70 ٪ من الفيلم عن خلفيات الشخصيات الجديدة
«جستس لييغ».. الاستعجال وضعف السيناريو يقوّضان رؤية «دي سي السينمائي»
عندما أطلقت «مارفل» خطتها الاستراتيجية المسماة Marvel Cinematic Universe أو عالم مارفل السينمائي، من خلال فيلم «آيرون مان» عام 2008، تعرّضت لانتقادات بسبب مبالغتها في التخطيط. وعندما أطلق «ذا أفينجرز» عام 2012 الذي تعتمد معادلته على جمع كل أبطال مارفل الخارقين في فيلم واحد وقصة واحدة، كانت كل شخصية رئيسة (آيرون مان، كابتن أميركا، الرجل الأخضر، وثور) قد ظهرت في فيلم مستقل.
تعلّم من أخطاء الماضي بشكل عام «جستس لييغ» أفضل بكثير من «باتمان ضد سوبرمان»، وأقل مستوى من «ووندر وومان»، هو فيلم متوسط المستوى يعاني نقاط ضعف كثيرة، لكنه ليس سيئاً ولا مضجراً، وهو رغم عيوبه أفضل من كل سخافات «مارفل» هذا العام. بكلمات أخرى، هناك تحسن بسيط في المستوى يعكس أن القائمين على «دي سي» تعلموا من أخطاء الماضي، وقد يصنع فيلم «أكوامان» العام المقبل (إخراج المبدع جيمس وان) الفارق الذي ننتظره. |
في ذروة «مارفل السينمائي» - أي بداية هذا العقد - كانت «وورنر بروس» على الجانب الآخر تحتفل بالنجاحات الاستثنائية لثلاثية باتمان فارس الظلام (2005-2012) ومهندسها كريستوفر نولان، التي أدخلت أكثر من ملياري دولار في خزينة شركة وورنر.
في عام 2013 قررت «وورنر بروس» دخول الحفلة بإطلاق منتج منافسDC Extended Universe «عالم دي سي السينمائي» ولو متأخرة بفيلم «مان أوف ستيل»، فهي لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي بينما الغريم «مارفل» يستأثر بسوق الأبطال الخارقين، لكن أخفق الفيلم.
وهو ما سيذكره تاريخ السينما كإخفاق مؤلم، وذلك لأن باتمان نولان كان لايزال يتمتع بإرث قوي جداً بسبب واقعيته، وكانت الدراسات السينمائية تتناوله في مساقاتها وتحليلها؛ كون تلك الثلاثية أفضل أفلام لبطل خارق في تاريخ الشاشة الفضية.
وبدل أن تنتظر «دي سي» - على الأقل - إلى نهاية هذا العقد، وتنهمك في تخطيط عالمها وباتمان الجديد للعقد التالي، خصوصاً أن «مارفل» أظهرت علامات إفلاس هذا العام تحديداً، قررت «دي سي» طرح «باتمان ضد سوبرمان» عام 2016، بعد أربعة أعوام فقط من نهاية ثلاثية نولان، وبعد نصف دزينة من أفلام مارفل، وكان الإخفاق الشديد من نصيبه لسوء النص؛ ما تسبب في إقالة بعض التنفيذيين.
أجواء موت سوبرمان
هذا الأسبوع نشاهد الفيلم الخامس من «عالم دي سي»، والثاني هذا العام بعد «ووندر وومان»، وهو Justice League، ويبدأ من حيث انتهى «باتمان ضد سوبرمان»، حيث إن العالم لايزال يعيش أجواء موت سوبرمان (للعلم، لا يوجد بطل خارق يموت، ومن مات يعود).
يتملك الخوف البشر، وعندما يستشعر الشرير ستيبنوولف (كيرون هيندز) ذلك الخوف، وهو مخلوق بقرنين كالشيطان، يقرر اصطحاب جيشه من أشباه الشياطين لغزو الأرض، وتحويلها إلى جحيم، أو حسب وصفه: «عالم يشبه عالمنا». كي يتمكن من هذه المهمة على ستيبنوولف العثور على ثلاثة صناديق تحوي طاقة رهيبة ودمجها لتدمير الكوكب.
يشعر بروس وين أو باتمان (بين أفليك) بمخطط ستيبنوولف، فيقرر تشكيل فريق عمل من أبطال خارقين لحماية الكوكب. وهذا الفريق يسمى «جستس لييغ» ومكون من باتمان وووندر وومان (غال غادوت) وأكوامان (جيسن مومواه) وذا فلاش (إزرا ميلر) وسايبورغ (راي فيشر)، وبالطبع سوبرمان (هنري كافيل)، مرة أخرى سوبرمان لا يموت، واسم كافيل يظهر في بداية الفيلم!
ابتعاد عن التهريج
الفيلم في مجمله عن خلفيات الشخصيات الجديدة (أكوامان وذا فلاش وسايبورغ) لأن كل واحد منهم لديه فيلم مستقل، وأولهم أكوامان العام المقبل. أي إن 70٪ من الفيلم مقدمات لأفلام مستقبلية والباقي مواجهات الأبطال ضد أسوأ شرير يظهر في فيلم مقتبس من قصص مصورة من ناحية الشكل والأداء والحوارات، ولا يماثله سوءاً وقبحاً سوى شرير فيلم «إكس من: أبوكاليبس» الذي جسّده أوسكار آيزاك العام الماضي.
الفيلم يبقي على النبرة الجادة نفسها، لكنه يخفف قليلاً من ظلامية فيلم «باتمان ضد سوبرمان» ولحسن الحظ ابتعد عن النبرة التهريجية الحمقاء لكل أفلام «مارفل» هذا العام (حراس المجرة وسبايدرمان وثور). للعلم أن مخرج الفيلم زاك سنايدر لم يكمل مهمته وانسحب بسبب وفاة ابنته، واضطرت «وورنر» لتعيين جوس ويدون مخرج أفلام «ذا أفينجرز» مكانه لإكمال المهمة، إلى درجة أن الأخير أعاد كتابة بعض المشاهد وصورها وأخرجها، إلا أن مشاهد ويدون لا تتعدى 30٪ من الفيلم، لذلك لم يذكر اسمه سوى في خانة كاتب السيناريو.
الفيلم يلم شمل ووندر وومان مع باتمان، ويعطيها مع الأخير مساحة أكبر من البقية، لكن المشكلة أن باتمان لايزال غامضاً حتى الآن لأنه بحاجة إلى فيلم مستقل. كل ما نعرفه عن باتمان الجديد هو أن ملابسه بها بعض الزرقة، ويمتلك تقنية متقدمة.
كان يجب على «دي سي» تقديم فيلم خاص عن أهم شخصية في عالمها، باتمان هو الشخصية العنوان في هذا العالم. ينشغل السيناريو أحياناً بقصة عودة سوبرمان لأنه من أعمدة هذا العالم، إلى درجة أن الفيلم يدخل في قصص جانبية لسوبرمان، ويدخل شخصيات مساعدة لدعم قصته في الفيلم.
نأتي إلى الشخصية الشريرة في الفيلم، وهو ستيبنوولف، هذه الشخصية ضعيفة جداً، ولم تكتب أو تعد بشكل جيد. ستيبنوولف كما لوثر في «باتمان ضد سوبرمان» بلا دوافع سوى تدمير العالم مثل كل الشخصيات الشريرة في كل أفلام الأبطال الخارقين في التاريخ!
لا بشر
ضعف السيناريو متصل بشكل مباشر بضعف الشخصية الشريرة، فهي لا تحمل وزناً؛ إذ هي مجرد أداة قصة! وكي يعمل السيناريو على الأبطال أن يتحالفوا ضد ستيبنوولف، وبما أن الشخصية الشريرة ضعيفة وبلا دوافع قوية فإن دوافع الأبطال ضعيفة، إذ لو لم يغزُ ستيبنوولف الأرض لما تحالف هؤلاء، ولما كان هناك فيلم! وهذا يعكس سوء التخطيط والاستعجال الذي ذكرناه في بداية هذا التحليل.
أيضاً، ضعف السيناريو متصل بعجز المخرج والكاتب عن ربط عالم هؤلاء بعالم البشر، في الفيلم كله لا نرى سوى باتمان ورفاقه، لكننا لا نشعر بوجود البشر معهم، هل يشعر الناس بالخطر المحدق؟ إذا كان تحالف هؤلاء الأبطال من أجل إنقاذ الأرض، فلماذا لا نرى آثار غزو ستيبنوولف للكوكب، ليس المقصود هنا مشاهد دمار وخراب، بل المقصود مشهد تكاتف وتعاون البشر مع الأبطال الخارقين لإنقاذ الكوكب.
وإضافة إلى ذلك في ما يتعلق بضعف السيناريو، هو عدم اهتمامنا بصراع باتمان ورفاقه ضد ستيبنوولف، والسبب عدم وجود لحظات تشويقية وانعدام الخلافات والصراعات تقريباً بين أعضاء الفريق باستثناء باتمان وسوبرمان، وحتى خلاف هذين لم يستثمر بصورة جيدة. كل هذا جعل الصراع بين جستس لييغ وستيبنوولف بلا طعم، وكيف يكون للصراع طعم عندما تعلم من سينتصر وأنت مغمض العينين.
عالم «جستس لييغ » كفكرة لديه إمكانات أكثر من «ذا أفينجرز»، وتالياً الأمر بحاجة إلى تخطيط جيد وسيناريو قوي ورؤية متكاملة كالتي وضعها نولان. لو كرست «دي سي» مزيداً من الوقت لذلك، فإنها ستجعل «مارفل» تعاني كثيراً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news