«ذا ميدنايت سكاي».. جورج كلوني يضيع بين أفكار بالية
قلنا منذ ثلاثة أعوام في هذه المساحة إن قواعد اللعبة في السينما تغيرت في هذا العقد، ونقول اليوم إن التغيير الذي طرأ في الأعوام الثلاثة الماضية فقط، يتجاوز التغيير الذي حدث بداية العقد، ليس هذا لغزاً لكن «نتفليكس» مصرّة على الإطاحة بهوليوود عن عرش السينما.
الإصرار واضح والخطة تمشي على قدم وساق، «نتفليكس» تنافس على كل الأصعدة، وليست متخصصة في أمر ما، خاضت سباق أفلام الجوائز وستفوز بالجائزة عاجلاً أم آجلاً، وخاضت سباق أفلام الترفيه وكسبته، المقياس ليس شباك تذاكر وإنما عدد مشتركيها الذي يقترب من 200 مليون.
ضمت «نتفليكس» جورج كلوني، بعد ديفيد فنشر، ضمن مجموعة عمالقة السينما الذين صنعوا أفلامهم تحت مظلتها، وهو اليوم بطل ومخرج فيلم الخيال العلمي The Midnight Sky، «سماء منتصف الليل» من إنتاجاتها الأصلية، بميزانية 100 مليون دولار، والمحاولة الأولى في الخيال العلمي فرع أفلام الفضاء.
المحاولة ليست موفقة، لكن كما قلنا فإن كلوني متحرر من ضغوط إيرادات الفيلم عبر شباك التذاكر، والفيلم سيشاهد في أصقاع الأرض كافة بغض النظر عن مستواه. لدينا عالم يدعى أوغاستين لوفتهاوس (كلوني)، يحتضر على كوكبنا الميت جراء كارثة بيئية، الفيلم من كتابة مارك سميث اقتباساً من رواية ليلي بروكس دالتون، وإنتاج وإخراج كلوني نفسه.
هذا فيلم كان حياً على الورق ومات على الشاشة، لأن كلوني لم يتخذ قراراً واحداً صحيحاً، نقول هذا رغم احترامنا لخبرة الرجل، الخيال العلمي صنف يتطلب إبداعاً غير عادي، وخيالاً جامحاً من صانعه، وليس مجرد استنساخ من أهم أفلام الخيال العلمي في العقد الأخير.
كلوني يستنسخ بلا تفكير أجزاء برمتها من أفلام «جاذبية»، وهو منتجه أيضاً، و«إنترستيلار» و«إيه ديه أسترا» و «ذا مارشان»، و«The Road» و«Children of Men»، وقليلاً من أفلام ليست من الصنف مثل «The Revenant». ثم يختتمه بكليشيه بالٍ استخدم في كل موسم من مسلسلات Soap Opera السبعينات، مثل «دالاس» و«نوتس لاندنغ» و«الجميلة والوحش»، وهذا الكليشيه كان يكرر عمداً لأن جمهور هذه المسلسلات من النساء كان يعشقه في ذلك الوقت!
الاستنساخ ليس خطأ لو كان كلوني يضيف جديداً، لكن الرجل خاوي اليدين ولا جديد يقدمه، ولم يبقَ لفيلمه أي نوع من الأصالة، في مجالٍ الأصالةُ فيه جزء من الإبداع، هذا أول ظهور على الشاشة لكلوني منذ أربعة أعوام في فيلم «وحش المال»، لكن إخراجه بارد كبرد القطب الشمالي الذي تعيش فيه شخصيته.
يقرر هذا العالم لوفتهاوس البقاء بمحطته في القطب الشمالي لأنه مريض، وليحذر البشر الموجودين على كوكب آخر من العودة إلى كوكبهم السابق لأنه لا يصلح للحياة. الغريب أن زمن الفيلم في 2049، وهو العام ذاته الذي دارت فيه أحداث فيلم Blade Runner، وهو عام سيأتي بعد 28 عاماً من اليوم.
الأغرب أن أفلام الخيال العلمي في الماضي كانت تتخيل نهاية الأرض بعد قرن أو قرون، أما أفلام اليوم فتتخيلها بعد أقل من 50 عاماً، وهو فعلاً شيء يدعو إلى القلق لأنه خيال متشائم.
يكتشف أوغاستين أن سفينة فضائية تسمى إيثر تقترب من الأرض، فيقرر إبلاغها بالابتعاد، لأن الكوكب غير صالح للسكن، لكن المشكلة أن الهوائي الذي يستخدمه ضعيف، لذا عليه البحث عن نقطة أخرى تتمتع بإرسال أقوى لتصل رسالته.
هذه أولى نقاط الضعف والتناقض في فيلم تاه مخرجه بين أفكار مستخدمة، لا يوجد دافع حقيقي للشخصية لتفعل أي شئ مفيد! عالم يعيش آخر أيامه ولم يتخذ أي احتياطات لتقوية إرسال محطته.
ثاني نقطة ضعف أن العالم بصحبة فتاة نسيها أهلها أثناء إخلاء المحطة، ولا تتحدث، والفتاة موجودة فقط لتخدم الكليشيه في النهاية، الفيلم بارد وخاوٍ من أي عواطف، والبطل يرافق فتاة صامتة، ودوافعه ضعيفة، يعني لا يوجد سبب واحد يجعل من هذا الفيلم مثيراً للاهتمام.
القصة الأخرى في الفيلم تحدث على متن إيثر، وهي لا تمت بصلة لهذا الفيلم سوى أن أوغاستين يريد تحذيرهم، كل أحداث إيثر أجزاء مستنسخة من الأفلام المذكورة سابقاً، هذا فيلم ضعيف لا نبض له.
فيلم بلا شخصيات، ومشاهده الاسترجاعية خاوية من أي عواطف، وتجعلك تتثاءب وتبحث عن شيء تقضمه في جوارك، لأن طعم ما تقضمه مسلٍّ أكثر من وجه كلوني الوسيم رغم لحيته الكثة! وفر وقتك وشاهد فيلماً آخر.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
فيلم بلا شخصيات، ومشاهده الاسترجاعية خاوية من أي عواطف وتجعلك تتثاءب.. وفّر وقتك وشاهِد فيلماً آخر.
«نتفليكس» مصرّة على الإطاحة بهوليوود عن عرش السينما، والخطة تمشي على قدم وساق.