عسير
أشرنا مرات عدة في هذه المساحة إلى أن السينما تعيش في هذا العقد حقبة أجزاء متتابعة، أو إعادات الأفلام بامتياز؛ نتيجة حالة الإفلاس الفكري التي تعيشها «هوليوود»، ولا يبدو أنها تريد الاعتراف بها.
3 «بريجيت جونز بيبي» هو الجزء الثالث في سلسلة «بريجيت جونز دايري»، من تأليف الروائية البريطانية هيلين فيلدينغ، التي شاركت في كتابة هذا الفيلم مع دان ميزر وإيما تومبسون، وأخرجته شارون ماغواير. الاستسهال سبب الرداءة عودة زيلويغر إلى دور سهل قد يكون سبباً في رداءة هذا الفيلم، كونها استسهلته كثيراً، وكان الأجدر بها اختيار تحدٍّ جديد ودور صعب لإثبات نفسها من خلاله، خصوصاً أن ستة أعوام شهدت بروز ممثلات جديدات وصاعدات جيدات جداً. |
ففي هذا العام شاهدنا إعادة فيلم «غوست باسترز» الرديئة، وجزءاً ثانياً من «ناو يو سي مي» أردأ من الأصلي، وكان هناك جزء ثانٍ من «ماي بيغ فات غريك ويدينغ»، و«ذا باربر شوب.. ذا نيكست كت»، وفي هذا الشهر وحده اجتمعت لدينا في الصالات المحلية إعادة لفيلم «بين هير»، وجزء ثان من «ذا بلير ويتش بروجيكت»، وهذا الفيلم الذي نحن بصدد مناقشته.
النجمة الأميركية الحائزة جائزة أوسكار رينيه زيلويغر تعود إلى السينما من خلال فيلم «بريجيت جونز بيبي» بعد ستة أعوام غياب، ورغم تحفظها الشديد على أسباب غيابها فإن مصادر كثيرة أشارت إلى أن الممثلة خضعت لعمليات تجميل، خصوصاً بعد خروجها إلى العلن، ونشر صور جديدة لها مقابل أرشيفية لتبيان التغييرات التي طرأت على شكلها.
عودة زيلويغر إلى شخصية بريجيت جونز تحديداً للمرة الثالثة في 15 عاماً - حسب تصريحات الممثلة - سببها أنها تحفظ الدور والشخصية، وتجده سهلاً جداً، كيف لا وهي أدته مرتين إلى درجة أنه وصف بالدور الأيقوني لها.
المربع الأول
«بريجيت جونز بيبي» هو الجزء الثالث في سلسلة «بريجيت جونز دايري» من تأليف الروائية البريطانية هيلين فيلدينغ، التي شاركت في كتابة هذا الفيلم مع دان ميزر وإيما تومبسون، وأخرجته شارون ماغواير، مخرجة الجزء 1. ويدور حول قصة الفتاة بريجيت (رينيه زيلويغر) التي تعود إلى المربع الأول من حياتها؛ أي أنها غير مرتبطة وهذه المرة في سن الـ43. يبدأ الفيلم ونراها تحتفل بعيد ميلادها وحدها، وتستمع لأغنية تقول كلماتها «وحدي.. لا أريد أن أكون وحدي»، وهي الأغنية نفسها التي استمعنا إليها في الجزء الأول من السلسلة.
تتبدل الأغنية فجأة، ونستمع إلى موسيقى صاخبة تتراقص جونز على أنغامها وتغني معها كفتاة في سن المراهقة، ثم نسمع جونز تحدث نفسها وتتساءل: هل غريب أن فتاة في سني لاتزال عزباء؟ جونز تبدو للمرة الأولى متصالحة مع جسدها وغير مهتمة بموضوع الحمية الغذائية والرشاقة.
تمضي أحداث الفيلم ونعلم أنها تعمل في وظيفة منتجة أخبار في محطة تلفزيونية متخصصة في أخبار الإثارة والابتذال مع صديقتها المذيعة ميراندا البلهاء (الإنجليزية من أصل إيراني سارة سليماني)، التي تأخذها إلى مهرجان موسيقى، وهناك تلتقي صدفة مع جاك الملياردير الأميركي (باتريك ديمبسي) صاحب موقع تعارف على الإنترنت لتبدأ علاقة حب بينهما.
على الجهة الأخرى، تلتقي جونز مع مارك (كولين فيرث) صديقها القديم من الجزأين السابقين المنفصل عن زوجته والذي يعترف لجونز بحبه لها، وهنا تقع جونز في حيرة من أمرها، وتعجز عن اختيار أي الرجلين أنسب لها، في المقابل يتنافس الرجلان في الفوز بقلبها.
قصة مستهلكة
«بريجيت جونز بيبي» يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ثم يتراجع خمس خطوات إلى الخلف. لم تعد هذه القصة (مثلث الحب) مقبولة اليوم، فهي استهلكت في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية، والسبب الوحيد الذي يجعل هذا الفيلم يوظفها في حبكته هو إفلاسه واعتماده بالكامل على نوستالجيا الجزأين السابقين، خصوصاً الأول.
الفيلم يتبع خطاً هزلياً جداً، فلا نعلم هل نأخذه بجدية أم هو للضحك فقط، فمن غير المعقول أن توظف قناة إخبارية مذيعة بلهاء تكرر كببغاء كل جملة غبية تقولها المنتجة عبر السماعة، ولو كانت لا تمت بصلة لموضوع الحوار، ومنتجة حمقاء جداً وجاهلة لا تميز بين شخصية سياسية وسائق سيارة! والغريب أن المحطة تتغاضى عن كل الأخطاء الغبية الصادرة عنهما.
طريقة لقاء الملياردير جاك ببريجيت في مهرجان الموسيقى كجني خرج من العدم لا تدخل العقل، بل هي أقرب لصدف الأفلام الهندية (يفعلها مرتين خلال الفيلم)، ثم من هذا الملياردير الذي لا أصدقاء له ولا علاقات اجتماعية ويعيش حياته في فنادق ومطارات ولا يمتلك طائرة خاصة أو قصوراً! ولو كان بهذه الشهرة والثراء فلماذا ليس له حراس؟! فهل مثلاً يستطيع كل من دونالد ترامب أو مارك زوكربيرغ المشي وحدهما في مكان عام يعج بالناس؟! نشك في ذلك.
الفيلم لا يضع فروقات كثيرة بين جاك ومارك، فالاثنان وسيمان وغنيان، ولا يوجد أي فروقات تشجع بريجيت على تفضيل أحدهما على الآخر. في الوقت نفسه فإن هذه النقطة سخيفة؛ إذ نرى الاثنين طوال الفيلم ينتظران قرار بريجيت في الاختيار بينهما، وهذه لم تحدث في الفترة الأخيرة إلا في عالم روايات توايلايت!
نقطة أخرى، موقع التعارف الذي أسسه جاك حسب الفيلم ظهر بدائياً جداً كأنه من عهد التسعينات، وقد شاهدنا شيئاً شبيهاً في فيلم الشبكة The Net عام 1995.
نكات غير مضحكة
الفيلم يحاول جاهداً إضحاكنا بنكات مستهلكة سمعناها كثيراً في أفلام سابقة من الصنف نفسه، خصوصاً تلك النكات الخادشة للحياء التي أصبحت كليشيهات في حد ذاتها.
ليس هذا فقط بل إنه يذهب إلى حد الاستهزاء بالعرقيات الأخرى بجرأة شديدة، المشكلة أن نكات هذا الجانب غير مضحكة وهي توقع الفيلم في فخ التنميط، مثلاً هناك نكتة على الإيطاليين وأخرى على الهنود وعلى الشرق آسيويين.
من ناحية أخرى، فإن الفيلم يناقش موضوع الأم العزباء في المجتمع البريطاني لكن بدل الاعتراف بالمشكلة ومحاولة علاجها، فإنه ومن خلال بطلة الفيلم يشجع عليها كأنها الحل الاجتماعي الأمثل للمرأة في ذلك المجتمع.
وهناك سؤال يطرح نفسه، بغض النظر عن نهاية هذا الفيلم والجزء السابق: لماذا علينا الاهتمام بشخصية لم تستطع الارتباط برجل مناسب منذ انطلاق السلسلة عام 2001؟ هل يعقل أن تظل بريجيت جونز اللطيفة الحسناء عزباء مدة 15 عاماً في مجتمع غربي منفتح جداً؟! هذا هو السؤال الذي كان يجب أن يجيب عنه الفيلم وليس الفوضى الهزلية التي شاهدناها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news