شهد صمود السينما بشكلها الأساسي

الألفية الجديدة.. التقنية والابتكار يغيّران وجه صناعــة الترفيه ويقلبان قواعد اللعبة

صورة

رغم التشاؤم الذي أحاط مستهل العقد الأول من الألفية الجديدة والمعروف بـ«واي تو كي» (شائعة مفادها أن الرقم صفر سيلي 1999 نتيجة برمجة خاطئة لأجهزة الحواسيب وبالتالي ستمحى كافة البيانات وسيعود العالم إلى الوراء)، مضافاً إليه خزعبلات نهاية العالم بحلول عام 2000، إلا أن ذلك العقد تميز بتطورات تقنية هائلة يكاد يعجز العقل البشري عن استيعاب آثارها في جميع مجالات الحياة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/547112.jpg

كساد

عام 2009 ظهر فيلم استغل فترة الكساد الاقتصادي كموضوع له، Up in the Air للمخرج جيسن ريتمان، كان دراما متبصرة في الواقع المرير آنذاك، يعكس الأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الأميركي في نهاية العقد، عن رجل (جورج كلوني) أعزب يعمل لشركة موارد بشرية، يسافر طوال الفيلم لعمل مقابلات تهدف إلى تصغير حجم الشركات التي تطلب استشارته بإقالة موظفيها بالنيابة عن رؤسائهم. يواجه الرجل أزمة مشابهة لتلك التي يلحقها بغيره عندما تنقلب الأمور ضده بتعرض وظيفته للخطر عند ظهور تقنية عقد الاجتماعات عبر الفيديو، وبالتالي تنعدم الحاجة إليه.


10

سنوات خاطفة بدأت في يناير 2001 وانتهت في ديسمبر 2010، اتسمت بأنها الأكثر والأسرع تطوراً في صناعة الترفيه من أي عقد في التاريخ.

في عام 2002 دخل مغني الراب الأميركي الأبيض المثير للجدل «إمينيم» السينما بفيلمه الناجح «8 مايل»، وفازت أغنية الفيلم بجائزة أوسكار أفضل أغنية، ودخلت التاريخ كأول أغنية من هذا الصنف تفوز بهذه الجائزة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/10/547588.jpg

10 سنوات خاطفة بدأت في يناير 2001 وانتهت في ديسمبر 2010 اتسمت بأنها الأكثر والأسرع تطوراً في صناعة الترفيه من أي عقد في التاريخ. عهد التغيير والابتكار وثورة المؤثرات الخاصة، وهنا نريد تسليط الضوء على عوامل التقنية التي أثرت بشدة في هذه الصناعة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

كان من أهم سمات ذلك العقد بزوغ فجر الإعلام الجديد أو ما يعرف بـوسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك انتشار المدونات الإلكترونية وظهور شكل جديد من البرامج التلفزيونية سميت بـReality TV أو تلفزيون الواقع كان أبرزها Survivor و«أميريكان آيدول» وبرنامج المسابقات الشهير الذي ظهر بلغات عدة «من سيربح المليون»، بالإضافة إلى ذلك شهد العقد ثورة رقمية في مجال طرح الأفلام للمشاهدة المنزلية جاءت مترادفة مع اسم «نيتفليكس»، وهي خدمة لمشاهدة الأفلام تتوافر على الإنترنت تطورت في ما بعد إلى تطبيق يتم تحميله على الأجهزة الذكية، بما في ذلك الجيل الجديد من أجهزة التلفاز الذكية.

شهدت صناعة الترفيه كذلك انتشار برامج القنوات الإخبارية المتنافسة في تقديم آخر المستجدات على مدار الساعة، كل هذه الظواهر المذكورة دخلت في منافسة شرسة للاستحواذ على الجماهير وهو ما شكل تحدياً كبيراً لصناعة السينما العالمية.

ولم يتوقف الأمر هنا، بل فوجئ العالم بتوالي الاختراعات التقنية بطريقة لم يشهد لها مثيل في العقود السابقة، أجهزة الحواسيب المحمولة أخذت تصغر وسط منافسة شديدة من جهاز جمع الهاتف المحمول والحاسوب، فأصبح اسمه هاتف ذكي أنتجته شركة «بلاكبيري» التي دشنت عصر الهواتف الذكية الجديد عام 2003، وفي الإمارات عام 2005، شركة «أبل» لم تكن بمنأى عن تلك التطورات، فقد دشنت عهد أجهزة الموسيقى الرقمية عبر جهازها الشعبي «آيبود» في بداية العقد و«آيفون» و«آيباد» بنهايته.

وتميز العقد الماضي بظهور تطبيق «سكايب» الشهير والكتب الإلكترونية وموقع «هولو» الشهير لأفلام الفيديو، فضلاً عن انتقال صناعة أجهزة التلفاز من النطاق اليدوي (شاشات أشعة الكاثود القديمة) إلى النطاق الرقمي ممثلة في الشاشات المسطحة. محال تأجير أشرطة الفيديو تحولت إلى الأقراص الرقمية DVD، والاتصال بشبكة الإنترنت تطور من نظام الـ«دايل أب» المتصل بالهاتف المنزلي إلى الـ«برودباند» الرقمي. أما أجهزة الرد الهاتفي الآلية Answering machine والحجز بالهاتف ودليل الهاتف الثقيل (الصفحات الصفراء) وأجهزة الخليوي، وطوابع اللعق البريدية، وأجهزة الفيديو VHS وأشرطتها، والأقراص المرنة أو ما يعرف بـfloppy disc، كلها همشت قبل أن تختفي بعد أن كانت من أساسيات العقود الماضية.

وعلى الرغم أن أول جهاز تسجيل فيديو رقمي من ماركة تيفو TiVo شحن في أوائل عام 1999، غير أنه لم ينتشر في المنازل إلا بعد بضع سنوات من الألفية بعد مروره بسلسلة عمليات تطوير قبل أن يصبح جهازاً معتمدا لتسجيل برامج التلفاز والانتقال السريع لتجاوز الدعايات، ثم تطور الوضع لتصبح أجهزة الاستقبال نفسها أداة للتسجيل مع شكل تهديداً لجهاز تيفو وجعله يبدو عتيقاً قبل أن تتدارك الشركة الأمر.

وكان من أهم ما ميز العقد الماضي ظاهرة موت المشاهير (آنا نيكول سميث 2007، هيث ليجر في يناير 2008، مايكل جاكسون وفرح فاوست في اليوم نفسه والعام 25 يونيو 2009، وبريتاني ميرفي في ديسمبر من العام نفسه) وغيرهم. وفي ما يلي سنستعرض أهم الأحداث التاريخية المتعلقة بعالم الترفيه خلال العقد الأول من القرن 21.

في عام 2000 صدرت آخر القصص الفكاهية الأصلية المصورة المعروفة باسم بينتس أوpeanuts comic strip في الصحف بعد يوم واحد من وفاة مؤلفها تشارلز إم شولز جراء سرطان القولون، وقد صدرت تلك القصص لأول مرة عام 1950، وفي العام نفسه قاضت عدة شركات موقع نابستر الشهير آنذاك Napster لتوزيعه أغان وموسيقى دون إذن أصحاب الحقوق وبشكل غير قانوني، وفي العام ذاته تزوجت المغنية مادونا بالمخرج البريطاني الصاعد وقتها غاي ريتشي.

عام 2001 حدثت ثورة في العالم الرقمي عندما أعلنت «أبل» في مؤتمر «ماك وورلد إكسبو» في مدينة سان فرانسيسكو عن منتجها الجديد «آيبود» المنظم والمشغل للموسيقى الرقمية وملفات الفيديو، وفي ذلك العام وللمرة الأولى تجاوزت مبيعات أقراص الفيديو الرقمية DVD (كانت قد ظهرت في أواخر التسعينات) مبيعات أشرطة الفيديو الممغنطة VHS، ما اعتبر آنذاك علامة على رقمنة صناعة المشاهدة المنزلية، وكانت المفارقة ذلك العام هي انفجار فقاعة الدوت كوم، نتيجة تضخم أسهم شركات الإنترنت.

فيلم الجريمة الخيالي Vidocq عام 2001 التي تعود أحداثه للقرن 19، للمخرج وخبير المؤثرات الخاصة الفرنسي المعروف باسم بيتوف، كان أول فيلم سينمائي تم تصويره بالكامل بتقنية «هاي ديفينشن» الرقمية العالية الوضوح باستخدام كاميرا «سوني إتش دي كام»، أما أول فيلم عالي الميزانية تم تصويره بالكامل بالتقنية نفسها من هوليوود في ذلك العقد كان «حرب النجوم.. هجوم المستنسخين»، لجورج لوكاس في العام التالي.

تحالفت خمسة استوديوهات في هوليوود (سوني بيكتشرز إنترتينمنت ويونيفرسال ستوديوز وباراماونت بيكتشرز وميترو غولدن ماير ووورنر بروس) عام 2002 لإطلاق خدمة أفلام تحت الطلب عبر شبكة الإنترنت سميت «موفي لينك»، كانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تتوافر فيها كميات كبيرة من الأفلام عبر الشبكة باستخدام نظام البرودباند للاتصال بالإنترنت وبصورة قانونية.

وفي 2003 دشن موقع «ماي سبيس» عصر الإعلام الرقمي الجديد، وفي ذلك العام بزغت ظاهرة جديدة في صحافة السينما لم تعرف من قبل هي إدمان صحافة التابلويد على زوجي السينما الشهيرين بين أفليك وجينيفر لوبيز نتيجة ظهورهما معاً في فيلم Gigli، ووصل الإدمان إلى درجة ابتداع اسم بينيفر لهما وهو دمج لاسميهما الأول. بانتصاف شهر مارس من ذلك العام تجاوزت عائدات أفلام DVD المؤجرة نظيرتها من فئة VHS للمرة الأولى، ووصل النجم الأميركي من أصل نمساوي آرنولد شوارتزينيغر إلى سدة الحكم في ولايته كاليفورنيا ليكون الحاكم رقم 38.

في عام 2004 دشن مارك زوكربيرغ موقعه الشهير «فيسبوك» الذي خلق سبباً جديداً لإدمان مستخدميه حول العالم. الموقع استغل بذكاء من قبل مختلف الشركات العالمية بغرض التسويق، ومنها شركات السينما، وولد ما سمي لاحقاً بالتواصل الاجتماعي.

في العام التالي أطلق موقع «يوتيوب» وتم تحميل أول فيديو في أواخر فصل الربيع، لكن الموقع لم يطلق رسمياً حتى نوفمبر من ذلك العام. «يوتيوب» أصبح لاحقاً أبرز موقع لتحميل ومشاركة أفلام الفيديو القصيرة والطويلة المنتجة والمصورة ذاتياً (من قبل أشخاص يمتلكون حسابات فيه). العام نفسه شهد طرح أول فيلم فيديو على صيغة «بلوراي» Blu-Ray، وكان الجزء الثاني لفيلم تشارليز إينجلز: فوول ثروتل المنتج عام 2003. «البلوراي» هو الجيل الثاني لأفلام «الهاي ديفنشن» عالية الوضوح DVD وببزوغها انتهى عهد الأشرطة الممغنطة VHS بشكل نهائي.

في عام 2006 شهدت جماهير الفيديو آخر طرح لعمل هوليوودي رئيس على الأشرطة وكان ذلك فيلم «تاريخ من العنف» A History of Violence الصادر في 2005 للمخرج ديفيد كروننبيرغ. وفي العام ذاته وصلت ظاهرة إدمان الصحف على المشاهير إلى ذروتها بإطلاق اسم برانجلينا على الممثل الأميركي براد بيت ونظيرته أنجلينا جولي عند إعلانهما علاقتهما بعد أن كانت سراً خلال ظهورهما معاً في فيلم «مستر ومسز سميث» عام 2005. الأمر الذي نتج عنه طلاق بيت من الممثلة جينيفر آنيستون بعد أن استمر خمسة أعوام.

في العام نفسه شهد العالم ظهور موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ومزاحمته «فيسبوك» على جمهور فضاء الإنترنت، وكما حدث مع الأول تكرر مع الثاني، إذ اشتركت به المؤسسات والأفراد وأصبح المصدر الأول لصنع الأخبار حتى بالنسبة للسينما وذلك مستمر إلى يومنا هذا. وفي عام 2007 تم طرح وتوزيع أول فيلم هوليوودي من إنتاج شركة كبرى (باراماونت) عبر شبكة الإنترنت باستخدام نظام «برودباند»، وهو الجزء الثاني من فيلم المقالب الشهير «جاكاس 2.5»، ما دشن عهداً جديداً في مجال توزيع الأفلام رقمياً عبر الشبكة.

وفي ذلك العام توقفت مجلة «بريمير» الشهيرة المتخصصة في أفلام السينما Premiere، التي بدأت في الصدور قبل عهد الإنترنت عام 1987، وكان آخر عدد لها صدر في أبريل 2007. في تلك السنة وحتى 2008 وصلت مفاوضات نقابة كتاب أميركا مع اتحاد السينما والتلفزيون الأميركي إلى طريق مسدود، ما اضطر النقابة إلى إعلان إضراب في نوفمبر.

كان من بين نقاط الخلاف مطالبة النقابة الحصول على نسبة من مبيعات أقراص DVD والأفلام المطروحة رقمياً عبر الشبكة والهواتف الذكية وخدمة الفيديو تحت الطلب، وعندما انتهى الإضراب في فبراير 2008 كانت الخسائر قد تجاوزت الملياري دولار في صناعة الترفيه.

لاحقاً في ذلك العام اشتعلت النيران في منطقة مخصصة للتصوير خلف استويوهات «يونيفرسال» دمرت أيقونات عدة من أفلام شهيرة، منها مبنى محكمة (مخصص للتصوير فقط)، وبرج الساعة الذي ظهر في أفلام «باك تو ذا فيوتشر» أو «العودة إلى المستقبل» (1985-1990) وتمثال غوريلا كينج كونج. وفي ذلك العام ظهر موقع الفيديو الشهير هولو Hulu.

في العام التالي وللمرة الأولى منذ 2002، تجاوزت مبيعات تذاكر الأفلام في دور العرض الأميركية نظيرتها من عائدات أفلام الفيديو بصيغة DVD. حدث ذلك بسبب تراجع الاقتصاد من جهة وحالة الانتقال من أقراص الفيديو بصيغتيها دي في دي وبلوراي إلى الصيغة الرقمية عبر الشبكة، وكذلك ظهور تلفزيون الإنترنت في تلك الحقبة، وهو ما أحدث حالة من الارتباك والحيرة نتيجة عدم تعوّد الجمهور على التطوّر التقني السريع.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

في عام 2009 صدر الفيلم الملحمي آفاتار للمخرج جيمس كاميرون، وهو أول فيلم يخرجه للسينما بعد 12 عاماً من طرح تايتانك. آفاتار أحدث ثورة في عالم تقنية السينما إذ إنه صنع من تقنيات لم تكن متوافرة قبله بل اخترعت خصيصاً لأجله تسمى Simulcam وهي كاميرا تتميز بقدرتها على إضافة الصور المصنعة بالكمبيوتر بعد التصوير بواسطة الأداة نفسها. وتقنية Facial Performance Replacement أو تبديل أداء الوجه أيضاً، وهي تقنية تسمح بالتحكم في حركات وجه الممثل بعد أدائه الأولي، وتوظف بشكل رئيس عندما تضاف تغييرات إلى الحوار بعد تصوير اللقطات. كاميرون صرح لاحقاً أن الفيلم كان لديه منذ فترة وأنه لم يشأ تقديمه بالتقنيات المتوافرة سابقا حتى لا يحدث تضارب مع رؤيته.

تويتر