«العين السينمائي».. انطلاقة مسكونة بهموم الإنتاج والتسويق
تحوّلت ندوة الاحتفاء بالمكرَّمين في مهرجان العين السينمائي في دورته الثانية، التي أقيمت صباح أمس، ضمن فعاليات المهرجان، الذي يقام في الفترة من 22 إلى 25 يناير الجاري، إلى جلسة لفتح الجراح ومناقشة إشكاليات السينما العربية والخليجية تحديداً، وما يعانيه صنّاع الأفلام من تحديات، من أجل تقديم أعمالهم والاستمرار في المجال. وطرح المشاركون في الندوة قضايا ملحة، مثل صعوبة تسويق الأعمال الفنية الخليجية في مصر وشمال إفريقيا، بسبب اختلاف اللهجات، وكذلك قضية استبعاد الأعمال الكوميدية ونجومها من التكريم على منصّات المهرجانات، كما برزت قضية غياب الدعم المالي للأعمال الفنية في مختلف الدول العربية، وتراجع الدور الرسمي في ذلك، واعتمادها على المبادرات الشخصية والفردية.
وأكد مدير المهرجان، عامر سالمين المري، خلال الجلسة التي شارك فيها الفنانون أحمد بدير وطارق العلي وخليل الرميثي، حرص «العين السينمائي» على طابعه المحلي الذي يستمد منه خصوصيته، وتركيزه على الأعمال والفنانين في الإمارات والخليج، حتى يظل العمل والفنان المحلي هو محور المهرجان ونجومه، مضيفاً: «لا نحلم بالوصول إلى العالمية، لأن هذا الأمر سيتطلب أن نغيّر ثوبنا، وارتداء ثوب آخر مختلف ولا يعبّر عنا، ووقتها سيتحوّل حضور الفنان المحلي إلى حضور هامشي بدلاً من أن يكون محور المهرجان».
وكان حفل افتتاح المهرجان، الذي أقيم مساء أول من أمس، في قلعة الجاهلي بالعين، بحضور الشيخ سعيد بن طحنون آل نهيان، قد شهد تكريم الفنان البحريني الراحل علي الغرير، لمسيرته الفنية، واستلم الجائزة نيابة عنه رفيقه في التمثيل الفنان خليل الرميثي، كما تم تكريم كل من الفنان الإماراتي ضاعن جمعة، واستلم نجله التكريم نيابة عنه، والفنانة الإماراتية مريم سلطان، والفنان المصري أحمد بدير، والفنان الكويتي طارق العلي.
وأوضح المري أن «اختيار المكرّمين في المهرجان لم يكن سهلاً، لكنه اعتمد معايير عدة، من أهمها تكريم روّاد الفن الذين قدموا بصمات مهمة على الساحة الفنية، من خلال أعمالهم في السينما والمسرح والدراما على المستويات المحلية والخليجية والعربية، مع التركيز على نجوم الكوميديا وصناعة الترفيه، على عكس ما تسير عليه المهرجانات الأخرى التي تهتم بأفلام النخب والتراجيديا ونجومها على حساب فناني الكوميديا، إلى جانب حرص المهرجان على اختيار نجوم معروفين ولهم شعبية واسعة لدى الجمهور العربي، بما يسهم في التسويق للمهرجان».
تكريم للكوميديا
من جانبه، أعرب الفنان أحمد بدير، عن سعادته بالتكريم الذي يتسم بخصوصية عن غيره من التكريمات التي حصدها من قبل، حيث يأتي له باعتباره فناناً كوميدياً. وأضاف: «كرمت كثيراً من قبل ولكن على أدوار تراجيدية، رغم أني في الأساس ممثل كوميدي، حتى الفنان الكوميدي نجاح الموجي عندما تم تكريمه، جاء ذلك على دور تراجيدي».
وانتقد بدير مستوى الأعمال الكوميدية التي يتم تقديمها حالياً، معتبراً أن عدم وجود نص كوميدي جيد هو السبب وراء غيابه عن الساحة، مضيفاً: «الكوميديا أصبحت قليلة ومكلفة مالياً، وما كان يُضحك أمس لم يعدّ يُضحك اليوم، وبشكل عام المسرح هو عشقي، أما السينما والتلفزيون فمن الصعب أن ترى لديهما إنتاجاً جيداً في الوقت الحالي»، معتبراً أن دور (الزيني) كان تحدياً كبيراً له وللمخرج مجدي العلمي.
قضايا مُلحة
من جانبه، طرح الفنان طارق العلي، العديد من القضايا التي أثارت الجدل بين الحضور، في مقدمتها صعوبة تسويق الأعمال الخليجية في مصر وشمال إفريقيا لاختلاف اللهجات، مشيراً إلى أنه كفنان خليجي يهتم بأن يعرفه الجمهور المصري، لأنه الأكبر في المنطقة، ولما تتمتع به مصر من صناعة سينما راسخة. واعتبر أن وضع ترجمة باللغة العربية أو باللهجة المصرية أو المغاربية على الأعمال الخليجية لتسهيل متابعتها أمر غير مقبول.
ورداً على هذا الأمر اعتبر المشاركون في الندوة أن المهرجانات والإنتاج المشترك ووسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في التقريب بين الجمهور العربي، ومعرفة اللهجات المختلفة السائدة في دول المنطقة.
«ستموت في العشرين» ليس ضد الصوفية
أوضح بطلا فيلم افتتاح مهرجان العين السينمائي، الفيلم السوداني «ستموت في العشرين»، للمخرج أمجد أبوالعلا، أن «التحديات الكبيرة التي واجهت فريق عمل الفيلم خلال الإعداد والتصوير، والتي وصلت إلى التهديد بالقتل لهم ولأسرهم، كانت سبباً لالتفاف الجمهور حولهم وتشجيعهم»، مشيرين إلى أن الفيلم ليس ضد التيار الصوفي أو الديني عموماً، لكنه ضد السلوكيات الضارة بالمجتمع، كما أعربا عن سعادتهما بعرض الفيلم في افتتاح المهرجان.
وأوضحت الفنانة إسلام مبارك، خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقد صباح أمس، في فندق أيلا البوادي في العين، وقدمه المدير الفني للمهرجان هاني الشيباني، أن «نجاح الفيلم وحصوله على جوائز عالمية جاء بمثابة هدية لفريق العمل، الذي واجه العديد من التحديات، وقدم تضحيات عدة»، مضيفة: «تلقيت خلال العمل تهديدات بالقتل وتهديدات لأبنائي، ولا أنكر أنني شعرت بالخوف، لكن لم يكن هناك مجال للتراجع أو التوقف، كما كان هناك ترصد للفيلم من قبل السلطة، ولذلك كان قيام الثورة ونجاحها انفراجة لنا، رغم صعوبة أن نواصل التصوير بينما يتعرض الثوار للقتل والتهديد من حولنا».
واعتبرت مبارك، التي قامت بدور (أم المزمل) في الفيلم، أن السودان مازال يحتاج إلى ثورة اجتماعية للتخلص من العديد من العادات والسلوكيات التي تضر المجتمع، مشيرة إلى أن الفن وظيفته أن يضع يده على الجرح وتسليط الضوء عليه للتشجيع على علاجه.
وأكدت أن النجاح الكبير الذي حصده الفيلم حتى الآن لم يكن يتوقعه أحد من فريق العمل، معتبرة أن نجاحه سيسهم في تسهيل تقديم أفلام سودانية جديدة. ولكن في الوقت نفسه أشارت إلى غياب الدعم والاهتمام الرسميين بالفنون، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما.
أول تكريم للغرير
عبّر الفنان البحريني خليل الرميثي، عن سعادته بتسلمه تكريم الفنان الراحل علي الغرير، لافتاً إلى أنه تردّد في الحضور لأن الوفاة لم تمر عليها سوى أيام، ولكنه حضر لأهمية التكريم.
وقال: «أشعر بالفخر لتسلم هذا التكريم، واتقدم بالشكر لدولة الإمارات ومهرجان العين لتكريمه للراحل علي الغرير، الذي كان رفيقي في العمل والحياة لمدة 13 عاماً تقريباً».
إسلام مبارك: «السودان يحتاج إلى ثورة اجتماعية للتخلص من العديد من العادات والسلوكيات التي تضرّ المجتمع».
طرح المشاركون قضايا ملحّة، مثل صعوبة تسويق الأعمال الفنية الخليجية في مصر وشمال إفريقيا، واستبعاد الأعمال الكوميدية ونجومها.