كل أجزاء الفيلم مستعارة من أفلام أخرى

بيرتون يضيع ويفقد الوصفة السرية في «بيت الآنسة بيرغرين»

صورة

تذهب الناس إلى السينما بحثاً عن تجربة ترفيهية عالية، أو للاستمتاع بفيلم يعرض فناً خالصاً، لكن أن تذهب فترى عملاً ضائعاً في فوضى قصته لا تخرج منه سوى بصداع، فهذه بالتأكيد تجربة سينمائية سيئة.

عنوان هذه التجربة هو Miss Peregrine’s Home for Peculiar Children أو «بيت الآنسة بيرغرين للأطفال غريبي الأطوار»، وهو الفيلم الجديد لعبقري أفلام الخيال تيم بيرتون.

«ميس بيرغرين» (نتحدث عن الفيلم وليس الشخصية نظراً لطول اسمه) مقتبس من رواية بالاسم نفسه حققت نجاحاً كبيراً لا نعلم كيف ولماذا! للمؤلف رانسوم ريغز، منشورة عام 2011، الرواية /‏ الفيلم فيهما ثلاث أو أربع قصص رديئة، كل واحدة منها تصلح أن تكون فيلماً مستقلاً لو صنعت على حدة، بدل الفوضى التي حدثت عندما دمجت مع بعضها في فيلم/‏ رواية واحدة.

لا نعلم ما هو أنسب وصف لهذا الفيلم، لكن لو قلنا إنه خليط بين «إكس مِن» و«غراوند هوغ داي» فتلك ستكون أدق إجابة. فتى مراهق خجول اسمه جيك (آسا بترفيلد) يعيش في فلوريدا في شارع يشبه ذلك الذي ظهر في فيلم بيرتون «إدوارد سيزرهاند»!

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/543597.jpg

تذهب الناس إلى السينما بحثاً عن تجربة ترفيهية عالية، أو للاستمتاع بفيلم يعرض فناً خالصاً، لكن أن تذهب فترى عملاً ضائعاً في فوضى قصته لا تخرج منه سوى بصداع، فهذه بالتأكيد تجربة سينمائية سيئة.

جيك فتى منبوذ ربما لمشكلات نفسية وعقلية، يحلم بأن يكون مستكشفاً لكنه يفتقد العزيمة، طوال حياته يستمع لقصص جده إيب (تيرينس ستامب) عن شبابه الذي أمضاه في بيت أيتام يتمتعون بقوى خارقة في جزيرة عند سواحل ويلز. كما جاء في رواية جده فإن والدَيْ إيب هربا من بولندا قبل الاحتلال النازي، وتركا إيب في عناية ميس بيرغرين (إيفا غرين) التي كانت تعتني بمجموعة أطفال في بيتها.

بعد وفاة الجد في ظروف غامضة، يقنع جيك والديه كريس أوداود وكيم ديكنز (التي تظهر في دور لا معنى له - لمن لا يتذكرها فقد ظهرت في دور المحققة في رائعة ديفيد فينشر Gone Girl منذ عامين) بالذهاب إلى الجزيرة للبحث عن منزل ميس بيرغرين.

تنضم طبيبة جيك النفسية ومستشارة الأسرة، أليسون جاني، إليه وتقنع والديه بأهمية الرحلة لحل مشكلاته النفسية والعقلية. والأغرب أن والديه يوافقان على الرحلة، لكن الأم انشغلت ببعض الأعمال في المنزل، ووالده الذي بالكاد نراه اختار مرافقة ابنه في تلك الرحلة، ليس للاهتمام به وتوثيق العلاقة بينهما، لكن ليمضي وقته بين بحثه في مراقبة الطيور والجلوس في الحانة!

طبعاً إبعاد الوالدين بتلك الطريقة الواهية ضروري في فيلم كهذا لأن بيرتون يريد إبهارنا بأطفال بيرغرين! نتمنى من القارئ الكريم ألا يقلب هذه الصفحة قبل التطرق إلى جزئية الأطفال!

بعد وصول جيك ووالده إلى الجزيرة لا نعلم كيف فجأة يكتشف الأول مغارة ثم يدخلها وينتقل بالزمن إلى الماضي في يوم الثالث من سبتمبر 1943، وهو آخر يوم في حياة بيرغرين وأطفالها قبل سقوط صاروخ نازي عليهم.

الآن دعونا نستعرض الأطفال وقدراتهم:

إيما بلوم (إيلا بورنيل) خفيفة جداً، بل أخف من الهواء، تستخدم حذاء حديدياً ثقيلا لو خلعته تطير كما تفعل الطائرة الورقية.

إينوك أوكونور (فينلي مكميلان) يستطيع التلاعب بالأموات وتحريكهم كدمى.

هيو أبيستون (مايلو باركر) لديه قدرة على إخراج النحل من فمه أو بطنه (لم يكن واضحاً تماماً لكن لا يهم)، المهم أنه يجب أن يغلق فمه حتى لا يتقيأ نحلاً!

كلير دينسمور (رافاييلا تشابمان) لديها فك مفترس خلف رأسها.

أوليف (لورين مكروستي) فتاة صهباء تلبس قفازات حتى تكبح قدرتها على إضرام النار في أي شيء تلمسه (مثل ديابلو في فيلم سوسايد سكواد)!

هناك فتى شفاف أو خفي، وفتاة إن لمست شيئاً يبدأ في التضخم، وفتى له قدرة على بث صور ضوئية مكبرة من عينيه، بالضبط مثل جهاز بروجيكتور السينما. وأخيراً التوأم المقنع الذي لا نتذكر قدرته الخارقة لأنه لم يترك أثراً أو شيئاً يستحق عليه الذكر.

وبالطبع قائدة المجموعة الحسناء المخيفة، ميس بيرغرين، التي تتحول إلى طائر حسب مزاجها. وأخيراً، الشرير بارون (ساميول إل جاكسون) الذي كان نائماً بالتأكيد وهو يؤدي هذا الدور التافه. الفيلم ليس مليئاً بتلك الشخصيات المملة فقط، بل هو غارق في حوارات كلها تفسيرات وشروحات لأشياء لا يمكن شرحها أساساً لسبب بسيط هو أنها لا تدخل العقل! كلها أساطير وخرافات خاصة بعالم الفيلم معظمها يناقض نفسه.

لا نعلم كيف لدى ميس بيرغرين القدرة على إعادة آخر 24 ساعة في حياتها وحياة أطفالها مراراً وتكراراً حتى لا تموت بذلك الصاروخ النازي، أي إنها تعيش أياماً هي أساساً اليوم الأخير نفسه معاداً، وكلما تأتي الطائرات النازية للقصف تخرج بيرغرين وتعيد اليوم لأوله! المشكلة أن بيرغرين لديها القدرة على الانتقال خارج منزلها لتجنب ذلك الصاروخ البائس لكنها لا تفعل ذلك! مشكلة أكبر، بيرغرين كما ذكرنا آنفاً تستطيع التحول إلى طائر، وبالتالي تستطيع الطيران والهجرة خارج الجزيرة لتجنب ذلك الصاروخ بسهولة لكنها لا تفعل وحسب! وفي كل أفلام السفر عبر الزمن التي شاهدناها فإن الأبطال لديهم حرية الحركة للهرب مما قد يؤذيهم!

جيك يدخل المغارة لأوقات طويلة ثم يخرج فجأة ووالده لا يبدو أنه مهتم! نعم، ربما لانشغاله بمراقبة الطيور على حساب ابنه! أياً كان السبب، لا يهم. المهم أن دخول جيك وخروجه يمثلان انتقال الفيلم من 2016 إلى 1943 والعكس بطريقة رديئة، بل هو أردأ انتقال عبر الزمن شاهدناه سينمائياً على الإطلاق.

ساميول إل جاكسون في دور الشرير مكرراً، حيث إن تسريحة شعره شبيهه بتلك التي ظهر بها في فيلم Unbreakable عام 2000. الوحوش أو المجوفون كما يسميهم الفيلم (التسمية مستعارة من هاري بوتر)، وكل أجزاء الفيلم استعارات من أفلام أخرى وليس هناك جزء واحد أصلي. هذا الفيلم من النوع الذي قد تخرج منه متسائلاً: ما كانت تلك الفوضى التي شاهدتها؟! وستنسى الفيلم قبل أن تحاول الإجابة! نقترح على بيرتون بعد هذا الفيلم الرديء أن يصنع فيلماً عن أكاديمية لرعاية هؤلاء الأطفال والاهتمام بقدارتهم كالتي في فيلم «إكس مِن»! لكن لا يبدو أن ذلك سيحدث لأن مبدع «أليس في بلاد العجائب» يبدو أنه قد نسي الوصفة السرية لأفلامه منذ أن غادر عالم أليس عام 2010.

تويتر