«ثينغز هيرد آند سين»... ضعيف وتائه بين الرعب والخيال
فيلم Things Heard & Seen (أشياء مرئية ومسموعة) - من إنتاجات «نتفليكس» الأصلية، ومقتبس من رواية عنوانها أسوأ من عنوان الفيلم All Things Cease to Appear «كل الأشياء تتوقف عن الظهور»، للروائية إليزابيث برنديج - تائه متخبط لا نعلم هويته.
يلمح إلى أنه فيلم جريمة، ثم يتحول إلى دراما اجتماعية عن زوجة تضحي من أجل مستقبل زوجها، ثم يدلف إلى رعب البيت المسكون، مستخدماً بعضا من بهارات جيمس وان، ثم يتحول إلى شيء يشبه مسرحية أطفال، والمشاهد يتثاءب ويتساءل ماذا بعد!
إذا كانت عناصر الرعب في الفيلم غير مخيفة فلماذا نهتم؟ ومن الواضح أنه ليس برعب ولا يمت لأفلام الخوف بصلة، وإنما صُنف رعباً كخدعة تسويقية ولا يوجد أي مبرر آخر.
هذا الفيلم دراما انهيار زواج، وهو مقنع كدراما زواج أكثر من رعب، كتب الفيلم وأخرجه الزوجان الثنائي، شاري سبرينغر بيرمان وروبرت بولسيني، اللذين صنعا الفيلم الشهير «أميركان سبليندور» عام 2003.
كل عناصر الرعب مألوفة: بيت قديم وأصوات طقطقة الخشب في الخلفية، وهناك سرّ ما في البيت، وظلال أو هيئة تظهر فجأة في الزاوية، لكن إخراج الثنائي يتجنب التركيز على الرعب بشكل قد يثير استغراب المشاهد، وهو ما يوحي بأن الفيلم ليس رعباً في المقام الأول.
يبدأ الفيلم برجل يقود سيارته إلى منزل خشبي في شتاء عام 1980، بمجرد توقفه في المرآب يلاحظ قطرة دم سقطت على زجاج سيارته الأمامي، يندفع إلى داخل البيت فيرى ابنته تلعب وحدها في غرفة المعيشة، ويتيقن أن أمراً جللاً قد وقع.
مشاهد استرجاعية إلى ربيع ذلك العام، ونرى الرجل ويدعى جورج (جيمس نورتون) وزوجته كاثرين (أماندا سايفريد)، يحتفلان بعيد ميلاد ابنتهما بشقتهما في نيويورك.
يبدوان سعيدين بمستقبل واعد، فهو أستاذ مساعد في مادة الفن بجامعة وهي خبيرة ترميم لوحات، البيت الذي اشتراه جورج من النوع المستخدم في أفلام الرعب، فهو بني في القرن الـ18 وبالطبع معزول، وكل سكان البلدة الصغيرة يتحدثون عنه، من المشرفين على الصالة الفنية التاريخية، إلى الفتيين اللذان يعرضان مساعدتهما على كاثرين لإصلاحه، ومن الواضح أن لديهما نية.
تجد كاثرين صعوبة في الاستقرار بالبيت، وهناك بيانو في إحدى زواياه، وتتساءل كاثرين: ما الذي جعل سكان البيت السابقين يتخلون عن شيء بهذا الحجم والقيمة في البيت؟ ثم تبدأ برؤية ظواهر غير طبيعية وتختلط هذه الظواهر بكوابيس مزعجة.
مصباح ينطفئ ويضئ بسرعة، الكهرباء تنقطع وتعود، وأضواء تظهر فجأة وتمرّ على الحائط والنوافذ، ورغم كل هذا نرى ردة فعل البطلة عادية جداً، تفاجأ ثم تعتاد الأمر وتعلم في قرارة نفسها أن هذا الشيء لا يسعى لإيذائها.
ومن هنا يعلم المشاهد أنه خُدع، وأن الفيلم حتماً ليس رعباً، هناك مشهد لكاثرين مع فلويد، وهو الأستاذ الذي يعمل زوجها معه (القدير إف موراي أبراهام - ولعل القارئ يتذكره في دور سالييري الإيقوني ملحن البلاط في الفيلم التحفة أماديوس عام 1984)، يتناقشان في أمر الظواهر الغريبة، ويخبرها فلويد بأنها أرواح طيبة لا تؤذي أحداً، فترد عليه بأنها شعرت بذلك!
بعد هذا المشهد نرى لقطات تهمس فيها الأرواح الطيبة مخاطبة كاثرين، وهنا يتخلى الفيلم عما يراه صنّاعه رعباً ويدخل في الخيال Fantasy، والحقيقة أنه لا مشكلة لدينا في الخيال، لكن مشكلتنا من البداية في إشارة الفيلم إلى نفسه بأنه رعب.
في مشاهد الخيال يخاطب الفيلم عقلية الأطفال أو أولئك المنغمسين في صنف الخيال، ومرة أخرى، لا نلوم الخيال لكننا نلوم معالجة الفيلم الركيكة له، السبب أن الخيال هنا لا يشد انتباه المشاهد ولا يتقبله عقله.
بكلمات أخرى، الفيلم غير متوازن، فلو تجاهلنا الخيال ستجد دراما زواج يتهدم بسبب نرجسية الزوج وكذبه المستمر وخيانته لزوجته مع طالبة، جورج شخصية تتغير بشكل كبير من حَمل وديع إلى شخص قد يكون خطراً على المجتمع، فشخصيته وحدها كفيلة بحمل الفيلم وليس تلك الأرواح.
مقابل تغير جورج، فإن كاثرين تتغير هي الأخرى، من زوجة مطيعة تضحي لأجل زوجها إلى امرأة غاضبة تكتشف أكاذيبه الواحدة تلو الأخرى، لو ركزنا على هذا الجانب من القصة من دون هراء الأرواح الطيبة لحتماً كان لدينا فيلم أفضل.
أفضل عبارة لوصف الفيلم هي «فرصة مهدرة»، هناك أشياء لا تمت للمنطق بصلة، مثلاً إذا قتل رجل امرأة يحبها بفأس! فكيف تخلص الشرطة إلى استنتاج غبي هو أن الضحية قتلت نتيجة سطو مسلح! أين المسروقات؟ وكيف ترك اللصوص خاتم المرأة على الأرض إذا كانت سرقته سهلة؟ من الواضح أنها جريمة عاطفية، لكن شرطة هذا الفيلم غبية بشكل لا يتقبله عقل.
أستاذ زوّر شهادة ليلتحق بجامعة، وهذه وحدها قصة مثيرة للاهتمام، وهناك زوج يخبئ أسراراً، وهناك جريمة في النهر رغم أنها سهلة التوقع، لكنّ مخرجَي الفيلم مشغولان بالأرواح الطيبة التي تريد مساعدة كاثرين، وهذا ما جرد القصة من أي أهمية وأصبحت تافهة.
هل نهتم بأرواح لا وزن لها أم بشخصيات من لحم ودم وعواطف؟ هذا فيلم ضعيف ومن الأفضل تجنب مشاهدته.
• يلمح إلى أنه فيلم جريمة ثم يتحول إلى دراما اجتماعية ثم يدلف إلى رعب البيت المسكون ثم يتحول إلى شئ يشبه مسرحية أطفال، والمشاهد يتثاءب.
• أفضل عبارة لوصف الفيلم هي «فرصة مهدرة».. وهو فيلم ضعيف من الأفضل تجنب مشاهدته.
للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.