«من إن بلاك إنترناشيونال».. إضافة بائسة لسلسلة مستهلكة
لو استخدمنا كلمة ممل أو مزهق أو كسول لوصف فيلم Men In Black: International البائس، المعاد تدويره من ثلاثة أفلام قبله تحمل العنوان نفسه، فلن يكون ذلك كافياً للتعبير عن حالة اللامبالاة التي تعترينا تجاه محاولات شركة «كولومبيا بكتشرز» اليائسة، لنبش جثة سلسلة أفلام ماتت لحظة وصول الجزء الثالث منها إلى دور السينما عام 2012.
حتى بإعادة لم شمل الطاقم الأصلي (ويل سميث وتومي لي جونز تحت إدارة باري سوننفيلد)، فإن الجزء الثالث كان كارثة. لماذا على الجمهور أن يصدق أنه بعد سبعة أعوام، وبعد مغادرة الطاقم الأصلي، سيأتي الفيلم الرابع بتحسينات على السلسلة؟
نجاح الفيلم الأول حدث لأن الفكرة كانت جديدة في التسعينات، وبسبب الانسجام بين سميث وجونز آنذاك، وشعبية سميث الطاغية كمغني راب أطلق أغنية ناجحة صاحبت الحملة التسويقية للفيلم. نجاح الفيلم الثاني اعتمد بشكل كامل على الانسجام بين بطليه، أما الثالث فلم يثبت سوى أن السلسلة استهلكت ولم تعد تقدم جديداً.
والرابع مجرد إضافة بائسة تعكس إفلاساً واضحاً في هوليوود هذا العقد. انتهى الاهتمام الشعبي بالسلسلة منذ زمن طويل، وليست هناك فائدة ترجى من كل محاولات تحليتها بإضافة نجوم جدد، حققوا نجاحاتهم مع «مارفيل».
البدلاء الجدد
رغم أن أحداث الفيلم تدور في عالم الأجزاء السابقة نفسها، فإن الشخص الوحيد العائد من تلك الأجزاء هو الممثلة الإنجليزية إيما تومسون. أما الذين يدخلون الفيلم على أمل مشاهدة لقطة واحد لويل سميث، فعليهم نسيان الأمر، إلا إذا كانوا يريدون مشاهدته في صورة!
البدلاء الجدد هم الأسترالي كريس هيمسوورث والأميركية تيسا تومسون (لا علاقة قرابة مع الإنجليزية المذكورة أعلاه). ويعمل الجديدان في مكتب في لندن برئاسة هاي تي (ليام نيسن)، ورفيقه البيروقراطي (رافي سبول).
بإمكاننا اختصار القصة المبالغ في تعقيداتها دون حاجة إلى ذلك، في التالي: محاولات فريق «من إن بلاك» إيقاف غزو/ اختراق مخلوقات فضائية تسمى القفير. لإنجاح محاولتهم لديهم سلاح فتاك؛ لكن جهودهم تقوض بسبب وجود جاسوس في وكالة «من إن بلاك».
كل هذه التفاصيل عادية ومستخدمة مئات المرات في أفلام ومسلسلات من الأصناف كافة، ولا يضيف إليها الفيلم أي نكهة جديدة. يخفق الفيلم في الخيال العلمي والكوميديا وحتى الأكشن. هذا المزج الثلاثي يمكن أن يؤتي أكله لو أتقن صناع الفيلم خلق التوازن المطلوب. وليس كما التشتت الذي شاهدناه في هذا الفيلم الذي لا يعرف كيف ومتى يكون خيالاً علمياً أو أكشن أو كوميديا، ففي مشهد نرى جدية تهدم بكوميديا بعدها أو العكس.
أخطأ المنتجون عندما ظنوا أن هيمسوورث يستطيع حمل فيلم وحده، أو أنه وحده مغناطيس للجمهور. صحيح أن الممثل وسيم، وله حضور جيد على الشاشة، ويستطيع أن يغيّر أطوار شخصيته من الجدية إلى الهزلية، كما يفعل مع شخصية ثور في عالم مارفيل السينمائي، لكن باستثناء أفلام مارفيل وفيلم ستار تريك عام 2009، والذي ظهر فيه بدور محدود، فإن بقية أفلامه لم تحقق النجاح المالي المطلوب في شباك التذاكر. ما يعني أنه مجرد قطعة مكملة، وغير قادر على أداء شخصية مركزية.
أما أولئك الذين شاهدوا هيمسوورث وتومسون (الأميركية) في فيلم ثور: راغناروك منذ عامين، ويتوقعون أنهما يتمتعان بدرجة الانسجام نفسها التي تمتعا بها في ذلك الفيلم فستخيب آمالهم. رغم ارتدائهما بدلات سوداء فإنهما غير متناغمين البتة، وكل ما أراده صنّاع الفيلم هو تشاطرهما الشاشة فقط. ما يثير الاستغراب والتساؤل: على من يقع اللوم؟ موزع الأدوار أم مخرج العمل إف غاري غراي، وهو صانع أفلام موهوب أثبت نفسه في سينما الأكشن منذ التسعينات.
نتوقع أن حصة الأسد من ميزانية الفيلم التي بلغت 110 ملايين دولار، ذهبت إلى جيوب هيمسوورث والممثلتين تومسون ونيسن، لأن المؤثرات الخاصة بسيطة جداً، ولو نظرنا إلى مواعيد بدء ونهاية تصوير الفيلم سنجد أن العملية تمت في نصف عام فقط، أي أن الفيلم كان في مرحلة التصوير قبل عام من اليوم، بعكس أفلام عالم مارفيل السينمائي التي تستغرق كل مرحلة منها ستة أشهر، ويخرج الفيلم بعد عامين من بدء الإنتاج. المحصلة النهائية كانت مفاجأة آخر الفيلم، وهي مخلوق فضائي متخفٍ في هيئة أحد الأبطال، وأفضل وصف لتلك المفاجأة غير المفاجئة هي مبتذلة إلى درجة لا تطاق!
من فيلم آخر
هناك لقطة للقمر تظهر في الفيلم، وبغض النظر عن المشهد السابق أو اللاحق لها، وبغض النظر عن موضوع الفيلم، وهو التصدي لغزو مخلوقات فضائية فإن لقطة القمر بدت غريبة على موضوع الفيلم! قمر يظهر وحيداً يملأ الشاشة في فيلم عن منظمة تحارب مخلوقات غريبة الشكل! حيرتنا كثيراً اللقطة لأنها أجمل من كل الفيلم، والوحيدة التي تستدعي الانتباه والاهتمام بدل الفوضى العارمة في السيناريو والصخب المصاحب للمعارك والنجوم الذين أتوا لتشاهد الناس وجوههم، وليقبضوا أجورهم دون أدنى جهد إبداعي يذكر، ودون اهتمام بقيمة الفيلم في مسيرتهم الفنية.
نقول لقطة القمر بدت كأنها من فيلم آخر، وتصورنا أنها وضعت من الأرشيف لأن المخرج أو ربما المنتج وولتر باركس، اللذين تشاجرا كثيراً أثناء مرحلة الإنتاج بسبب خلافات في الرؤى الفنية، وانحاز الاستوديو لرؤية المنتج، ورفض استقالة المخرج، المهم أحدهما وضع اللقطة لأنه ربما لم يجد قمراً يصوره ولجأ للأرشيف! نقول عن تلك اللقطة الجميلة مرة أخرى: لو أننا عرفنا قصتها لربما كانت أفضل من الساعتين اللتين ذهبتا هباء في هذا الفيلم الرديء.
على تلك الشريحة من الجمهور التي أعجبت بالفيلمين الأول والثاني، على وجه الخصوص، أن تتعلق بذكرياتها وعدم مشاهدة هذا الجزء حتى لا يشوه ذكرياتها الجميلة.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
البقرة.. لم تعد حلوباً
عندما يتعلق الأمر بالأجزاء الجديدة من سلسلة قديمة أو «تشيخ» فإن العملية تصبح كلعبة توقعات، حيث من غير المعروف لو كان الجمهور سيهتم، لكن في حالة «من إن بلاك» لا يوجد أي غموض، لأن آخر مرة شاهدنا السلسلة جذابة وبقرة حلوباً كانت قبل 17 عاماً، والفراغ الطويل بين الأجزاء لم يفعل شيئاً ليعيد إحياءها في الذاكرة.
110
ملايين دولار، ميزانية الفيلم التي ذهبت الحصة الكبرى منها إلى هيمسوورث وتومسون ونيسن.
قمر يظهر وحيداً يملأ الشاشة عن منظمة تحارب مخلوقات غريبة الشكل! حيرتنا كثيراً اللقطة لأنها أجمل من كل العمل.
أخطأ المنتجون، عندما ظنوا أن هيمسوورث يستطيع حمل فيلم وحده، أو أنه وحده مغناطيس للجمهور.