«سبايدرمان: بعيداً عن الوطن».. تائه ومُفلس ويخشى المجازفة

لم يتغير عالم السينما كثيراً بالنسبة لعشاق السوبر هيرو ومتابعي مارفيل السينمائي على وجه الخصوص. فلنعد 15 عاماً إلى الماضي، نحن في 2004، وكان هناك فيلم «سبايدرمان 2» في مثل هذا الأسبوع من ذلك الصيف، قبله بعامين كان الفيلم الأول، وفي 2007 كان الثالث، ما يعني ثلاثة أفلام سبايدرمان في ذلك العقد، والثلاثة صُنعت قبل بزوغ عالم مارفيل السينمائي.

في العقد التالي، شاهدنا «سبايدرمان العجيب» الأول 2012 والثاني 2014، ثم عادت حقوق سبايدرمان إلى مارفيل المنضوية تحت «ديزني» منذ عام 2009، وشاهدنا «سبايدرمان: العودة إلى الوطن» أي إلى حاضنته، ثم الفيلم الحائز أوسكار أفضل أنيميشن «سبايدرمان: في عالم العناكب» منذ ستة أشهر، ثم هذا الفيلم Spider- Man: Far From Home «سبايدرمان: بعيداً عن الوطن»، ما يعني أيضاً خمسة أفلام سبايدرمان في هذا العقد، أي ثمانية أفلام لشخصية واحدة في 19 عاماً، فضلا عن أفلام آفنجرز التي ظهر فيها كضيف شرف!

ربما لا يحق لنا التعليق لأنه العصر الذهبي للسوبر هيرو، أو ربما هي الشخصية الأكثر شعبية في هذا العالم. «سبايدرمان: بعيداً عن الوطن» سيُفهم بشكل أفضل في سياق ما بعد أحداث «آفنجرز: إند غيم»، وتكملة للطور العام لعالم مارفيل السينمائي بدل النظر إليه كمغامرة مستقلة.

ربما من دواعي الضرورة، ومراعاة للمهمة الشاقة التي يضعها الفيلم على عاتقه بإكمال الخط حيث انتهت الأفلام السابقة، فإن «بعيداً عن الوطن» مضطر بالتزام منطقة الأمان أو الاستعارة من كل فيلم سوبر هيرو سابق. ورغم وجود مفاجآت هنا وهناك (ليست مفاجآت بالنسبة لنوعين من المشاهدين: المتابع للقصص المصورة للأبطال الخارقين، والثاني أولئك الذين سئموا هذه الموجة من الأفلام وينتظرون نهايتها بفارغ الصبر مثل كاتب هذا الموضوع).

نقول رغم وجود مفاجآت، فإن الهيكل الأساسي للفيلم هو بطل ضد، شرير بشكل مباشر جداً وبعيد عن الإيحاءات، ومن دون العناصر الجيدة التي ارتقت بأفلام مارفيل السينمائي السابقة. الفيلم معني بإنهاء حقبة وإطلاق حقبة تالية، مع إعطاء بطل الفيلم، توم هولاند، فرصة لإكمال الدور الذي بدأه سلفاه توبي ماغواير في العقد الماضي، وأندرو غارفيلد بداية هذا العقد.

يتمحور النص، الذي كتبه كريس مكينا وإيريك سومرز، حول آثار فرقعة إصبعي ثانوس التي دمرت العالم في«إنفينيتي وور»، وأوقفت الزمن خمسة أعوام، وهي مدة كافية لتشكل همّاً للمراهقين حسب الفيلم.

يمضي الفيلم أول 20 دقيقة في مسألة الفارق السِنّي بين من قد يكون عاش الأعوام الخمسة التي توقف الزمن خلالها، ومن اختفى فيها، من تقدم به العمر ومن بقي بالسن نفسها. يشعر بيتر أو سبايدرمان (هولاند) بعدم الاقتناع بوجهة نظر نيك فيوري (ساميول إل جاكسون) وهابي هوغان (جون فيفرو)، وهي ترقيته ليخلف توني ستارك (آيرون مان).

هناك تهديد جديد يواجه الأرض، ولا داعي لذكر تفاصيله، المهم أن فيوري بحاجة إلى فريق آفنجرز جديد يقوده سبايدرمان والغامض ميستيريو (جيك يلنهيله)، وهو سوبر هيرو من كوكب أرض موازٍ. لا يبدو سبايدرمان مهتما بإنقاذ الأرض لأنه يريد عيش حياته كمراهق عادي يسافر مع مدرسته إلى أوروبا، وحائر كيف يقول لحبيبته إم جي (زندايا) إنه منجذب إليها. لا تعجب فيوري ردود سبايدرمان، لكنه يجد طريقة للوصول إليه وإقناعه بتنفيذ المهمة. كما شاهدنا في «سبايدرمان: العودة إلى الوطن» منذ عامين، فإن المخرج، جون واتس، يكرر نفسه ويحتفظ بالنبرة الخفيفة ذاتها، وعندما نقول خفيفة أي إنها الأخف، حيث الفيلم موجه للمراهقين من 13 إلى 18 عاماً. وهذا يعني أن من هم فوق الـ20 قد لا يجدونه مناسباً لعقولهم.

النبرة الخفيفة، حسب المخرج، مطلوبة، خصوصاً بعد ظلامية «إند غيم»، التي اجتاحت مارفيل السينمائي. صور «إيرون مان» في كل مكان، ويشعر بيتر بأنه لا ينتمي للعالم الذي يعيشه. يقرر بيتر الانسحاب إلى الخلف وترك زمام الأمور بيد ميستيريو بينما يتدخل فقط وقت الحاجة.

واتس بارع في تطوير العلاقة الديناميكية بين بيتر وإم جي، وفي النهاية هذا فيلم رومانسي كوميدي قبل أن يكون سوبر هيرو. لكنه، أي واتس، لا ينجح في توليد مستوى الانسجام نفسه الذي كان بين ماغواير وكريستين دنست تحت إدارة سام ريمي منذ 15 عاماً.

رؤية واتس محدودة جداً، وهي خليط من فيلمي «دكتور سترينج» 2016 من مارفيل السينمائي، ورائعة كريستوفر نولان Inception عام 2010، التي تخلط التصور بالواقع إلى درجة عجز المشاهد عن فصلهما، ولا غرابة لو أن «دكتور سترينج» نفسه مستلهَم من فيلم نولان الشهير.

يعكس «بعيداً عن الوطن» إفلاس السوبر هيرو بمعاركه المملة وقصته المكررة الخاوية، ولا نعلم ما تريد مارفيل إضافته في مرحلتها الرابعة العام المقبل.

هناك شعور عام في الفيلم بأن واتس لا يريد المخاطرة ولا المبالغة في رؤيته، ومُكتفٍ باللعب على الحدود وضمن منطقة الأمان، لأن هذا فيلم رومانسي موجّه للمراهقين في المقام الأول. ونقول أن فيلم الأنيميشن «داخل عالم العناكب» كان أيضاً موجهاً للعائلة، لكنه كسر القواعد وخرج عن نطاق المألوف، وفاز بسبب رؤيته الجريئة المجنونة.

الفيلم موجّه للمراهقين من 13 إلى 18 عاماً، وهذا يعني أن من هم فوق الـ20 قد لا يجدونه مناسباً لعقولهم.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

5

أفلام سبايدرمان في هذا العقد، أي ثمانية أفلام لشخصية واحدة في 19 عاماً.

فكّر 10 مرات

هناك مشاهد غريبة في وسط ونهاية تتر الفيلم، ربما هي مفاجأة لعشاق مارفيل السينمائي، ومحبي سبايدرمان، وثقافة السوبر هيرو عموماً. فإن لم تكن من هذه الفئة، أو أن تلك المشاهد الغريبة لم تثر اهتمامك أو لم تجد لها معنى، فأنت ضمن فئة كاتب هذا الموضوع، ولا يهم إن كُنّا أقلية، المهم فكّر 10 مرات قبل إنفاق أموالك على هذا الفيلم المفلس!.

الأكثر مشاركة