فيلم مشتت غارق في الفوضى
«إنكارنيت» يضيع في تناقضات فكرة مكررة
تعريف فيلم «ذا إكسرسست»: شيطان يسكن جسد فتاة مراهقة فتستدعي أمها قسيسين لطرده. يعتبر من كلاسيكيات سينما الرعب وأفضل فيلم من نوع المواجهة بين البشر والشياطين على الإطلاق.
تعريف فيلم «ذا إكسرسزم أوف إميلي روز»: مستوحى من أحداث حقيقية، تحقيق في قضية موت فتاة بعد تنفيذ قسيس عملية طرد أرواح من جسدها.
- «إنكارنيت» يقحم فكرته المعقدة المستعارة في قصة أصلاً مستعارة. - الفيلم مصنوع بميزانية منخفضة واحتمال إخفاقه في شباك التذاكر غير وارد. |
تعريف فيلم «إنسيدياس»: عائلة تنتقل إلى بيت تظن أنه مسكون بكيانات خارقة للعادة لتكتشف أن جسد الابن هو في الحقيقة بمثابة وعاء يسكنه شيطان. فكرة الفيلم ترتكز على وجود عالم خفي مواز للعالم الحقيقي تسكنه الجن والشياطين والأرواح الشريرة التي تتحين الفرص لتنتقل إلى عالمنا الواقعي عبر أجساد البشر. مقابل ذلك تتصدى خبيرة اتصال بالجن لتلك الكيانات بمعدات وأجهزة خاصة.
تعريف فيلم «إنسيدياس 2»: نفس فكرة الجزء الأول والتركيز على الصراع بين الشخصيات في عالمين متوازيين.
تعريف فيلم «ذا كونجورينغ»: زوجان خبيران في طرد الأرواح الشريرة يتم استدعاؤهما لمساعدة عائلة تتعرض لتعذيب الشياطين في المنزل.
تعريف فيلم «إنكارنيت»: خبير متخصص في طرد الشياطين عن طريق تقنية خاصة هي الدخول إلى العقل الباطن للمستلبسين، ومحاربة تلك الكيانات هناك.
فيلم Incarnate أو «تجسيد» هو الفيلم الوحيد من صنف الأفلام المذكورة أعلاه الذي يحاول إضافة فكرة جديدة إلى موضوع المواجهة بين البشر والشياطين.
دعونا نستعرض القصة قبل الخوض في تفاصيل النقاش: دكتور سيث إمبر (آرون إيكهارت) يتمتع بمهارات في تخليص الناس من الاستلباس الشيطاني، يحتقر المؤسسة الدينية ويسمي ما يفعله «عملية طرد كيانات طفيلية». إمبر لديه مساعدان يشبهان الصعاليك (يذكران بمساعدي الخبيرة إليس في فيلم «إنسيدياس» سبيكس وتاكر).
إمبر يستخدم أدوات طبية لتخفيض عدد نبضات قلبه وجعلها قريبة من مستوى الاحتضار، ومن تلك النقطة يكون مهيئاً لاقتحام العقل الباطن للأشخاص المرضى، وإقناعهم أن تلك المخيلة عبارة عن كذبة شيطانية، وأن عليهم اللحاق به لإخراجهم من عالم الشياطين والعودة إلى الواقع.
رجاء إلى القارئ
نهايات محتملة إرضاء لماغي من خلال العيوب المذكورة يبدو أن كاتب الفيلم لم يراجعه جيداً أو ربما مطلقاً، ويبدو أيضاً أن المخرج نفذه وهو مختلف مع الكاتب حول النهاية، فجلس الاثنان ووضعا نهايات محتملة عدة؛ ثم قررا ضمها كلها إرضاء لبعضهما بعضاً، وأيضاً إرضاء لماغي! لتكون النتيجة فوضى في النهاية تعادل فوضى أحداث القصة. |
أرجو من القارئ الكريم البقاء معنا وعدم قلب الصفحة، أو الخروج من الصفحة الإلكترونية! المهم أن هدف إمبر من كل تلك العمليات التي ينفذها هو أن يجد شيطانة تُدعى ماغي كانت سبباً في قتل زوجته وابنه في حادث سيارة وتركته مشلولاً في كرسي متحرك.
في يوم ما، تأتي ممثلة من الفاتيكان (كاتالينا ساندينو مورينو) تعرض على إمبر مبلغاً مالياً ضخماً مقابل مساعدته. القضية هذه المرة صبي عمره 11 عاماً (ديفيد مازوز) يعاني استلباساً شيطانياً قد يقتله في ثلاثة أيام. كالعادة يحدث الكليشيه الأزلي عندما يرفض إمبر قبل أن يوافق فقط عندما يعلم أن الشيطان قد يكون ضالته ماغي، فيوافق آملاً أن تكون هذه فرصته للانتقام.
بينما ممثلة الفاتيكان تراقب سير العملية برفقة والدة الفتى (الهولندية كاريس فان هوتن من مسلسل لعبة العروش)، يقتحم إمبر وفريقه المجهز بحواسيب وكاميرات وشاشات مراقبة وأسلاك موصولة برأس إمبر العقل الباطن للصبي لتبدأ الجولة الأولى ضد ماغي، وتنتهي بفشل ذريع.
لا تحدث أي مواجهة أخرى حتى نهاية الفيلم عندما يستعين إمبر بمصل دم من شخص آخر مستلبس يستخدمه لينير له معالم الطريق في ذلك العالم أو العقل الباطن للفتى، ويتمكن من القضاء بشكل كامل على ماغي. هل انتهينا؟ كلا ليس بعد، لأن هناك ثلاث نهايات للفيلم كل واحدة تنتهي بطريقة حددها الكاتب روني كريستنسن أو المخرج براد بيتون (أخرج سان أندريس العام الماضي) أو ربما ماغي نفسها!
الغوص في الآخر
فكرة الغوص في خيال وأحلام الأشخاص الآخرين ليست جديدة، فقد رأيناها في أفلام أخرى مثل البوليسي «ذا سِل» عام 2000 ورائعة كريستوفر نولان «إنسيبشن» 2010، و«آنا» 2013. «إنكارنيت» يمزج تلك الفكرة بفكرة فيلم «إنسيدياس» حيث يذهب إمبر لاستعادة الفتى والهروب معه في دهاليز، ثم العثور على باب والدخول منه إلى نافذة والقفز منها فيخرجان من الحلم ويعودان إلى الواقع.
في «إنسيدياس» يدخل الأب في حالة نوم مغناطيسي، ويسافر بروحه إلى ذلك العالم، ويدخل منزلاً مملوءاً بالغرف والدهاليز ويجلب ابنه ويعودان راكضين من مطاردات الشياطين فيخرجان من خلال بوابة إلى العالم الواقعي.
الفرق أن «إنسيدياس» و«ذا إكسرسست» و«ذا كونجورينغ» وحتى «ذا بابادوك» كلها تعتمد على مبدأ البساطة في طرح الفكرة وتنفيذها، لذا تبدو مقنعة بل وواقعية، لكن «إنكارنيت» يقحم فكرته المعقدة المستعارة إقحاماً في قصة أصلاً مستعارة فيضيع بين التناقضات وتفاصيل لا يتمكن حتى من تبريرها.
جمهور.. موجود
الفيلم يحارب الجانب الديني في عملية طرد الشيطان في بدايته، وإمبر لا يخفي ذلك أمام ممثلة الفاتيكان، لكن المضحك المبكي أن في المواجهة النهائية ضد ماغي، يخرج إمبر رمزاً دينياً ويضعه في فمها قائلاً: زوجتي كانت تلبس هذا قبل وفاتها، ثم تحترق ماغي بسبب وجود الرمز الديني في فمها! (لم نفسد شيئاً، فماغي أقوى من أن تموت في مشهد واحد!).
ماغي لم تكن عنصر شر مطلق في الفيلم بقدر ما هي أداة للقصة، وهذه من أبرز نقاط ضعف الفيلم لأنه لم يستثمر فيها ولم يعطِ الشخصية سبباً كي نهتم بها. من خلال قراءة سلوك إمبر الجنوني، فإن الدافع لديه هو العثور على ماغي ليقتلها انتقاماً لزوجته وليس ليساعد الفتى والفرق كبير بين الدافعين، بينما نحن غير مهتمين بقصته لأننا لا نعرف ماغي أساساً.
إيكهارت بشعر طويل وجالس على كرسي متحرك (يشبه كثيراً توم كروز في فيلم «مولود في الرابع من يوليو») يعطي أداء أوسكارياً في فيلم يمكن وصفه في كلمتين: غبي وتافه.
الفيلم مصنوع بطريقة جيسن بلام (بلام أنتج هذا الفيلم وإنسيدياس أيضاً)، التي طرحناها سابقاً في هذه المساحة (الإمارات اليوم 9 نوفمبر)، وذلك يعني أنه مصنوع بميزانية منخفضة (خمسة ملايين دولار) وبذلك فإن احتمال إخفاقه في شباك التذاكر غير وارد بسبب اعتماده على وجود جمهور سينما الرعب بشكل خاص.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news