فيلم يفتقر إلى عناصر الإثارة والمفاجأة

نيكولاس كيج يخفق في إنقاذ «يو إس إس إنديانا بوليس» من الغرق

صورة

لن نقول إن الوضع كان جيداً بالنسبة للنجم نيكولاس كيج قبل 20 عاماً، بل نقول إن وضعه كان جيداً منذ سبعة أعوام فقط. لن نقارن وضعه اليوم بالحالة المثالية التي كان يتمتع بها في التسعينات حين فاز بالأوسكار ثم انطلق ليكون نجم أفلام «أكشن»، وشباك تذاكر بالدرجة الأولى، واستمر لأكثر من 10 أعوام.

لكن بعد عام 2010 بدأ الانحدار التدريجي إلى أن وصل القاع اليوم وفي آخر سبعة أعوام لم يظهر كيج سوى في فيلمين، الأول جيد بعنوان «جو» والثاني متوسط بعنوان «ذا ترست». مشكلة نيكولاس كيج ليست سينمائية أو فنية بل هي اقتصادية بالدرجة الأولى. هذا النجم يعتبر من أكثر الممثلين دخلاً في هوليوود (على الأقل حتى أواخر العقد الماضي)، لكن الرجل لم يحسن استغلال ذلك، ولم يفكر في تنويع مصادر دخله، وأنفق ببذخ حتى تورط في مشكلة ضرائب مع السلطات الأميركية.

«أين تسنى لبعض البحارة حلق لحاهم وهم عالقون خمسة أيام في البحر، خصوصاً أن وجوههم كانت نظيفة جداً باستثناء بطل الفيلم كيج».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/547079.jpg


«بعد عام 2010 بدأ الانحدار التدريجي لنيكولاس كيج إلى أن وصل للقاع، وفي آخر سبعة أعوام لم يظهر سوى في فيلمين جيدين».

هذا السبب الذي جعل كيج يوافق على الظهور في أي فيلم يعرض عليه بغض النظر عما إذا كان جيداً أو سيئاً، المهم أن يقبض من هنا ويسدد هناك حتى يتجنب دخول السجن.

نعترف أننا تجنبنا مشاهدة أفلام كيج في السينما خلال الأعوام الثلاثة الماضية وفضلنا مشاهدتها تلفزيونياً حتى نخفف من شعور العذاب، خصوصاً أنها كلها لا تستحق امتياز الإصدار السينمائي. اليوم لدينا فيلم جديد لكيج هو «يو إس إس إنديانا بوليس: رجال الشجاعة» من إخراج ماريو فان بيبلز.

قد يبدو غريباً اختيار كيج لبطولة هذا الفيلم وقد يبدو أغرب اختيار بيبلز لإخراجه! بالطبع كيج عودنا أن يمثل في كل شيء أخيراً ولا نظن أنه يحاول العودة إلى الساحة مجدداً، خصوصاً أن هذا الفيلم من صنف الكوارث وذكرنا سابقاً في هذه المساحة أن الصنف أصبح مثاراً للسخرية في هوليوود.

بالنظر إلى حجم الحدث فإنه لا يتناسب نهائياً مع محدودية الإنتاج هنا (الميزانية 40 مليون دولار فقط مقارنة بـ156 مليوناً ميزانية ديب ووتر هورايزن)، فلا البطل قوي أو ذو شعبية سينمائية ولا النص مميز ولا حتى المخرج يتمتع بأفلام قوية أو معروفة على سيرته الذاتية. دعونا نستعرض القصة أولاً قبل الخوض في النقاش.

في عام 1945 وهو العام الذي وضعت فيه الحرب العالمية الثانية أوزارها، كانت السفينة «يو إس إس إنديانا بوليس» بقيادة الكابتن تشارلز مكفي (نيكولاس كيج) تنفذ مهمة سرية هي توصيل أجزاء من القنبلة الذرية التي ستلقى في ما بعد على مدينة هيروشيما اليابانية.

نظراً لسرية المهمة لم يتم إرسال أي حماية مع السفينة التي أوصلت حمولتها إلى قاعدة بحرية في المحيط الهادي قبل أن تبدأ رحلة العودة، لكن كانت هناك غواصة يابانية لها بالمرصاد في بحر الفلبين حين أطلقت قذيفة ناسفة مائية أغرقتها، ما تسبب في سقوط البحارة في المياه مدة خمسة أيام بأقل قدر ممكن من المؤونة ومحاطين بمجموعة من أسماك القرش. 317 بحاراً فقط هم الذين نجوا من هذه الكارثة التي أسفرت عن مقتل 1196 شخصاً من الطاقم.

الفيلم يبدأ من أوامر الرئيس الأميركي هاري ترومان للكابتن مكفي بإيصال الحمولة، لكن الأحداث تبدأ من الدقيقة 40 حين تتحطم السفينة وتغرق، ليست المشكلة هنا لأن أي فيلم بحاجة إلى فترة إعداد وتقديم الشخصيات وما تتطلبه العملية التمهيدية عادة. لكن المشكلة هي أن الهدف تحقق قبل بداية الأحداث، أي أن السفينة هوجمت بعد أن أوصلت الحمولة، وبالتالي تم فقد أداة القصة التي كان من الممكن أن تكون عنصر الإثارة في الفيلم!

المشكلة هذه تسببت ليست في إطالة الفيلم فقط، بل أفسدت سلاسة سير السيناريو وأفقدت الفيلم هويته فأصبح كالتالي:

أول نصف ساعة فيلم حربي.

ثاني نصف ساعة (يقع الهجوم) أصبح فيلم كوارث من نمط تايتانك.

ثالث نصف ساعة أصبح فيلم قروش ودراما نجاة.

آخر 15 دقيقة يتحول إلى دراما محاكم.

آخر خمس دقائق ينقلب إلى مسلسل تلفزيوني قبل أن يصبح فيلماً توثيقياً!

وكان من الأفضل لو بدأ الفيلم من التحقيق الذي سبق المحاكمة ثم يستخدم «الفلاشباك» في عرض القصة، وبالتالي يكون قد كسر المعادلة ولما تسببت جزئية إيصال الحمولة في فقد أجزاء الإثارة في الفيلم.

الفيلم يحوي مجموعة قصص فرعية أهمها قصة مثلث حب غاية في الابتذال بين شابين وفتاة، التي سئمنا من مشاهدتها في الأفلام الهندية منذ بداية التسعينات ليبدو أن هوليوود قد اكتشفتها للتو ولا تريد تركها! المشكلة أنها بدت مستنسخة من قصة مثلث الحب المبتذلة التي شاهدناها في فيلم بيرل هاربور عام 2001 بين بن أفليك وجوش هارتنيت وكيت باكنسيل!

طبعاً هناك قصص أخرى لا تستحق الذكر كان أبرزها قصة ضابط أميركي عنيد في قاعدة قريبة يلغي محاولات إنقاذ البحارة لأنه يظن أن نداءاتهم مزيفة، وليست سوى فخ يحضره اليابانيون للقضاء عليه! طبعاً تلك القصة أسهمت بشدة في القضاء على صبرنا كمشاهدين نعلم تماماً أنه سيكون مخطئاً في النهاية، وسيظهر في مشهد لاحق كأحمق نادم على فعلته! وهذا ما يحدث!

المؤثرات الخاصة كانت رديئة من مشهد إطلاق الغواصة اليابانية قذيفة ناسفة أولى أخطأت السفينة، والتي ظهرت كأنها قذيفة من فيلم أنيميشن.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

مشهد تدمير السفينة وغرقها ظهر كأنه مستعار من فيلم «تايتانك» لجيمس كاميرون، حيث ظهر البحارة يتساقطون في المياه بطريقة مكررة، مثال:

مشهد للسفينة نصفها للأعلى والآخر يغرق في البحر، وبحار متعلق بقطعة حديد ويتركها فجأة، ثم تنتقل الكاميرا تحت الماء لترصد سقوطه! هذا المشهد تكرر ربما خمس مرات كأن المخرج أعاد اللقطة نفسها بالضبط!

القروش في الفيلم لم تكن مخيفة ولا حتى حاولت أن تفاجئنا لأن بيبلز يصر على تصويرها مدة 30 ثانية على الأقل قبل أن تهجم! بيبلز يركز على لقطات لقروش تسبح بين البحارة العالقين في قوارب نجاة مطاطية، ولا نعلم مغزى المشهد هل هو لإظهار معاناة البحارة في محنتهم أم هو لقطات تبرع بيبلز بتصويرها لصالح قناة «ناشيونال جيوغرافيك!».

ونتساءل، أين تسنى لبعض البحارة حلق لحاهم وهم عالقون خمسة أيام في البحر، خصوصاً أن وجوههم كانت نظيفة جداً باستثناء بطل الفيلم كيج.

وكيف ظلت القبعة العسكرية لأحد البحارين على رأسه بعد غرق السفينة بالطريقة «التايتانكية» وسقوط الجميع في البحر! ربما مصادفة! لا يهم.

تويتر