عزت العلايلي: جيلُنا كتب تاريخه بالاجتهاد.. «وربنا يكفينا شر الترند»

تاريخ فني كبير يملكه النجم المصري القدير عزت العلايلي، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون والإذاعة، إذ تميّز بطل «الطريق إلى إيلات» و«السقا مات»، وغيرهما من الروائع في كل أدواره، وتمكن من شخصياته لدرجة التوحّد الفني الذي لايزال يثير الدهشة منذ «الأرض» و«المواطن مصري».

وفي حواره مع «الإمارات اليوم» أكد العلايلي، الذي كرّمه مهرجان الإسكندرية السينمائي وأهدى الدورة الـ36 لاسمه، أنه لا يرفض المشاركة مع النجوم الشباب حالياً، لكن بشروط، مستعيداً بعض ذكرياته مع الجيل القديم الذي «كان خالياً من الحقد والغيرة»، والتنافس على الجماهيرية عبر مواقع التواصل وتصدر «الترند.. ربنا يكفينا شره»، على حد تعبير بطل «الطريق إلى إيلات» الذي وصف هذا العمل تحديداً بأنه أيقونة وعلامة لكل من شاركوا فيه، إذ لم يكونوا يمثّلون، بل يجسّدون أدواراً لأبطال وأصحاب تضحيات.

معزّة خاصة

حول التكريم في مهرجان الإسكندرية وإهداء الدورة الأخيرة له ولاسمه، قال النجم المصري: «مدينة الإسكندرية لها معزة خاصة في قلبي، ومهرجانها عريق ومؤثر على مدار ما يقرب من أربعة قرون، وتكريمي شرف عظيم لي أتمنى أن أستحقه». هل التكريم يعني الفنان كثيراً حتى لو كان صاحب نجومية وتاريخ أكبر من التكريمات؟ سؤال أجاب عنه العلايلي قائلاً: «طبعاً التكريم يسعد الفنان ولو كان نجماً عالمياً ويملك مليارات الجماهير، والفنان لا يتغيّر، فهو دائماً يكون سعيداً بكلمة الشكر والتقدير والإحساس بأن ما يفعله يجد صدى، خصوصاً لو كان فناناً مخضرماً وقدم الكثير في تاريخه، ويحب أن يجد ما فعله مازال مؤثراً، لذلك سعدت جداً بالتكريم، وأشعر بحالة من الفخر أن تاريخي يقدّره الناس ويرونه مهماً، ويستحق أن يكون محل احترام، وهذا يعني أن مسيرتي كانت موفقة والحمد لله». وحول تصميمه على أن تكون هناك دقيقة حداد قبل تكريمه في الإسكندرية على روح النجوم محمود عبدالعزيز ونور الشريف ومحمود ياسين وفاروق الفيشاوي، أكد: «هؤلاء النجوم إخواني وليسوا زملاء فقط، وتربطني بهم أكثر مشاعر إنسانية مررت بها في الحياة، وتمنيت أن يكونوا معي في تكريمي لأنهم عشرة العمر، ووفاتهم أدمت قلبي، وتخيلت أنهم موجودون إلى جانبي، ويصفقون ويفرحون من كل قلبهم لتكريمي، لذلك قررت ألا أبدأ التكريم دون تحية لأرواحهم».

وأضاف «جيلنا كان عظيماً في أشياء كثيرة، فلا مجال للغيرة أو الحسد أو الحقد، وكنا نسعد لنجاح بعضنا، وإذا لم يعجب دور أحداً أو كان مشغولاً يأخذه زميله، فمثلاً فيلم (الاختيار) كان مرشحاً له النجم محمود ياسين، وكان مشغولاً بأعمال أخرى فحصلت أنا على الدور من دون أي ضغينة أو حزن، بل بالعكس فرحت بالدور وفرح لي الراحل محمود ياسين جداً، وكم من مرة اعترفت بأن الأدوار التي كان يرفضها محمود كنا نحصل عليها نحن دون أي حقد منا أو تعالٍ منه، فهو كان مطلوباً أكثر منا، وبالنسبة للجيل الجديد هناك نجوم تربطهم علاقات قوية ولهم صداقات وفية جداً، وهذا سيظل في كل الناس حتى آخر العمر».

«السوشيال ميديا»

عن ثقافة «السوشيال ميديا» والصراع والتنافس الذي يقال إنه أضعف العلاقة بين نجوم الأجيال الجديدة، قال العلايلي: «لا أعرف ما يحدث بعد اجتياح مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن أعوذ بالله من أن تكون هي سبب الوقيعة بين الناس والأصدقاء، وربنا يكفينا شر (الترند)، وهذه المسميات التي قد تجعل الناس في حالة صراع وتجعل الكل يكره بعضه لأنه يريد أن يتصدّر، والحمد لله أننا لم نمر بهذه التقاليع، وأنا أصلاً لا أستخدمها ولا أحبها على الإطلاق، بل أحب أن أكون مباشراً وفي علاقة إنسانية، وليس خلف شاشات ومواقع افتراضية».

واعتبر أن «لكل زمن طقوسه أو كما يقولون كل وقت وله أذان، وفعلاً مواقع التواصل لها سيطرة جبارة على الناس حالياً، وتسهم في نشر أعمال وأسماء ومقاطع بشكل مثير للدهشة، وربما لم نر مثل ذلك في عصرنا، لكن لا يصح إلا الصحيح، فنحن كنا ننتشر وننجح بأعمالنا واجتهادنا وليس بتقاليع التواصل الاجتماعي والانتشار الهش الذي قد تحدثه، والدليل أن أعمالنا خالدة والناس تشاهد أفلامنا ومسلسلاتنا بالأبيض والأسود ويحفظونها، ولايزالون يحبونها، وهذا يعني أن العمل الجيد هو سيد الموقف بغض النظر عن التقاليع ووسائل الانتشار والتكنولوجيا، فنحن عشنا زمناً جميلاً ورائعاً ومؤثراً، وكان التذوق الفني وحب العمق والقيمة أكبر من أي شيء، وهذا كان رهاننا».

دون تزييف

عن الأعمال الوطنية التي قدمها، قال العلايلي: «طبيعي أن يظل فيلم الطريق إلى إيلات هو الأقوى والأهم والأفضل والأيقونة، كما يقولون، لأنه كان صادقاً في كل شيء، لم نجسّد دوراً تمثيلياً، بل كنا نعيش لحظات حقيقية ومن القلب، وأعتقد أنه هو الأصدق بين جميع الأعمال التي تناولت بطولات القوات المسلحة المصرية لأسباب عدة، منها التصوير في مواقع حقيقية، وكل الفريق التمثيلي قدم العمل بنفسه، وكل المشاهد، لدرجة أن البعض في مشاهد الغوص كادوا يغرقون، والناس شعرت بالصدق لأن كل ما ورد في الفيلم نفذ بشكل حقيقي دون تزييف، ولم نقم بأي حيل لخداع الجمهور».

شارك النجم عزت العلايلي مع آسر ياسين ومنة شلبي والمخرج مروان حامد في فيلم «تراب الماس»، وعن هذه التجربة قال، إن «تجربة تراب الماس عظيمة، والدور كان مؤثراً وأحببت التجربة، وكل المشاركين فيها من الممثلين الشباب والمخرج مروان حامد الذي أعتبره من أهم نجوم جيله وأكثرهم موهبة، وهو كما يقولون ابن الوز عوام، لأنه ابن الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، وعقله شغوف بالسينما والفن مثل أبيه، وطبعاً أنا مستعد لأي مشاركة مع أي نجوم شباب، فهذه سنة الحياة، ولكن بشرط واحد أن يكون الدور محترماً، ويناسب تاريخي فقط، ويكون مؤثراً وسيضيف لي، وأضيف له».

امتداد لـ «الكبار»

بخصوص نجوم جيل الشباب الذين يعتبرهم امتداداً للجيل الذهبي من الفنانين، قال الفنان عزت العلايلي: «لا أستطيع أن أذكر أشخاصاً بالتحديد، فكل نجم وله جمهوره، وهناك كثير من النجوم مميزون وناجحون، وحققوا جماهيرية جيدة».

- «الطريق إلى إيلات أيقونة لأنه كان صادقاً، إذ لم نكن نجسّد دوراً تمثيلياً، بل كنا نعيش لحظات حقيقية من القلب».

- «رحيل محمود عبدالعزيز ونور الشريف ومحمود ياسين وفاروق الفيشاوي أدمى قلبي، وتمنيت أن يكونوا معي في تكريمي لأنهم عشرة العمر».