«ذا سيكريتس وي كييب» يعجز عن حل أزمة هويته
أليس غريباً أن يأخذ كاتب سيناريو أو مخرج فيلم The Secrets We Keep، «الأسرار التي نحتفظ بها» قصة استخدمت في فيلم سابق ويغير بعض تفاصيلها ويصورها في فيلم دون ذكر الفيلم الأصلي؟ الكاتب والمخرج الإسرائيلي يوفال أدلر، نسخ قصة فيلم Death and the Maiden وغيّر تفاصيل صغيرة وحقق بها هذا الفيلم.
في ذلك الفيلم كانت هناك امرأة تجسّدها سيغورني ويفر، تعاني اضطراباً بعد الصدمة، تقابل رجلاً تظن أنه عذبها واغتصبها إبان حكم نظام قمعي سابق في إحدى دول أميركا الجنوبية، غالباً أنها تشيلي في زمن الجنرال أوغستو بينوشيه.
تقرر المرأة احتجازه رهينة تحت تهديد السلاح وتحاول إرغامه على الاعتراف بجرائمه، لكنه يتهمها أنها مشوشة وأنه بريء. ذلك الفيلم من إخراج الكبير رومان بولانسكي، صدر عام 1994، ومقتبس من مسرحية للتشيلي أرييل دورفمان بالعنوان نفسه عرضت عام 1990.
هنا، يضع أدلر أحداث الفيلم في مدينة أميركية صغيرة عام 1959. عرفنا العام من خلال علامة على دار سينما تحمل اسم فيلم هيتشكوك الشهير «نورث باي نورث ويست» الصادر آنذاك. نرى مصفاة جديدة فتحت في الجوار وطبيباً يُدعى لويس (كريس ميسينا) يفحص عمالها.
ترى مايا (السويدية ناومي راباس) زوجة لويس، أحد عمال المصفاة فتنتابها حالة فزع. تقرر مايا أن تتبع الرجل، الذي يجسّده السويدي جويل كينامان، والذي تتذكره مايا باسم كارل، وهو خارج من عمله. تقف أمامه بمسافة وتنتظر لحظة اقترابه من السيارة، تخرج عند وصوله إلى مسافة 15 متراً وتأخذ مطرقة وتفاجئه بضربة على وجهه.
ترمي الرجل الضخم المغمى عليه في صندوق السيارة، وكأن وزنه مثل وزن كيس القمامة الأسود وهو ممتلئ! وتأخذه إلى سرداب منزلها. عندما تخبر مايا زوجها بما حدث يصدقها ويصبح شريكها في الجريمة.
تصرّ مايا على إرغام المدعو كارل على الاعتراف بجرائمه وهي تعذيبها واغتصابها في معسكر نازي أثناء الحرب العالمية الثانية. في المشاهد الاسترجاعية التي لم يحسن أدلر توقيتها نسبة إلى إيقاع الفيلم، نرى مايا وشقيقتها وآخرين في قبضة مجموعة جنود ألمان، اغتصبوا مايا وشقيقتها وقتلوا الأخيرة. وعندما يعود المشهد إلى القبو نعرف أنها تذكرت المعتدي بعد 15 عاماً على وقوع الجريمة.
يبحث الفيلم في مسائل مزعجة وجرائم شنيعة بأسوأ وأردأ أسلوب. منهج الفيلم في دراسة سلوك شخصياته يشبه أسلوب قصص الرعب المصورة! يعني غير مقنع بتاتاً، ومصطنع بشكل يجعلك تندب حظك على اللحظة التي اخترت فيها الفيلم.
وكأن راباس غير مقتنعة بالنص، أو أنها أخطأت في تشخيص الشخصية فوظفت أداء يشبه أداءها في الفيلم السويدي «الفتاة ذات وشم التنين» عام 2009، خصوصاً المشهد الذي تقول فيه: «لن ترى عائلتك مرة أخرى». وهي العبارة التي تشعر بعدها أنك مشفق على نفسك لأنك اخترت مشاهدة هذا الفيلم.
كريس ميسينا ممثل كوميدي في مكان آخر وهو تائه تماماً في هذا الفيلم. الحوار الذي كتبه أدلر ورايان كوفنغتون، وهذا أول فيلم روائي للأخير بعد مجموعة أفلام قصيرة، ركيك لدرجة لا توصف، وكأن المخرج يصور من المسودة الأولى للنص.
عندما يأتي لويس من العمل (ولا نعلم كيف ذهب وأمضى يوماً كاملاً وهو يعلم بوجود رجل محتجز في قبو منزله) يقول لزوجته محتجاً: «كان من المفترض أن نفعل كل شيء معاً، لقد عذبتِهِ في غيابي»، فترد عليه زوجته: «هل تسمي ذلك تعذيباً». هذا النوع من الحوارات هزلي لا يكتبه سوى من يريد إضحاكك على العنف في أفلامه، مثل كوينتن تارانتينو! أو رايان رينولدز في أفلام ديدبول الهزلية السخيفة.
كينامان يحاول إنقاذ المهزلة التي وقع في أسرها، في الحقيقة حاول المستحيل، لكن اليد الواحدة لا تصفق. هناك مشهد يستولي فيه على مسدس وضعه «المخرج» على بعد أمتار منه من شدة إهماله في النص. لا نرى كيف أخذه لكننا نعرف أنه فعل ذلك.
عندما تدخل عليه مايا، يحاول وهو موثوق اليدين إطلاق النار عليها! نحن نريد تصديق تمكنه من التصويب بدقة ويداه مربوطتان خلف ظهره، فقد فعلها ستيفن سيغال في أفلام كثيرة! لكن لماذا يجب علينا أن نصدق أنه أخطأ رأسها بسنتيمترات قليلة؟! وكيف نسامح أدلر على ردة فعل مايا التي وقفت مكانها وكأن دبوراً مر بجانب رأسها وليست رصاصة قاتلة؟!
نهاية الفيلم لا معنى لها، ولا فرق بين مشاهدتها وتجاهلها! لأن الفيلم برمته لا هوية له، وهو من ناحية النص والأداء والحوار أسوأ حتى من مسرحية أطفال ركيكة. لأجل مقارنة النهايتين، أعاد كاتب هذا الموضوع مشاهدة فيلم بولانسكي، وهو أقرب إلى تحفة سينمائية وبنهاية مقنعة مقارنة بـ97 دقيقة من السخف والابتذال.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
«نهاية الفيلم لا معنى لها، ولا فرق بين مشاهدتها وتجاهلها! لأن الفيلم برمته لا هوية له، وهو من ناحية النص والأداء والحوار أسوأ حتى من مسرحية أطفال ركيكة».
«غير مقنع بتاتاً، ومصطنع بشكل يجعلك تندب حظك على اللحظة التي اخترت فيها الفيلم».