معزّزة بالنجاح الكبير لفيلم «الجميلة والوحش»

«ديزني» تستحوذ على نصف نادي المليار دولار

شكّل الأسبوع الماضي علامة فارقة لاستوديوهات وولت ديزني، عندما تجاوزت أرباح فيلم «الجميلة والوحش» كل التوقعات، ويظهر أنها متجهة إلى تخطي عتبة المليار دولار. من 28 فيلماً دخلت نادي المليار في السنوات الماضية، فإن حصة «ديزني» تقترب من النصف (13 فيلماً).

5
سنوات، طورت فيها «ديزني» نص فيلم «الجميلة والوحش»، واستغرق العمل فيه نحو عامين.

28

فيلماً دخلت نادي المليار في السنوات الماضية (العقدان الماضيان)، وكانت حصة «ديزني» منها تقترب من النصف (13 فيلماً)

«الجميلة والوحش»، لم يكن أفضل أفلام «ديزني» في الفترة الأخيرة، والتحديثات التي أدخلت على العمل كانت مقحمة، وهناك بعض التغييرات التي طرأت على شخصية البطلة بيل، لتخرجها من عصر الأساطير، وتضعها في قالب يتوافق بعض الشيء مع القرن الـ21، وهو ما أثار كثيراً من الانتقادات، كون التغيير لا يتصف بالشمولية، وبالتالي لا يعد انقلاباً كاملاً على النمطية التي اعتدناها في شخصيات البطلات في أفلام قصص الأساطير.

الوحش من جهة أخرى، جاء وسيماً مع براءة تشعّ من عينيه الزرقاوين، وليس مخيفاً كما يجب، والعلاقة بين بيل والوحش كانت أقرب إلى متلازمة استوكهولم منها إلى علاقة حب. والشخصيات كانت أفضل بكثير في فيلم الرسوم المتحركة الكلاسيكي عام 1991 من هذه النسخة، بسبب قدرة صيغة الرسم باليد على إبراز تقاسيم أوجه شخصيات مصنوعة من الجماد، وبث الحياة فيها أكثر من صيغة الرسم بالكمبيوتر. لكن كل تلك العيوب لم تمنع نجاح الفيلم في شباك التذاكر العالمي، بسبب شعبية القصة، وهذا سبب قوي لتسليط الضوء على هذه الحقبة الذهبية الجديدة التي تعيشها «ديزني»، والتي يشبهها المراقبون بالنهضة الثانية (النهضة الأولى 1989-1999).

النهضة الثانية انطلقت بالتزامن مع قرار «ديزني»، إعادة إطلاق مجموعة من أفلامها الكلاسيكية بالصيغة الجديدة المتطورة المتاحة في القرن الجديد، وهي Live Action أو الحركة الحيّة، ويمكن وصفها أنها عملية دمج بين شخصيات مصنوعة بالكمبيوتر مع ممثلين حقيقيين.

قرار «ديزني» جاء من خلال إنشاء قطاع متخصص لإنتاج هذه الأفلام، خصوصاً بعد النجاحين الكبيرين لفيلمي «قراصنة الكاريبي»، اللذين دخلا نادي المليار دولار، ما حتم على «ديزني» الدفع بإنتاج «أليس في بلاد العجائب»، تحت إدارة رائد أفلام الخيال تيم بيرتون. لكن ذلك لم يمنع تعثر هذا القطاع في بداياته، خصوصاً بعد الإخفاق الشديد لفيلمي «جون كارتر» 2012، و«الحارس الوحيد» 2013، يضاف إليهما إخفاق «أليس من خلال المنظار»، الذي صنع رغم رفض بيرتون إخراجه.

مسألة وقت

الآن يبدو أنها مسألة وقت فقط، قبل أن يلتحق «الجميلة والوحش» بنادي المليار، وخلفه مباشرة في صنف أفلام الحركة الحية يرزح فيلم «كتاب الأدغال» بـ966 مليون دولار، من مبيعات شباك التذاكر العالمي. كل الأفلام المنتجة من قطاع الحركة الحية في «ديزني» غير مصنفة للكبار فقط، ولا تحوي مشاهد لا يستطيع الأطفال مشاهدتها كالجنس والعنف الشديد.

الآن يبدو أنها مسألة وقت فقط، قبل أن يلتحق «الجميلة والوحش» بنادي المليار، وخلفه مباشرة في صنف أفلام الحركة الحية يرزح فيلم «كتاب الأدغال» بـ966 مليون دولار، من مبيعات شباك التذاكر العالمي. كل الأفلام المنتجة من قطاع الحركة الحية في «ديزني» غير مصنفة للكبار فقط، ولا تحوي مشاهد لا يستطيع الأطفال مشاهدتها كالجنس والعنف الشديد. القطاع يعتمد على الأعمال الكلاسيكية السابقة وقدرة صنّاع الأفلام على بثّ الحياة فيها من جديد، وأخيراً فقد دخل ويل سميث في مفاوضات لأداء بطولة فيلم «دمبو»، تحت إدارة تيم بيرتون، المزمع طرحه العام المقبل مع «مولان»، إلا أن سميث انسحب بسبب خلافات على أجره، لكن ذلك لن يؤثر إطلاقاً في شعبية الفيلم وقدرته على جذب الجماهير، ففي نهاية المطاف نجومية شخصية «دمبو» ذلك الفيل الذي تعلم الطيران بأذنيه التي شاهدناها ونحن أطفال، أقوى بكثير من اسم ويل سميث.

برنامج «ديزني» يرتكز على التزام كل قطاع في الشركة بحصته الإنتاجية، وعدم الضغط على أي منها لإنتاج أفلام أكثر مما تحتمله الآلة التسويقية للشركة، مع الحفاظ على معايير عالية في جودة الإنتاج، وهو ما لا تجده في الاستوديوهات الأخرى التي تلقي بالكثير من الأفلام على عاتق إدارات التسويق. إنتاج «ديزني» السنوي الشامل لا يتجاوز 12 فيلماً طويلاً، ثمانية منها من صنف «بلوكباستر» تهيمن على شباك التذاكر، وتجبر الاستوديوهات الأخرى على إعادة حساباتها، في حال وجود فيلم لـ«ديزني» في صالات العرض. النتيجة حولت «ديزني» إلى أكثر استوديو مهمين في العصر الحديث، إلى درجة أنها هي التي تملي جدول طرح الأفلام على بقية الاستوديوهات، خصوصاً في موسم الصيف.
 
قطاعات متعددة

بمجرد أن تحدد «ديزني» تاريخاً لعرض فيلم من إنتاج قطاعاتها المتعددة مثل بيكسار (استحوذت ديزني عليها في 2006)، أو أبطال «عالم مارفل» الخارقين (استحوذت ديزني عليها في 2009)، أو جزء جديد أو فرعي من «حرب النجوم» (ديزني استحوذت على لوكاس فيلم في 2012)، أو فيلم «أنيميشن» (رسوم متحركة)، أو فيلم حركة حيّة معاد من عمل كلاسيكي سابق للشركة، فإن ردة فعل الاستوديوهات الأخرى أصبحت واضحة، وهي تغيير جدول طرح أفلامها، وإيجاد موعد مناسب لا يتصادف مع وجود إنتاج لـ«ديزني» في دور العرض. بعد النجاح الكبير لفيلم «أليس في بلاد العجائب» عام 2010، انتبهت «ديزني» لنقطة مهمة، قد تكون سبباً في نجاح الفيلم هي أنه الوحيد ضمن إنتاجاتها الأصلية، ذلك الوقت من فئة الحركة الحية الذي يحوي فتاة في بطولته.

بالمقارنة فإن بقية الأفلام تحت مظلة «ديزني» كانت كلها بالاستحواذ، أبطال «عالم مارفل» الخارقون يهيمن عليهم رجال، وكذلك أفلام «حرب النجوم» قبل الاستحواذ، فكانت تلك فرصة لتعزيز الحضور النسائي في أفلامها، وبالتالي وضع خطة لإعادة إطلاق مجموعة من الأعمال الكلاسيكية التي تحوي نساء في بطولاتها. «مارفل» لديها «آيرون مان» و«كابتن أميركا» و«ثور»، بينما «ديزني» لديها «سندريلا» و«بياض الثلج» وبيل من «الجميلة والوحش».

مزاوجة تلك الشخصيات بتقنية الحركة الحية بدا طموحاً في ذلك الوقت، وقررت «ديزني» السعي لتحقيقه. قرار اعتماد «ديزني» على قوة البطولات النسائية لا يشوبه التردد، وأصبح ميزة لا نجدها في أفلام الأبطال الخارقين. «ديزني» عززت تلك الجهود بفيلم Maleficent عام 2014 بأنجلينا جولي في بطولته، وقد حقق نجاحاً كبيراً بلغ 710 ملايين دولار في شباك التذاكر العالمي، متبوعاً بـ«سندريلا» العام التالي الذي حقق خمسة أضعاف ميزانيته تقريباً، واليوم «الجميلة والوحش» يتجاوز 500 مليون دولار في ثاني أسبوع عرض له.

طورت «ديزني» نص فيلم «الجميلة والوحش» في خمس سنوات، واستغرق العمل فيه نحو عامين، لم يكن الفيلم موسيقياً في بداياته، لكن بالنظر إلى عوامل نجاح نسخة 1991، التي تمثلت في أغانٍ حازت جوائز أوسكار، فقد جاء قرار إدخال الأغاني إلى النسخة الجديدة. «ديزني» كانت تعلم أن إدخال الأغاني سيكون ميزة إضافية لها في المنافسة، وكانت تعلم أيضاً أن الأغاني ستخلق حالة «نوستالجيا» للكبار الذين شاهدوا نسخة 1991، عندما كانوا أطفالاً.

قائمة أغانٍ

تضمنت قائمة الأغاني في فيلم «الجميلة والوحش» الجديد المجموعة التي حاز كل من ألان مينكين والراحل هاوارد آشمان عليها ثلاث جوائز أوسكار عام 1991، ولم يكن هناك أفضل من بيل كوندون، الذي كتب فيلم «شيكاغو»، الحائز أوسكار أفضل فيلم لعام 2002 لإخراج «الجميلة والوحش»

اختيار البريطانية إيما واتسون للبطولة كان من قرارات آلان هورن، رئيس شركة ديزني، التي انضم إليها عام 2012 قادماً من «وورنر بروس»، وهو الذي عمل معها ورآها تكبر أمامه في سلسلة أفلام هاري بوتر، أثناء رئاسته الأخيرة. ضيعت واتسون فرصة العمر عندما تخلت عن بطولة فيلم «لا لا لاند» (نالتها الأميركية إيما ستون، وفازت عن دورها فيه بأوسكار أفضل ممثلة في الحفل الأخير)، بسبب إصرار هورن على واتسون في بطولة «الجميلة والوحش»، والتي طالما كانت في نظر هورن الممثلة المثالية للدور.

كان من أسباب إصرار هورن عليها هو سماتها الشخصية التي طلب الأخير من واتسون أن تظهرها في شخصية بيل، وكذلك نشاط الممثلة مع الأمم المتحدة وشعبيتها الشديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ميزة إضافية لا تتمتع بها أي ممثلة أخرى. وعندما تم طرح أول فيديو ترويجي للفيلم في «اليوتيوب» شاهده أكثر من 90 مليون شخص، كان نصفهم من متابعي واتسون على قنوات التواصل الاجتماعي.

كل ذلك شجع «ديزني» على الشروع في صنع أغلى عمل من فئة الحركة الحية في التاريخ بميزانية 160 مليون دولار، ما يعني أن عتبة النجاح هي تخطي مبلغ 375 مليوناً في شباك التذاكر العالمي، وهو ما حدث قبل دخول الأسبوع الثاني. حتى الآن لا توجد خطط لجزء ثانٍ خصوصاً بعد إخفاق «أليس من خلال المنظار»، وهو الدرس الذي تعلمته «ديزني» حتماً بعدم فرض جزء ثانٍ دون حاجة لذلك.

هناك خطط لاستكشاف إمكانية صنع قصص فرعية من «الجميلة والوحش»، أو فيلم يستكشف أحداث ما قبل بداية القصة، لا شيء مستبعداً في حال وجود صانع أفلام قادر على وضع أفكار جيدة. لكن المستبعد الآن هو إعادة إطلاق أفلام «ديزني» المصنعة بالكمبيوتر، وبصيغة ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى ما أنتجته «بيكسار» بعد عام 2000، لأن التركيز هو على إعادة صنع أفلام حقبة النهضة الأولى، أو كما يسميها البعض حقبة كلاسيكيات جيفري كاتسينبرغ، بصيغة ثنائية الأبعاد، التي جاءت بأفلام «الجميلة والوحش» و«الأسد الملك» و«ذا ليتيل ميرميد». هذه القائمة وحدها كفيلة بحقن قطاع الحركة الحية بمجموعة أفلام ناجحة لسنوات مقبلة.

في الوقت الحالي يعمل تيم بيرتون على توزيع أدوار فيلم الحركة الحية «دمبو»، وتخلى جون فيفرو، مخرج «كتاب الأدغال» عن إمكانية صنع جزء ثانٍ من ذلك الفيلم لمصلحة التركيز على فيلم «الأسد الملك»، بصيغة الحركة الحية، وأكثر تطوراً تقنياً من «كتاب الأدغال». بالإضافة إلى بدء الإنتاج في تحويل «ذا ليتل ميرميد»، إلى تلك الصيغة، وفي الوقت نفسه دخلت ديزني في مفاوضات لإقناع أنجلينا جولي، لتكرار دورها في جزء ثانٍ من Maleficent. وهناك جزء ثانٍ لفيلم «ميري بوبينز» في الإنتاج من بطولة إميلي بلنت.

النجاحات التي تحققها القطاعات الأخرى في «ديزني» تخلق ضغوطاً على قطاع الحركة الحية، لخلق نجاحات مماثلة ولإبقاء مستوى المنافسة عالياً داخل الشركة الأم. نجاح قطاع وفشل آخر حتماً يؤثر في سمعة الشركة بأكملها، لكن الجميل وما يستحق الاحترام في «ديزني»، هو قدرتها على إنتاج أفلام ناجحة من كل قطاعاتها، من «العثور على دوري» و«زوتوبيا» الحائز الأوسكار، إلى فيلمي «حرب النجوم» اللذين تجاوزا ثلاثة مليارات دولار منذ إعادة إطلاق السلسلة في حلة جديدة في 2015، مروراً بـ«كابتن أميركا» وعبقرية مهندس أفلام «مارفل» كيفن فايغ، إلى نجاحات أفلام الحركة الحية وآخرها «كتاب الأدغال» و«الجميلة الوحش»، بالفعل «ديزني» تقطف ثمار استحواذاتها التي بدأت منذ 11 عاماً، وتعيش حقبة ذهبية مستحقة سترسخ في تاريخ السينما.

تويتر