عطل فني يسبب خللاً عميقاً في نص الفيلم

«باسنجرز»..ضائع في دوامة أفكار

صورة

لا شيء يفسد فيلماً مثل صدف غير منطقية، أو سؤال تطرحه على نفسك فتكون الإجابة: لأنه لو لم يحدث ذلك فلن يكون لدينا فيلم! لا نتحدث عن الواقعية بل نحن مستعدون لتقبّل أي شيء خيالي لو كان يؤدي غرضه بصورة جيدة، أي يوفر العامل الترفيهي المطلوب، أو يعطينا قصة تحوي عبراً.

5000

مسافر أو مستوطن على متن أفالون في طريقهم إلى كوكب بعيد جداً عن الأرض يسمى «هومستيد 2» في رحلة تستغرق 120 سنة.

لا مفاجآت

الفيلم رغم كل تناقضاته يحافظ على جو من الغموض، ما قد يشير إلى أن هناك شيئاً خفياً يتحكم في ما يحدث، لكن ليست هناك أي مفاجآت، والنهاية ضعيفة جداً وغير متسقة مع نبرة الفيلم.

فيلم Passengers أو «مسافرون» يروي لنا قصة جيدة تستحق الاهتمام، ويدعونا إلى أن نهتم بها، وبشخصياته قبل أن يضيع في التناقضات، ويرمي علينا إشارات لأفلام أخرى، وينتهي بطريقة لا تستحق حتى الانتباه.

يبدأ الفيلم بمركبة فضائية تسمى أفالون على متنها 5000 مسافر أو مستوطن في طريقهم إلى كوكب بعيد جداً عن الأرض يسمى «هومستيد 2» في رحلة تستغرق 120 سنة. كل المسافرين في حالة سبات في كبسولات متجاورة، وعندما يصطدم كويكب بالمركبة أفالون يتسبب في عطل تقني في نظام الكبسولات يستيقظ على أثره مسافر يُدعى جيم بريستون (كريس برات).

يعلم بريستون - وهو مهندس ميكانيكي - أنه استيقظ 90 عاماً قبل الوصول إلى «هومستيد 2» وتنتابه حالة ذعر كونه لا يستطيع العودة إلى حالة السبات. يحاول التأقلم مع الوضع مدة عام مع روبوت بشكل آدمي يعمل في حانة المركبة أفالون اسمه آرثر (مايكل شين). وعندما يصل إلى مرحلة اليأس من الوحدة والانعزال، خصوصاً أنه أكمل عاماً كاملاً منذ استيقاظه يدخل في صراع نفسي لإيقاظ فتاة جميلة اسمها أورورا لين (جينيفر لورينس) أعجبته، وقرأ قصتها في الجهاز التعريفي الموصول بكبسولتها.

يستسلم بريستون لرغبته في قتل وحدته، ويوقظ أورورا وهو يعلم أنه لو فعل ذلك فإنه يشركها في مصيره أي أنهما منطقياً لن يعيشا الـ90 عاماً المتبقية على نهاية الرحلة. يوقظ بريستون أورورا يدوياً أي بالعبث بنظام كبسولتها، وعندما تستيقظ وتبدأ في اكتشاف محيطها يظهر نفسه لها ويشرح لها الوضع قائلاً: إنها استيقظت كما حدث له أي بسبب عطل فني.

تبدأ أورورا في طرح كل الأسئلة المنطقية التي طرحها بريستون عندما استيقظ وهي: كيف حدث ذلك؟ وما العمل الآن؟ ولابد من وجود طريقة ما للعودة إلى الأرض أو العودة إلى الكبسولات للدخول في حالة السبات. تتطور العلاقة بينهما وتصل إلى مرحلة الرومانسية وهذه كلها تطورات منطقية في حالة أي شخصين يلتقيان في هذه الظروف الغريبة والصعبة، ويعلمان أنه لا مفر من هذا الوضع.

هنا بالضبط يصل المشاهد إلى مفترق طرق مع الفيلم الذي أخرجه مورتن تيلدم (أخرج فيلم لعبة المحاكاة الذي ترشح للأوسكار منذ عامين) إذ يبدأ في الضياع في دوامة من الأفكار ولا يعلم أي طريق يسلك، فلا هو دراما نجاة بشكل واضح، ولا هو رومانسي بشكل كامل، ولا هو خيال علمي بصورة متعارف عليها. بالإمكان القول إن الفيلم بلا هوية واضحة رغم محاولاته اليائسة إلى أن يكون شبيهاً بـ«تايتانك».

دعونا نستعرض تفاصيل القصة التي كتبها جون سبيتس من خلال طرح بعض الأسئلة المنطقية: عندما اصطدم الكويكب بالمركبة وأحدث خللاً، لماذا أفاق بريستون وحده تحديداً؟ الجواب: لأن كريس برات هو البطل! للعلم أن الفيلم حاول شرح ذلك بأسلوب علمي؛ إلا أنه غير مقنع ولا وافٍ.

سؤال ثانٍ: لماذا يسعى البشر للهجرة من الأرض والسفر لفترة تزيد على قرن وبدء حياة جديدة على كوكب بعيد جداً دون توضيح مقنع ماذا حل بالأرض أساساً؟ الجواب: ربما اغتر الكاتب بفكرة أن البشر امتلكوا تقنية الاستيطان في الكواكب الأخرى فنسي ذكر سبب مقنع لترك الأرض!

سؤال ثالث: لماذا اختار بريستون إيقاظ أورورا تحديداً؟ الجواب: لأنها أعجبته وليكون في الفيلم عنصر الرومانسية.

سؤال رابع: لماذا هناك روبوت يعمل في حانة المركبة والمسافرون والطاقم في حالة سبات؟ الجواب: ربما حدث ذلك بسبب العطل الفني، أو حتى يكون لبريستون رفيق يتسلى معه!

سؤال خامس: في المشاهد التي يحاول فيها بريستون التأقلم مع وضعه نراه يلعب كرة سلة ويرقص مع أشكال هولوغرامية (طيفية) للتسلية، إذا كان البشر وصلوا لهذه المرحلة من التطور، فلم لم يبرمجوا نظام المركبة على إطفاء كل الأنظمة التشغيلية في حالة السبات لتوفير الطاقة مثلاً، خصوصاً أن الرحلة تستغرق قرنا؟ الجواب ينسف فكرة الفيلم. سؤال سادس: لماذا إذا استفاقت الشخصيات من الكبسولات فلا تستطيع العودة؟ هل اخترع البشر كبسولة بهذا التطور، ولا يستطيعون ابتكار تقنية العودة إلى السبات؟ أيضاً، الجواب ينسف فكرة الفيلم!

سؤال سابع: هناك مشهد نسمع فيه صوتاً يأتي عبر نظام المركبة يقترح على المسافرين التوجه إلى غرفة المراقبة المخصصة لهم للتفرج على نجم متوهج تمر المركبة بجانبه، فكيف يعلن نظام المركبة ذلك في وقت من المفترض أن يكون المسافرون في حالة سبات؟ أو ليس خط الرحلة مبرمجاً ومخططاً كما هي الحال مع نظم الملاحة الجوية؟ لا جواب!

سؤال ثامن: فلنفترض أن العطل تسبب في تشغيل كل الأنظمة الإلكترونية في المركبة ما سمح لبريستون بالتجول في أرجائها واستخدام كل مرافقها، فلماذا بقيت كل الكبسولات مغلقة باستثناء كبسولته؟ الجواب: لأن هناك خلل كبير في نص هذا الفيلم.

سؤال تاسع: هناك شخصية شهيرة تظهر في منتصف الفيلم لشرح تفاصيل الخلل لبريستون وأورورا قبل أن نعلم أنها مريضة بسبب الخلل الفني ولا تستطيع إكمال الدور، فترشد الاثنين إلى طريقة إصلاح الخلل! لماذا تتحول شخصية مهمة من ناحية الدور والتوقيت إلى مجرد أداة قصة؟ الجواب: حتى لا تخطف الأضواء من البطل كريس برات!

سؤال عاشر: لماذا لم يتم وضع خطة طوارئ في حال اصطدمت المركبة بجسم في الفضاء؟ ما هذا الغرور الذي يجعل عالماً أو مصمم مركبة فضائية أن يقول إنها محصنة ضد الأعطال الفنية؟ الجواب: لو وضعت خطة طوارئ فلن يكون لدينا هذا الفيلم!

لن نطرح مزيداً من الأسئلة لأن الأفلام الغبية لا تصمد أمامها، لكن بقي أن نقول إن المؤثرات البصرية جميلة جداً، خصوصاً في مشهد رائع يتعطل فيه نظام الجاذبية في المركبة إلا أن ذلك للأسف لا يصلح الأعطال الموجودة في نص الفيلم.

تويتر