سامارا مورغان تخرج من «حلقات» في الزمن الخطأ

لو كان هناك نظام قضائي لأفلام السينما لاستحق فيلم Rings أو «حلقات» حكم الإعدام بسبب تجربة العذاب التي يمر بها المشاهد خلاله. «حلقات» مثال آخر على سياسة التدوير المتبعة في هوليوود باستغلال فكرة فيلم قديم وتحديثها للجيل الجديد.

ما المنطق؟

في عهد أصبح فيه كل الناس يشاهدون مقاطع فيديو على هواتفهم الذكية وعلى منصات مثل «سناب شات» و«إنستغرام»، ما منطق استخدام شخصيات الفيلم جهاز فيديو من حقبة سابقة مع قباحة تبرير ذلك؟! لا يوجد تفسير سوى أن هذا الفيلم غبي ولا يستحق المشاهدة.

استفهامات

- لماذا علينا أن نقبل قصة عن شبح فتاة يخرج من شريط فيديو مكانه متحف إلكترونيات؟

- كيف تحسب فتاة الوقت في غرفة دون نوافذ لا ترى منها شمساً ولا قمراً؟

- كيف يمكن لصانع أفلام أن يخفق في صنع فيلم من مادة خصبة؟

1998

«حلقات» مقتبس أصلاً من فيلم «رينغو» الياباني عام 1998، وتم اقتباسه في هوليوود عام 2002، وصنع منه جزء ثانٍ في 2005.

لكن السؤال هو: هل كل فيلم قديم يصلح لإعادة التدوير؟ بالطبع لا، خصوصاً لو كانت الإعادة لا تقدم جديداً، ولا تضيف شيئاً إلى فكرة كانت ناجحة بسبب ملاءمتها لعصر معين كانت مقبولة فيه. الفيلم يبدأ على متن طائرة متجهة إلى سياتل، حيث يكتشف مسافران أنهما شاهدا شريط فيديو سامارا مورغان الملعون الذي يقتل من شاهده في اليوم السابع. طبعاً لضرورات المقدمة؛ فإن تلك اللحظة في الطائرة هي اليوم السابع، وتخرج سامارا من إحدى شاشات نظام الترفيه في الطائرة وتسقطها.

بعد عامين، يشتري بروفيسور في إحدى الكليات يدعى غابرييل (جوني غاليكي) جهازاً قديماً لعرض أشرطة فيديو كان مملوكاً لأحد ضحايا الطائرة، ويكتشف وجود شريط في داخله. بمكان آخر، تفترق جوليا (ماتيلدا لوتز) عن رفيقها هولت (أليكس رو) الذي يذهب إلى الكلية لكنها تقلق عليه عندما ينقطع الاتصال به. تحاول جوليا الاتصال به عن طريق برنامج «سكايب» على الإنترنت لتكتشف أن فتاة مذعورة اسمها سكاي ترد عليها وتسألها عن مكان هولت، فتحتار جوليا لكنها تقرر الانطلاق للبحث عنه.

تلتقي جوليا بغابرييل الذي يخبرها عن تجربة علمية ينفذها طلابه، وهي محاولة فك سر شريط الفيديو الملعون عن طريق مشاهدته ودراسة تأثيره ميتافيزيقياً مع الحرص على نشره بين أكبر عدد ممكن من الناس حتى تنشغل لعنة سامارا باصطياد آخر الضحايا، وتنسى من أطلقها في البداية!

فكرة سخيفة

فيلم «حلقات» مقتبس أصلاً من فيلم «رينغو» الياباني عام 1998، وتم اقتباسه في هوليوود عام 2002 عن طريق المخرج غور فبرنسكي (قراصنة الكاريبي)، وصنع منه جزء ثانٍ عام 2005.

بالعودة إلى ذلك الوقت، كان الفيلم مرعباً - إلى حد كبير - ومقبولاً كقصة، ورغم كل محاولات المخرج الإسباني إف خافيير غوتيريز لتكييف فيلمه مع عصر الهواتف الذكية فإنه لا يوفق أبداً بسبب إصراره على إقحام الفكرة الأصلية في النص.

الفكرة الأصلية وهي عبارة عن شبح فتاة يخرج من شاشة تلفزيون نتيجة تشغيل شريط فيديو، تعود لعام 1998، وكانت لاتزال مقبولة منذ 15 عاماً على اعتبار أن آخر شريط فيديو أصدرته استوديوهات هوليوود كان عام 2006، للعلم أن الانتقال إلى الأقراص المدمجة لعرض صورة عالية الوضوح بدأ عام 1997 (على الأقل في دولة الإمارات)، فلماذا علينا في عام 2017 أن نقبل قصة عن شبح فتاة تخرج من شريط فيديو مكانه متحف إلكترونيات؟ ليس هناك أي منطق في فكرة تبدو سخيفة هذه الأيام، ومهما حاول المخرج أن يقنعنا بأن غابرييل أدخل محتوى الشريط في عملية رقمية وحوله إلى ملف فيديو رقمي نشره عبر الإنترنت، فإن ذلك لا يشفع له أبداً لأن بدايته مخطئة أصلاً.

شريط ملعون

لا نفهم كيف يمكن لصانع أفلام أن يخفق في صنع فيلم من مادة خصبة (نتحدث عن شبح فتاة يقتل من يشاهده على الشاشة وليس الفكرة المبدئية كما ظهرت منذ 20 عاماً أي شريط فيديو)، فيلم «رينغو» الأصلي أخرجه هايديو ناكاتا وأرعب الجماهير العالمية، بعد أربعة أعوام أخرج فبرنسكي النسخة الأميركية نقلاً عن المصدر الأصلي، وحصلنا على أداء جميل من الصاعدة آنذاك ناومي واتس في دور صحافية تحقق في موضوع شريط فيديو تختبئ وراءه قصة غامضة، ثم عاد ناكاتا وأخرج الجزء الأميركي الثاني الأقل مستوى من سابقه.

وبعد 12 عاماً يأتينا هذا الفيلم محاولاً استخراج قصة من فكرة استهلكت مبدئياً دون أي مجهود يذكر للإضافة أو البناء عليها، يريد إعادة إحياء سلسلة أفلام عن شريط فيديو ملعون في عهد تشارك الملفات الرقمية على الشبكة لكنه لا يجد سبيلاً لذلك، الأداء سيئ وضعيف، والقصة أسوأ وأضعف من أول دقيقة إلى تلك اللحظة التي تسبب ضيقاً لأي مشاهد، لحظة تعكس فوضى وفشلاً ذريعاً على صعيد كتابة هذه الكارثة.

عندما يعلم غوتيريز ورفاقه أنهم لم يتمكنوا من إقناع حتى السذج ببلاهة القصة، فإنهم يبدأون في شرح قصة الفتاة التي تظهر في الشريط، شرح مغرق في شكل حوارات طويلة تصلح لأن تكون قصصاً للنوم لمن يعشقون السهر على حكايا الخرافات. شرح ثقيل يجعل درس الكيمياء سهلاً مقارنة به! شرح لا تتخلله أي محاولة لتجسيد أحداث ذلك الشرح على شكل فلاش باك ليرحم المشاهد قليلاً من عذاب الاستماع إلى تفاصيل مضجرة، ولا يتحداه في ذلك سوى الدراما الخليجية البائسة التي تعيد شرح القصة 30 مرة في 10 حلقات!

لكن تتخلله مشاهد محاولات جوليا فك اللغز الذي لا يخلو من الغباء عندما تكتشف الأخيرة غرفة كانت تستخدم لاحتجاز فتاة مختطفة، على حائط الغرفة كانت الفتاة ترسم خطوطاً لحساب شهور حملها وبدقة شديدة! لكن سؤالنا هو كيف تحسب فتاة الوقت في غرفة مظلمة دون نوافذ لا ترى منها شمساً ولا قمراً؟!

اعتماد غوتيريز على محتوى الشريط الملعون نفسه الذي شاهدناه منذ 15 عاماً لم يكن خطوة حكيمة، إذ يبدو محتوى الشريط اليوم كأنه أحد تلك الأفلام التي تعرض في مهرجانات أفلام ليلية!

ثم لماذا تكون نسخة جوليا من فيلم الشريط الملعون تحوي لقطات إضافية؟ ربما تكون Director’s Cut أو نسخة المخرج النهائية التي نجدها حصرياً على أقراص الدي في دي! نرجو ألا تجد طريقها إلى قرص الدي في دي عند طرح الفيلم في أسواق الفيديو.

ونتمنى بقاء سامارا مورغان داخل ذلك الشريط الملعون وإن رغبت في الخروج مستقبلاً فلتفعل ذلك من خلال شاشات أفلام أسواق الفيديو مباشرة لأنها غير مرحب بها على شاشة السينما.

الأكثر مشاركة