«أيليان: كوفنانت» يعيد المخلوق الفضائي إلى «السلسلة»
قد يتساءل كثيرون عن جدوى صناعة فيلم Alien :Covenant أو «مخلوق فضائي: كوفنانت» في هذا الوقت. هناك فريق سيقول إن هوليوود مفلسة؛ وهذه حقيقة لا يختلف عليها أحد. وفريق آخر سيقول إن التطور الحاصل في المؤثرات الخاصة يستحق إعادة لكلاسيكية ريدلي سكوت التي شاهدناها عام 1979، وهذا أيضاً فريق محق، خصوصاً أن أفلام «حرب النجوم» تعاد صناعتها كل عقد منذ بداية القرن الـ21.
نقطة واحدة استعصت على سكوت
«كوفنانت» فيلم رعب بامتياز عن وحش فضائي؛ وهو ما يريد رؤيته كلُّ من شاهد الأجزاء السابقة. وهناك نقطة واحدة لم يتمكن سكوت من معالجتها، سببت خللاً في التوازن بين الشخصيات، ففي الماضي كان الثقل يقع في شخصية ريبلي الأيقونية، التي جسّدتها ويفر بكل ما تتمتع به من كاريزما. في «بريموثيوس» كانت راباس جيدة، أما ووترستون فضعيفة، ولا تستطيع أن توازن حضور فاسبيندر أمامها. بكلمات أخرى، فاسبيندر لعب شخصيتين جانبيتين قويتين، كانتا بمثابة بطولة زاحمتا، بل وأزاحتا، ووترستون من مركز القصة إلى هامشها.
1979 بداية سلسلة «مخلوق فضائي»، من إخراج البريطاني ريدلي سكوت. |
وفريق ثالث سيقول إن صناع السلسلة يريدون إعادة تقديمها للأجيال الجديدة؛ وهذا أيضاً سبب مبرر لو كان هناك تجديد وإبداع. أما الفريق الرابع فيقول إن الأسباب تسويقية حتى لا تتخلف الشركة المنتجة، وهي «20 سنشري فوكس»، عن منافساتها التي أطلقت كل واحدة منها سلسلة أو اثنتين تتباهى بهما في سوق الأفلام، وهذا السبب الأخير أصبح اتجاهاً بارزاً في صناعة الأفلام اليوم.
من البداية
بما أن فيلم «مخلوق فضائي: كوفنانت» هو السادس في السلسلة، فلنستعرض القصة منذ البداية، خصوصاً أن قصص الخلافات الإنتاجية أصبحت أشهر من السلسلة نفسها:
أولاً: Alien عام 1979 «مخلوق فضائي»، من إخراج البريطاني ريدلي سكوت، هو الفيلم الذي وضع معايير صناعة أفلام الخيال العلمي /الرعب الحديثة عن سفينة فضائية، تستجيب لنداء استغاثة في الفضاء، لتصطدم بسفينة مخلوقات فضائية. حاز الإعجاب الشديد في كل العالم، وأطلق نجومية الممثلة الأميركية سيغورني ويفر، من خلال شخصية إلين ريبلي.
ثانياً: Aliens عام 1986، من إخراج الكندي الموهوب جيمس كاميرون، أعاد ويفر إلى الواجهة مجدداً، من خلال فيلم اتخذ طابع أفلام الثمانينات الحربية، وحقق نجاحاً مبهراً من النادر حدوثه مع جزء ثانٍ، وإلى اليوم يختلف كثيرون إن كان فيلم كاميرون أفضل من الأصلي.
ثالثاً: Aliens 3 عام 1992، من إخراج الصاعد آنذاك ديفيد فينشر (مخرج فيلم سبعة ونادي القتال)، دخل فينشر في خلاف حاد مع الشركة المنتجة، التي فرضت رؤيتها عليه، ما دفعه إلى التبرؤ من الفيلم لاحقاً. أخفق الفيلم وقتها، لكن عام 2003 طرح المنتج تشارلز دي لوزيريكا نسخة جديدة قريبة من رؤية فينشر، حازت الإعجاب.
رابعاً: Alien :Resurrection «مخلوق فضائي: بعث» عام 1997، من إخراج الفرنسي جان بيير جونّي (مخرج أميلي)، خلق فوضى بجعل شخصية ريبلي مستنسخة، وأشخاص يريدون استخراج مخلوقة فضائية من فصيلة الملكات من بطنها، لأسباب عسكرية.
بعد ذلك، دخلت السلسلة مرحلة من الفوضى والإفلاس، وخرجت أفلام مثل Alien VS Predator، أو «مخلوق فضائي ضد مفترس» الرديء، وأجزائه الأشد رداءة، ومجموعة ألعاب فيديو وقصص.
خامساً: عام 2012، عاد ريدلي سكوت إلى طبخته، وقرر تغيير مقاديرها. سكوت غيّر المعادلة، وقلب الفكرة عندما صنع «بروميثيوس» وعاد 40 عاماً قبل أحداث القصة الأصلية، وأطلق سلسلة جديدة مكونة من أربعة أو ستة أفلام، سيكون الجزء الأخير منها حلقة الوصل مع أول فيلم Alien أخرجه سكوت عام 1979، بالضبط كما فعل جورج لوكاس في الثلاثية الثانية من حرب النجوم.
«بروميثيوس» حاز إعجاب النقاد، بسبب أفكاره الجريئة والجديدة كلياً، لكنه أحبط عشاق السلسلة، الذين جاءوا لمشاهدة هجوم ذلك المخلوق الفضائي، فوجدوا فيلماً فلسفياً غاب المخلوق عنه، وربما هذا سبب عدم تحقيقه النجاح المالي المنشود، مقابل ميزانية ضخمة تخطت 100 مليون دولار.
سادساً: نصل إلى هذا الفيلم «كوفنانت» أيضاً، من إخراج سكوت، ويعد جزءاً ثانياً لـ«بروميثيوس»، وتبدأ أحداثه بعد عقد من نهاية قصة ذلك الفيلم. القصة في عام 2104، طاقم السفينة الفضائية الاستيطانية كوفنانت متجه إلى كوكب بعيد، مع 2000 مستوطن و1000 جنين، جميعهم تحت مراقبة وولتر (مايكل فاسبيندر)، وهو روبوت مطور بشكل إنسان.
أبرز شخصيتين
يقع حادث يموت فيه بعض المستوطنين، يأمر وولتر كمبيوتر السفينة بإيقاظ الطاقم من حالة السبات، يموت قبطان السفينة عند تعطّل كبسولته، بينما يشرع أفراد الطاقم في إصلاح الخلل، ويتلقون رسالة تشبه نداء استغاثة بشرية من كوكب مجاور مجهول.
طبعاً، وفقاً للمعادلة في كل أفلام السلسلة، يقرر قائد الفريق أورام (بيلي كرودوب) التحقق، خصوصاً أن الكوكب يبدو مناسباً للاستيطان، بينما تعترض نائبته دانيالز (كاثرين ووترستون). يهبط الطاقم على الكوكب، ويهجم عليهم المخلوق الفضائي إلى آخر الفيلم.
من الأشياء المهمة - غير المخلوق الفضائي - على ذلك الكوكب وجود ديفيد (أيضاً مايكل فاسبيندر)، وهو ذلك الروبوت على شكل إنسان من فيلم «بروميثيوس»، الذي يشرح لأفراد الطاقم عندما يجدهم أنه هبط على الكوكب مع إليزابيث شو (ناومي راباس)، وأنها اختفت وبقي هو وحده (هذه الجزئية تربط بين آخر مشهد من الفيلم السابق وهذا الفيلم). في هذه الحالة لدينا أبرز شخصيتين: ديفيد ووولتر، الأول نعلم أنه روبوت معقد وذكي يبحث عن استقلاليته، بينما الثاني محدث وخاضع للسيطرة للبشرية. الدوران أتقنهما فاسبيندر، في الأول تحدّث إنجليزية بريطانية، وفي الثاني إنجليزية أميركية. وهذه الجزئية أفضل ما في هذا الفيلم.
إخفاء التشتت
سكوت (78 عاماً) مخرج قدير، ورغم أننا نعلم أن «كوفنانت» مشتت بين رؤيته وما يريده عشاق السلسلة، إلا أن الرجل تمكن من إخفاء هذا التشتت ووازن قدر الإمكان، ونجح في ذلك بين الرؤيتين: الأولى تضمنت أفكاره عن الصراع بين التقنية المتمردة (ديفيد)، والبشر (طاقم السفينة). والثانية تضمنت أفكار فيلم رعب، جعلت الفيلم شبيهاً جداً بالفيلم الأصلي بإعادة المخلوق الفضائي. التشابه بين «كوفنانت» والفيلم الأصلي امتد حتى إلى إبقاء الميزانية منخفضة (أقل من 100 مليون دولار)، بالنسبة لفيلم بلوكباستر. وتصريحات سكوت كشفت عن أنه شرع في الإعداد للجزء التالي؛ ما جعل شركة «20 سنشري فوكس» تعلن تأجيل مشروع فيلم Alien 5، أو «مخلوق فضائي 5»، الذي يتجاهل كقصة أحداث الفيلمين الثالث والرابع، ويبدأ مباشرة بعد الجزء الثاني، لإكمال قصة الشخصية الرئيسة إيلين ريبلي. وإعلان «فوكس» تبعه إعلان لسكوت يستبعد تماماً المشروع، أي يلغيه؛ ما يعكس قوة نفوذ سكوت لدى الشركة. وقد حدث ذلك رغم قوة أفكار كاتب المشروع الجنوب إفريقي نيل بلومكامب، وإعجاب النجمة سيغورني ويفر بها. ووفقاً للتقارير الواردة من «فوكس»، فإن الشركة معجبة برؤية سكوت، وتدعمه بالكامل في استكشاف أصل القصة وبداياتها، وغير مهتمة - على الأقل في الوقت الحالي - بإكمالها مع بلومكامب.